أربيل تحتضن العشائر العراقية لبناء التعايش السلمي في البلاد

رئاسة الجمهورية تدعو لإنهاء الاجتثاث بشكل مسؤول

أربيل تحتضن العشائر العراقية لبناء التعايش السلمي في البلاد
TT

أربيل تحتضن العشائر العراقية لبناء التعايش السلمي في البلاد

أربيل تحتضن العشائر العراقية لبناء التعايش السلمي في البلاد

طالبت العشائر العراقية أمس على هامش مشاركتها في مؤتمر التقارب بين عشائر العراق الذي انطلق في أربيل، بدور فاعل للعشائر في الأوضاع التي يمر بها البلد، ودعت الحكومة إلى دعمها بشكل رسمي، مؤكدة أهمية توحيد صفوف العشائر لمواجهة الإرهاب.
وقال علاء مكي ممثل رئيس الجمهورية العراقية في كلمة له خلال المؤتمر: «العراق بحاجة إلى إعادة الأمن والسلم الاجتماعي، إضافة إلى الأمن السياسي والاقتصادي، الذي يعتبر أساسا للنمو الحضاري، لذا يجب أن تكون المرحلة المقبلة مرحلة إعادة الوئام والمصالحة الوطنية، كأساس لبناء عراق المستقبل، ورفع الغبن عن المواطن العراقي»، مشددا على ضرورة اتخاذ كل الإجراءات الجدية التي من شأنها إعادة الاستقرار إلى حياة المواطنين.
وأضاف مكي: «إقليم كردستان العراق قدم عبرة للجميع من خلال التعايش السلمي بين كل مكونات الإقليم، وهذا المؤتمر الذي يعقد في أربيل يدل على إصرار الإقليم على لم شمل العشائر العراقية، وتقديم حلول واقعية لمواجهة الإرهاب، ومكافحة الفساد»، مؤكدا أن «الطريق إلى الحوار والمصالحة يجب أن يسير بتوازن وتكامل على عدة محاور متزامنة»، داعيا إلى «تعديل وتشريع مجموعة قوانين، ومنها فتح حوار جاد ومباشر مع كل ما ينبغي التصالح معه باستثناء الإرهابيين بهدف الانخراط الطوعي بالعملية السياسية وبناء الثقة وإنصاف المتضررين وإعادة النازحين، وإصدار قانون العفو العام، وتعديل مسارات الاجتثاث (المساءلة والعدالة) وإنهاء الاجتثاث بشكل مسؤول، وإشاعة روح التسامح من خلال التربية والإعلام، وتشريع قوانين جديدة والقوانين التي وجه بها الدستور، وإعادة النظر في قانون الإرهاب، وكذلك تعديل المادة (4 إرهاب) بما يضمن الشفافية والنزاهة».
من جانبه، قال الشيخ فلاح الشمري، أحد وجهاء عشيرة الشمر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «العشائر العراقية مطالبة الآن بالوقوف صفا واحدا لمواجهة كل التحديات المتمثلة بالإرهاب والعصابات والميليشيات. نحن نطالب بأن يكون هناك دور فاعل للعشائر في الأزمة الحالية وليس الأشخاص».
وتابع الشمري: «اليوم (أمس) اتفقت كل العشائر العراقية الحاضرة في المؤتمر على توحيد الصفوف في مواجهة الإرهاب، وأن تكون العشائر موحدة في جهود المصالحة الوطنية، وعدم تسييس كل قضايا البلد»، داعيا الحكومة العراقية إلى تقديم الدعم الرسمي اللازم للعشائر.
وفي الشأن ذاته، قال ممثل بعثة الأمم المتحدة (يونامي) في العراق نامق هيداروف إن البعثة ترحب بالاتفاقية التي توصلت إليها حكومة إقليم كردستان مع الحكومة العراقية لحل الخلافات التي تتعلق بالميزانية، وأيضا ترحب بكل الأطراف للبحث عن الحلول للازمة التي تفيد كل العراقيين، مضيفا: «جميع الأطراف، وضمنها تنظيم (داعش) والجماعات المسلحة الأخرى، يجب أن يمتثلوا للقانون الدولي الإنساني. نحث كل الأطراف على وقف انتهاكات حقوق الإنسان، ونطالب بضمان وصول المساعدات الإنسانية وتسهيل عملية توزيع المساعدات للنازحين أو الذين يواجهون العنف».
بدوره، دعا صلاح العرباوي، ممثل رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق عمار الحكيم، إلى تحقيق التوازن الوطني داخل مؤسسات الدولة وفقا للدستور والقانون، ونبذ العنف بكل أشكاله، وقال: «الشراكة وحدها غير قادرة على بناء الدولة»، مؤكدا في الوقت ذاته على وحدة العراق، وأشار بالقول: «العراق عراق واحد، وليس اثنين، أو ثلاثة، والتنوع فيه مصدر قوة وإثراء».
من جهتها، قالت كردستان موكريان، النائبة الكردية في مجلس النواب العراقي، لـ«الشرق الأوسط»: «نوع كهذا من المؤتمرات سيكون له وقع في الساحة العراقية، لأننا مجتمع عشائري، فوجود العشائر مع بعض ووحدة الكلمة ستخلق الشراكة الوطنية، وهذا تم اعتماده في البرنامج الحكومي الذي اتفقت عليه كل الكتل السياسية، نحن عقدنا هذا المؤتمر في أربيل، لأن المجتمع الأربيلي هو المجتمع الذي يجمع كل الطوائف، وهناك تعايش سلمي وتقبل للآخر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.