طرحت الحرب الدائرة في محيط العاصمة الليبية أسئلة عدة، تمحورت في جانب منها حول كيفية تجنيد المقاتلين في صفوف طرفي النزاع، ودوافع كل منهما، لكن هذه الأسئلة احتوت على اتهامات متبادلة بأن المال والراتب الشهري يمثل عامل جذب لمجموعات من الشباب للدخول إلى آتون الحرب التي استهلت عامها الثاني وقضى فيها آلاف المقاتلين من الجانبين.
ويقول الحقوقي جمال الفلاح، المقيم في شرق ليبيا، لـ«الشرق الأوسط»: «عقب انطلاق عملية الكرامة عام 2014 في المنطقة الشرقية، تدافع كثير من الشباب للالتحاق بالكليات العسكرية»، مشيراً إلى أن «هؤلاء الشباب استشعروا أن هناك واجباً وطنياً يتمثل باحتياج البلاد للجيش بعد تفكيكه في عام 2011». وأضاف، أن «كثيرين ممن تسابقوا ولا يزالون للانضمام إلى الجيش الوطني (الذي يقوده المشير خليفة حفتر) وكلياته العسكرية فور الإعلان عن فتح باب القبول للتدريب والالتحاق، هم بالأساس عناصر سبق لها المشاركة بالقتال إلى جانب الجيش ضد الجماعات المسلحة في مدينتي بنغازي ودرنة». وخلص إلى أن «الواجب الوطني والراتب الجيد والمكانة المتميزة من أهم دوافع الشباب الليبي للانضمام إلى المؤسسة العسكرية».
غير أن معاون آمر مركز تدريب الضفادع البشرية في القوات البحرية الخاصة التابعة لـ«الجيش الوطني» جاد الله الدينالي، أكد أن «الراتب الشهري ليس مغرياً للإقبال على الانضمام إلى المؤسسة العسكرية»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «الراتب يبدأ من 900 دينار، وبالتالي لا يمكن النظر إليه على أنه الدافع الأساسي للانضمام إلى المؤسسة». وأضاف، أن «الجميع في المؤسسة العسكرية مسؤول ويخضع للمحاسبة، وتظل نقطة التمييز هي الانتماء إلى مؤسسة وطنية تهدف إلى رفعة البلاد والدفاع عنها، وتحسن معاملة أبنائها ولا تدخر أي جهد أو تبخل بأي تكلفة لعلاج من سقط من صفوفهم جرحى داخل البلاد أو خارجها، كما ترعى أسرهم على أحسن وجه إذا استشهدوا».
ولفت الدينالي إلى «الأثر العكسي الذي ترتب على قرار حكومة الوفاق الاستعانة بقوات أجنبية تركية وسورية»، معتبراً أن هذا «تسبب بتدافع أعداد هائلة من الشباب الليبي على مراكز التدريب والوحدات العسكرية التابعة للجيش الوطني للتطوع». وأضاف «لولا جائحة كورونا وتحفظنا على العناصر المتواجدة بالكليات ومراكز التدريب لكان الجميع شهد مدى التحاق الأعداد الكبيرة من الشباب بجيشنا».
أما مدير إدارة التوجيه المعنوي في «الجيش الوطني» العميد خالد المحجوب، فشدد على أن «المعيار الأول للانضمام للجيش هو الولاء للوطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بالطبع لدينا شروط ومعايير عسكرية متعارف عليها للراغبين في الالتحاق بالمؤسسة العسكرية، منها اللياقة البدنية والصحية وعدم وجود سوابق جنائية أو ارتباط بالتنظيمات الإرهابية، بجانب تناسب مستوى تعليمه مع الدرجة التي سيلتحق بها... ولا توجد شروط جهوية للالتحاق بالمؤسسة كما يردد البعض». وأضاف المحجوب، أن «الجيش مكون من أبناء ورجال كل القبائل والمناطق»، مشيراً إلى أن «مدة التدريب في الكليات العسكرية ثلاث سنوات للضباط بمختلف التخصصات، وعام ونصف العام لضباط الصف. أما العناصر المقاتلة فيتم تدريبها ستة أشهر على الأقل».
وعن الراتب الذي يتقاضاه الجندي، قال المحجوب «ندفع رواتب تكفل حياة كريمة، والجميع يعرف ذلك، نحن نسير على نظام الرواتب المقررة في عهد رئيس الوزراء السابق علي زيدان، ولا توجد مقارنة بيننا وبين الغرب على الإطلاق... ليس هناك جيش بالأساس، بل ميليشيات تتقاضى أموالاً نظير مشاركتها في القتال، وهو ما كشفت عنه التقارير من أن حكومة الوفاق رصدت مكافآت شهرية لعناصر المرتزقة السوريين تقدر بألفي دولار للفرد، بينما تدفع لعنصر الميليشيات من ألفين إلى ثلاثة آلاف دينار».
وكان المتحدث باسم «الجيش الوطني» اللواء أحمد المسماري، أشار إلى أن «تعداد الجيش تجاوز 85 ألفاً ما بين ضابط وضابط صف»، موضحاً أن «جزءاً كبيراً من هذا العدد من العسكريين السابقين إلى جوار عدد كبير من شباب العسكريين انضم حديثاً إلى الجيش، ويتراوح تقدير عددهم ما بين 25 و30 ألف عنصر من الضباط وضباط الصف».
في المقابل، دافع آمر غرفة العمليات الميدانية في عملية «بركان الغضب» التابعة لحكومة «الوفاق» في غرب ليبيا، اللواء أحمد أبو شحمة، عن قواته. وقال إن «معدل انضمام الشباب إلى العملية العسكرية التي انطلقت لصد هجوم القوات المعتدية على العاصمة العام الماضي، كبير جداً». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الشباب تدافعوا من أنحاء المنطقة الغربية كافة لمساندة قواتهم في دفع العدوان عن العاصمة».
وأشار إلى أن «عدد المتطوعين حينها بلغ ما يقرب من 35 ألف عنصر... وطبعاً الرقم يزيد وينقص من فترة إلى أخرى»، قبل أن يؤكد أن «عدد القوات المقاتلة الآن يقدر بعشرة آلاف فرد فقط أغلبهم من الشباب». واستنكر «إطلاق البعض للأحكام المسبقة والتوصيفات غير الدقيقة»، قائلاً «يتحدثون عن مقاتلين ومرتزقة... نحن لدينا قوات عسكرية تخضع للتدريب الأساسي والتخصصي بالكليات العسكرية منها الكلية التي قُصفت من قبل القوات المعتدية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بالطائرات المسيرة».
وأشار إلى وجود «كلية أخرى في مصراتة مدة الدراسة بها ثلاث سنوات، لكن مع تكرار الاستهداف لهم قد يتم النظر في تقليص المدة»، لافتاً إلى أن «عدداً من طلاب الكلية العسكرية التي تم استهدافها بطرابلس كانوا من مدن شرق ليبيا».
كيف يجند طرفا النزاع الليبي المقاتلين؟
كيف يجند طرفا النزاع الليبي المقاتلين؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة