إجراءات مصرية ـ كويتية لتجاوز «مشاحنات غير رسمية»

TT

إجراءات مصرية ـ كويتية لتجاوز «مشاحنات غير رسمية»

سعت مصر والكويت لاحتواء ملاسنات «غير رسمية» بين عدد من مواطني البلدين، شملت حملات تحريض ضد المصريين العاملين في الكويت، بدعوى تعرضهم للإصابة بفيروس كورونا. وعقب اتصالات رسمية بين مسؤولي البلدين، على مدار الأيام الماضية، شددت على «العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين»، أطلقت شخصيات عامة مصرية مبادرة تأكيد للأخوة ونبذ الفتن، حذرت خلالها من «محاولات متعمدة» للوقيعة بين البلدين.
ومن بين الموقعين على المبادرة، وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم، وعدد من المثقفين والفنانين وأساتذة الجامعات. أكدوا في بيانهم أهمية وقوة العلاقات المصرية الكويتية تاريخياً وسياسياً وثقافياً. وقال الموقعون إنهم تابعوا بكل أسف مشاحنات منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي بدأت من فردين أو ثلاثة لا يمثلون إلا أنفسهم، بعضهم منتمون لتيار سياسي ملفوظ من الشعب المصري، كما أثنوا على بيان، في المقابل، صدر من مجموعة كبيرة من رموز الفن والشخصيات العامة الكويتية يلفت النظر إلى تلك المحاولات للوقيعة بين الشعبين الشقيقين، ويدين تلك المحاولات. وأكد البيان المصري أن العلاقة الاستراتيجية بين البلدين هي علاقة أخوة تاريخية ممتدة تم اختبارها على مدى عقود طويلة في جميع ظروف الشدة والرخاء، وقد أثبتت الظروف متانة هذه العلاقة المستندة.
كان وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد الناصر، أجرى نهاية الأسبوع الماضي، اتصالاً هاتفياً مع نظيره المصري سامح شكري، تطرق فيه الجانبان إلى «التفاصيل المتعلقة بالعلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين». وأعرب الوزيران عن «عدم ارتياحهما ورفضهما التام للمحاولات المسيئة والهادفة إلى المساس بهذه العلاقات أو التطاول على مرتكزاتها»، مؤكدين أن «ما يجمع الشعبين من أواصر الأخوة أقوى من أن تنال منه مثل هذه المحاولات التي لا تعكس مشاعر الأخوة والمصير المشترك بينهما». وتضمنت مساعي احتواء الأزمة بين البلدين، قراراً اتخذته النيابة العامة بالكويت، باحتجاز الصحافي الكويتي مبارك البغيلي، 15 يوماً على ذمة التحقيق بتهمة الإساءة إلى مصر، على خلفية تغريدات على حسابه الشخصي بمواقع التواصل الاجتماعي اعتبرت «مسيئة للدولة المصرية». وشن البغيلي هجوماً لاذعاً على المصريين، مؤكداً تفشي الوباء بينهم. فيما تحدثت مصادر عن اعتزام الكويت ترحيل المزيد من العمالة المصرية التي انتهت إقامتها، لكن السلطات المصرية فضلت أن يبقى الجميع في مكانه لحين انتهاء الأزمة، مع احترام تعليمات السلطات الكويتية للإجراءات الاحترازية. وأعرب برلمانيون مصريون عن تقديرهم للعلاقات بين البلدين. وقال محمد العرابي، عضو لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان المصري ووزير الخارجية الأسبق، إن «العلاقة بين مصر والكويت أكبر من هجوم مجموعة معروفة تهاجم مصر بين وقت وآخر»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى اتصالات كثيرة وصلته من برلمانيين كويتيين ووزراء سابقين أكدوا أن «هؤلاء لا يمثلون الشعب الكويتي لأن العلاقات قوية بين البلدين». وأضاف: «ما حدث ربما يكون ضغوطاً بسبب الفيروس الذي ينال من الجميع»، داعياً إلى تجاوز هذه المرحلة. وفي السياق ذاته، نوه سعد الجمال، عضو مجلس النواب المصري ونائب رئيس البرلمان العربي، إلى عقد جلسة للبرلمان العربي، الأسبوع المقبل، عبر «الفيديو كونفرانس»، سيدور الحوار خلالها حول أهمية تجاوز أي خلاف، مشيداً بـ«حكمة أمير دولة الكويت، وبالعلاقات التاريخية التي تجمع مصر والكويت على كل المستويات». وقال إن «الأصوات التي هاجمت المصريين لا تعبر عن الكويت وأميرها، بل هي أصوات، أعتبرها غير مسؤولة»، مؤكداً أن «مصر دولة كبيرة تستوعب الجميع، ولا تقف أمام ألفاظ تطلق هنا أو هناك».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.