سيناريوهات أزمة الديون اللبنانية... ما الخطوة التالية؟

رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب (د.ب.أ)
رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب (د.ب.أ)
TT

سيناريوهات أزمة الديون اللبنانية... ما الخطوة التالية؟

رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب (د.ب.أ)
رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب (د.ب.أ)

استسلم لبنان للمحتوم، وأعلن أنه لن يسدد سندات قيمتها 1.2 مليار دولار حل موعد استحقاقها يوم الاثنين، متخلفاً بذلك عن سداد التزاماته للمرة الأولى، وفقاً لوكالة «رويترز».
لكن ما هي الخيارات المتاحة أمام لبنان، أحد أكثر البلدان استدانة في العالم؟

- الخيار الأول: صندوق النقد الدولي

يرزح لبنان تحت وطأة دين يتجاوز 90 مليار دولار، ويعادل تقريباً 170 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وقد أقر رئيس وزرائه حسان دياب بأن لبنان لم تتبق لديه احتياطيات مجدية من النقد الأجنبي.
ولأن الاقتصاد اللبناني أيضاً في حالة انهيار، فإن النهج المعتاد في هذه الحالة هو اللجوء إلى صندوق النقد الدولي لطلب الدعم، وفي الوقت نفسه محاولة التوصل إلى اتفاق مع الدائنين الذين عجزت الدولة عن سداد مستحقاتهم.
وقد أجرى صندوق النقد الدولي زيارة «فنية» للبنان الشهر الماضي، والتي قال الصندوق إنها «مفيدة ومثمرة جداً»؛ لكنها لا تحسم الأمر. فلبنان يحتاج سيولة عاجلة وإلا فإنه يخاطر بحدوث مزيد من العنف في الشوارع مع نفاد الأموال تماماً.
ويتطلب الصندوق وجود خطة اقتصادية ذات مصداقية؛ لكن هذا الأمر صعب في الوقت الحالي. فبيروت مركز للنشاط المصرفي، وستحتاج البنوك لزيادة رؤوس أموالها، كما أن المصدر الرئيسي الآخر للإيرادات في البلاد - وهو السياحة - يعاني من تداعيات انتشار فيروس «كورونا».
كذلك فإن الوضع على المسرح السياسي صعب. فأحد المؤيدين الرئيسيين للحكومة اللبنانية الجديدة هو «حزب الله»، وهو جماعة مسلحة تساندها إيران وتدرجها واشنطن ضمن قوائم الجماعات الإرهابية.
وتعارض قيادات «حزب الله» إشراك صندوق النقد الدولي في الأمر، وتقول إن الشروط المرجحة لأي صفقة إنقاذ ستكون مؤلمة، وإنها ستطلق شرارة «ثورة شعبية».
وديون لبنان من الديون الثنائية ومتعددة الأطراف ليست كثيرة، ولذا فإنه إذا تم شطبها كلها فلن تقلل عبء الدين سوى بنسبة 3.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لما تقوله مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس».
وتملك البنوك التجارية اللبنانية معظم الدين اللبناني بالعملة المحلية، و16 في المائة من الديون بالعملات الأجنبية، ولذا فإن إعادة هيكلة الدين تمثل مجازفة بالقضاء على رؤوس أموالها.

- الخيار الثاني: أي وسيلة بما فيها الاستجداء

بإمكان بيروت أن تحاول المضي قدماً دون اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، غير أنه سيتعين عليها أن تفعل ما لم تتمكن حكومة سابقة من إنجازه، وهو خفض الإنفاق الحكومي بشدة، وبدء برنامج أطول أجلاً لزيادة الضرائب من أجل ترتيب الوضع المالي.
وقد قالت وكالة «فيتش» للتصنيفات الائتمانية، إن الحكومة ربما تمد يدها إلى الودائع والمدخرات المودعة في البنوك اللبنانية، مثلما فعلت قبرص في ذروة أزمتها، وذلك رغم أن الحكومة تصر على أن ذلك لن يحدث.
وفي أي من هاتين الحالتين، ستضطر الحكومة لإعادة التفاوض على بقية ديونها مع الدائنين الدوليين.
واستطاعت دول تخلفت مؤخراً عن سداد التزاماتها - مثل أوكرانيا - إقناع دائنيها بشطب بعض مستحقاتهم، والموافقة على تأخير مواعيد سداد الباقي، وخفض أسعار الفائدة، رغم أن ذلك تم بمساعدة صندوق النقد.
كما أن سندات لبنان تفتقر للصياغة القانونية المعروفة ببنود العمل الجماعي المعززة، وهو ما يعني أنها قد تضطر لإعادة التفاوض على كل إصدار على حدة تقريباً، لا من خلال اتفاق واحد أو اتفاقين كبيرين.
وسيكون بوسع أي طرف أو مجموعة من حملة السندات يملك 25 في المائة أو أكثر من إصدار واحد، ولا تعجبه الشروط التي تعرضها الحكومة، أن يعطل العملية كلها.
وكما قال وزير الاقتصاد اللبناني راؤول نعمة: «نقترح عليهم العمل سوياً لإيجاد حل، وهو أفضل دائماً من التقاضي... لكن الخيار لهم لاتخاذ قرار بالتعاون أو سبيل التقاضي».

