القنبلة الذرية تكشف لغز أكبر سمكة في العالم

أحد الباحثين بجوار سمكة قرش الحوت (بي بي سي)
أحد الباحثين بجوار سمكة قرش الحوت (بي بي سي)
TT

القنبلة الذرية تكشف لغز أكبر سمكة في العالم

أحد الباحثين بجوار سمكة قرش الحوت (بي بي سي)
أحد الباحثين بجوار سمكة قرش الحوت (بي بي سي)

كشفت دراسة نشرت في مجلة «فرونتيرز إن مارين ساينس» العلمية عن أن الاختبارات التي أجريت للقنبلة الذرية خلال الحرب الباردة ساعدت العلماء بدقة على تحديد عمر أسماك قرش الحوت، التي تعد أكبر سمكة في العالم.
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، حاول العلماء معرفة عمر هذه الأسماك المهددة بالانقراض، والتي تمتاز بكبر الحجم إذ يصل طولها إلى 18 متراً، ويبلغ وزنها في المتوسط 20 طناً، وتعيش بشكل أساسي في المياه الاستوائية ويمكن تمييزها بسهولة بلونها الأبيض.

وأضافت «بي بي سي» أن تلك الأسماك تحظى بشعبية كبيرة لدى السياح ويسمح للغواصين بالسباحة معها، ولكنها مهددة بالانقراض بسبب الإفراط في صيدها في بعض الدول مثل تايلاند والفلبين.
وأوضحت أن عمر تلك الأسماك كان سراً غامضاً للعلماء الذين كانوا يريدون معرفة معدلات نموها من أجل الحفاظ عليها من الانقراض، ومن ثم حاول العلماء حساب الخطوط المميزة في فقرات الأسماك الميتة، والتي تزداد مع تقدم الحيوان في العمر، على غرار الأشجار، لكن العلماء لم يكونوا متأكدين من دقة تلك الطريقة إذا لا يعلمون الأسباب وراء تكون تلك الحلقات.

ولكن العلماء قالوا إنهم توصلوا إلى طريقة أكثر دقة تعتمد على اختبارات القنبلة الذرية التي أجرتها عدة دول منذ أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، حيث كانت أحد الآثار الجانبية لتلك الاختبارات هي مضاعفة عنصر الكربون 14 في الغلاف الجوي، الذي امتصته الكائنات الحية بمرور الوقت، وبمعرفة معدل تحلل هذا العنصر يعد مؤشر مفيداً جداً في تحديد العمر، فكلما كبر الكائن الحي، قلت كمية الكربون - 14 الذي يتوقع العثور عليه.
ويوضح مؤلف الدراسة، الدكتور مارك ميكان، من المعهد الأسترالي لعلوم البحار: «أي حيوان حي لديه هذا العنصر ما يعني أن لدينا علامة زمنية داخل الفقرات نستطيع بها تحديد الفترة الزمنية التي تتحلل فيها هذه النظائر».
ولفتت «بي بي سي» إلى أن إحدى الصعوبات في تحديد عمر تلك الأسماك كانت الحصول عينات من فقراتها ولكن الفريق البحثي تمكن من العثور على عينتين ماتتا منذ فترة طويلة في باكستان وتايوان.
وكشفت الدراسة أن هذه الأسماك تعيش بالفعل فترة طويلة بشكل «لا يصدق»، حيث قال الدكتور ميكان: «إن عمر هذه الأسماك يمكن أن يكون كبيراً جداً جداً، وربما يصل إلى 100 - 150 سنة، وهذا يشير إلى أنها ربما تكون عرضة للصيد بشكل مفرط»، ووصف تلك الأسماك بأنها «سفير رائع للحياة البحرية وانتشلت الكثيرين من الفقر».

يذكر أن العلماء كانوا توصلوا لنتائج تفسر انهيار أعداد أسماك القرش في تايلاند وتايوان بأنها تتعرض للصيد بكثافة.
ويمكن للعلماء من خلال القدرة على تقدير عمر أسماك القرش بدقة تقديم إرشادات بشأن صيد تلك الأسماك التي أصبحت سياحة اصطيادها من عوامل الجذب في العديد من المناطق الاستوائية، فيما يقول الباحثون إن تشجيع التعاون بين الدول التي تعيش بها تلك أسماك هو مفتاح بقائها.



فك لغز الحركات البارعة للأخطبوط

تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)
تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)
TT

فك لغز الحركات البارعة للأخطبوط

تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)
تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة شيكاغو الأميركية أن الدوائر العصبية التي تتحكم في حركة أذرع الأخطبوطات مجزأة، مما يمنح هذه المخلوقات تحكماً دقيقاً واستثنائياً عبر جميع أذرعها الثماني، وعبر مئات الممصات الموجودة على طول هذه الأذرع، لاستكشاف بيئتها والإمساك بالأشياء والتقاط الفرائس.

