رئيس «خارجية النواب» الليبي: نقل المقاتلين الأجانب إلى طرابلس مستمر

العقوري يرى أن قرارات حكومة «الوفاق» شكلت خطراً على استقرار المنطقة

TT

رئيس «خارجية النواب» الليبي: نقل المقاتلين الأجانب إلى طرابلس مستمر

دعا يوسف العقوري، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بمجلس النواب الليبي، إلى عدم الاستباق بطرح الأحكام المسبقة حول تعيين وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة لرئاسة البعثة الأممية في ليبيا وقال: «إلى الآن لا يوجد قرار رسمي بخصوص تعيين لعمامرة خلفاً للمبعوث المستقيل غسان سلامة».
وأضاف العقوري في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «تربطنا علاقات تاريخية مع دولة الجزائر ونقدر مواقفهم الداعمة لاستقرار بلادنا ونحن حريصون على تطوير العلاقات معهم»، لكن الأمر قد يؤدي إلى وجود حساسية بالعلاقة بين الدولتين الشقيقتين ليبيا والجزائر إذا لم تستطع سياسات وقرارات لعمامرة من أن تحظى بتوافق الليبيين حولها»، لافتاً إلى أن الوضع الحالي هو أن ستيفاني ويليامز نائبة رئيس البعثة للشؤون السياسية هي من تسير أعمالها.
وقال: «طبقاً للتقارير التي ترد إلينا فعمليات نقل المقاتلين إلى طرابلس لا تتوقف، كما لم يتم احترام وقف إطلاق النار في المرات السابقة، وهذا يشير إلى استمرار التدخل الخارجي من دول معروفة بعينها، ويؤكد عدم السعي إلى التهدئة في ظل الظروف الراهنة والتي أعلنا فيها نداء لإعطاء الأولوية للاحتياجات الإنسانية».
وأعرب العقوري عن أسفه «لعدم التعاطي من قبل المجتمع الدولي مع الجهود التي بذلها مجلس النواب الليبي الفترة الأخيرة ومطالبته بسحب الاعتراف بحكومة الوفاق، رغم الأخطاء العديدة المتعلقة بطريقة تأسيسها وإداراتها للأوضاع».
وقال: «للأسف المجتمع الدولي لا يزال يصر على الاعتراف باتفاق الصخيرات كمرجعية سياسية وحيدة، رغم أننا كمجلس نواب منتخب أوضحنا وفي أكثر من مناسبة أن بنوده لم تطبق، وأنه تجاوز المسار الديمقراطي مما ساهم في تعقيد المشهد بدلاً عن حلحلته». وأضاف: «حكومة (الوفاق) وبعيداً عن رقابة البرلمان عليها، اتخذت قرارات شكلت خطراً على السلم والاستقرار في المنطقة مثل المعاهدة الأمنية التي عقدتها مع الحكومة التركية وتسببت في تصعيد خطير في المنطقة، فضلاً عن إهدارها لثروات الليبيين، وتحديداً عوائد النفط».
وأوضح العقوري بقوله إن «هذا ما دفع القبائل إلى إغلاق الحقول النفطية اعتراضاً على عدم العدالة بتوزيع تلك العوائد، بجانب أنفاقها على جلب المرتزقة السوريين وغيرهم. هذه السياسية من جانب حكومة الوفاق ترتب عليها تراجع موارد الدولة».
وقال إن «التصريحات والمواقف التي تتخذها حكومة الوفاق إلى الآن لا تشير إلى جديتها في بدء حوار سياسي يؤدي إلى حل، ولا نزال نرصد محاولات تلك الحكومة استمالة بعض الدول لدعمهم، في الوقت الذي نحرص فيه على علاقات متوازنة مع الجميع، مع التأكيد على رفضنا التدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية التي تمارسها دول إقليمية وأوروبية في ليبيا».
ودعا العقوري إلى التقليل من حدة التخوفات التي طرحتها بعض الشخصيات الليبية خلال الأشهر الماضية من احتمالية تغيير نهج العلاقة مع تونس نظراً لوجود رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي على رأس المؤسسة التشريعية هناك، قائلاً: «علاقاتنا جيدة ومتوازنة مع دول المنطقة ومنها تونس والجزائر، حيث كانت مواقفهما متوازنة ورافضة للتدخل الخارجي في شؤون بلادنا».
وذهب إلى وجود «تفهم لديهما من أن استمرار تركيا في الدفع بمقاتلين إلى بلادنا سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، وقد يكونا أكثر المتضررين باعتبارهما من أقرب دول الجوار الليبي»، وقال: «نحن نتطلع إلى مزيد من تنسيق المواقف مع دول المغرب العربي استناداً لحرصنا على سلامة وأمن المنطقة».
وتطرق العقوري بصفته رئيس لجنة متابعة مؤسسة النفط في مجلس النواب، إلى ضرورة الاهتمام بالثروات المعدنية بالأراضي الليبية، مشيراً إلى أن الاستثمار بها قد يكون واعداً لكن لا يملكون مصدراً للدخل في القريب العاجل أو الاستعاضة بها عن النفط وعوائده، كونها تحتاج لسنوات من الدراسة والبحث والعمل عليها.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.