«الأوروبي» يطلق مهمة متوسطية لفرض حظر الأسلحة على ليبيا

TT

«الأوروبي» يطلق مهمة متوسطية لفرض حظر الأسلحة على ليبيا

أعلن الاتحاد الأوروبي أمس، إطلاق عملية «إيريني» لمراقبة حظر الأسلحة على ليبيا، وذلك بالتزامن مع الإعلان أيضاً عن انتهاء مهمة عملية «صوفيا» البحرية الأوروبية في مياه المتوسط، التي انطلقت في صيف 2015 لمراقبة عمل شبكات تهريب البشر.
وبخصوص مهمة إيريني الجديدة، قال جوزيب بوريل، المنسق الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، في مؤتمر صحفي ببروكسل أمس: «إنها مهمة أوروبية خالصة، ولا يشارك فيها حلف الناتو»، مبرزاً أن الوضع في ليبيا «من أولويات عمل (الاتحاد)، وتدخل بالتحديد في مهام العمل الخارجي الأوروبي». كما نوه بتوصل الدول الأعضاء إلى اتفاق على إطلاق المهمة، ووجه الشكر إلى كل من عمل خلال الفترة الماضية للتوصل إلى هذا الاتفاق «بعد مفاوضات صعبة».
ووصف بوريل المهمة بأنها «خطوة مهمة من الاتحاد الأوروبي لدعم الحل السياسي للأزمة في ليبيا، وإنهاء الصراع. كما تظهر للجميع أنه في الوقت الذي يواجه فيه الجميع خطر (كورونا)، فإن الجانب الأوروبي يتحمل مسؤوليته للعب دور في تحقيق السلام في دول الجوار»، مشدداً على أن عملية الأمم المتحدة بشأن ليبيا «هي الطريق إلى تحقيق السلام... وهذه العملية سوف تسهم في إنجاح الجهود لحل الأزمة ووقف إطلاق النار في ليبيا».
كما تناول بوريل الفروق بين مهمة «صوفيا»، التي انتهت رسمياً مع نهاية مارس (آذار)، والتي كانت تتعقب شبكات تهريب البشر. وأوضح أن عملية «إيريني» جاءت بهدف مراقبة حظر الأسلحة على ليبيا، ومراقبة أنشطة شبكات تهريب البشر في الوقت ذاته.
في غضون ذلك، تحدث بوريل عن تصاعد العنف في ليبيا خلال الفترات الأخيرة، مبرزاً أن هذا التصعيد «يتعارض مع الدعوة التي أطلقها الأمين العام لاستغلال هذا التوقيت من أجل وقف العنف والصراعات، والتوحد لإنقاذ الناس من خطر كورونا».
وأشار في هذا السياق إلى وجود مشاورات بين أعضاء الاتحاد لوضع اللمسات الأخيرة حول المساهمات، وعدد السفن المشاركة والتوقيت، وأمور أخرى تحتاج إلى تنسيق من طرف القيادات السياسية والعسكرية.
وجاء الإعلان عن تفاصيل المهمة بعد أن انتهى، أمس، مسار الإجراء الكتابي لاعتماد قرار إطلاق المهمة الجديدة، ولم يتطلب الأمر عقد اجتماع على مستوى ممثلي الدول الأعضاء، بحسب ما قال بيتر ستانو، المتحدث باسم السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس.
وقال بيان أوروبي صدر في بروكسل، أمس، إن الاتحاد الأوروبي يكثف جهوده لفرض حظر الأسلحة على ليبيا، الذي فرضته الأمم المتحدة، وهو ما سيسهم في إحلال السلام، عبر عملية عسكرية جديدة في منطقة البحر المتوسط.
كما أوضح البيان أن قرار إطلاق «إيريني» جرى اعتماده، أمس، على أن تنطلق العملية في الأول من أبريل (نيسان)، (اليوم)، وستكون مهمتها الأساسية تنفيذ حظر الأسلحة إلى ليبيا، بالاعتماد على مساعدة الأقمار الصناعية والمراقبة الجوية. كما ستتمكن البعثة من إجراء تفتيش للسفن قبالة سواحل ليبيا، التي يشتبه في أنها تحمل أسلحة أو مواد ذات صلة، من وإلى ليبيا، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن 2292، الصادر في سنة 2016.
وحسب البيان الأوروبي، الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، سيكون من بين مهام عملية «إيريني» الثانوية، رصد وجمع المعلومات عن الصادرات غير المشروعة للنفط والنفط الخام، والمنتجات البترولية المكررة من ليبيا، إلى جانب المساهمة في بناء القدرات، وتدريب خفر السواحل الليبية والبحرية على تطبيق القانون في البحر، فضلاً عن المساهمة في تعطيل النموذج التجاري لشبكات تهريب البشر.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».