أوكلاهوما تحيي ذكرى أكبر هجوم إرهابي... بصمت وقلق

مخاوف من انتشار الآيديولوجيات العنيفة

تفشي «كورونا» ألغى معظم مناسبات الذكرى السنوية للهجوم الإرهابي في أوكلاهوما (نيويورك تايمز)
تفشي «كورونا» ألغى معظم مناسبات الذكرى السنوية للهجوم الإرهابي في أوكلاهوما (نيويورك تايمز)
TT

أوكلاهوما تحيي ذكرى أكبر هجوم إرهابي... بصمت وقلق

تفشي «كورونا» ألغى معظم مناسبات الذكرى السنوية للهجوم الإرهابي في أوكلاهوما (نيويورك تايمز)
تفشي «كورونا» ألغى معظم مناسبات الذكرى السنوية للهجوم الإرهابي في أوكلاهوما (نيويورك تايمز)

قضى تيموثي ماكفي على حياة 168 مواطناً، بما في ذلك 19 طفلاً، من خلال حادثة تدمير مبنى أحد المكاتب الفيدرالية باستخدام شاحنة مفخخة ضخمة في 19 أبريل (نيسان) لعام 1995. ومع ذلك فإن قصته تمر مرور الكرام عبر متحف ونصب أوكلاهوما سيتي الوطني.
تقول كاري واتكينز، المديرة التنفيذية للمتحف: «شعرنا بأهمية أن نعرض وجهه للجمهور، وليس بهدف منحه أي قدر من التبجيل أو التقدير. يمكن لأي مواطن من بيننا أن يتحول إلى إرهابي عنيف في أي لحظة من اللحظات».
وبصرف النظر عن صورته الشخصية، فهناك سيارته «ميركوري ماركيز» الصفراء الصدئة موديل عام 1977. كما ضم أمناء المتحف نسخة من «يوميات تيرنر»، وهي رواية ذات تيمة متعصبة تحظى بشعبية كبيرة ضمن أوساط المتطرفين اليمنيين البيض - وكان ماكفي يحتفظ بنسخة منها في المقعد الأمامي بسيارته - وفيها يفجر البطل العنصري الأبيض مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي، تماماً كما فعل تيموثي ماكفي بحسب «نيويورك تايمز»
وما تزال حادثة التفجير تجربة شاذة للغاية عما هو طبيعي أو معتاد في المجتمع الأميركي. فما بين هجمات بيرل هاربور العسكرية وهجمات سبتمبر (أيلول) الإرهابية، تأتي حادثة أوكلاهوما سيتي لتحتل منزلة أكثر الهجمات الدموية التي شهدتها الولايات المتحدة الأميركية، ومع ذلك فهي لم تدخل في صميم نسيج التاريخ الأميركي الحديث. ويصادف أول من أمس الأحد الذكرى 25 لتلك الحادثة الأليمة، مع مزيد من قلق المؤرخين الأميركيين وأولئك الذين عاصروا الهجمة المروعة من اندثار ذكراها عن المشهد الاجتماعي الأميركي، سيما مع زيادة شيوع الآيديولوجيات العنيفة التي ألهمت عملية تيموثي ماكفي المحلية.
يقول ديفيد هولت، عمدة أوكلاهوما: «أسمع، في البيئة السياسية الداخلية اليوم، أصداء خطابات من النوع الذي أعتقد أنه كان مصدر إلهام مرتكب الحادثة المريعة، وأعتقد أننا جميعاً مسؤولون عن معاودة النظر إلى أوكلاهوما سيتي، وإمعان النظر في الندبة الغائرة التي خلفتها الحادثة على وجه مجتمعنا، كي نتذكر إلى أين تقودنا تلك الأفكار الرخيصة عندما يصف مواطنونا بعضهم بعضاً بالأعداء، وعندما نحاول تعزيز الانقسام والتشرذم والاختلاف بين أبناء المجتمع الواحد».
