لا أتوقع أن يشاركني كثير من أصدقائي هذا الرأي، لكنني أرى أنه ربما حان الوقت لأن نتحدث عن وزير الصحة البريطاني مات هانكوك، خصوصاً في ظل تحول الأمور إلى الأسوأ في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد وحصده مزيداً من الأرواح. ومن الواضح تماماً أن هانكوك تعمد انتقاد كرة القدم وعدم مساهمتها بالشكل المطلوب في حل هذه الأزمة لكي يشتت انتباهنا عن الإخفاقات الخطيرة في حكومته ونقص التمويل المزمن لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية. وربما يلجأ هانكوك إلى هذه الحيلة مجدداً لنفس الغرض.
لكن هناك كثيراً من أعضاء البرلمان المحافظين الآخرين الذين يحاولون أيضاً تشتيت انتباهنا عن الطريقة الكارثية التي تعاملت بها الحكومة البريطانية مع تفشي الفيروس، عن طريق الهجوم على لاعبي كرة القدم. وفي حين يفلت سياسيون مثل جوليان نايت وستيف براين من الانتقادات، فإن هانكوك هو الشخص الذي يتعرض دائماً - ولسبب ما - لمثل هذا اللوم الشديد، بعدما أصبح هدفاً سهلاً للانتقادات.
ثم مرة أخرى، في هذه الأوقات الاستثنائية لكرة القدم الإنجليزية، يبدو أن التعطش لإيجاد كبش فداء تتم التضحية به قد أصبح أقوى من أي وقت مضى. ويجب أن نعترف بأن ثقافة اللوم ليست جديدة على كرة القدم، لكن يبدو أن حجم الأزمة الحالية قد وسع نطاقها إلى ما هو أبعد من إلقاء اللوم على الحكام والمحللين التلفزيونيين ومباريات الإعادة في كأس الاتحاد الإنجليزي.
ويعد هانكوك بكل بساطة هو أحدث شخص يسير في هذا الاتجاه، ليكتشف أنه إذا كنت تعتقد أن كرة القدم الإنجليزية كانت تعاني من نقاط خلل واضحة وهي تحقق عائدات مالية طائلة، فكيف ستكون الحال عندما تتوقف هذه العائدات؟
وبينما نصارع نحن مسائل وقضايا تتعلق بالحياة والموت، والصحة البدنية والعقلية، والحرية الشخصية والتواصل البشري، تجد كرة القدم الإنجليزية نفسها متورطة في صراع غير لائق حول أشياء تتعلق بها، فمؤخرا انتهت المحادثات بين رابطة اللاعبين المحترفين والدوري الإنجليزي الممتاز بشأن خفض أجور اللاعبين بشكل جماعي إلى مجرد مجموعة من البيانات والإحاطات!
وفي هذه الأثناء، كان نيوكاسل يونايتد وتوتنهام هوتسبير من بين الأندية التي تعرضت لانتقادات لاذعة بسبب تخفيض رواتب العاملين بها من غير لاعبي كرة القدم، ومطالبة الحكومة بتقديم الدعم المالي لها من أجل دفع هذه الرواتب. وتهدد هيئات البث التلفزيوني الساخطة بإيقاف الأموال التي كانت تدفعها، ومع كل يوم يمر في ظل توقف المباريات والمسابقات الرياضية، يلوح تهديد وجودي لسبل العيش، ولأندية بأكملها، وربما حتى لبطولات كاملة، بشكل أكبر من أي وقت مضى. وبات نيوكاسل يونايتد الوحيد حتى الآن بين أندية الدوري الممتاز الذي لا يزال يعتزم الاستفادة من الأموال الحكومية لدفع رواتب موظفيه غير اللاعبين.
وتكمن المشكلة في أن تداعيات ذلك لن تكون على المدى القصير فقط، إذ إنه من الواضح أن هذه المعركة القاسية ستستمر لبعض الوقت، وربما تستمر تداعياتها لسنوات، وربما حتى لعقود. إن فشل كرة القدم الإنجليزية في التعاون والعمل كمجموعة واحدة لم يحدث بين عشية وضحاها؛ لكنه بدلاً من ذلك كان ناجماً عن العديد من الخطوات الصغيرة والمدمرة في حقيقة الأمر.
ويمكننا على سبيل المثال الإشارة إلى تحايل توتنهام هوتسبير على القانون رقم 35 للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في عام 1983، ما سمح للنادي بطرح أسهمه في سوق المال وتحويل نادٍ لكرة القدم إلى مؤسسة ربحية. كما أن انطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز بشكله الجديد، بشكل يعفي أكبر الأندية من أي التزام قانوني لبقية الهرم الكروي، يرسخ لاقتصاديات السوق الحرة كثقافة سائدة.
كما أن التدفق غير المقيد للمليارديرات الذين جاءوا لشراء الأندية الإنجليزية في أوائل القرن الحادي والعشرين - في الأيام الأخيرة كان هناك كثير من الغضب تجاه شخصيات مثل جو لويس في توتنهام هوتسبير ومايك آشلي في نيوكاسل يونايتد - قد سمح لهذه الشخصيات بتحقيق أرباح كبيرة ومنح العاملين بالأندية أجوراً زهيدة. وكما يقول المثل القديم: إذا كنت ستسمح للبط بالدخول إلى مطبخك، فلا تتفاجأ عندما يأكلون سلة الخبز.
وبالتالي، فإن السنوات التي شهدت ازدهار كرة القدم الإنجليزية قد شهدت أيضاً حالة من الانحلال والانفصال والاستقطاب، حيث يتم تحريك المشجعين وإثارتهم وتوجيههم لاستهداف بعضهم بعضاً. وباتت الأندية، التي تتنافس الآن في الميزانيات العمومية كما تتنافس داخل الملعب، تتحرك وفق الإرادة الشخصية والطموح الفردي لملاكها. وقبل كل شيء، بات قانون السوق هو الذي يتحكم في كل شيء، وباتت اللغة الوحيدة المقبولة هي كيفية تحقيق الإيرادات وزيادة الأرباح.
لكن تبقى النقطة الأوسع تتمثل في أن ما تواجهه كرة القدم الإنجليزية في عام 2020 هو نتاج تطبيق نظام معادٍ للتعاون والتضامن. إن المصلحة الذاتية التجارية هي السبب في أن هذه اللعبة لا تستطيع الوقوف لمكافحة العنصرية، كما أن هذا هو السبب الذي جعل تطبيق تقنية حكم الفيديو المساعد يصل إلى هذه الحالة من الفوضى، وهذا هو السبب أيضاً في ازدحام جدول المباريات بالشكل الذي يمثل ضغطاً هائلاً على كاهل اللاعبين. وهذا هو السبب أيضاً في عدم وجود نظام تمويل واضح لكرة القدم للسيدات. وفي ظل الأزمة القاسية الحالية، بات جميع الأطراف يبحث عن مصلحته الخاصة، وسط خلافات ومشاحنات وشعور بعدم الثقة بين الجميع.
وكان من المدهش أن نقرأ، في وقت سابق، أن الأندية الأربعة الأولى في الدوري الألماني الممتاز (بايرن ميونيخ، وبروسيا دورتموند، ولايبزيغ، وباير ليفركوزن) قد تعهدت بدفع ما يعادل 18 مليون جنيه إسترليني لدعم منافسيهم من الأندية الأصغر. كما يعمل الاتحاد الفرنسي لكرة القدم على إنشاء صندوق تضامن للأندية التي تعاني. من المؤكد أنه لا توجد لعبة في أي بلد خالية من الجشع أو المشاحنات أو المصلحة الذاتية، لكن يبدو أن هناك شيئاً فطرياً في مقاومة كرة القدم الإنجليزية للعمل الجماعي، وإصرارها على العمل الفردي، والتضارب الواضح في عمل العلاقات العامة، بالشكل الذي رأيناه من نادي ليفربول يوم الاثنين الماضي، عندما غير موقفه كلياً بتراجعه عن مخطط التقدم بطلب الحصول على إعانة حكومية لدفع رواتب العاملين به من غير لاعبي كرة القدم، وذلك بعد تعرضه لانتقادات لاذعة. لقد كشف هذا الوباء نقاط الخلل الموجودة في كرة القدم الإنجليزية، التي تتمثل في حالة الفوضى التي تعم كل شيء والتي قد تؤدي إلى الخسارة لجميع الأطراف.
ثقافة اللوم المتبادل ليست جديدة على كرة القدم الإنجليزية
الوباء كشف نقاط الخلل الذي تعاني منه اللعبة الشعبية الأولى
ثقافة اللوم المتبادل ليست جديدة على كرة القدم الإنجليزية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة