«نعم قتلت المذكور وطعنته عدة مرات ثم قطعت رأسه»، بهذه الكلمات بدأ عواد البالغ من العمر 34 عاماً، والمتحدر من حي الغويران جنوب مدينة الحسكة الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا، ليروي كيف أسس خلية بايعت تنظيم «داعش» وقتل مدنياً بتهم اختلقها لتنفيذ جريمته رفقة مع جماعته، أثناء مثوله أمام محكمة كردية خاصة ضمن مناطق خاضعة لنفوذ «الإدارة الذاتية في شمال شرقي» سوريا.
أثناء استجوابه كان يقعد على كرسي أمام منصة مرتفعة قليلاً، جلس عليها ثلاثة قضاة، اثنان منهم سيدتان عينتهما الإدارة حسب معاييرها وحددت لكل منهم مهمته، بينما جلس المدعي العام في مكان مخصص مع وجود عدد قليل من المقاعد، وغياب قفص السجن أو غرفة خاصة بالموقوفين.
سرد عواد سيرته وأنه درس المرحلة الإعدادية ثم ترك تعليمه وكان موظفاً في مصلحة البادية بالحسكة قبل 2011، ومنذ اندلاع الحرب في بلده قبل تسع سنوات وتتالي جهات عسكرية عدة على حكم مسقط رأسه؛ انتسب بداية إلى «حركة أحرار الشام الإسلامية» المتطرفة، ثم إلى «جبهة النصرة - هيئة تحرير الشام» الفرع السوري لـ«تنظيم القاعدة» الدولي المحظور، وبعد إحكام تنظيم «داعش» قبضته على مناطق واسعة في سوريا والعراق، بايع التنظيم سنة 2015 وشارك في عمليات قتالية بمدينتي دير الزور والحسكة.
وعن بدايات ولائه للتنظيم يقول عواد: «خضعت لدورة مدة شهر بعدها تدربت 15 يوماً على فنون القتال وكيفية استخدام السلاح. شاركت بالحرب ضمن فصيل الاقتحامين وتمت ترقيتي حتى أصبحت نائب أمير ولاية البوكمال».
نشط عواد في التنظيم بين أعوام 2015 و2019 واجتمع بالكثير من قيادات التنظيم، من بينهم أبو سامر العراقي وكان والي منطقة الشدادي بالحسكة، وعامر الرفدان وهو عراقي شغل القائد العسكري العام لمدينة دير الزور وريفها، وكشف أنه كان معجباً بشخصية أبو أنس السامرائي والأخير يعد أحد أبرز قيادات التنظيم من الجنسية العراقية أيضاً وشغل عضو مجلس الشورى، وكان نائب وصديق أبو مصعب الزرقاوي أحد أبرز قيادات تنظيم «القاعدة» بالعراق، الذي أسس «جماعة التوحيد والجهاد» لتغير اسمها وتصبح «دولة العراق الإسلامية» ثم إلى «الدولة الإسلامية بالعراق والشام» بعدما توسعت في مناطق سورية، والتي قادها أبو بكر البغدادي بعد مقتل قائده الزرقاوي.
أثناء استجوابه بدا عليه القلق والحيرة من أمره وعيناه كانتا تائهتين، كان شعره أشعث وبشارب طويل وعلى يديه رسمت وشوم لكتابات لم تظهر كلها بسبب ارتدائه كنزة صوفية زرقاء اللون، وتابع حديثه ليقول: «لم ألتقِ البغدادي شخصياً ولا أعلم مصيره. وحتى أكون صريحاً أكثر انتسبت للتنظيم لتقويم وتهذيب نفسي والحصول على راتب لي ولعائلتي، وحملت السلاح بهدف محاربة النظام»، لكنه نقل بأنه كان يحضر العديد من عمليات قطع الرؤوس والإعدامات الميدانية التي كان ينفذها عناصر التنظيم بحق عمال إغاثة وصحافيين أجانب وسوريين من أبناء بلده. وأضاف: «المهاجرون كانوا يدعوننا لتطبيق الدين بحذافيره ويفسرونه حسب اجتهادهم، كانوا الأكثر تشدداً من بين العراقيين والسوريين والعرب، سيما القادمون من الدول الروسية ومن أوروبا».
وينتظر عواد وأكثر من 10 آلاف مقاتل من الجنسية السورية كانوا منتمين إلى تنظيم «داعش» محتجزين في سجون الإدارة الذاتية؛ مصيرهم ومحاكمتهم أمام محكمة الإرهاب الخاصة التابعة للإدارة وليس القانون السوري المطبق لدى الحكومة، وأحكامها مبرمة قابلة للاستئناف، كما ألغت عقوبة الإعدام ولا تحاكم الأطفال دون سن 17.
وتأسست المحكمة بداية 2014 وتترأس هيئة القضاة سيدة عملت في تأسيس وتشريع القوانين المحلية المطبقة في دوائر المحاكم ضمن مناطق الإدارة الذاتية شرق الفرات، وطلبت عدم الإفصاح عن اسمها، نظراً لحساسية الملفات التي تبت بها، ولدى حديثها إلى «الشرق الأوسط»، وفي ردها على سؤال حول القانون المعمول بالمحكمة، أجابت قائلة: «اعتمدنا على القوانين الدولية الخاصة بقضايا الإرهاب بما فيها القانون السوري، وقمنا بدراسة نماذج الدول المتقدمة التي أقرت محاكم مشابهة لديها»، ولفتت إلى أن معاملة السجناء وأسرى الحرب وكيفية التعاطي معهم بالمحكمة وداخل المحتجزات: «مرجعية عملنا قوانين حقوق الإنسان ومواثيقها هنا وفي السجون».
وتتألف المحكمة من النيابة العامة و7 قضاة تصدر قرار التوقيف والإحالة، بعدها تأتي محكمة الدرجة الأولى وهي محكمة ثلاثية الاختصاص تنظر في الدعوى المحال إليها والبت بالحكم، ثم تأتي محكمة الاستئناف في حال قرر الموقوف نقض الحكم.
وكشفت القاضية أن 8 آلاف دعوى قضائية محالة لديهم، وقالت: «هناك ملفات يوجد فيها أكثر من شخص، ووصل بعضها وهم خلايا إلى 26 متهماً، وأكثر من جنسية سيما وجود عراقيين مطلوبين، كونهم تجاوزوا الحدود بطريقة غير شرعية أثناء إزالة الحدود».
وعرضت النيابة العامة ومكتب الأرشيف بالمحكمة مقاطع فيديو وتسجيلات تظهر مقاتلين من تنظيم «داعش» وهم يقفون أمام جثث يهينونها وقد مثلوا بها، وفي مقطع آخر مسجل تجد مقاتلاً عراقياً يفاخر بالرغبة في القتال وخوض معارك جديدة ضد دول التحالف وسيجد من يذبحه نحراً، وكانت توجد الكثير من الملفات والوثائق التي تدين هؤلاء أمام المحاكم المحلية والدولية بجرائم حرب.
غير أنه حتى مارس (آذار) 2019 كانوا ينظرون في دعاوى الموقوفين من الجنسية العراقية لتداخلها مع قضايا السوريين بالمنطقة، وأخبرت رئيسة المحكمة أنهم يقاضون السوريين فقط، ولفتت إلى: «أوقفنا محاكمتهم بعد استسلام أكثر من 11 ألف مقاتل جهادي أنفسهم لـ(قوات سوريا الديمقراطية) ووجود ما يزيد على 50 جنسية محتجز اليوم في سجون الإدارة».
ودعت القاضية الكردية إلى إنشاء محكمة دولية لمحاكمة آلاف الأشخاص المشتبه بانتمائهم للتنظيم، وقالت: «لضمان عدالة المحاكمات وسيرها وفق القانون الدولي ومراعاة مبادئ حقوق الإنسان، لوجود الشهود والأدلة التي تجرم هؤلاء لأنهم ارتبكوا جرائم حرب على أراضينا وتسببوا بإيذاء أبناء وطننا».
7:49 دقيقة
8 آلاف دعوى إرهاب أمام محكمة كردية خاصة
https://aawsat.com/home/article/2193811/8-%D8%A2%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%AF%D8%B9%D9%88%D9%89-%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9-%D9%83%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%AE%D8%A7%D8%B5%D8%A9
8 آلاف دعوى إرهاب أمام محكمة كردية خاصة
أسرى التنظيم يحاكمون في شمال شرقي سوريا
8 آلاف دعوى إرهاب أمام محكمة كردية خاصة
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة