وزير الخارجية الفرنسي يهاجم أنقرة ويذكّرها بالملفات الخلافية

لو دريان: ثمة تساؤلات عن معنى وجود تركيا في صفوف الحلف الأطلسي

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان (رويترز)
TT

وزير الخارجية الفرنسي يهاجم أنقرة ويذكّرها بالملفات الخلافية

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان (رويترز)

ما زالت تركيا في مرمى الدبلوماسية الفرنسية رغم انشغال باريس بمحاربة وباء «كورونا» الذي أوقع حتى اليوم ما يزيد على 20 ألف ضحية. ومآخذ الجانب الفرنسي عديدة. وأسبوعاً وراء أسبوع؛ تعود إلى الواجهة وكلما توفرت للمسؤولين الفرنسيين الفرصة للتصويب عليها.
وآخر ما استجدّ كلام وزير الخارجية جان إيف لو دريان الذي استفاد من مقابلة أجرتها معه صحيفة «لو مونجدّ» المستقلة لإعادة فتح الملفات الخلافية مع أنقرة وهي كثيرة، وسبق للرئيس إيمانويل ماكرون، في الأشهر الأخيرة، أن تناولها بحضور نظيره التركي رجب طيب إردوغان، وأهمها في مناسبتين: القمة الأطلسية في لندن نهاية العام الماضي، والمؤتمر رفيع المستوى حول ليبيا الذي رعته الأمم المتحدة وألمانيا في برلين أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي.
يتساءل لو دريان بداية عن «معنى» وجود تركيا داخل الحلف الأطلسي بالنظر للسياسات التي تتبعها والتي تتناقض مع أهداف الحلف، مشيراً في الوقت عينه إلى حاجته لإعادة نظر؛ إنْ لجهة استراتيجياته أو لجهة غائياته، وذلك على ضوء التحولات التي يعرفها العالم، وأهمها سقوط الاتفاقيات الخاصة بخفض التسلح النووي بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية. ويشار في هذا الصدد إلى أن أمين عام الحلف قد شكل هيئة نهاية مارس (آذار) الماضي من 10 خبراء واستراتيجيين (5 رجال و5 نساء) برئاسة مشتركة أميركية ــ ألمانية؛ ويس ميتشل المساعد الأسبق لوزير الخارجية الأميركي، وتوماس دو ميزيير المقرب من المستشارة أنجيلا ميركل، من أجل تقديم المشورة حول كيفية تعزيز البعد السياسي للحلف. وعين الرئيس ماكرون وزير الخارجية الأسبق هوبير فيدرين ممثلاً لبلاده في الهيئة المذكورة.
يقول الوزير لو دريان: «أتساءل، في هذا الإطار، عن معنى وجود تركيا داخل إطار الحلف وعن أدائها عندما تعلن تمسكها به وفي الوقت عينه تختار شراء منظومات دفاع جوي روسية الصنع»؛ في إشارة إلى شرائها بطاريات صواريخ «إس400» الروسية المتطورة بدلاً من بطاريات «باتريوت» الأميركية. ويضيف الوزير الفرنسي: «كذلك الحال بالنسبة لسياستها في ليبيا؛ حيث تقوم بنقل مرتزقة سوريين للمشاركة في الحرب، وتقوم أيضاً بتعبئة وسائل حربية مهمة مثل السفن والطائرات المسيرة مثلما تفعل في خليج مصراتة».
وبالنسبة لباريس، فإن أداء تركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط يطرح إشكالية؛ إذ إن سفنها «تكون أحياناً جزءاً من منظومة عمل الحلف الأطلسي، وأحياناً أخرى من أجل المحافظة على أمن المناطق التي وضعت اليد عليها». ولا ينسى لو دريان ملف اللاجئين من السوريين وغير السوريين الذين تستخدمهم أنقرة «وسيلة ابتزاز» للاتحاد الأوروبي كما فعلت مؤخراً مهددة بفتح الباب أمام مئات الآلاف منهم لطرق أبواب أوروبا.
