تقرير أممي يرجّح مسؤولية «دمشق وحلفائها» عن استهداف منشآت طبية

تقرير أممي يرجّح مسؤولية «دمشق وحلفائها» عن استهداف منشآت طبية
TT

تقرير أممي يرجّح مسؤولية «دمشق وحلفائها» عن استهداف منشآت طبية

تقرير أممي يرجّح مسؤولية «دمشق وحلفائها» عن استهداف منشآت طبية

رجح تحقيق داخلي للأمم المتحدة «بدرجة عالية» أن تكون الحكومة السورية أو القوى الحليفة لها نفذت هجمات على 3 منشآت للعناية الصحية ومدرسة وملجأ للأطفال في شمال غربي سوريا خلال العام الماضي، لكن التقرير لم يسمِّ روسيا بالاسم.
وتحت ضغط من ثلثي أعضاء مجلس الأمن، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في أغسطس (آب) الماضي، أن الأمم المتحدة ستحقق في الهجمات على المنشآت المدعومة منها والمواقع الإنسانية الأخرى في شمال غربي سوريا. وتشاركت الأمم المتحدة مع أطراف النزاع إحداثيات المرافق في محاولة لحمايتها. وتساءلت الأمم المتحدة عما إذا كانت الأطراف استخدمت، أم لا، هذه الإحداثيات لاستهداف هذه المواقع. وفي أواخر يوليو (تموز) 2019، أصدر 10 أعضاء في مجلس الأمن عريضة دبلوماسية نادرة طالبت غوتيريش بفتح تحقيق بشأن الضربات الجوية على المنشآت الطبية، ما أثار حفيظة موسكو. وتشكلت لجنة التحقيق في سبتمبر (أيلول)، وكان من المفترض أن ترفع تقريرها بحلول نهاية عام 2019، لكنه تأجّل حتى التاسع من مارس (آذار). وطالبت دول غربية على مدى شهور بنشر ملخّص التقرير، لكن حتى هذه الخطوة تأجلت إلى الآن. وشدد غوتيريش على أن تحقيق اللجنة لم يكن جنائياً بل هدفه تحسين إجراءات الأمم المتحدة ومنع تكرار هذا النوع من الهجمات مستقبلاً. وأصرت دول غربية عدة ومنظمات غير حكومية على وجوب التعامل قانونياً مع الضربات الجوية ضد الأهداف المدنية في سوريا على أنها جرائم حرب. وأبلغ غوتيريش أعضاء مجلس الأمن أن المحققين لم يتمكنوا من زيارة سوريا لأن الحكومة السورية لم ترد على الطلبات المتكررة للحصول على تأشيرات. ووقعت الهجمات التي جرى التحقيق فيها في أبريل (نيسان) ومايو (أيار) ويوليو (تموز) من العام الماضي. وهدأ القتال في شمال غربي سوريا بعدما اتفقت تركيا، التي تدعم معارضي الأسد، مع روسيا على وقف النار.
وأرسل غوتيريش التقرير الى الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن الاثنين، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه. وأفاد غوتيريش في رسالة مرفقة إلى رئيس المجلس للشهر الجاري المندوب الدومينيكاني الدائم لدى المنظمة الدولية خوسيه سينغر وايسينغر بأنه «أثناء النزاع الحالي في سوريا، وقع عدد من الحوادث ضد مواقع وضعت على قائمة الأمم المتحدة لفك الاشتباك، أو تلك التي تتلقى الدعم منها»، مضيفاً أن مواقع الأمم المتحدة أصيبت أو تعرضت لأضرار في سياق العمليات العسكرية. وإذ شدد على أن لجنة التحقيق هذه «ليست هيئة قضائية أو محكمة قانونية، وهي لا تقدم نتائج قانونية أو تنظر في المسؤولية القانونية»، قال إن «أثر العمليات العدائية على المواقع المدنية والإنسانية في شمال غربي سوريا يذكر بشكل واضح بأهمية احترام كل أطراف النزاع للقانون الإنساني الدولي وضمان احترامه». وقال