ورقة تفاهم بين «حزم» و«النصرة» لتحييد حلب عن الصراع

مخاوف من «السلوك التوسعي للجبهة» في الشمال تمهيدا لإعلان الإمارة

رجل من المعارضة يركض إلى موقع دمرته براميل ألقاها طيران النظام في حي الشعار بحلب مؤخرا (رويترز)
رجل من المعارضة يركض إلى موقع دمرته براميل ألقاها طيران النظام في حي الشعار بحلب مؤخرا (رويترز)
TT

ورقة تفاهم بين «حزم» و«النصرة» لتحييد حلب عن الصراع

رجل من المعارضة يركض إلى موقع دمرته براميل ألقاها طيران النظام في حي الشعار بحلب مؤخرا (رويترز)
رجل من المعارضة يركض إلى موقع دمرته براميل ألقاها طيران النظام في حي الشعار بحلب مؤخرا (رويترز)

كشف مصدر عسكري معارض من شمال سوريا لـ«الشرق الأوسط» أن جملة من التحالفات والاتفاقات السرية أجرتها «جبهة النصرة» مع كتائب إسلامية أخرى، سبقت المعارك ضد «جبهة ثوار سوريا» في ريف إدلب (شمال سوريا)، مهدت الطريق لإخراج قوات جمال معروف من المشهد العسكري وانسحابه من جبل الزاوية.
وقال المصدر، إن «جبهة النصرة» لم تقاتل وحدها ضد قوات «جبهة ثوار سوريا» التي يتزعمها جمال معروف، وحركة «حزم» المدعومة أميركيا والمتحالفة معها، بل شاركت كل من ألوية «صقور الشام» و«أحرار الشام»، التابعة للجبهة الإسلامية في ذلك القتال بضراوة، مشيرا إلى أن بعض الألوية الإسلامية «تجد منذ زمن في قوات معروف عقبة أمام وجودها، نظرا لأنها تستحوذ على معظم الدعم الخارجي»، في حين تجد النصرة في «جبهة ثوار سوريا» حليفا للغرب الذي يقوم باستهداف مقراتها عبر غارات التحالف، وأن خطوة القضاء على معروف هي استباق لضرب حليف الغرب المرتقب الذي يعتقد أنه سيقوم بمهمة القتال برا ضد «النصرة» وباقي الفصائل الإسلامية الموضوعة على لائحة أهداف التحالف.
وكانت «جبهة النصرة» بمشاركة مقاتلين إسلاميين، سيطرت الأسبوع الماضي على مقرات «جبهة ثوار سوريا» واحتلت معقل جمال معروف، وهو عضو في هيئة أركان الجيش السوري الحر، في منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب، علما بأن معروف وحليفته «حركة حزم»، يمثلان فصائل المعارضة المعتدلة في شمال سوريا.
ويبعث مشهد سيطرة جبهة النصرة على مقرات جبهة ثوار سوريا وحركة حزم في قرى ريف إدلب «قلقا بالغا من أن تتخذ (النصرة) من جبل الزاوية مركزا يكون نواة ولادة إمارة إسلامية لها»، كما قال المصدر، مشيرا إلى أن «(النصرة) استفادت من التعاطف الشعبي معها بعد استهدافها من قبل غارات التحالف». كما يشكل جبل الزاوية أرضا مناسبة للتنظيم المعروف بإتقانه حرب العصابات.
ويقول ناشطون، إن «النصرة» استخدمت أسلوب «الخديعة» بادعائها قبولها قوات للسلم تتشكل من 15 فصيلا، وتتولى مهمة الفصل بين «النصرة» وقوات معروف، للتخفيف من عدد الضحايا.. «لكنها استكملت مشروعها التوسعي في ريف إدلب الذي انتهى بإخراج جبهة ثوار سوريا منها».
وكانت «النصرة» قد اتخذت قرار السيطرة على ريف إدلب بعد خسارتها لبلدة «مورك» في ريف حماه. واستبقت «النصرة» حربها على جبهة ثوار سوريا باستيلائها على عدة قرى كانت تحت سلطة النظام، كما ضربت مقرات له في المدينة الخاضعة لسيطرته، ومنها مبنى المحافظة، وذلك لخروجها بمظهر المنتصر في إدلب قبل أن تلتف للقتال ضد قوات معروف في السادس والعشرين من الشهر الماضي. وقال معارضون سوريون، إن السلوك التوسعي لـ«جبهة النصرة» اليوم، يذكر بسلوك تنظيم داعش الذي عمل على تصفية خصومه من فصائل الجيش الحر عبر الاشتباك المباشر أو تصفية قادتها بالاغتيال، تحقيقا لأهداف التنظيم التوسعية وإعلان دولة الخلافة.
وقال ناشط من إدلب لـ«الشرق الأوسط»، إن أهداف «النصرة» التوسعية «كانت تظهر ملامحها بشكل واضح قبل المعارك الأخيرة، حيث خاضت عدة معارك ضد (جبهة ثوار سوريا) امتدت على فترات من الأشهر الماضية، بدءا من شهر يونيو (حزيران) الماضي، لكن إعلام الثورة كان يتغاضى متعمدا عن تلك الأحداث تحت ذرائع واهية، منها المناداة بعدم الفتنة بين المقاتلين كي لا تنحرف بوصلة الصراع ضد نظام (بشار) الأسد، وعدم انشغال القادة في حروب داخلية من شأنها تقوية النظام». ولفت المصدر إلى أن «(النصرة) استخدمت في حربها ضد جبهة ثوار سوريا عددا من الوسائل، منها الحملة الإعلامية على جمال معروف واتهامه بالفساد والسرقة وقتل المدنيين ودفنهم في مقابر جماعية، إضافة استخدامها المحاكم الشرعية والضغط للإفتاء بخروج جبهة ثوار سوريا وقيادتها عن الشرع».
وكانت حركة حزم التي أعلنت وقوفها إلى جانب «جبهة ثوار سوريا» في قتال النصرة قد أجبرت هي أيضا على الانسحاب من ريف إدلب. لكن ورقة تفاهم قد أبرمت بين «حزم» و«النصرة»، نصت على تحييد حلب عن الصراع، مخافة من امتداد الخلاف إلى حلب وريفها، الأمر الذي يخشى أن يؤدي إلى ضياع حلب ومعاودة النظام سيطرته عليها.
واتفق الطرفان في ورقة التفاهم الموقعة من قبل ممثلين عنهما، وهما أحمد الديري وأبو حفص البغدادي، على تحييد حلب عن الصراع وإطلاق سراح المعتقلين لدى الطرفين وإزالة حواجز حركة حزم من طريق الكاستيلو حتى دوار الجندول، وحواجز النصرة من دوار بعيدين حتى داخل حلب، إضافة إلى تواصل التعاون بين «حزم» و«النصرة» في المواقع التي يحاربان فيها معا ضد النظام.
كما شهد على التحالف مندوبون عن جيش المجاهدين والجبهة الإسلامية وجبهة أنصار الدين وحركة نور الدين الزنكي وكتائب أبو عمارة والمجلس العسكري لمدينة حلب والمجلس المحلي لمدينة حلب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».