اعترافات في صنعاء بتصاعد فساد الحكم الانقلابي وانتهاك حقوق اليمنيين

TT

اعترافات في صنعاء بتصاعد فساد الحكم الانقلابي وانتهاك حقوق اليمنيين

في الوقت الذي تتصاعد فيه أعمال القمع الحوثية ضد اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة، ارتفعت الأصوات الحوثية من داخل أروقة الانقلاب نفسه لتعترف بوجود «فساد لا حدود له» في قطاعات المشتقات النفطية والوظيفة العامة وبالاعتداء على ممتلكات التجار وعامة المواطنين.
وفي حين جاءت الاتهامات الحوثية البَيْنِيَّة على لسان قيادات في الجماعة وبرلمانيين موالين لها، أطلق أحد مشرفيها في العاصمة صنعاء النار بدم بارد على عامل في أحد المتاجر لرفض الأخير دفع الإتاوة التي أرادها المشرف الحوثي.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً من إحدى كاميرات المراقبة في صنعاء يظهر مشرفاً حوثياً يدعى عبد الله المعافى وهو يطلق النار على عامل في متجر يدعى سمير الأموي ويرديه قتيلاً إثر رفض الأخير دفع الإتاوة.
وأكد شهود أن القتيل كان طلب من المشرف الحوثي أن يمهله حتى يحضر مالك المتجر لدفع الإتاوة بنفسه، وهو ما أغضب المشرف الحوثي فأطلق النار على العامل.
وكانت الجماعة الحوثية أطلقت موجة جديدة من حملات جباية الإتاوات في صنعاء والمناطق الخاضعة لها، شملت كبار التجار وأصحاب محال التجزئة وأرباب الأعمال وملاك الصيدليات والمستشفيات وشركات الاتصالات، تحت ذريعة المساهمة المجتمعية لمواجهة تفشي فيروس «كورنا».
وعبّر الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن استيائهم جراء الوحشية التي تنتهجها الجماعة تجاه السكان المحليين في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها،، وأشاروا إلى أن الميليشيات لا تزال تمعن في تهديد اليمنيين في معيشتهم من خلال ابتزازها المتكرر للتجار ورجال الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة وفرض الجبايات المتوالية عليهم.
وطالب الناشطون بسرعة إلغاء أي مبادرات تدعو لهدنة مع من وصفوهم بـ«ميليشيات الفساد والنهب والعبث الحوثية». ودعوا إلى تحريك جميع جبهات القتال ضد الجماعة، وإنهاء الانقلاب والفساد الحوثي عسكرياً.
وتشهد صنعاء حالياً فوضى أمنية مستمرة في ظل سيطرة الميليشيات الانقلابية التي ترتكب صنوفاً متنوعة من عمليات الفساد والنهب والاعتداء والقتل بحق المواطنين اليمنيين.
ودفع تصاعد هذه الانتهاكات ضد اليمنيين بقيادات حوثية في الجماعة وببرلمانيين للاعتراف بوجود فساد وتلاعب وعبث مالي وإداري منظّم تقوم به قيادات الجماعة والمسؤولون المعينون من قبلها في المفاصل الإدارية والمالية.
وأكد القيادي محمد البخيتي؛ المعيَّن نائباً لرئيس مجلس شورى الجماعة، في تصريحات، أن القرارات الصادرة عن مجلس حكم الانقلاب (المجلس السياسي الأعلى)، «لا تخضع لمعايير النزاهة والمفاضلة والعدل، وإنما على أساس الشللية والمعرفة الشخصية والولاء والمراضاة».
وفي حين اعترف القيادي الحوثي بوجود فساد مالي وسوء استغلال للسلطة في المؤسسات الخاضعة للجماعة، يقول مراقبون محليون إن ذلك الاعتراف بوجود فساد ليس سوى غيض من فيض الفساد الحوثي المعلن وغير المعلن.
وأثبتت تقارير محلية ودولية حجم الفساد المالي والإداري في مناطق سيطرة الجماعة.
في السياق نفسه، اتهم النائب في البرلمان أحمد سيف حاشد، وهو أحد النواب الخاضعين للجماعة في صنعاء، قادة الميليشيات الحوثية بممارسة تعسفات لا تطاق ضد الشعب اليمني. وأشار حاشد في تغريدات على «تويتر» إلى أن الميليشيات مارست ولا تزال الفساد والطغيان والنهب والتجويع إلى حد أنها ظنت أنه غير مقدور عليها. وقال: «ليس بعد هذا الفساد والنهب إلا ما لا تتوقعه الجماعة».
وفيما يتعلق بأسعار مشتقات النفط وتلاعب الجماعة الحوثية، فنّد حاشد ادعاءات الميليشيات حول تمسكها بأسعار المشتقات التي تشهد انخفاضا في المحافظات المحررة، تحت ذريعة احتجاز التحالف سفناً محملة بالمشتقات.
وقال مخاطبا قادة الميليشيات: «أتحداهم أن يأتوا بشكوى واحدة أو بلاغ واحد قدم للأمم المتحدة من أي تاجر نفط أو جهة يتضمن احتجاز سفينة واحدة محملة بمشتقات نفطية». مضيفاً: «لقد ردت الأمم المتحدة من قبل على تلك الادعاءات بأنها لم تتلقَّ أي بلاغ بهذا الشأن... ماذا يعني هذا؟!».
أما البرلماني الآخر الموالي للجماعة، وهو النائب عبده بشر، فكشف، من جانبه، عن تكدس المشتقات النفطية في الأحواش والمخازن، والمحطات الخاصة بميليشيات الحوثي، في حين تشهد العاصمة صنعاء أزمة مشتقات مستمرة. وأكد بشر استمرار أزمة المشتقات النفطية المفتعلة في صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لميليشيات الحوثي الانقلابية، في ظل تكدس المخازن والأحواش في جولة عمران ومناطق أخرى في العاصمة؛ بالمشتقات النفطية.
وتأتي تلك المجموعة من الفضائح الحوثية المتوالية، في وقت ارتفعت فيه الأصوات اليمنية؛ وتحديداً من داخل صفوف الميليشيات نفسها، المنددة بفساد وعبث ونهب الجماعة أموال ومقدرات اليمنيين، وكذا المواد الإغاثية المقدمة لهم مساعداتٍ إنسانية من المنظمات الدولية.
ويحرص قادة الميليشيات على جباية موارد مؤسسات الدولة في مناطق سيطرتهم إلى جانب الإتاوات الضخمة لمصلحة ما تسميه المجهود الحربي والإنفاق على أنصار الجماعة وكبار قادتها وتحويل شقّ كبير من المنهوبات إلى مشاريع استثمارية تعود ملكيتها للعائلة الحوثية والمقربين من سلالة زعيمها.
وبينما تستمر الميليشيات، المسنودة من إيران، في جرائمها وانتهاكاتها، يواصل الجوع والفقر والحرمان إنهاك سكان اليمن، البالغ عددهم نحو 28 مليوناً، خصوصاً مع دخول البلد عامه الخامس من الانقلاب الذي أوجد أسوأ وأكبر أزمة إنسانية في العالم.
وفي ظل الاعترافات المتواصلة بوجود فساد وعبث حوثي مستشرٍ في كل مناطق ومراكز بسط نفوذ الجماعة، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في بيان حديث، أن 80 في المائة من السكان (نحو 24 مليوناً)، بحاجة لشكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية؛ بينهم 14.3 مليون بحاجة حادة لتلك المساعدات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.