إنه «وفقاً لتقارير عديدة، فشلت الأطراف في القيام بذلك». وشدد على أن «أي تدابير قد تتخذها الدول الأعضاء لمكافحة الإرهاب يجب أن تحصل بما يتفق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، خصوصاً القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي للاجئين». وأفادت «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن اللجنة تجنبت تحميل روسيا المسؤولية مباشرة، بحسب ملخّص لتقريرها نشر الاثنين. ودون ذكر روسيا، استخلص التحقيق أنه في 4 من 7 حالات نظرت اللجنة في حيثياتها، متعلقة بمدرسة ومركز صحي ومستشفى جراحي ومركز حماية، «نفّذت الحكومة السورية و/أو حلفاؤها الضربة الجوية».
ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» في 2019 تحقيقاً مطولاً تضمن خصوصاً تسجيلات لطيارين روس، أشار بشكل واضح إلى تورّط روسيا في قصف المستشفيات في سوريا. وقالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» بعد نشر الملخص، إن «رفض تسمية روسيا بوضوح كالطرف المسؤول الذي يعمل إلى جانب الحكومة السورية، أمر مخيب جداً للآمال». واختارت لجنة الأمم المتحدة 7 حالات لدراستها، لكن محققيها لم يتمكنوا من زيارة المواقع المعنية بسبب عدم منحهم تأشيرات دخول من جانب الحكومة السورية.
وتضمنت الحالات مدرسة الشهيد أكرم علي إبراهيم الأحمد في قلعة المضيق في أبريل (نيسان) 2019 و2018، ومركزاً صحياً في ركايا سجنة في 3 مايو.
ولم يسقط ضحايا في ضرب هاتين المنشأتين. ويقول التقرير إن من المحتمل جداً أن تكون سوريا وحلفاؤها مسؤولين عن قصفهما. ونظرت اللجنة أيضاً في قضية المركز الصحي في كفر نبودة الذي قصف في 7 مايو ولم يسفر ضربه عن سقوط ضحايا، ويرجح أن تكون الحكومة السورية وحلفاؤها مسؤولين عنه أيضاً. وفي 14 مايو، أسفر ضرب مخيم النيرب للاجئين الفلسطينيين في حلب عن مقتل 10 أشخاص وجرح 30، ويعتقد أن فرع تنظيم القاعدة في سوريا مسؤول عن الضربات، وفق التقرير.
وتناول التقرير أيضاً قصف مركز كفر نبل الجراحي في 4 يوليو، الذي لم يسقط فيه ضحايا، وكانت إحداثياته قد سلمت لموسكو. كما أشار إلى ضرب مركز أريحا للحماية في 28 يوليو، الذي سقط فيه بعض الجرحى، وكانت إحداثيات المركز قد أعطيت لموسكو أيضاً. وتوصل التقرير إلى أن سوريا وحلفاءها يتحملون على الأرجح المسؤولية عن تلك الضربات. بدورها، نفت موسكو التي تعد الحليف السياسي والعسكري الرئيسي للنظام السوري، أن تكون طائراتها استهدفت مواقع مدنية.
وأعد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الملخّص مستنداً إلى تقرير داخلي سري من 185 صفحة و200 ملحق. وجاء في توصيات التقرير أنه «بغية تعزيز تنفيذ القانون الإنساني الدولي، ينبغي للأمم المتحدة أن تعزز جهودها لزيادة الوعي وبناء القدرات مع كل أطراف النزاع في شمال غربي سوريا، بما في ذلك جماعات المعارضة المسلحة».
وأفادت أيضاً بأنه «عند تلقي بلاغ عن حادث يتعلق بمرفق يستفيد من دعم الأمم المتحدة، يجب أن تتقاسم المجموعات في المنطقة أي معلومات ذات صلة بالحادث مع المجموعات الأخرى المعنية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.