فرصة لأحزاب لبنان لتعويض ما خسرته بعد «17 أكتوبر»

TT

فرصة لأحزاب لبنان لتعويض ما خسرته بعد «17 أكتوبر»

تصح مقولة «رب ضارة نافعة» على الأحزاب اللبنانية في زمن «كورونا». فهذه الأحزاب التي أصيبت بانتكاسة هي الأولى من نوعها منذ سنوات، إثر انطلاق الثورة الشعبية في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وجدت في الأزمة الحالية فرصة لتعود إلى جمهورها وتتمترس خلف طوائفها التي خرجت منها أعداد كبيرة إلى الشوارع، منتفضة ضد السلطة والأحزاب الحاكمة.
من التبرعات المادية للمستشفيات المخصصة للمعالجة وأماكن الحجر التي تحضَّر لاستقبال المصابين، إلى المساعدات الغذائية التي بدأت تصل إلى المنازل، وصولاً إلى صفوف التدريس عن بعد... جهود وحملات تتسابق الأحزاب على القيام بها في المناطق والطوائف المحسوبة عليها، تعيد الذاكرة إلى فترة الحملات الانتخابية التي تنشط الأحزاب خلالها على تقديم المساعدات طمعاً في أصوات الناخبين.
ويبدو واضحاً أن الحملات الأكبر هي التي يقوم بها «حزب الله» بالتنسيق مع حركة «أمل»؛ حيث كان نائب أمين عام الحزب هاشم صفي الدين، قد أعلن تخصيص مبلغ 3.5 مليار ليرة (نحو مليونين و300 ألف دولار) لتنفيذ خطة مواجهة «كورونا» في مناطقه عبر كادر مؤلف من 24500 شخص.
وتأتي معظم الأحزاب الأخرى في درجة ثانية مع بعض الاختلافات، على غرار «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل».
ومع أهمية الحراك الحزبي في هذه الأزمة، تبقى المشكلة أن هذه الحملات تأخذ طابعاً محلياً ومناطقياً وطائفياً، كما يشير إليه وزير الداخلية السابق زياد بارود، مع تأكيده أنها لن تغير من الواقع الذي أنتجته الانتفاضة الشعبية، بينما يرى مسؤول الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور أن دور الأحزاب في هذه المرحلة هو مكمل لدور الدولة وليس بديلاً عنها.
ويقول بارود لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأحزاب كما الحكومة والمصارف تقوم بحملة استلحاقية لتستعيد بعض ما خسرته في الفترة الماضية، ولا سيما منذ 17 أكتوبر، بعد الانتفاضة الشعبية التي قلَّصت دورها وجمهورها». ويؤكد أن «استعادة بعض الأحزاب دورها ليست إلا ظرفية ومرحلية لن تدوم طويلاً»، مضيفاً: «ما حصل في الشارع يتخطى مجرد الحاجة إلى خدمات ومساعدات من هنا وهناك تقدمها الأحزاب»، مذكراً بأن الانتفاضة كانت بعد أشهر على الانتخابات النيابية التي دُفعت فيها أيضاً أموال طائلة. من هنا يرى بارود أنه بعد انتهاء أزمة «كورونا» ستعود الانتفاضة إلى الشارع «بطريقة أكثر عنفاً، وقد تخرج عن سلميتها، في ظل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية السلبية التي تتفاقم يوماً بعد يوم».
في المقابل، يرفض جبور القول إن هناك من يحاول الاستفادة من هذه الفرصة، معتبراً أن ما تقوم به الأحزاب هو دور مكمل للدولة وليس بديلاً عنها. ويوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن الدور الأساس للدولة. وهذه المناسبة ليست للاستعراض وأخذ مكانها؛ خصوصاً أن القرارات التي يمكن للسلطة أن تأخذها لا يمكن لأي طرف القيام بها، كإقفال الحدود والمطار، وإلزام الناس بالبقاء في بيوتها، ولو اتُّخذت باكراً لما وصلنا إلى هذه المرحلة من الوباء».
ومع اعتباره أن حزب «القوات اللبنانية» لم يكن معنياً بشعار «كلن يعني كلن» حتى أنه كان أكثر المستفيدين لتكامل عناوينه مع عناوين الانتفاضة، يلفت جبور إلى أن الواقعية تفرض علينا القول إن الأحزاب هي الأكثر تنظيماً.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».