عالم التقنية يُسهّل مرحلة الحجر الوقائي

طباعة أقنعة طبية وتعليم ذاتي وبث عروض ومشاركة بالمشاهدة جماعياً عن بُعد

يمكن مساعدة الطاقم الطبي بطباعة الأقنعة الواقية
يمكن مساعدة الطاقم الطبي بطباعة الأقنعة الواقية
TT

عالم التقنية يُسهّل مرحلة الحجر الوقائي

يمكن مساعدة الطاقم الطبي بطباعة الأقنعة الواقية
يمكن مساعدة الطاقم الطبي بطباعة الأقنعة الواقية

يواصل العالم التقني تمكين المستخدمين من العمل والتعلم عن بُعد خلال مرحلة الحجر الصحي الوقائي، وذلك بتسهيل التواصل مع الآخرين، وتبادل الملفات والدروس والأعمال. ونذكر في هذا الموضوع مجموعة من السبل الجديدة لتسهيل الحصول على المعلومات الصحيحة، ومساعدة الأطباء والمرضى، إلى جانب بروز بعض الفيروسات الإلكترونية التي توظف عامل الخوف من الفيروس والمصابين به بهدف سرقة البيانات المالية للمستخدمين.
- طابعات ومنصات
> طابعات الأقنعة. لجأت بعض المستشفيات في الولايات المتحدة إلى استخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد لصناعة 400 واقٍ للوجه للممرضين والأطباء بعد شحها في المستشفيات، مع توفير الأفراد للطابعات لأي مستشفى قريب، وطباعة ما يحتاجون إليه.
وتقوم هذه المجموعة (نحو 50 شخصاً) حالياً بطباعة نحو 500 إلى ألف قناع واقٍ للوجه يومياً، مع ازدياد العدد وفقاً لعدد الطابعات التي يتم التبرع بها. وتستخدم هذه المجموعة حالياً تصميماً سويدياً مجانياً تمت الموافقة عليه من أطباء في «مركز ويل كورنيل الطبي»، ويمكن تحميله من الرابط التالي: (bit.ly/33VxzKc).
> منصات المعلومات الصحيحة. ولمحاربة المعلومات الخاطئة حول وباء «كوفيد-19»، طورت «إنستغرام» منصتها لتضمين مزيد من الموارد التعليمية في قائمة «إنستغرام للبحث» (Instagram Search)، وأضافت الملصقات الخاصة لوضع المعلومات الدقيقة المهمة المعتمدة تحت دائرة الضوء، مع إزالة خاصية «التوصيات» (Recommendations) لحسابات «كوفيد-19»، ما لم يتم نشرها من قبل منظمة صحية معتمدة ذات مصداقية، وإمكانية نشر ملصقات التبرع في مزيد من البلدان، ومساعدة الأشخاص في العثور على المنظمات غير الربحية ذات الصلة لدعمها. ومن الأمور الأخرى التي طورتها المنصة إمكانية إنشاء «قصة مشتركة» (Shared Story) لمساعدة من يطبق إجراءات التباعد الاجتماعي على التواصل مع الآخرين باستخدام ملصق «خليك بالبيت» (Stay Home) في منشوراتهم، إلى جانب إطلاق ميزة جديدة لتصفح «إنستغرام» مع الأصدقاء، عبر دردشات الفيديو.
وستضيف المنصة قريباً إشعارات في أعلى المحتوى المخصص للنشر (Feed) للبلدان المتأثرة بـ«كوفيد-19»، تتضمن مصادر موثوقة معتمدة من المنظمات الصحية المتخصصة، بالإضافة إلى عرض المصادر من هذه المؤسسات، عندما يشاهد الأشخاص وسماً (هاشتاغ) مرتبطاً. وستزيل أيضاً المزاعم الكاذبة، ونظريات المؤامرة، التي تم الإبلاغ عنها من قبل منظمات الصحة الرائدة حول العالم، والسلطات الصحية المحلية، بصفتها تنطوي على إمكانية التسبب بضرر للأشخاص الذين يؤمنون بها. ولمنع الناس من استغلال حالة الطوارئ الصحية العامة هذه، وضعت المنصة كثيراً من السياسات الجديدة موضع التنفيذ، مثل حظر نشر الإعلانات المضللة لمنتجات تروج لعلاجات أكيدة للمرض الناتج عن «كوفيد-19»، إلى جانب حظر الإعلانات والمحتوى التجاري الذي يروج للمستلزمات الطبية.
