الفائزة بجائزة «وايز» للتعليم لـ {الشرق الأوسط}: سبب حرمان الإناث من التعليم في أفريقيا اقتصادي وليس ثقافيا

آن كوتون مؤسسة «كامفيد» من بيع الكعك لجمع التبرعات.. إلى أهم المؤسسات التعليمية الخيرية في أفريقيا

(في الاطار)  آن كوتون مؤسسة ورئيسة منظمة {كامفيد} لتعليم الإناث بإفريقيا، و آن كوتون خلال وجودها مع عدد من الفتيات في تنزانيا (Camfed).
(في الاطار) آن كوتون مؤسسة ورئيسة منظمة {كامفيد} لتعليم الإناث بإفريقيا، و آن كوتون خلال وجودها مع عدد من الفتيات في تنزانيا (Camfed).
TT

الفائزة بجائزة «وايز» للتعليم لـ {الشرق الأوسط}: سبب حرمان الإناث من التعليم في أفريقيا اقتصادي وليس ثقافيا

(في الاطار)  آن كوتون مؤسسة ورئيسة منظمة {كامفيد} لتعليم الإناث بإفريقيا، و آن كوتون خلال وجودها مع عدد من الفتيات في تنزانيا (Camfed).
(في الاطار) آن كوتون مؤسسة ورئيسة منظمة {كامفيد} لتعليم الإناث بإفريقيا، و آن كوتون خلال وجودها مع عدد من الفتيات في تنزانيا (Camfed).

فازت آن كوتون، مؤسسة ورئيسة منظمة «كامفيد» (Camfed) لتعليم الإناث بأفريقيا، بجائزة «وايز» للتعليم لعام 2014، خلال مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم «وايز» (WISE) الذي ينعقد في الدوحة من 4 إلى 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. وأتاحت «وايز» حوارا حصريا لـ«الشرق الأوسط» مع الفائزة بالتزامن مع إعلان النتائج.
ويعد مؤتمر «وايز» من أهم المبادرات الرائدة في مجال الابتكار والقيادة والتعاون الدولي في مجال التعليم. وتسعى جائزة «وايز» للتعليم السنوية، التي جرى تدشينها منذ عام 2011، إلى تكريم والاحتفاء برواد التعليم والمبتكرين في هذا المجال ودعم المشاريع التعليمية ذات المقاربة المبتكرة والمواكبة لتغيرات المجتمعات والتحديات العالمية.
أما عن كوتون الفائزة بجائزة «وايز» لهذه السنة فبدأت مشروعها الخيري لدعم تعليم الإناث ببيع كعك تخبزه في بيتها لجمع التبرعات، إلى أن أسست مؤسسة «كامفيد» التي دعمت ما يزيد على مليون ومائتي ألف تلميذة للالتحاق بالسلك الابتدائي والثانوي إلى اليوم. وأطلقت آن كوتون، التي تنحدر من مدينة كامبريدج البريطانية العريقة، حملة دعم تعليم الإناث «كامفيد»، سنة 1993 لدعم الإناث للالتحاق بالمدرسة ومواصلة دراستهن.
وفي ما يلي نص حوار «الشرق الأوسط» معها..
* بداية أود أن أهنئك على جائزة «وايز» للتعليم لعام 2014. حدثينا عن الجائزة وأهميتها.
- جائزة «وايز» للتعليم جائزة عالمية تهدف إلى رفع مستوى الوعي العالمي بأهمية التعليم في المجتمعات كافة، وتشجيع الأفراد أو المجموعات الهادفة إلى تخفيف التحديات التي تواجه هذا المجال، والرقي به إلى مستوى المجالات المحتفى بها عالميا، على غرار الاقتصاد والسلام. الجائزة التي توجت بها هذه السنة هي رابع جائزة من نوعها، وهي بمثابة اعتراف عالمي بمشاريع تمكنت من مضاعفة سبل الولوج إلى التعليم لفئات مهمشة في مختلف أرجاء العالم.
* رشح أفراد ومجوعات غيرك للجائزة.. كيف تمت عملية الاختيار والتصويت؟
- تجري دراسة جميع الترشيحات من قبل لجنة مؤلفة من 10 أعضاء، تقوم باختيار لائحة أولية لا تزيد عن 15 مرشحا، وتبقى أسماؤهم طي الكتمان. ثم قامت لجنة تحكيم دولية مؤلفة من شخصيات مرموقة بدراسة هؤلاء المرشحين واختارت منهم الفائز الذي أعلن عنه في قمة 2014 التي تنعقد بين 4 و6 نوفمبر 2014 في العاصمة القطرية الدوحة. ويتعين على المترشحين تقديم إنجازات بارزة لها تأثير دائم على أي من مجالات التعليم، من خلال مقاربات ملهمة ومتبصرة. وتجري الترشيحات بسرية مطلقة ودون علم المرشح أيضا. ولا تقبل الترشيحات الذاتية ولا يعلن إلا عن اسم الفائز. وتقوم لجنة جائزة «وايز» للتعليم في كل عام بتدقيق الترشيحات، ثم يجري اختيار الفائز من قبل لجنة تحكيم دولية مؤلفة من شخصيات مرموقة. وبعدها يعلن اسم الفائز في جلسة افتتاح القمة السنوية، ويتلقى ميدالية ذهبية ومكافأة نقدية قيمتها 500,000 دولار أميركي. وتضم لجنة تحكيم جائزة «وايز» شخصيات مرموقة، يذكر منها: الشيخ الدكتور عبد الله بن علي آل ثاني، من قطر، والدكتورة مونيك كانتو – سبيربر، من فرنسا، والدكتورة ميشيل بيير لويس، من هايتي، والسيدة جوليا جيلارد من أستراليا.
* لننتقل الآن إلى مشروعك التعليمي.. ما هي «كامفيد»؟ كيف جاءت فكرة تأسيسها؟ ولِمَ التركيز على أفريقيا؟
- لطالما كنت مهتمة بالتعليم وبحصول الأطفال خاصة على تعليم مناسب. اهتممت بتعليم الأطفال في بلدي بريطانيا، خصوصا أولئك المستبعدين عن السلك الدراسي بسبب سلوكهم السيئ. ثم قررت العودة للدراسة لتعميق معرفتي واكتساب مهارات جديدة في مجال حقوق الإنسان والتعليم. عزمت إثر ذلك على التخصص في حصول الإناث على التعليم وصعوبة التحاقهن بالمدارس الثانوية في بعض بقاع العالم. وفي سياق دراستي، ذهبت في عام 1991 في رحلة استكشافية إلى زيمبابوي، للتحقق من صحة النظرية الشائعة التي تفيد بأن لب مشكلة حصول الإناث على التعليم يكمن في عزوف عائلاتهن عن إدراجهن بالمدارس، لكن ما اكتشفته في الميدان مختلف. المنطقة التي درستها تقع غرب زيمبابوي، حيث مستويات الفقر مرتفعة بشكل مهول. نسبة ولوج الإناث إلى التعليم الثانوي في هذه المنطقة منخفضة للغاية، ويصل إلى معدل أنثى واحدة لكل 7 ذكور. بعد تحليل مختلف المعطيات توصلت إلى أن الفقر هو السبب الأساسي لعدم تعليم البنات. في مجتمع لا تستطيع فيه الأسرة العادية تحمل نفقات تعليم جميع أبنائها، عادة ما يفضل الآباء تعليم الذكور لتوفرهم على فرص أكبر لولوج سوق العمل.
عدت إلى أسرتي في مدينة كامبريدج البريطانية، واقترحت فكرة مساعدة ودعم البنات للذهاب إلى المدرسة والبقاء فيها. تحمس زوجي للفكرة وبدأنا مشروعنا الذي توسع بعد ذلك ليحظى بدعم الأصدقاء وبعض جهات المجتمع المدني. بدأنا بدعم وتعليم 32 طفلة في زيمبابوي، وبحثنا عن مؤسسات لاحتضان المشروع وتوسيعه، لكنها لم تكن موجودة في بداية التسعينات. قررنا، نتيجة ذلك، تأسيس «كامفيد» لتعليم الإناث في المناطق الريفية وتوسيع نشاطها إلى بلدان أفريقية أخرى. ومنذ عام 1993 استفادت أكثر من 3 ملايين طفلة في زيمبابوي وزامبيا وغانا وتنزانيا وملاوي من برامج «كامفيد» التعليمية.
* ما الذي يميز برامج «كامفيد» التعليمية عن باقي البرامج الخيرية؟
- أعتقد أن «كامفيد» تميزت عن غيرها من المؤسسات الخيرية التعليمية - في أفريقيا وغيرها - منذ نشأتها. أود الإشارة هنا إلى أن تعليم الإناث لم يكن بالأهمية التي يعتريها اليوم في قطاع التنمية في بداية التسعينات. ولم يصبح تعليم الإناث محوريا في برامج التنمية الدولية إلا في منتصف وأواخر العقد، بعدما لفت الاقتصاديون إلى العلاقة الوطيدة بين الفقر، وتعليم البنات، ووفيات الأطفال والأمهات، والنمو السكاني، والأمن الغذائي. بالإضافة إلى ذلك، كان الاعتقاد السائد هو أن المشكلة ثقافية بحتة، مما قد يجعلها مستعصية على البرامج التنموية آنذاك.
تحدى مشروع «كامفيد» في بدايته جميع هذه العوامل، وأقر بدور الفقر وتردي الظروف السوسيو-اقتصادية في المجتمعات الأفريقية في صعوبة حصول الإناث على التعليم الابتدائي والثانوي. وكانت مؤسستنا سباقة من هذه الناحية إلى ابتكار برامج متكاملة تدعم تعليم الطفلات الأفريقيات.
* التزمت «كامفيد» بدعم مليون فتاة للولوج إلى التعليم الثانوي في الـ5 سنين المقبلة.. لما هذا الهدف؟ كيف ستحققين ذلك؟ وما الجهات التي تدعم «كامفيد» ماليا؟
- تعتمد «كامفيد» في تنفيذ برامجها التعليمية على استراتيجية محلية، مبنية على تطوير البرامج بموافقة ودعم المجتمعات المحلية. بناء على ذلك طورنا برامج تعليمية متكاملة بتنسيق مع أكثر من 5000 مدرسة في 5 دول، بالإضافة إلى إبرام اتفاقيات مع وزارات التعليم في بعض هذه الدول الأفريقية. أكثر من ذلك، اكتسبت «كامفيد» سمعة طيبة وبنت علاقات قوية مع بعض الحكومات الأفريقية وناشطي المجتمع المدني. نسعى اليوم إلى الاستفادة من هذا «الرأسمال الاجتماعي» والاستجابة إلى الطلب ودعم أعداد لا تكاد تنخفض من الإناث للالتحاق بالسلك الابتدائي والثانوي.
أما في ما يتعلق بالتمويل، فينقسم إلى 3 أنواع: الأول هو التمويل الحكومي، ويشمل مساعدات الهيئة البريطانية للتنمية الدولية. أما الثاني فيعتمد على مشاركات المؤسسات الخيرية، سواء كانت تابعة لشركات معينة أو عائلات أو ودائع. ومن أهم المساهمين في هذه الفئة مؤسسة «ماستركارد» الخيرية التي تدعم عددا كبيرا من البنات في المرحلة الثانوية والتعليم العالي. ومصدر التمويل الأخير يوفره أفراد مهتمون بالاستثمار في التعليم في أفريقيا.
* ككل المؤسسات البارزة، لا بد أن تكون لـ«كامفيد» قصة نجاح تعتز بها. هل من قصة نجاح معينة تودين مشاركتنا إياها؟
- أنا سعيدة لطرحك السؤال. بالفعل، كنت أود سرد قصة مديرتنا الإقليمية، أنجلين، التي أعتبرها من أبرز قصص نجاح برامج «كامفيد». أنجلين تنحدر من عائلة مزارعين فقيرة، غير قادرة على تحمل نفقات الدراسة ما بعد الابتدائية. على الرغم من تفوقها في المدرسة الابتدائية وحصولها على نتائج متميزة، لم تكن فرص الالتحاق بالسلك الثانوي متاحة أمام أنجلين. لولا برنامج كامفيد الأول، الذي دعم 32 بنتا لولوج التعليم الثانوي في زيمبابوي، ما كانت أنجلين حصلت على التعليم الثانوي وكانت هدرت إمكانياتها.
تحتل أنجلين اليوم منصبا رئيسيا في «كامفيد» بقيادتها لمكاتب المؤسسة في زيمبابوي وزامبيا وملاوي، كما كانت «كبيرة المفاوضين» في عملية إقناع الحكومة البريطانية بتمويل 24 ألف بنتا للالتحاق بالمدرسة.
* أسستم رابطة «كاما» لخريجي «كامفيد».. ما الهدف منها وما أهم إنجازاتها؟
- «كاما» جزء لا يتجزأ من برنامج «كامفيد»، وهي مرحلة جوهرية تمر بها المستفيدات لولوج سوق العمل ودعم المؤسسة والمتعلمات حديثات العهد بالبرنامج. جاءت فكرة «كاما» في السنين الأولى من تأسيس «كامفيد»، حيث استنتجنا أنه لا يزال مستعصيا على الإناث المتعلمات ولوج سوق العمل لعوامل عدة. نتيجة ذلك أسسنا، بمشاركة أنجلين، رابطة الخريجين لدعم الخريجات الجدد ولتبادل الخبرة والمعرفة. أدى ذلك إلى إنشاء مجتمع صغير - إن صح القول - تجد فيه المهتمات الدعم المعنوي والمادي لتطوير أعمالهن وتحقيق مستويات دخل كافية.
من جانب لآخر، تسعى «كامفيد» إلى دعم السكان المحليين وبناء قيادات محلية متمكنة لدعم التعليم وكسر حلقة الفقر والأمية. كثيرا ما يتحدث الأجانب عن مصلحة أفريقيا ومشكلاتها وإمكانياتها، من دون الأفريقيين أنفسهم.. ولذا أسسنا «كاما» لخريجي «كامفيد» والمستفيدات من برامجها لتكون بمثابة منصة لتبادل الخبرات وتوفير الدعم للمستفيدات الجديدة وتمثيل «كامفيد» وأفريقيا في الهيئات الدولية.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.