المعارضة تستغرب حملات دياب «المجانية» وتدعو إلى الترفّع عن {المهاترات}

استبعاد لجنة الصحة النيابية من الاجتماعات يثير ضجة

TT

المعارضة تستغرب حملات دياب «المجانية» وتدعو إلى الترفّع عن {المهاترات}

قالت مصادر بارزة في المعارضة إن رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب لم يكن مضطراً لاستحضار مشكلة سياسية «مجانية» لنفسه من خلال لجوئه إلى فتح النار على بعض خصومه، وإن كان آثر عدم تسميتهم، متهماً إياهم بـ«المزايدات الشعبوية» وبالاستثمار السياسي في تعاطيهم مع أداء الحكومة في مكافحة وباء فيروس «كورونا»، وسألت: «ما الجدوى من افتعال سجالات جانبية في الوقت الذي يتطلب من الجميع فيه الترفُّع عن المهاترات وعدم الدخول في تصفية الحسابات، خصوصاً أنه لم يصدر عن قيادات المعارضة ما يضطر إلى الرد عليهم؟».
ولفتت المصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن وباء «كورونا» لا يفرّق بين المعارضة والموالاة ولا يميّز بين طائفة وأخرى، «وبالتالي فإن مكافحته تتطلب إعلان حالة الاستنفار القصوى مقرونة بتضامن اللبنانيين والتفاف بعضهم حول بعض للحد من انتشاره بعد أن خرج عن السيطرة».
وأكدت أن الانتقادات التي وُجّهت إلى الحكومة ورئيسها وتحديداً إلى وزير الصحة العامة حمد حسن، لم تصدر عن قيادات في المعارضة؛ وإنما عن مواقع التواصل الاجتماعي، وقالت إن بعضها كان في محله، وإن خلية الأزمة التي شُكّلت وباشرت اجتماعاتها برعاية الرئيس دياب تردّدت في اتخاذ التدابير لاستيعاب هذا الوباء ومنع انتشاره، «خصوصاً أن للتدابير الوقائية دوراً أساسياً في محاصرته، وأن الإسراع في اتخاذها من شأنه أن يرفع من منسوب فاعلية الإجراءات العلاجية».
ولفتت إلى إصرار الرئيس دياب مع بروز أي أزمة على استحضار المعارضة والتصويب عليها، قائلة إنه ينوب عن «العهد القوي» في شن الحملات السياسية والإعلامية التي تستهدفها «رغم أن لبنان في حاجة اليوم إلى تضافر الجهود وتشابك الأيدي أكثر من أي وقت مضى».
وعدّت المصادر ألا مبرر في ضوء الأخطار المترتبة على وباء «كورونا» للانجرار إلى لعبة الثأر السياسي، «مع أنه يحق للبنانيين السؤال عن الأسباب الكامنة وراء التأخر في إعلان التعبئة العامة ووضع البلد في حالة طوارئ صحية، باعتبار أنه كان يمكن أن تصدر التدابير والإجراءات التي اتخذها مجلس الوزراء أول من أمس بناء على توصيات المجلس الأعلى للدفاع منذ أسابيع عدة، وبالتالي لا مبرر لكل هذا التردُّد».
وحمّلت مصادر في المعارضة خلية الأزمة مسؤولية التأخير في تقديم الاقتراحات العملية لمحاصرة انتشار الوباء، وسألت: «ما الذي منعها من أن توصي بعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء في أسرع وقت كتلك التي عُقدت أول من أمس وسبقها اجتماع طارئ لمجلس الدفاع؟».
وفي هذا السياق، طرحت المصادر نفسها أكثر من علامة استفهام حول عدم دعوة رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي (كتلة المستقبل النيابية) لحضور اجتماعات خلية الأزمة «رغم الدور الذي لعبته اللجنة في دعوتها وزير الصحة لحضور اجتماعاتها والطلب منه اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير الوقائية تقديراً منها بأن هذا الوباء سينتشر بسرعة، وبالتالي لا بد من رفع الجهوزية على كل المستويات لمكافحته».
وسألت: «هل سقطت دعوته سهواً أم إن السبب يكمن في انتمائه السياسي؛ خصوصاً أن تغييبه عن اجتماعات خلية الأزمة سرعان من انسحب على جلسة مجلس الوزراء التي دُعي إليها بعض العاملين في الحقل الصحي، مع أن استبعاده قوبل بامتعاض من النواب أعضاء لجنة الصحة؟».
وعدّت أن «تغييب عراجي عن كل هذه الاجتماعات لم يكن بريئاً، وإلا فلماذا لم توجّه الدعوة له لحضور جلسة مجلس الوزراء مع أنه سبق لرئيس الجمهورية ميشال عون أن أصر على دعوة رئيس لجنة المال والموازنة النيابية لحضور كل الاجتماعات المالية والاقتصادية التي كانت عُقدت في بعبدا، وهل جاءت دعوته لانتمائه إلى التيار السياسي المحسوب على العهد القوي؟».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي سعى أمس إلى تطويق ما صدر من ردود فعل على استبعاد الدكتور عراجي، وبادر للاتصال به ليؤكد له ألا خلفية سياسية لاستبعاده، وأن الرئيس عون يكنّ له كل تقدير واحترام.
ورأت المصادر في المعارضة أن مجرد قيام جريصاتي بهذا الاتصال مع أنه لم يُعرف ما إذا كان بمبادرة شخصية منه أم بطلب من الرئيس عون، يشكّل اعترافاً صريحاً بحصول خطأ لم يكن مقصوداً، حسبما نُقل عن جريصاتي.
وسألت المصادر: «لماذا تأخر رئيس الجمهورية في مخاطبة اللبنانيين؟ وهل يصبّ ما صدر عن رئيس الحكومة في خانة تعزيز التضامن الوطني؟ وما مصلحة الأخير في كل مرة أن يستهدف بعض أطراف المعارضة من دون أن يسميهم من دون أن يكون من مبرر لحملاته؟».
على صعيد آخر، تمثل اليوم خلية الأزمة أمام لجنة الصحة النيابية في اجتماع تقويمي للتدابير والإجراءات التي اتُّخذت والأسباب التي كانت وراء ترحيل اتخاذها إلى حين انعقاد مجلس الوزراء.
وبالنسبة إلى النازحين السوريين ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، علمت «الشرق الأوسط» بأن المجلس الأعلى للدفاع أناط بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مهمة التواصل مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين للبحث في ضرورة الإسراع في تجهيز المستشفيات الميدانية في عكار والبقاع لإخضاع المقيمين في المخيمات إلى فحوص للتأكد من عدم إصابتهم بـ«كورونا»، خصوصاً أن هذه المخيمات متداخلة مع البلدات والقرى البقاعية والعكارية.
كما أن اللواء إبراهيم يتواصل مع «وكالة الغوث» للاجئين الفلسطينيين وسفارة فلسطين لدى لبنان من أجل حثّهما على إخضاع من في المخيمات إلى فحوص للتأكد من عدم إصابتهم بـ«كورونا» واتخاذ ما يلزم من تدابير لعزل من تثبت إصابته، لحماية اللاجئين من انتشار هذا الوباء.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.