- الخيار الثالث: طريق الأرجنتين

سيكون الخيار الأخير هو محاولة لي ذراع أي معارضين من حملة السندات لقبول اتفاق، وذلك بتجميد أموالهم في البلاد؛ لكن هذا سيكون مصحوباً بمجازفة شديدة.
ويحذر محامو الديون السيادية من أن هذا الأمر قد ينتهي بما آل إليه حال الأرجنتين. فقد رفعت مجموعة من الصناديق الدائنة دعوى على الحكومة الأرجنتينية أمام محكمة في نيويورك عندما رفضت السداد.
ومنعت تلك المحكمة البنوك الدولية فعلياً من شراء أي سندات أرجنتينية جديدة خلال نظر القضية، ووجدت الأرجنتين نفسها معزولة عن أسواق السندات الدولية لفترة طويلة تقترب من العقد.
وإذا لم ينته الأمر بمعركة قانونية، فربما تطالب الصناديق المعنية بالاستحواذ على أي أصول باقية للبلاد، وهو ما قد يشمل أي عقارات مملوكة للحكومة، أو أي شركات تملكها الدولة، أو أي مرافق للبنية التحتية.
وقال فيكتور شابو، مدير المحافظ بشركة «أبردين ستاندرد إنفستمنتس»: «لا أتخيل كيف يمكنهم طرح أي خطة معقولة لخفض الديون. إذا انتهى الأمر بمعركة قانونية فقد يكون الأمر أسوأ مما حدث في حالة الأرجنتين».



مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة... والدبابات تتوغل في خان يونس

مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)
مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة... والدبابات تتوغل في خان يونس

مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)
مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)

توغلت دبابات إسرائيلية في الأحياء الشمالية في خان يونس بجنوب قطاع غزة، اليوم (الأربعاء)، وقال مسعفون فلسطينيون إن ضربات جوية إسرائيلية قتلت 47 شخصاً على الأقل في أنحاء القطاع.

ووفقاً لـ«رويترز»، قال سكان إن الدبابات توغلت في خان يونس بعد يوم واحد من إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة، قائلاً إنه يجري إطلاق صواريخ من المنطقة.

ومع سقوط قذائف بالقرب من المناطق السكنية، فرّت الأسر من ديارها واتجهت غرباً نحو منطقة أُعلن أنها منطقة إنسانية آمنة في المواصي.

وقال مسؤولون فلسطينيون ومن الأمم المتحدة إنه لم تعد هناك مناطق آمنة في غزة، وإن معظم سكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة نزحوا بضع مرات.

وفي وقت لاحق من اليوم (الأربعاء)، قال مسعفون إن ضربة جوية إسرائيلية على منطقة خيام للنازحين في المواصي قتلت 17 شخصاً على الأقل وأدت إلى إصابة عدد كبير.

وقال الدفاع المدني الفلسطيني إن الهجوم أدى إلى اشتعال نيران في خيام تؤوي عائلات نازحة.

وأضاف أن غارة جوية إسرائيلية أخرى أصابت 3 منازل في مدينة غزة، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص على الأقل وإصابة عشرات آخرين. وما زالت عمليات الإنقاذ مستمرة لانتشال آخرين مدفونين تحت الأنقاض.

وقال مسعفون إن 11 شخصاً قُتلوا في 3 غارات جوية على مناطق في وسط غزة، بينهم 6 أطفال ومسعف. وأضافوا أن 5 من القتلى لقوا حتفهم بينما كانوا ينتظرون في طابور أمام أحد المخابز.

وأضاف المسعفون أن 9 فلسطينيين آخرين قُتلوا بنيران دبابة في رفح بالقرب من الحدود مع مصر.

ولم يدلِ الجيش الإسرائيلي حتى الآن بتعليق على تقارير المسعفين.

وقال حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة، إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على المستشفى لليوم الخامس على التوالي، ما أدى إلى إصابة 3 من أفراد الطاقم الطبي، أحدهم على نحو خطير، مساء الثلاثاء.

ضربات طائرات مسيرة

قال أبو صفية: «الطائرات المسيرة تسقط قنابل معبأة بالشظايا التي تصيب كل مَن يجرؤ على التحرك، الوضع حرج للغاية».

وقال سكان في 3 بلدات؛ هي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجّرت عشرات المنازل.

ويقول الفلسطينيون إن الجيش الإسرائيلي يحاول إبعاد الناس عن الطرف الشمالي لقطاع غزة من خلال عمليات الإخلاء القسري والقصف بهدف إنشاء منطقة عازلة.

وينفي الجيش الإسرائيلي هذا ويقول إنه عاد إلى المنطقة لمنع مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من إعادة تجميع صفوفهم في المنطقة التي أخلاها منهم قبل ذلك.

في سياق متصل، أفاد تلفزيون «الأقصى» الفلسطيني بمقتل 25 شخصاً في قصف إسرائيلي على مربع سكني في مدينة غزة.

وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية إن طائرات حربية إسرائيلية قصفت منزلاً في محيط شارع النفق بحي الشيخ رضوان في شمال المدينة.

كما قال مسؤول صحي فلسطيني إن هجوماً إسرائيلياً على مخيم في غزة أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 21 شخصاً.

وقال عاطف الحوت، مدير مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوب القطاع، إن الهجوم أسفر أيضاً عن إصابة 28 شخصاً بجروح.

وذكرت القوات الإسرائيلية أن طائراتها استهدفت قياديين في «حماس»، «متورطين في أنشطة إرهابية» في المنطقة. وأضاف أن الغارة تسببت في حدوث انفجارات ثانوية، ما يشير إلى وجود مواد متفجرة في المنطقة.

ولم يكن من الممكن تأكيد الادعاءات الإسرائيلية بشكل مستقل؛ حيث إن الغارة يمكن أن تكون قد أشعلت وقوداً أو أسطوانات غاز طهي أو مواد أخرى في المخيم.