لبنان يبدأ باستقبال العائدين بالإجراءات وتدابير الحجر

لبنان يبدأ باستقبال العائدين بالإجراءات وتدابير الحجر
TT

لبنان يبدأ باستقبال العائدين بالإجراءات وتدابير الحجر

لبنان يبدأ باستقبال العائدين بالإجراءات وتدابير الحجر

استهل لبنان أمس (الأحد) خطة إعادة رعاياه من الخارج، باستقبال أربع طائرات في أول هبوط في مطار بيروت منذ إقفاله أمام حركة المسافرين قبل أكثر من أسبوعين، وسط إجراءات وقائية وأمنية مشددة دفعت وزير الصحة حمد حسن لوصفها بالـ«جدية» وبأنها «على مستوى عالٍ من المهنية»، فيما وعد رئيس الحكومة حسان دياب بتحسين الإجراءات في الرحلات القادمة خلال الأسبوع الجاري.
وبالتزامن مع الإعلان عن تسجيل 527 إصابة بفيروس «كورونا» في لبنان، ووفاة 18 وشفاء 54 شخصاً، هبطت ظهر أمس طائرة قادمة من الرياض على متنها 78 راكباً، قبل أن تهبط طائرة أخرى قادمة من أبوظبي تقل 79 راكباً، فيما هبطت مساء طائرتان إحداهما قادمة من لاغوس، والأخرى من ساحل العاج، على أن تصل رحلات مماثلة من باريس ومدريد وكينشاسا غداً الثلاثاء.
ووصل الركاب إلى المطار وسط إجراءات صحية وأمنية مشددة. وتولت طواقم طبية قياس درجة حرارة الركاب وإجراء فحوص «بي.سي.آر». وتم نقل العائدين بحافلات إلى مراكز حجر صحي في فنادق حددتها الحكومة. وأشرف الفريق الطبي التابع لوزارة الصحة العامة في المطار على التأكد من الاستمارات الخاصة بالمسافرين والتدقيق بالمعلومات الصحية كافة، ومن ثم إجراء فحوصات PCR وسيبقى هؤلاء في الحجر إلى حين ظهور نتائج الفحوصات. ويتولى رئيس جهاز أمن المطار مع الأجهزة المعنية الإشراف على سير التدابير المتخذة.
وتابع الرئيس اللبناني ميشال عون، منذ الصباح، انطلاق عمليات وصول اللبنانيين الذين رغبوا في العودة إلى لبنان من الخارج ونقلوا برحلات خاصة لـ«طيران الشرق الأوسط». واطلع الرئيس عون على التقارير الواردة إليه في هذا الخصوص، كما تابع ما ورد عن الأحوال الصحية لكل منهم، وشدد على ضرورة الاهتمام بجميع العائدين ورعايتهم، وفقاً لترتيبات الآلية التي وضعتها الوزارات المختصة في هذا الإطار بهدف إنجاح عملية العودة. وتابع رئيس الجمهورية كذلك توزيع العائدين على مختلف أماكن الحجر التي وضعت لهذه الغاية في عدد من الفنادق، وأعطى التوجيهات اللازمة لمتابعة أوضاعهم عن قرب وتأمين الرعاية الاجتماعية لهم ولذويهم وفق الآلية المتبعة.
وكان رئيس الحكومة استبق وصول الطائرات بتفقد الاستعدادات في المطار وسط انتشار كثيف للقوى الأمنية والعسكرية. وأثنى دياب «على العمل الجبار والمميز الذي تقوم به كافة الجهات المعنية، بَمن فيها (طيران الشرق الأوسط) والوزراء والأجهزة الأمنية والعسكرية ووسائل الإعلام، والمستشفيات والأطباء والممرضين والممرضات». وقال: «في ظل الضغوط التي يواجهونها، قد تُرتَكَب بعض الهفوات، لكننا سنستخلص العبر منها ونحسن الإجراءات للتعامل مع الرحلات القادمة في الأسابيع المقبلة».
واعتبر وزير الصحة أن ما جرى بخصوص عودة المغتربين يعتبر «خطوة جدية جداً وليست استعراضية وعلى مستوى عال من المهنية»، لافتاً إلى أن «علينا استكمال ما نقوم به الآن كي نسمح لباقي المغتربين الذين ينتظرون في الغربة المجيء بأمان».
وأشار إلى أن «كل الفرق المختصة بوزارة الصحة العامة تتصرف بشكل دقيق وفق الخطة الموضوعة لضمان سلامة الوافدين على متن الطائرة، ومن ثم سلامة أهاليهم الذين سيختلطون معهم لاحقاً وسلامة مجتمعنا اللبناني، وهذه الخطوة المسؤولة تمت بتضافر الأطراف كافة، وفق خطة وزارة الصحة وفريقها الذي توجه إلى متن الطائرة لمواكبة أوضاع المسافرين طبياً وصحياً».
وتابع حسن «لقد أبدى الوافدون كل الثناء والتحية للطواقم الطبية وكل الوزارات المختصة التي واكبتهم بحسب المراحل المعتمدة، وهذا أمر مشجع، ومن استطاع خلال 18 يوماً أي منذ أول آذار وحتى الثامن عشر منه، أن يستقبل 118 ألف مسافر ويخضعهم لجميع الإجراءات اللازمة، ليس من الصعب عليه أبداً أن يستقبل عشرة آلاف مسافر خلال أسبوع».
وقال وزير الشؤون الاجتماعية رمزي المشرفية: «استطعنا تأمين أكثر من 700 غرفة، بالإضافة إلى أكثر من 35 سيارة وحافلة لنقل الركاب الذين تصدر نتائج فحوصهم سلبية، على أن يعزلوا أنفسهم عدة أيام حتى نتأكد من سلامتهم، حفاظاً على أهلهم وعلى من حولهم، وبهذا نكون حافظنا على سلامة الوطن ومنعنا انتشار الفيروس بشكل أوسع».
وبحسب وزارة الخارجية، أبلغ أكثر من 20 ألف مغترب البعثات الدبلوماسية رغبتهم في العودة إلى لبنان. وبموجب التوجيهات الحكومية، على الراغبين بالعودة إجراء فحص مخبري يظهر نتيجة سلبية بفيروس كورونا المستجد، تتم المصادقة عليه من السفارات أو القنصليات اللبنانية قبل مدة لا تزيد عن ثلاثة أيام.
وفي حال تعذر ذلك، عليهم إجراء اختبار طبي فور وصولهم إلى المطار، على أن يتمّ نقلهم بعدها إلى مراكز الحجر. ولا يُسمح لعائلاتهم بلقائهم في المطار. كما يتوجب على العائدين دفع ثمن تذكرة السفر، الأمر الذي أثار امتعاضاً واسعاً، نظراً لارتفاع ثمن التذاكر وعدم قدرة العائدين على السحب من حساباتهم في لبنان جراء منع التحويلات. وقالت الحكومة إن الأولوية لمن يعانون من ظروف صحية حرجة وتزيد أعمارهم عن 60 عاماً وتحت 18 عاماً وللعائلات.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.