إجراءات بوتين لدعم الاقتصاد تثير جدلاً «حاداً» في روسيا

أوقفت ارتفاع الروبل وأعادته للهبوط

أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن وضع اقتصاد بلاده ليس مثاليا.. لكنه قال إنه افضل مما كان عليه قبل 20 عاما (رويترز)
أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن وضع اقتصاد بلاده ليس مثاليا.. لكنه قال إنه افضل مما كان عليه قبل 20 عاما (رويترز)
TT

إجراءات بوتين لدعم الاقتصاد تثير جدلاً «حاداً» في روسيا

أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن وضع اقتصاد بلاده ليس مثاليا.. لكنه قال إنه افضل مما كان عليه قبل 20 عاما (رويترز)
أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن وضع اقتصاد بلاده ليس مثاليا.. لكنه قال إنه افضل مما كان عليه قبل 20 عاما (رويترز)

غاب التفاؤل عن التوقعات بتأثير «تدابير الدعم الاستثنائية» التي أعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لمواجهة تداعيات انتشار كورونا على الاقتصاد الروسي. رد الفعل الأبرز جاء من سوق المال الروسية، حين عاد الروبل للهبوط فور الإعلان عن تلك التدابير. وعلى المستوى الرسمي، أشاد مفوض حقوق قطاع الأعمال لدى الرئاسة الروسية بالخطوات التي أقرها بوتين، إلا أنه لم يتمكن من تقدير تأثيرها على الوضع الاقتصادي، ويبدو أنه يرى أن نتائجها الإيجابية ستكون محدودة، حين عبر عن قناعته بأنها «ستعطي رجال الأعمال جرعة هواء»... أما في أوساط الخبراء، فقد شكك الغالبية بقدرتها على إنقاذ قطاعي الأعمال المتوسطة والصغيرة، وإحداث تغيير جذري في المشهد الاقتصادي بشكل عام.
وكان الرئيس الروسي بوتين منح مواجهة التداعيات الاقتصادية، المساحة الأكبر من «كلمة» وجهها إلى الشعب الروسي، تناول فيها «الظروف الاستثنائية» التي تمر بها البلاد، على خلفية انتشار فايروس كورونا. وبعد إجراءات وتدابير تبنتها الحكومة، والمركزي الروسي لدعم الاقتصاد في هذه المرحلة المعقدة، أعلن بوتين عن تدابير إضافية واسعة، قال إنها ضرورية «في المقام الأول لضمان الحماية الاجتماعية للمواطنين، والحفاظ على دخلهم ووظائفهم، بالإضافة إلى دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي يعمل فيها الملايين من الناس». وأقر تسهيلات لحصول المواطنين على الدعم الاجتماعي، والإسراع في تقديم الدعم للمحاربين القدامى والأسر التي يوجد فيها أطفال صغار، فضلا عن رفع تعويضات البطالة حتى الحد الأدنى من الأجور الشهرية، ودفع تعويضات الإجازة المرضية بناء على هذا الحد من الدخل، وقيمته حاليا 12.13 ألف روبل (نحو 155 دولارا)، وطالب البنوك بإعلان «إجازة» للقروض الاستهلاكية والعقارية، إن تراجع دخل الفرد أكثر من 30 في المائة.
وبالنسبة لقطاع الأعمال، شدد بوتين على ضرورة دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، للحفاظ على موظفيها، وناشد رجال الأعمال الحفاظ على استقرار سوق العمل وعدم السماح بارتفاع معدل البطالة، ووعد بدعمهم.
وأعلن بعد ذلك عن تدابير الدعم، ومنها تأجيل دفع الضرائب لمدة 6 أشهر لقطاعي الأعمال المتوسطة والصغيرة، باستثناء ضريبة القيمة المضافة. وتخفيض مدفوعات التأمين من 30 حتى 15 في المائة، وتجميد إعلان إفلاس الشركات التي تواجه صعوبات. هذا فضلا عن تدابير إضافية أثارت جدلا، بينها رفع ضريبة أرباح وودائع الشركات التي يتم تحويلها إلى الملاذات الضريبية الآمنة (أوفشور) من 2 إلى 15 في المائة، واعتبار فوائد الودائع المصرفية نوعا من الدخل، وبالتالي احتساب ضريبة الدخل بنسبة 13 في المائة منها.
وجاء رد الفعل سريعا من سوق المال الروسية على «تدابير بوتين». وبعد ارتفاع طفيف على سعر العملة الروسية، حتى 78.57 روبل للدولار قبل بداية بث كلمته عبر الشاشات، هبط السعر حتى 78.84 روبل للدولار في نهايتها.
وقال محللون من السوق إن رد الفعل السلبي هذا جاء بالدرجة الأولى بسبب رفع ضريبة الأرباح التي يتم تحويلها إلى الملاذات الضريبية، وكذلك فرض ضريبة الدخل على فوائد الودائع.
ووصف بوريس تيتوف، مفوض الرئاسة الروسية لحقوق قطاع الأعمال، قرار تخفيض مدفوعات التأمين بأنها «خطوة ثورية»، وعبر عن قناعته بأن التدابير الأخرى لقطاعات الأعمال المتوسطة والصغيرة والفردية «ستمنح رجال الأعمال جرعة هواء»، إلا أنه، وفق ما ذكرت وكالة «تاس» الحكومية، لم يتمكن من تقدير تأثير التدابير المقترحة على الوضع الاقتصادي بشكل عام، وأحال ذلك إلى عدم وجود وضوح بشأن القطاعات التي سيتم تصنيفها «قطاعات في وضع معقد»، يمكن أن تحصل على الدعم الحكومي.
من جانبه شكك أليكسي ريبيك، مدير منظمة «ديلوفايا روسيا» (روسيا التجارية) التي تعمل على تعزيز التعاون بين القطاعين الخاص والعام، بجدوى تلك التدابير، وقال في تصريحات لوكالة «تاس» إنها «قد لا تكون كافية لإرساء استقرار الوضع الاقتصادي»، وزاد بأنه «ستكون هناك حاجة من الدولة بأن تضخ المزيد في الاقتصاد»، ولم يستبعد أن توسع الحكومة تدابير الدعم، مع توسع انتشار فيروس كورونا، الذي نتوقع أن يصل الذروة في شهر أبريل (نيسان) القادم». ووصف زيادة ضريبة الأرباح التي يتم تحويلها إلى الـ«أفشور» بأنها «خطوة عادلة»، وبالنسبة لإعلان الأسبوع القادم عطلة رسمية، للحد من انتشار الفيروس، قال إنه سيؤثر بصورة سلبية على أرباب العمل، في إشارة إلى أنهم سيضطرون لدفع أجور العاملين كاملة عن أسبوع العطلة.
وقالت ناتاليا أورلوفا، كبيرة الاقتصاديين في «ألفا بنك»، إن تخفيض مدفوعات التأمين، سيؤدي إلى تراجع إيرادات صناديق التقاعد، والتأمين الصحي الإلزامي، وصندوق التأمين الاجتماعي، ورجحت أن يتم تغطية جزء من تلك الإيرادات «المفقودة» على حساب ضريبة الدخل على فائدة الودائع، وضريبة الأرباح التي يتم تحويلها إلى الملاذات الضريبية. وعبر الخبير الاقتصادي الكسندر سوسلين عن قناعته بأن تخفيض مدفوعات التأمين سيحول دون إفلاس الشركات المتوسطة والصغيرة، وحذر من «زوال البيزنس، وعدم بقاء ما يمكن الاعتماد عليه لإعادة تأهيل الاقتصاد (بعد انتهاء الوباء)» إن لم يتم دعم شركات القطاعين في هذه المرحلة. ومن جانبه قال البروفسور الكسندر تشيبورينكو، مدير قسم الاجتماع في المدرسة الروسية العليا للاقتصاد، إن التدابير التي اقترحها بوتين لدعم الأعمال الصغيرة والمتوسطة غير كافية، موضحا أن «تأجيل الضرائب لم يشمل ضريبة القيمة المضافة، التي تشكل العبء الأكبر على شركات القطاعين»، أما التسهيلات في مجال الضريبة على الأرباح يرى أنها «بلا معنى، لأن غالبية شركات القطاعين تتكبد خسائر».



السعودية تدعو لشراكات دولية فاعلة لمعالجة التحديات البيئية

وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي خلال القائه الكلمة ضمن فعاليات «يوم التمويل» (كوب 16)
وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي خلال القائه الكلمة ضمن فعاليات «يوم التمويل» (كوب 16)
TT

السعودية تدعو لشراكات دولية فاعلة لمعالجة التحديات البيئية

وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي خلال القائه الكلمة ضمن فعاليات «يوم التمويل» (كوب 16)
وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي خلال القائه الكلمة ضمن فعاليات «يوم التمويل» (كوب 16)

دعت السعودية إلى تعزيز الشراكات الفاعلة لخلق فرص تمويل جديدة؛ لدعم مبادرات ومشاريع إعادة تأهيل الأراضي، وتعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة الجفاف، مؤكدة أن التمويل يُمثّل جزءاً أساسياً لمعالجة التحديات البيئية، ودعم جهود الحفاظ على البيئة.

هذه الدعوة أطلقها المهندس عبد الرحمن الفضلي، وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي رئيس الدورة الـ16 لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، ضمن فعاليات «يوم التمويل» من أعمال اليوم الثاني لمؤتمر «كوب 16». وأشار إلى أن تمويل برامج ومشاريع إعادة تأهيل الأراضي يتطلب التعاون بين الحكومات، والمنظمات والهيئات الدولية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والعمل على ابتداع أساليب مبتكرة لفتح مصادر جديدة لرأس المال؛ لدعم الممارسات المستدامة للحد من تدهور الأراضي والجفاف.

ويأتي مؤتمر «كوب 16» في الرياض فرصةً لتوعية المجتمع الدولي حول علاقة الترابط القوية بين الأراضي والمحيطات والمناخ، والتحذير من أن 75 في المائة من المياه العذبة تنشأ من الأراضي المزروعة، فيما تسهم النباتات في حماية 80 في المائة من التربة العالمية.

وأوضح رئيس مؤتمر «كوب 16» أن السعودية تبذل جهوداً متواصلة لمواجهة التحديات البيئية المختلفة، على المستوى الوطني، والإقليمي، والدولي، تماشياً مع «رؤية السعودية 2030»، مبيناً أن المملكة أولت مكافحة تدهور الأراضي ومواجهة الجفاف أولوية في استراتيجيتها الوطنية للبيئة، بالإضافة إلى سعيها لتحقيق الاستدامة المالية لقطاع البيئة، من خلال إنشاء صندوقٍ للبيئة، كما عملت على توفير الممكنات اللازمة للوصول إلى الاستثمار الأمثل لرأس المال، ودعم البرامج والدراسات والمبادرات البيئية، إلى جانب تحفيز التقنيات الصديقة للبيئة، والارتقاء بالأداء البيئي وبرامج إعادة تأهيل الأراضي.

وترأس المهندس الفضلي جلسة حوارية شارك فيها إبراهيم ثياو، الأمين العام التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، حيث ناقشت سبل تسخير حلول مبتكرة لتمويل المبادرات الإيجابية للأراضي والمناخ، بما في ذلك الصندوق السعودي للبيئة.

إبراهيم ثياو الأمين العام التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر خلال الجلسة الحوارية في الرياض (كوب 16)

وتضمنت فعاليات «يوم التمويل» جلسات حوارية، شارك فيها عددٌ من الوزراء والمسؤولين والخبراء، وسلّطت الضوء على الاحتياجات والفجوات والفرص لتمويل إعادة تأهيل الأراضي، ومواجهة الجفاف، وتعزيز الشراكات الفاعلة، لخلق فرص تمويل جديدة للمشاريع الرائدة، إضافةً إلى مناقشة الآليات والأدوات المالية المبتكرة التي تدعم مبادرات إعادة تأهيل الأراضي، وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف.

وخلال المؤتمر، أعلنت السعودية ثلاث مبادرات دولية رئيسية في اليوم الأول فقط، وهي: «شراكة الرياض العالمية» لمكافحة الجفاف باستثمارات تتجاوز 150 مليون دولار، التي ستحشد العمل الدولي بشأن الارتقاء بمستوى الاستعداد لمواجهة الجفاف.

وفي الوقت نفسه، أُطلق المرصد الدولي لمواجهة الجفاف وأطلس الجفاف العالمي، وهما مبادرتان تهدفان إلى زيادة أعمال الرصد والتتبع، واتخاذ التدابير الوقائية، ونشر التوعية بين مختلف الشرائح والفئات المهتمة والمعنية حول الجفاف في جميع أنحاء العالم.

وكانت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر قد أصدرت عشية انطلاق المحادثات المتعددة الأطراف في الرياض، تقريراً جديداً يسلط الضوء على حالة الطوارئ العالمية المتزايدة الناجمة عن تدهور الأراضي.

يُذكر أن مؤتمر الأطراف «كوب 16» في الرياض الذي يُعقد من 2 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يعد أكبر دورة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر حتى الآن، حيث يضم لأول مرة منطقة خضراء، وهو المفهوم المبتكر الذي استحدثته السعودية، لحشد العمل المتعدد الأطراف، والمساعدة في توفير التمويل اللازم لمبادرات إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة.

وتسعى الرياض من خلال «كوب 16» إلى أن تتحد الدول معاً لتغيير المسار ومعالجة كيفية استخدام الأراضي، والمساهمة في تحقيق أهداف المناخ، وسد فجوة الغذاء، وحماية البيئات الطبيعية؛ إذ يمكن للأراضي الصحية أن تساعد على تسريع وتيرة تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.