برلمان مصر يدفع لتعزيز تواجدها الأفريقي

ناقش العلاقات الصحية والدوائية والفعاليات الرياضية

TT

برلمان مصر يدفع لتعزيز تواجدها الأفريقي

على وقع خلافات علنية مع إثيوبيا وتباينات في بعض المواقف مع السودان، يدفع برلمان مصر باتجاه تعزيز تواجدها في محيطها الأفريقي، عبر مجالات مختلفة، منها العلاقات الصحية والدوائية، والفعاليات الرياضية. وخلال لقاء «لجنة الشؤون الأفريقية» بمجلس النواب، أول من أمس، أفاد رئيسها النائب، طارق رضوان، بأنهم بصدد إعداد «استراتيجية متكاملة للتحرك داخل القارة السمراء، في إطار تفعيل توجيهات القيادة السياسة بتعميق الحضور المصري في أفريقيا عبر المجالات كافة»، غير أنه رهن إتمام إعداد تلك الخطة بـ«إتمام استطلاع رؤى ومحاور عمل الوزارات المختلفة».
ويركز مسؤولون مصريون من مستويات عدة، على مساعي استعادة «التأثير والنفاذ إقليمياً وقارياً»، خصوصاً بعد رئاسة بلادهم الاتحاد الأفريقي العام الماضي، في حين شهد الشهر الماضي، استضافة القاهرة لفاعليتين مهمتين، أولاهما: اجتماع رؤساء أركان حرب القوات المسلحة لدول تجمع الساحل الأفريقي الخمس، والأخرى: «اجتماع القاهرة رفيع المستوى» الرابع لرؤساء المحاكم والمجالس الدستورية والمحاكم العليا الأفريقية.
وفي حين اعتبر رضوان، خلال اجتماع اللجنة، أن هناك «تحركات وجهوداً تجري من قِبل مسؤولي القطاعات المختلفة»، غير أنه اعتبرها «غير كافية أو مخططة جماعياً».
القطاع الصحي ودوره القاري كان من بين مجالات اهتمام اللجنة البرلمانية، التي استضافت الدكتور محمد جاد، ممثلاً عن وزارة الصحة، والذي أشار بدوره إلى أن «القوافل الصحية والفحوص الطبية (التي تنظمها مصر في عدد من دول القارة) من بين الملفات المهمة التي يرتكز عليها عمل وزارته في علاقة مصر مع الدول الأفريقية، وخصوصاً ما يتعلق بمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لعلاج مليون أفريقي من فيروس سي».
وأبلغ جاد اللجنة البرلمانية، بأن 4 دول أفريقية وقّعت على اتفاقية لتوحيد تصنيع وتسجيل الدواء، وهو القطاع الذي تحظى فيه القاهرة بتميز نسبي على مستوى القاهرة. وسجلت صادرات مصر من الأدوية والمستلزمات الطبية لعام 2018 نحو 789 مليون دولار، منها صادرات بقيمة 65 مليون دولار لبلدان أفريقية، بحسب ما أفادت وزيرة الصحة هالة زايد، في سبتمبر (أيلول) الماضي. وتنشط مصر، عبر «الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية» التابعة لوزارة الخارجية في مجال تقديم المساعدات الإنسانية والمواد الإغاثية لبعض البلدان الأفريقية. وعلى صعيد العلاقات الرياضية، نوّه وزير الشباب والرياضة المصري، أشرف صبحي، خلال اجتماع «اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون الأفريقية» و«لجنة الشباب والرياضة»، باستضافة مصر «كأس الأمم الأفريقية» العام الماضي، في حين أنشأت الوزارة مكتباً للشؤون الأفريقية تعمل فيه مع الجامعات وغيرها من المؤسسات لصالح دعم الدول الأفريقية ودعم توجه مصر أفريقيا.
وقدّر «التقرير الاستراتيجي العربي 2019»، الصادر، حديثاً عن «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أن «السياسة الخارجية المصرية شهدت العام الماضي تحركات مكثفة للدفاع عن المصالح الأفريقية بعد تسلمها رئاسة الاتحاد الأفريقي لمدة عام، على نحو يؤدي إلى إشراك المجتمع الدولي في حل الملفات والقضايا الشائكة التي تعوق جهود التنمية المستدامة بالقارة».
ورصد التقرير مؤشرات تعزز إشارته إلى التحركات المصرية، منها: «الزيارات المتتالية الكثيرة لمسؤولين مصريين إلى الدول الأفريقية، وتعزيز الحضور المصري في منظمات اتحاد القارة، وكذلك السعي إلى تنسيق الجهود الإقليمية لبناء السلم وتعزيز الأمن، وترسيخ مبدأ الحلول الأفريقية للمشكلات باعتباره السبيل الوحيد للتعامل مع التحديات المشتركة، وكذلك بحث سبل تعزيز التجارة البينية بين مصر وبلدان القارة السمراء».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».