ووفق نتائج الدراسة التي نُشرت، الأربعاء، في دورية «نيتشر كومينيكيشين»، تحتوي كل ذراع من أذرع الأخطبوط على نظام عصبي ضخم، مع وجود عدد أكبر من الخلايا العصبية مجتمعة عبر الأذرع الثماني، مقارنة بدماغ الحيوان.

وتتركز هذه الخلايا العصبية في الحبل العصبي المحوري الكبير (ANC)، والذي يتعرج ذهاباً وإياباً أثناء انتقاله من الدماغ إلى أسفل الذراع.

وتتحرك أذرع الأخطبوط ببراعة لا تصدق، فتنحني وتلتف وتتراجع بدرجات لا نهائية من الدقة والحرية تقريباً.

وقال كليفتون راجسديل، أستاذ علم الأعصاب في جامعة شيكاغو والمؤلف الرئيس للدراسة، في بيان صادر الأربعاء: «نعتقد أنها سمة تطورت على وجه التحديد في رأسيات الأرجل ذات الجسم الرخو مع الممصات للقيام بهذه الحركات الشبيهة بحركات الديدان».

ويمكن للأخطبوطات أن تتحرك وتغير شكل ممصاتها بشكل مستقل. كما أن الممصات مليئة بمستقبلات حسية تسمح للأخطبوط بتذوق وشم الأشياء التي يلمسها -مثل الجمع بين اليد واللسان والأنف.

درست كاسادي أولسون، وهي طالبة دراسات عليا في علم الأعصاب الحاسوبي والتي قادت الدراسة، بنية الحبل العصبي المحوري واتصالاته بالعضلات في أذرع الأخطبوط ذي البقعتين الكاليفورني (Octopus bimaculoides)، وهو نوع صغير موطنه المحيط الهادئ قبالة ساحل كاليفورنيا.

وكانت هي والباحثة المشاركة بالدراسة جريس شولتز، وهي طالبة دراسات عليا في علم الأحياء التنموي والتجديدي والخلايا الجذعية، تحاولان النظر إلى المقاطع العرضية الدائرية الرقيقة للأذرع تحت المجهر، لكن العينات استمرت في السقوط من الشرائح. لقد جربوا شرائح طولية من الذراعين وكان حظهم أفضل، مما أدى إلى اكتشاف غير متوقع.

تمتلك الأخطبوطات ثماني أذرع ومئات الممصات على طول هذه الأذرع (جامعة شيكاغو)

وباستخدام العلامات الخلوية وأدوات التصوير لتتبع البنية والاتصالات بين أجزاء الحبل العصبي المحوري الكبير، رأوا أن أجسام الخلايا العصبية كانت معبأة في أعمدة تشكل أجزاء، مثل الأنبوب المموج. يتم فصل هذه الأجزاء عن طريق فجوات تسمى الحواجز، حيث تخرج الأعصاب والأوعية الدموية إلى العضلات القريبة. وتتصل الأعصاب من أجزاء متعددة بمناطق مختلفة من العضلات، مما يشير إلى أن هذه الأجزاء تعمل معاً في وحدة واحدة متسقة للتحكم في الحركة.

قالت أولسون: «بالنظر إلى هذا من منظور دراسات النمذجة الحاسوبية، فإن أفضل طريقة لإعداد نظام تحكم لهذه الذراع الطويلة والمرنة للغاية هي تقسيمها إلى أجزاء أصغر».

وأوضحت: «ولكن يجب أن يكون هناك نوع من الاتصال بين الأجزاء، مما يساعد في تنعيم أداء تلك الحركات بهذا الشكل الفريد».

وتشير النتائج إلى أن «الجهاز العصبي ينشئ خريطة مكانية أو طبوغرافية لكل ممص». ويعتقد الباحثون أن هذه «الخريطة الماصة»، كما أطلقوا عليها، «تسهل هذه القدرة الحسية الحركية المعقدة».

ولمعرفة ما إذا كان هذا النوع من البنية شائعاً بين رأسيات الأرجل ذات الجسم الرخو الأخرى، درسوا أيضاً نوعاً آخر شائعاً في المحيط الأطلسي من أنواع الحبار الساحلي طويل الزعانف، والذي يحتوي على ثماني أذرع ذات عضلات وممصات مثل الأخطبوط.

وفي حين انفصلت الأخطبوطات والحبار عن بعضهما البعض منذ أكثر من 270 مليون سنة، وفق نتائج دراسات التطور، فإن التشابهات في كيفية تحكمهما في أجزاء من أطرافهما باستخدام الممصات -والاختلافات في الأجزاء التي لا تفعل ذلك- تُظهر كيف يمكن التطور دائماً من إيجاد أفضل الحلول.

وهو ما علق عليه راجسديل: «إن الكائنات الحية التي تمتلك هذه الزوائد الممتلئة بالممصات والتي تتحرك مثل الديدان تحتاج إلى نوع مناسب من الجهاز العصبي. وقد تطورت لرأسيات الأرجل بنية مقطعية تختلف تفاصيلها وفقاً لمتطلبات بيئاتها».