وخلاصة لو دريان أن جميع هذه الملفات توسع الهوة بين تركيا والحلف الأطلسي؛ مما يعني أن هناك حاجة «(للتوضيح)، وهو ما لم يحصل حتى اليوم، ولا بد منه، خصوصاً عندما تطلب تركيا تضامن الحلف مع سياساتها الخلافية».
ليس سراً أن العلاقة بين ماكرون وإردوغان يغلب عليها التوتر. ولم ينسَ المراقبون الجدل العلني الذي حدث بين الرجلين في لندن؛ حيث اتهم الثاني نظيره الفرنسي بأنه يعاني من «الشلل الدماغي»، رداً على اعتبار الأول أن الحلف الأطلسي سقط في «الموت السريري». كذلك ندد ماكرون في برلين بسياسة أنقره في ليبيا وبالاتفاق المائي الذي أبرمه إردوغان مع رئيس حكومة الوفاق فائز السراج في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والذي يمكّن تركيا من الافتئات على المياه الإقليمية وعلى حقوق النفط والغاز لعضوين في الاتحاد الأوروبي هما اليونان وقبرص. وكان الرد الفرنسي المباشر إبرام اتفاقية «شراكة استراتيجية» بين باريس وأثينا وتعزيز الحضور البحري الفرنسي في شرق البحر المتوسط. وتتهم باريس الطرف التركي بعدم احترام «الوعود المعطاة» فيما يخصّ الملف الليبي بالنسبة للامتناع عن التدخل في الحرب الدائرة هناك. وقبل ذلك، ثارت بين العاصمتين خلافات بشأن العمليات العسكرية التركية ضد أكراد سوريا؛ أكان في منطقة عفرين أو في الشمال الشرقي للبلاد. ثم هناك ملف مذبحة الأرمن وقيام باريس بتحديد يوم من كل عام لتذكّر ما حصل للأرمن بداية هذا القرن على أيدي السلطنة العثمانية.
يقول بيار سيرفان، الخبير الفرنسي في الشؤون الدفاعية، إن الحلف الأطلسي هو «تحالف سياسي قبل أن يكون أداة عسكرية». وبرأيه أن الحلف بصفته وسيلة عسكرية يعمل بشكل مقبول، لكن «العقل المدبر سياسياً وديبلوماسياً يعاني من الموت الدماغي»؛ استعار عبارة ماكرون، «وذلك لسببين: الأول لكون الولايات المتحدة تنظر إلى آسيا وليس نحو الحلف» بسبب التنافس الاستراتيجي مع الصين، و«الثاني بسبب وجود حصان طروادة، واسمه تركيا التي تمارس الابتزاز ضد الحلف... وهي تهدد بتجميد المبادرات الخاصة بالدفاع عن بلدان شرق أوروبا (بلدان البلطيق وبولندا...)».
من بين كل البلدان الأوروبية، بعد اليونان وقبرص، تبدو باريس الأكثر انزعاجاً من السياسات التركية والتي تدفع بالاتحاد الأوروبي باتجاه اتخاذ مواقف صلبة إزاء أنقرة. وبعكس ألمانيا؛ فإن باريس أغلقت باب الاتحاد الأوروبي بشكل كامل بوجه تركيا، وهي نصحت بإيجاد صيغ تعاون أخرى، مما يثير حساسية القادة الأتراك. يذكر أن المفاوضات بين أنقرة و«بروكسل» تعود لـ15 سنة على الأقل وحتى اليوم، وما زالت الخلافات تباعد بين الطرفين؛ ومنها غياب دولة القانون وحقوق الإنسان وحرية الصحافة واستقلالية القضاء... لكن باريس تحتاج لتعاون أنقرة في موضوعين رئيسيين: محاربة الإرهاب والتعاون بخصوص الجهاديين الفرنسيين الذين التحقوا بتنظيم «داعش» أو «هيئة النصرة»، وملف الهجرات. ولذا، فإن باريس حريصة، رغم الانتقادات العديدة لتركيا، أن تبقي خط التواصل مفتوحاً معها من باب البراغماتية السياسية.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.