- بث العزلة
> بث من داخل العزلة. وعلى صعيد ذي صلة، كشفت «فيسبوك» أنها تعتزم على مدى الأسابيع المقبلة إطلاق عدد من المزايا التي تُسهّل إجراء بث مباشر، في ظل الانعزال الذاتي الذي شجع كثيرين على استخدام أكبر شبكة للتواصل الاجتماعي في العالم. وتستهدف هذه المزايا المستخدمين الذين لا يملكون ما يكفي من بيانات الهواتف الجوالة، وستتاح للمستخدمين في جميع أنحاء العالم. وستدعم الشبكة نمط البث الصوتي المباشر، ومشاهدة البث المباشر من خارج «فيسبوك»، إذ لن يكون من الواجب على الراغبين في مشاهدة البث المباشر تسجيل الدخول إلى الشبكة، أو حتى امتلاك حساب فيها.
ويرافق ذلك دعم شبكة الهاتف العامة، مما يسمح لأصحاب البث المباشر بإنشاء أرقام هاتف مجانية يمكن للمشاهدين الاتصال بها خلال البث الصوتي المباشر للحصول على المعلومات أو المساعدة. وستزود «فيسبوك» شركاءها، خاصة المؤسسات التعليمية، بملحقات للهواتف الجوالة لتسهيل إجراء البث المباشر، إلى جانب إطلاق ميزة «الإنتاج المباشر» لتحرير العروض بمزايا احترافية. كما تقدم الشركة مزايا تقديم المعلومات الصحيحة والتوعية حول المعلومات المغلوطة عبر مجموعة تطبيقاتها، التي تشمل «فيسبوك مسنجر» و«واتساب» أيضاً، بما في ذلك تقديم نظام دردشة آلي يعتمد على الذكاء الصناعي للإجابة عن الأسئلة الشائعة للمستخدمين حول «كوفيد-19» بسرعة.
> تطبيق «آبل». أطلقت «آبل» تطبيق «Covid-19» على متجرها، وموقعاً خاصاً (apple.com/covid19)، لمساعدة الناس على البقاء على اطلاع، واتخاذ الخطوات المناسبة لحماية صحتهم خلال انتشار «كوفيد-19»، بناء على أحدث إرشادات المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض. وأنشئ الموقع والتطبيق بالشراكة مع مركز السيطرة على الأمراض، بهدف تسهيل حصول الأشخاص على المعلومات والإرشادات الموثوقة. ويجيب التطبيق والموقع عن سلسلة من الأسئلة حول عوامل الخطر والتعرض والأعراض، إلى جانب تقديم توصيات من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بشأن الخطوات التالية، مثل التوجيهات بشأن التباعد الاجتماعي، والعزل الذاتي، وكيفية مراقبة الأعراض عن كثب، وهل من المستحسن إجراء اختبار في هذا الوقت أم لا، ومتى يجب الاتصال بمقدم الرعاية الطبية، وغيرها. ويجب التنويه إلى أن التطبيق والموقع لا يحلان محل تعليمات مقدمي الرعاية الصحية أو إرشادات السلطات الصحية.
