إسبانيا تستعد لتخفيف القيود على النشاط الاقتصادي وسط معارضة شديدة

الوكالة الأوروبية للأدوية تدرس 12 لقاحاً تجريبياً

عاملان بالصحة خارج مستشفى في مدريد أمس (أ.ف.ب)
عاملان بالصحة خارج مستشفى في مدريد أمس (أ.ف.ب)
TT

إسبانيا تستعد لتخفيف القيود على النشاط الاقتصادي وسط معارضة شديدة

عاملان بالصحة خارج مستشفى في مدريد أمس (أ.ف.ب)
عاملان بالصحة خارج مستشفى في مدريد أمس (أ.ف.ب)

تواجه الحكومة الإسبانية معارضة شديدة، ومقاومة تصل في بعض الحالات إلى العصيان، لقرارها البدء اليوم بأول تجربة في أوروبا لاستعادة النشاط الاقتصادي تدريجيّاً في إطار تدابير العزل والوقاية من جائحة «كوفيد - 19»، وسط مخاوف وتحذيرات من عواقب هذه الخطوة وانتقادات لعدم استنادها إلى القرائن العلمية الكافية.
وبعد أن تراجع عدد الوفيات يوم السبت إلى أدنى مستوى منذ ثلاثة أسابيع، عاد أمس ليرتفع إلى 619 حيث قارب العدد الإجمالي 17 ألفاً من أصل 166 ألف إصابة مؤكدة. وكانت الحكومة قد اتخذت قرار العودة التدريجية إلى النشاط، مخالفة توجيهات بعض أعضاء اللجنة العلمية الذين نصحوا بتمديد فترة الحظر التام حتى نهاية الأسبوع، لكن وزير الصحة قال إن القرار لا يعني إنهاء العزل وشدّد على ضرورة الامتثال للتدابير والتوجيهات الوقائية التي سترافق عودة النشاط إلى بعض الخدمات غير الأساسية، اعتباراً من هذا الأسبوع.
بعض الحكومات الإقليمية شكّكت في صواب هذا القرار وأعربت عن مخاوفها من عواقبه، فيما انتقدته بشدّة مفوّضة الصحة في إقليم كاتالونيا، وقالت إن البيانات المتوفّرة لديها تشير إلى احتمال حقيقي بعودة الفيروس إلى الانتشار، ووضع المستشفيات مجدداً تحت ضغط لن تكون قادرة على مواجهته بعد الارتفاع الكبير في أعداد المصابين في صفوف الطواقم الطبية. ووجّه رئيس إقليم كاتالونيا كيم تورّا رسالة إلى رئيس الوزراء بيدرو سانتشيز، يطلب منه تزويده خطّياً بالتقارير العلمية التي استند إليها لاتخاذ قراره، وقال كيم إن حكومته ستواصل فرض تدابير العزل التام حتى نهاية الأسبوع الجاري.
الحزب الشعبي المعارض صعّد من جهته في لهجة انتقاداته الشديدة للحكومة التي يتهمها منذ بداية الأزمة بارتكاب أخطاء جسيمة جعلت من إسبانيا الدولة الأولى في العالم من حيث عدد الوفيات، نسبة إلى عدد السكّان وقالت الناطقة بلسان كتلته البرلمانية إن الحزب لن يؤيد أيّاً من قرارات الحكومة بعد الآن ويرفض دعوة سانتشيز لتشكيل طاولة حوار وطني من أجل وضع خطة للإعمار بعد نهاية الأزمة. وإذ انتقدت الناطقة بلسان الحزب الشعبي (أسلوب التسوّل) الذي تتبعّه الحكومة في المحافل الأوروبية، وحدّدت شرطين للتعاون مع الحكومة في مواجهة الأزمة وتداعياتها الاقتصادية، الأول أن يعلن الانفصاليون صراحة التخلّي عن مطلبهم بالاستقلال، والثاني أن يتعهد الشيوعيّون الذين يشاركون في الحكومة عدم المطالبة بالنظام الجمهوري.
