«العمال الكردستاني» يتبنّى تفجير خط الغاز بين إيران وتركيا

نفذته مقاتلة انتحارية تابعة له... ومقتل أكثر من 30 جندياً وسط تعتيم من أنقرة

TT

«العمال الكردستاني» يتبنّى تفجير خط الغاز بين إيران وتركيا

أعلنت قوات الدفاع الشعبي الكردستاني التي تشكل الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني (المحظور) مسؤوليتها عن تفجير خط أنابيب الغاز الرابط بين تركيا وإيران الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي، وأن العملية أسفرت أيضا عن مقتل أكثر من 30 جنديا تركيا وإصابة آخرين وتدمير 5 مدرعات للجيش التركي.
لم تعلن أنقرة أن تفجير خط الأنابيب كان نتيجة هجوم، ووصفته وكالة أنباء الأناضول الرسمية بـ«التفجير المجهول»، بينما كانت طهران أكدت منذ البداية أن التفجير هو «هجوم إرهابي».
وأصدر المركز الإعلامي لقوات الدفاع الشعبي الكردستاني بيانا أكد فيه مسؤوليتها عن التفجير الذي وقع عند بوابة جوربولاك في بلدة دوغو بايزيد التابعة لولاية أغري الحدودية بين إيران وتركيا.
وأضاف البيان، الذي صدر ليل الأربعاء - الخميس، أن «وحدة من قوات الدفاع الشعبي الكردستاني هاجمت قوات حراس خط أنابيب الغاز الطبيعي الإيراني التركي» ونفذت الانتحارية التي تحمل الاسم الحركي سما كوجر «عملية فدائية» وفجرت نفسها في العديد من المركبات المدرعة التركية، ما أدى إلى انفجار خط أنابيب الغاز.
وأشار البيان إلى أن منفذة العملية الانتحارية اسمها الحقيقي «روشان أشكارا»، من مواليد ولاية سيرت جنوب شرقي تركيا، وأنها انضمت إلى وحدة قوات «الجريلا» التابعة لقوات الدفاع الشعبي الكردستاني عام 2014 وخضعت لدورات وتدريبات عسكرية.
وقال البيان إن مقاتلي «الجريلا» يواصلون عمليّاتهم العسكريّة ضدّ الجيش التركي في إطار ما سماه بـ«حملة النصر الثوريّة» بمناطق سيرت، وإن المقاتلة «سما كوجر» نفذت «عمليّة فدائيّة» استهدفت تجمّعا لجنود الجيش التركي بالقرب من خط أنبوب الغاز الواقع في البوّابة الحدوديّة «جوربولاك» في دوغوبايزيد التابعة لولاية آغري.
وأشار البيان إلى أن كوجر اشتبكت مع جنود أتراك وتمكنت من تدمير 5 مدرعات تابعة للجيش التركي إلى جانب تدمير أنبوب الغاز، مضيفاً «نجم عن الانفجار مقتل 30 جنديّاً من جيش الاحتلال وإصابة عشرات آخرين».
ولفت البيان إلى أن «العمليّة الفدائيّة» تمّت «لاستذكار أرواح الشهداء: علي بلنك، جيجك بوتان ودلكش بوتان».
وكانت ولاية أغري أصدرت بيانا مقتضبا مساء الثلاثاء الماضي، قالت فيه إن قوات الدرك التركية حيدت (قتلت)، «إرهابية» ضمن مجموعة حاولت التسلل إلى تركيا في ولاية أغري شرق البلاد من الحدود مع إيران، مشيرة إلى استمرار العملية ضد المجموعة الإرهابية في المنطقة.
ولم يشر البيان إلى الانفجار الذي وقع في خط أنابيب الغاز، ولم يربط بينه وبين هذه الاشتباكات.
ووقع الانفجار في خط الأنابيب، الذي يمتد من إيران إلى ولاية أرزوم شمال شرقي تركيا، في الجزء المار من بلدة دوغو بايزيد في ولاية أغري شرق تركيا. وقالت وكالة أنباء «الأناضول» التركية الرسمية، إن «الانفجار المجهول» تسبب في اندلاع حريق وحدوث أضرار في خط الأنابيب.
وشوهد الحريق الناجم عن الانفجار من القرى المجاورة، حيث بلغ ارتفاع النيران 40 مترا، وانتقلت قوات الأمن وفرق الإطفاء إلى مكان الانفجار وتم فرض طوق أمني واسع في المنطقة وتمت السيطرة على الحريق وإخماده.
وفي المقابل، قال المسؤول في شركة الغاز الوطنية الإيرانية مهدي جمشيدي دانا إن «إرهابيين» هاجموا خط أنابيب للغاز الطبيعي داخل تركيا بالقرب من حدود بازرغان الإيرانية مع تركيا وتوقف تدفق الغاز.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) عن جمشيدي قوله: «وقعت انفجارات عدة في خط الأنابيب من قبل. من المرجح أيضا أن حزب العمال الكردستاني (المحظور) نفذ التفجير». وينقل خط الأنابيب نحو عشرة مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى تركيا سنويا، وتعرض مرات عدة لهجمات من مسلحي حزب العمال الكردستاني المحظور الذي تصنفه تركيا «منظمة إرهابية» والذي يوجد له امتداد في إيران باسم «بيجاك».
وكانت التفجيرات في خط الأنابيب التي بدأت في تسعينات القرن الماضي بعد إعلان حزب العمال الكردستاني في 2013 وقفا لإطلاق النار من جانب واحد ردا على مفاوضات السلام الداخلي لحل المشكلة التركية التي كانت انطلقت في ذلك الوقت من جانب الحكومة التركية والتي أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان وقفها عام 2015، وكان خط أنابيب النفط من كركوك في شمال العراق إلى ميناء جيهان التركي تعرض أيضا لهجمات متكررة مماثلة.
وأضاف جمشيدي أن تفشي فيروس «كورونا المستجد» تسبب في مغادرة حرس الحدود الأتراك (قوات الدرك) «لكننا أبلغناهم بالانفجار وننتظر ردهم رغم أن الحادث وقع داخل الأراضي التركية وليس ضمن الحدود الإيرانية»، مشيرا إلى أن الأمر يستغرق في العادة من 3 إلى 4 أيام للإصلاح واستئناف ضخ صادرات الغاز إلى تركيا.
وحلت قوات الدفاع الشعبي الكردستاني جناحا عسكريا لحزب العمال الكردستاني خلال المؤتمر السابع للحزب الذي عقد في يناير (كانون الثاني) عام 2000، بدلا عن الجناح العسكري السابق (جيش التحرير الشعبي لكردستان)، وكان الهدف من الاستبدال هو إظهار أن العمال الكردستاني بدأ البحث عن حل سلمي للصراع مع الدولة التركية، بعد القبض على زعيمه عبد الله أوجلان في عام 1999.
ومنذ ذلك الوقت تخوض قوات الدفاع الشعبي صراعا مع الجيش التركي يتصاعد في أوقات التوتر، وتصعيد العمليات من جانب الجيش التركي ضد العمال الكردستاني في شمال العراق، ومؤخرا ضد وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.