جرى إلغاء أغلب فعاليات إحياء ذكرى الحادثة الأليمة بسبب تفشي وباء كورونا الحالي. وتم تسجيل القراءة السنوية لأسماء الضحايا بصورة مسبقة، إلى جانب الكلمات المصاحبة من جانب عدد من الشخصيات السياسية والعامة. وبثت محطات التلفاز المحلية مقاطع الفيديو إحياء لذكرى الحادثة لمدة ساعة كاملة، الأمر المتاح أيضاً على شبكة الإنترنت».
يقول ديفيد نيورات، صاحب كتاب «التفوق العنصري الأميركي»، الذي يروي فيه مجريات انتشار التطرف العنصري اليميني: «لقد نسي الشعب الأميركي تلك الحادثة الرهيبة بسرعة عجيبة، وإنها من الروايات المؤلم للغاية تلاوتها، فهي تتعارض مع كافة ما يطرحه الاستثناء الأميركي من سرديات لا لشيء إلا لأن المهاجم كان أميركي الجنسية والمنشأ والموطن، ويفضل المواطنون الأميركيون الاعتقاد بأنهم أرقى من أن يخرج من بينهم من يفعل هذه التصرفات المشينة، بل إنها مقصورة فقط على الرجال من أصحاب اللحى والعمائم.
ولقد أدين تيموثي ماكفي بارتكاب جريمة القتل العمد وجرائم أخرى أمام المحكمة الفيدرالية في عام 1997. وحُكم عليه بالإعدام قبل ثلاثة أشهر فقط من هجمات الحادي عشر من سبتمبر لعام 2001.
ونشأ تيموثي ماكفي، البالغ من العمر 26 عاماً وقت الحادثة، صبياً نحيفاً في منزل لأسرة نموذجية من أبناء الطبقة الوسطى خارج مدينة بافالو. والتحق بالخدمة العسكرية في سن العشرين، وحصل على وسام النجمة البرونزية كرقيب في سلاح المدفعية في حرب الخليج.
وأثناء خدمته في الجيش الأميركي، ازداد هوس تيموثي ماكفي بمختلف أنواع الأسلحة، وكان يحمل آراء وأفكاراً معادية للحكومة الأميركية. وكان استبعاده من اختبارات الانضمام إلى فرق القوات الخاصة بالجيش الأميركي بمثابة أولى خطواته على طريق التطرف اليميني ضمن صفوف الحركة العنصرية البيضاء الأميركية.
وكانت حياته العاطفية شبه خاوية، كما أنه لم يُفلح في الحصول على وظيفة جيدة، ومن ثم شرع في كتابة أفكاره وإرسالها إلى بعض الصحف المحلية، وكان من بين ما خطه بيمينه: «هل الحرب الأهلية وشيكة؟، هل يتوجب علينا إراقة الدماء لأجل إصلاح نظام الحكومة الحالي؟ آمل ألا يحدث ذلك، ولكنه ليس بعيداً عنا».
وبعد عمليتين للمباحث الفيدرالية ضد مجمعات تضم مسلحين عنصريين في ولايتي أيداهو وتكساس في عامي 1992 و1993 على التوالي، استشاط تيموثي ماكفي غضباً وخرج سخطه عن طوق السيطرة. ومن ثم قرر الانتقام.
ومع الذكرى الثانية لتطهير المجمع العنصري المسلح في تكساس، أعد تيموثي ماكفي قنبلة زنة 7 آلاف رطل باستخدام السماد الزراعي، ووضعها في شاحنة، ثم تركها خارج مبنى ألفريد مورا الفيدرالي في وسط أوكلاهوما سيتي، ثم انحاز بعيداً وفجر السيارة عن بُعد.
ليعصف الانفجار الشديد بواجهة المبني المكون من 9 طوابق ويحيله رماداً في ثوانٍ معدودة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».