> لعبة الحقائق والأوهام. من جهته حصل تطبيق «سنابشات» على لعبة جديدة تعتمد على تقنية الواقع المعزز، تساعد المستخدمين على تحري المعلومات الدقيقة، والتصدي للمفاهيم غير الصحيحة، عبر التفريق بين الحقائق والأوهام المتعلقة بالفيروس، إلى جانب تقديم مجموعة من الأدوات والمزايا التي تتيح للمستخدمين مشاركة المعلومات الموثوق بها بسهولة حول الفيروس. ويقدم التطبيق كذلك مجموعة من العدسات الجديدة لإجراء اجتماعات العمل من المنزل، تشمل تقديم سترة عمل وربطة عنق ومجموعة متنوعة من الملابس وتسريحات الشعر، مع القدرة على مزامنة كاميرا التطبيق مع أي كاميرا أخرى متصلة بالكومبيوتر لتعمل مع تطبيقات الدردشة بالصوت والصورة، مثل «غوغل هانغآوتس» و«سكايب»، وغيرهما.
- أفلام وتعليم
> مشاهدة ومناقشة الأفلام. أصبح بإمكان الأصدقاء مشاهدة الأفلام والمسلسلات بعضهم مع بعض، ولكن عن بُعد، عبر «نتفليكس»، من خلال إضافة «Netflix Party» لمتصفح «غوغل كروم»، مع تقديم غرفة للدردشة لمشاركة ردود الفعل في أثناء المشاهدة. ويجب تحميل هذه الإضافة على متصفحات الأصدقاء، ومشاركة رابط يظهر في متصفح الشخص الذي يستضيف جلسة المشاهدة، وبكل سهولة.
> التعلم عن بعد. تقدم شركة «HP» برنامج «بي أونلاين» (BeOnline) للمدارس والجامعات للدخول إلى منظومة متكاملة من المواد التعليمية للحصول على بيئة شاملة للتعلم عن بُعد، تتضمن استشارات للتعلم الإلكتروني، وحلولاً ذات كفاءة لإدارة العملية التعليمية، وخدمة استشارية في مجال تقنية المعلومات حول البنية التحتية اللازمة لتحقيق هذه العملية التعليمية. وستوفر الشركة للمدارس برنامج «إتش بي لايف» (HP Life)، المكون من مجموعة من 32 وحدة حول المهارات التجارية والتقنية للشباب، وستكون هذه الوحدات متاحة على الإنترنت، حيث يمكن للطلاب تسريع الدورات الذاتية، والحصول على الشهادات لدى الانتهاء من الدراسة.
> أمن رقمي. على صعيد الأمن الرقمي، بدأت برمجية «Ginp» بطلب المال لتعريف المستخدم بالمصابين بفيروس كورونا من حوله، من خلال إدراج رسائل نصية قصيرة مزيفة في تطبيق الرسائل القصيرة في الهواتف الذكية، ليفتح المستخدم صفحة إنترنت تدعي أنها تسمح بالتعرف على الأشخاص المصابين بالفيروس حول منطقة المستخدم. وسيطلب الموقع من الضحية دفع 0.75 يورو لمعرفة مكان هؤلاء المصابين لحماية عائلته من التواصل معهم، وسينقله إلى صفحة السداد بعد ذلك لإدخال تفاصيل البطاقة المصرفية، الأمر الذي سيؤدي إلى سرقة بياناتها، وعدم الحصول على أي معلومات حول المصابين المزعومين. ويؤكد «ألكساندر إرمين»، الخبير الأمني لدى «كاسبرسكي»، أن مجرمي الإنترنت حاولوا منذ أشهر استغلال الأزمة الصحية العالمية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد بشن هجمات تصيد وإنشاء برمجيات خبيثة مرتبطة.
وتشجع الشركة المستخدمين على أن يكـــونوا مــــتيقظين في الوقت الراهــن، وأن يتــــعــــأاملوا مع ما يصلهم من نوافذ على المتصفح وصفحات غير مألوفة ورسائل حول الفيروس بالشك بدل اليقين.