وكان رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق والمرشّح لرئاسة بلدية برشلونة مانويل فالس قد دعا إلى تحالف بين الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي لتشكيل حكومة وحدة وطنية في هذه الفترة الحرجة، وقال إن حكومة أقليّة ليست قادرة على مواجهة التحديات الكبيرة التي تطرحها هذه الأزمة التاريخية.
وفي إيطاليا حيث أقام البابا فرنسيس للمرة الأولى قدّاس الفصح في كاتدرائية القديس بطرس خاوية من المصلّين، دعا رئيس الجمهورية سرجيو ماتّاريلّا إلى التهدئة بعد العاصفة السياسية التي نشأت عن نتائج الاجتماع الأخير لمجلس وزراء المال الأوروبيين الذي رُفضت فيه المقترحات الإيطالية لتمويل خطة الخروج من الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة «كوفيد - 19»، وقال إن المجتمع الإيطالي لم يعد يحتمل المزيد من الانقسام في مثل هذه الظروف الحرجة.
وكان رئيس الوزراء الإيطالي جيوزيبي كونتي قد شكّل فريق مهام للإشراف على مرحلة الاستعادة التدريجية للنشاط الاقتصادي، وكلّف أحد كبار الاخصائيين في الاتصالات برئاسته وعضوية 17 خبيراً من إيطاليا وخارجها لتحديد الأنشطة الصناعية التي ستستأنف اعتباراً من هذا الأسبوع، ووضع جدول زمني لها. وسوف يتعاون هذا الفريق مع اللجنة العلمية المكلّفة بإدارة الجانب الصحي للأزمة، والتي ما زالت تعتبر استعادة النشاط الاقتصادي سابقة لأوانها.
وتتوقّع مصادر رسميّة أن تكون العودة إلى النشاط الاقتصادي رمزية هذا الأسبوع، على أن تبدأ فعليّاً اعتباراً من الأسبوع المقبل. وقالت وزيرة الداخلية إن الأنشطة التي ستستأنف غداً الثلاثاء هي المكتبات ومتاجر القرطاسيّة وملابس الأطفال، إضافة إلى الأنشطة الحركية والصناعات الخشبية والكومبيوتر، وإن الحدائق العامة ومراكز الترفيه ستبقى مقفلة مع إبقاء الحظر على جميع الأنشطة الرياضية.
وفيما يزداد الضغط السياسي والشعبي على الحكومتين الإسبانية والإيطالية بسبب فشل مجلس وزراء المال الأوروبي في التجاوب مع مطالب روما ومدريد للنهوض من الأزمة، تواصل المفوضية الأوروبية توجيه رسائل للتهدئة وتمهيد الطريق أمام القمة الأوروبية المقبلة المقررة في 23 الشهر الجاري. فقد أعلنت رئيسة المفوضية أورسولا فون در لاين أن الاتحاد الأوروبي يعتزم، للمرة الأولى في تاريخه، مضاعفة موازنته السنوية البالغة 153 مليار يورو تشكّل 0.9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للدول الأعضاء لتصل إلى 2 في المائة العام المقبل، وقالت إن خبراء المفوضّية باشروا إعداد مسودّة القرار الذي سيعرض على القمة.
وعلى جبهة السباق المحموم لتطوير لقاح أو علاج ضد «كوفيد - 19»، قال ألبرتو فيانّي رئيس الجمعية الإيطالية لأطبّاء الأطفال وأحد كبار الأخصائيين الأوروبيين في علم اللقاحات إن الوكالة الأوروبية للأدوية تدرس حاليّاً 12 تجربة تجري بسرعة قياسية غير معهودة في الدول الأعضاء وتتابع عدداً من التجارب في دول أخرى. وإذ أعرب فيانّي عن اعتقاده بأن اللقاح قد يكون جاهزاً مطلع العام المقبل، رجّح أن يتمّ التوصّل إلى علاج فاعل بالأدوية قبل ذلك.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.