مقالات ذات صلة

رئيس «مايكروسوفت»: السعودية تنتقل من تصدير النفط إلى تصدير الذكاء الاصطناعي

خاص تشهد السعودية لحظة تحول تاريخية تقود فيها المنطقة نحو عصر الذكاء الاصطناعي بفضل رؤية 2030 والإرادة السياسية الواضحة (شاترستوك)

رئيس «مايكروسوفت»: السعودية تنتقل من تصدير النفط إلى تصدير الذكاء الاصطناعي

يشهد المشهد التقني السعودي تحولاً تاريخياً مع استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي والسحابة والمهارات، ما يضع المملكة على مسار ريادة عالمية متقدم.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

ذكرت دراسة «كاسبرسكي» أن نصف موظفي السعودية تلقوا تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا أطلقت «يوتيوب» أول ملخص سنوي يمنح المستخدمين مراجعة شخصية لعادات المشاهدة خلال عام 2025

«ملخص يوتيوب»: خدمة تعيد سرد عامك الرقمي في 2025

يقدم الملخص ما يصل إلى 12 بطاقة تفاعلية تُبرز القنوات المفضلة لدى المستخدم، وأكثر الموضوعات التي تابعها، وكيفية تغيّر اهتماماته على مدار العام.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا الأوتار الاصطناعية قد تصبح وحدات قابلة للتبديل لتسهيل تصميم روبوتات هجينة ذات استخدامات طبية واستكشافية (شاترستوك)

أوتار اصطناعية تضاعف قوة الروبوتات بثلاثين مرة

الأوتار الاصطناعية تربط العضلات المزروعة بالهياكل الروبوتية، مما يرفع الكفاءة ويفتح الباب لروبوتات بيولوجية أقوى وأكثر مرونة.

نسيم رمضان (لندن)

رئيس «مايكروسوفت»: السعودية تنتقل من تصدير النفط إلى تصدير الذكاء الاصطناعي

تشهد السعودية لحظة تحول تاريخية تقود فيها المنطقة نحو عصر الذكاء الاصطناعي بفضل رؤية 2030 والإرادة السياسية الواضحة (شاترستوك)
تشهد السعودية لحظة تحول تاريخية تقود فيها المنطقة نحو عصر الذكاء الاصطناعي بفضل رؤية 2030 والإرادة السياسية الواضحة (شاترستوك)
TT

رئيس «مايكروسوفت»: السعودية تنتقل من تصدير النفط إلى تصدير الذكاء الاصطناعي

تشهد السعودية لحظة تحول تاريخية تقود فيها المنطقة نحو عصر الذكاء الاصطناعي بفضل رؤية 2030 والإرادة السياسية الواضحة (شاترستوك)
تشهد السعودية لحظة تحول تاريخية تقود فيها المنطقة نحو عصر الذكاء الاصطناعي بفضل رؤية 2030 والإرادة السياسية الواضحة (شاترستوك)

بينما تُسرّع السعودية مسيرة تحولها الوطني تحت مظلة «رؤية 2030»، يشهد المشهد التقني الإقليمي نقطة انعطاف كبرى. وللمرة الأولى، «لا تشارك المنطقة في تحول عالمي فحسب، بل تتصدره بوضوح»، وفق ما يقول رئيس «مايكروسوفت» لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، نعيم يزبك، خلال لقاء خاص مع «الشرق الأوسط».

يعتبر يزبك أن السعودية تقف اليوم في مقدمة مشهد تقني يُعد «لحظة تحول تاريخية لم نشهد مثلها في المائة عام الماضية»، لحظة تُعرّفها البنى السحابية السيادية والذكاء الاصطناعي وقدرات الابتكار الوطني.

نعيم يزبك رئيس «مايكروسوفت» لمنطقة الشرق الأوسط و أفريقيا (مايكروسوفت)

التحول الوطني السعودي

يرى يزبك أن الإرادة السياسية الواضحة في المملكة تقف وراء هذا التسارع. فالدولة لا تسعى فقط إلى تحديث بنيتها التحتية، بل تنظر إلى الذكاء الاصطناعي بعدّه ركيزة استراتيجية توازي النفط تاريخياً. وإذا كان النفط قد شكّل أساس الاقتصاد لعقود، فإن الذكاء الاصطناعي أصبح المورد الجديد الذي تراهن عليه المملكة في مستقبلها الاقتصادي.

ويذكر يزبك أن زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، مؤخراً إلى الولايات المتحدة حملت دلالة مهمة، إذ جاء ملف الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة في مقدمة المحادثات، ما يعكس جدية التوجه السعودي نحو بناء اقتصاد معرفي عالمي التأثير.

هذا التوجه فتح الباب أمام مرحلة جديدة لا تكتفي فيها المملكة باستهلاك تقنيات الذكاء الاصطناعي من الخارج، بل بتطوير قدراتها المحلية وبناء منظومة إنتاج معرفي يمكن تصديره، وهو ما يعزز مبدأ السيادة التقنية ويؤسس لاقتصاد قائم على الابتكار.

مميزات السوق التقنية السعودية

يؤكد يزبك أن المشهد الإقليمي كله يشهد تحولاً فريداً، إذ لم تعد دول الخليج وخصوصاً السعودية، تتبنى تقنيات الذكاء الاصطناعي فحسب، بل دخلت مرحلة تطويرها وإعادة تصديرها للأسواق العالمية. وتعمل المملكة على بناء بنى تحتية متقدمة قادرة على تشغيل نماذج ضخمة وتوفير قدرات حوسبة هائلة، ما يجعلها جزءاً من معادلة الابتكار العالمية لأول مرة في تاريخها الحديث، لا مجرد مستورِدة للتقنية.

وينقل يزبك انطباعاً مشتركاً سمعه خلال لقاءاته المتعددة مؤخراً في الرياض مع الوزارات والهيئات التنظيمية والمؤسسات الوطنية والشركات العالمية، وهو أن الجميع «يريد أن يكون في طليعة الذكاء الاصطناعي لا خلفه». ويعد أن الطموحات لم تعد شعارات، بل تحولت إلى قرارات تنفيذية واضحة تتجلى في إعادة ترتيب الميزانيات ورفع سقف التوقعات وتسريع الجداول الزمنية للمشاريع.

كما يشير يزبك إلى أن المؤسسات السعودية باتت تطالب الشركات التقنية بضمان أعلى مستويات سيادة البيانات، خصوصاً مع حساسية القطاعات المالية والصحية والتعليمية. وفي الوقت نفسه، تتطور البنية التشريعية بسرعة كبيرة لتواكب هذا التحول، إذ قامت المملكة بتحديث أنظمة الأمن السيبراني وحوكمة البيانات والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي بوتيرة أسرع من دول عدة حول العالم، ما جعل القدرة على تعديل التشريعات بمرونة عالية ميزة تنافسية مهمة. ويفيد يزبك بأن نجاح المؤسسات لا يُقاس بعدد مشاريع الذكاء الاصطناعي التي تنفذها، بل بمدى ارتباط هذه المشاريع بالتحديات الوطنية الكبرى، إذ يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي في صميم ملفات الإنتاجية والرعاية الصحية والتعليم والأمن السيبراني، لا في مبادرات صغيرة هدفها الظهور الإعلامي.

تُعد السعودية من أوائل الدول التي تبني بنى تحتية سحابية وسيادية متقدمة ما يمكّنها من تطوير وابتكار تقنيات جديدة وليس فقط استهلاكها (غيتي)

معادلة العائد على الاستثمار

يشير يزبك إلى أن بناء اقتصاد قائم على الذكاء الاصطناعي يتطلب أكثر من مراكز بيانات متقدمة، فهو يبدأ من التخطيط لعقود مقبلة في إنتاج الطاقة وتوسيع شبكات الاتصال. فالتشغيل الفعلي للنماذج الضخمة يحتاج إلى قدرة كهربائية هائلة واستقرار طويل الأمد، وهو ما تعمل عليه المملكة عبر استثمارات استراتيجية في الطاقة المتجددة والبنية الاتصالية. هذه الخطوات تعزز موقع السعودية بوصفها دولة قادرة على استضافة عمليات حوسبة عالمية متقدمة على مدار السنوات المقبلة.

يشرح يزبك أن سؤال العائد على الاستثمار أصبح من أكثر الأسئلة أهمية في هذه المرحلة. فعلى المستوى الوطني، يُقاس العائد بالازدهار الاقتصادي المباشر وزيادة الناتج المحلي وخلق وظائف جديدة وتعزيز القدرة على الابتكار ورفع الإنتاجية وترسيخ المكانة العالمية للمملكة. أما على مستوى المؤسسات، فقد بدأت النتائج بالظهور بالفعل. فمع استخدام أدوات مثل «كوبايلوت»، أصبح الموظفون قادرين على أداء مهامهم بسرعة أكبر وجودة أعلى والتخلص من الأعمال الروتينية وتخصيص وقت للابتكار. وينوه يزبك بأن المرحلة المقبلة ستشهد توسعاً في المكاسب لتشمل تطوير نماذج أعمال جديدة وتحسين تجربة العملاء وتبسيط العمليات التشغيلية ورفع الكفاءة في مختلف القطاعات.

تبدأ «مايكروسوفت» تشغيل المنطقة السحابية الجديدة في الدمام عام 2026 ما يشكل تحولاً كبيراً في القطاعات الصحية والمالية والحكومية ( مايكروسوفت)

2026... نقطة التحول الكبرى

تستعد «مايكروسوفت» لبدء تشغيل منطقة سحابية جديدة في الدمّام خلال النصف الثاني من عام 2026 واستضافة كامل خدماتها السحابية بما في ذلك «Azure» و«Microsoft 365» و«Dynamics وPower Platform» وخدمات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وحلول «كوبايلوت». ويُعد هذا المشروع واحداً من أضخم وأحدث مراكز البيانات في المنطقة، وقد اكتمل البناء بالفعل بينما تجري حالياً الاختبارات ونشر الخدمات تدريجياً استعداداً للإطلاق. ويؤكد يزبك أن الطلب على هذه السحابة ضخم للغاية، ليس فقط من المؤسسات الوطنية، بل أيضاً من شركات عالمية ترغب بتشغيل خدماتها داخل المملكة، وهو ما لم يكن ممكناً سابقاً بهذه السعة.

وسيكون لهذه السحابة أثر فوري على القطاعات المنظمة مثل الصحة والمالية، التي ستتمكن للمرة الأولى من استخدام خدمات سحابية وذكاء اصطناعي محلية متوافقة مع الأنظمة السعودية. ويشير يزبك إلى أن خدمات«أزور» و «كوبايلوت» ستصبح متاحة على نطاق واسع لجميع المؤسسات من الشركات الصغيرة إلى أكبر الكيانات الاقتصادية، وأن جاهزية المؤسسات البشرية والتقنية ستكون العامل الحاسم في سرعة الاستفادة من هذه النقلة النوعية.

قيمة تتجاوز البنية التحتية

يؤكد يزبك أن تشغيل السحابة الوطنية لا يوفر قدرات تقنية فقط، بل يفتح الباب أمام دخول منظومة شركاء «مايكروسوفت» العالمية إلى داخل المملكة. وهذا يعني أن آلاف الحلول المتقدمة، من برمجيات الأعمال إلى تقنيات الأمن وتحليل البيانات، ستصبح متاحة مباشرة للمؤسسات السعودية. ويعدّ يزبك هذه المنظومة المتكاملة هي العامل الأكثر تأثيراً في تسريع الابتكار وبناء خدمات جديدة، إذ تتجاوز قيمته قيمة البنية التحتية نفسها.

تمثل البيانات النظيفة والضخمة ركيزة أساسية لنجاح مشاريع الذكاء الاصطناعي وتعمل المملكة على تطوير منظومات بيانات وطنية متقدمة (غيتي)

السيادة والأمن

يصرح يزبك لـ«الشرق الأوسط» بأن مفهوم السيادة الرقمية أصبح عنصراً لا يمكن الاستغناء عنه في أي بنية تقنية وطنية. فالمملكة تفرض على مقدمي الخدمات السحابية الالتزام بأعلى درجات الاعتماد لاستضافة البنى الوطنية الحساسة، وهو ما تعمل «مايكروسوفت» على تحقيقه قبل الإطلاق. ومع بدء تشغيل المراكز السحابية في الدمام، ستصبح فعلياً جزءاً من البنية السيادية للمملكة، ما يستلزم أعلى مستويات الحماية. وتستثمر الشركة مليارات الدولارات سنوياً في الأمن السيبراني، وقد تمكنت من صدّ هجمات إلكترونية غير مسبوقة، ما يعكس مستوى التهديدات الذي تواجهه البنى الوطنية اليوم. وتقدم الشركة منظومة واسعة تشمل حوكمة البيانات والحلول السحابية السيادية وأدوات تصنيف البيانات وخيارات هجينة تمنح المؤسسات مرونة في التشغيل والتوسع. ويؤكد يزبك أن السيادة ليست مفهوماً واحداً بل طيف من المتطلبات يشمل حماية البيانات والتحكم التشريعي ووجود البنى داخل الحدود الوطنية.

البيانات... مصدر التفوق المقبل

يعدّ يزبك أن البيانات هي العامل الحاسم لنجاح الذكاء الاصطناعي، وأن أي نموذج ذكاء اصطناعي لا يستند إلى بيانات نظيفة يتحول إلى مصدر للهلوسة. ولذلك تبدأ أي مناقشة وطنية استراتيجية بسؤال حول مدى جاهزية البيانات الوطنية. وتعمل المملكة اليوم بالشراكة مع «سدايا» ووزارة الاتصالات وشركات وطنية على بناء منظومة بيانات ضخمة ومنظمة وفق أعلى المعايير، ما يجعلها ركيزة رئيسية لتطوير نماذج لغوية عربية قادرة على المنافسة عالمياً. ويقول يزبك إن النهج الأكثر فاعلية هو الاعتماد على الضبط الدقيق للنماذج العالمية باستخدام بيانات محلية تعكس اللهجات والسياقات الثقافية والصناعية، بدلاً من بناء نماذج جديدة من الصفر، وهو ما يجعل العملية أكثر استدامة ودقة. كما يدعو يزبك إلى تبنّي إطار واضح للذكاء الاصطناعي المسؤول، مؤكداً أن السرعة وحدها لا تكفي، وأن الاستخدام الآمن والموثوق للتقنية يجب أن يُبنى منذ اللحظة الأولى. وتعمل «مايكروسوفت» مع الهيئات الوطنية على تطوير سياسات تمنع سوء الاستخدام وتضمن حماية البيانات وبناء نماذج عادلة وشفافة. ويعتبر أن هذه الأسس ستحدد مستقبل الثقة بين المواطنين والتقنيات الجديدة.

تعدّ المهارات البشرية الشابة العنصر الأكثر حسماً في تحويل الاستثمارات التقنية إلى قدرة وطنية مستدامة (شاترستوك)

تدريب المهارات... ميزة وطنية

يشدد يزبك على أن المهارات البشرية هي المحرك الحقيقي للقدرة الوطنية. فامتلاك المملكة لبنية تحتية قوية لا يكفي دون وجود مهارات قادرة على تشغيلها وتطويرها. ويرى أن الشباب السعودي يمثل الميزة التنافسية الكبرى للمملكة، إذ إن الجيل الجديد وُلد في عالم رقمي يتعامل مع التقنيات الحديثة بعفوية ومرونة. وقد درّبت «مايكروسوفت» أكثر من مليون سعودي خلال العامين الماضيين عبر برامج مشتركة مع «سدايا» ووزارة الاتصالات ووزارة التعليم ومؤسسة «مسك»، كما خرّجت أكاديمية الذكاء الاصطناعي المشتركة آلاف الطلاب من أكثر من أربعين جامعة، ووفرت برامج موسعة لتدريب المعلمين على أدوات الذكاء الاصطناعي في التعليم. وتقوم الرؤية على أن تنمية المهارات هي ما يحول البنية الرقمية إلى قدرة وطنية تُترجم إلى ابتكار وإنتاجية.

من التبني إلى الريادة

يؤكد يزبك أن «مايكروسوفت» تجري تقييمات دقيقة لأثر السحابة الوطنية في الدول التي تعمل فيها، وتشمل هذه التقييمات خلق الوظائف والمساهمة في الناتج المحلي ونمو الشركات الناشئة وتوسع منظومة الشركاء وزيادة الإنتاج المعرفي. وعندما ترتفع هذه المؤشرات بالتزامن مع انتشار التطبيقات المحلية للذكاء الاصطناعي، تعدّ الشركة أن الدولة قد انتقلت من مرحلة التبني إلى مرحلة الريادة. وتشير التوجهات إلى أن الشركات الناشئة السعودية تتجه بسرعة نحو بناء حلول تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مستفيدة من منح سحابية ومن دعم تقني يتيح لها تطوير منتجاتها بسرعة أكبر. ومع توفر قدرات الذكاء الاصطناعي محلياً ستتمكن هذه الشركات من دخول السوق بوتيرة أسرع وإطلاق منتجات تتوافق بالكامل مع الأنظمة الوطنية.


ماسك ينفي تقارير عن تقييم «سبيس إكس» بمبلغ 800 مليار دولار

ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
TT

ماسك ينفي تقارير عن تقييم «سبيس إكس» بمبلغ 800 مليار دولار

ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)

نفى الملياردير ورائد الأعمال الأميركي إيلون ماسك، السبت، صحة تقارير إعلامية أفادت بأن شركة «سبيس إكس» للفضاء ستبدأ بيع أسهم ثانوية من شأنها أن تقدر قيمة الشركة بنحو 800 مليار دولار، واصفاً إياها بأنها غير دقيقة.

وأضاف ماسك على منصة «إكس»: «لقد كانت تدفقات (سبيس إكس) النقدية إيجابية لسنوات عديدة وتقوم بعمليات إعادة شراء أسهم دورية مرتين في السنة لتوفير السيولة للموظفين والمستثمرين».


بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
TT

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)

اختُتمت في ملهم شمال الرياض، الخميس، فعاليات «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025»، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة «تحالف»، عقب 3 أيام شهدت حضوراً واسعاً، عزّز مكانة السعودية مركزاً عالمياً لصناعة الأمن السيبراني.

وسجّلت نسخة هذا العام مشاركة مكثفة جعلت «بلاك هات 2025» من أبرز الفعاليات السيبرانية عالمياً؛ حيث استقطب نحو 40 ألف زائر من 160 دولة، داخل مساحة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة، إلى جانب 300 متحدث دولي، وأكثر من 200 ساعة محتوى تقني، ونحو 270 ورشة عمل، فضلاً عن مشاركة 500 متسابق في منافسات «التقط العلم».

كما سجّل المؤتمر حضوراً لافتاً للمستثمرين هذا العام؛ حيث بلغت قيمة الأصول المُدارة للمستثمرين المشاركين نحو 13.9 مليار ريال، الأمر الذي يعكس جاذبية المملكة بوصفها بيئة محفّزة للاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني، ويؤكد تنامي الثقة الدولية بالسوق الرقمية السعودية.

وأظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين 4100 متسابق، و1300 شركة عالمية، و1300 متخصص في الأمن السيبراني، في مؤشر يعكس اتساع التعاون الدولي في هذا القطاع داخل المملكة.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، بما يُسهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي، وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة.

وقال خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز لـ«الشرق الأوسط»: «إن (بلاك هات) يُحقق تطوّراً في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات».

أظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية (بلاك هات)

وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد بنحو 27 في المائة على العام الماضي».

وسجّل «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا» بنهاية نسخته الرابعة، دوره بوصفه منصة دولية تجمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني، وتتيح تبادل المعرفة وتطوير الأدوات الحديثة، في إطار ينسجم مع مسار السعودية نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».