أصيلة... الإنسان والمكان والزمان

كتاب مغربي يتناول أهم معالمها الأثرية والتاريخية

أصيلة... الإنسان والمكان والزمان
TT

أصيلة... الإنسان والمكان والزمان

أصيلة... الإنسان والمكان والزمان

صدر أخيراً في المغرب كتاب بعنوان «أصيلة... زمكانية المعالم الأثرية والتاريخية»، للكاتب مصطفى عبد السلام المهماه.
الكتاب جاء على شكل بحث سوسيو - تاريخي مفصّل في موضوع المعالم الأثرية والتاريخية بمدينة أصيلة... إحدى أجمل مدن الشمال المغربي وأكثرها حضوراً ثقافياً.
وتضمّن هذا المؤلَّف 5 أبواب و12 فصلاً، بالإضافة إلى خاتمة واستنتاج، وهي منهجية بحثية اختارها الكاتب لاستعراض قدر من المعلومات السوسيو - تاريخية، التي تشهد على ثراء التراث المادي والمعرفي لهذه المدينة.
الباب الأول من الكتاب حرص فيه الكاتب على إيضاح الهدف من وراء هذا البحث، عبر تبيان الدوافع التي استدعت القيام به، وهي في الأساس ترمي إلى تقديم معلومات شاملة عن المعالم الأثرية والتاريخية لزوار المدينة عبر تشكيل مادة كاملة للدليل السياحي والمهتمين بتنمية قطاع السياحة كرافعة تنموية للمدينة، فضلاً عن الدور الذي سيلعبه هذا العمل في توفير قاعدة بيانات للباحثين في العلوم الاجتماعية.
المجال الجغرافي للبحث هو ناحية أصيلة حيث المعالم الأثرية لما قبل التاريخ بجماعتي (قريتي) سوق اثنين سيدي اليمني وسوق أحد الغربية، بالإضافة إلى مدينة أصيلة القديمة، أما المجال الزمني فيرجع إلى مرحلة ما قبل التاريخ وقبل الميلاد في عهد الفينيقيين والعصور الوسطى والقرنين الثامن عشر والتاسع عشر وصولاً إلى مطلع القرن العشرين، وكل ذلك عبر منهجية متعددة المحاور (تاريخية وسوسيولوجية ومنهج الملاحظة المباشرة).
البداية كانت باستعراض عدد من المعالم الأثرية لما قبل التاريخ كمدافن تومولوس والحمة البحرية الصغيرة والكبيرة وكهف الحمام والأقواس ومنطقة تهدرات وقرية الحمر. كما تضمن هذا الباب الافتتاحي فصلاً عن بعض المعالم الأثرية وكتابة التاريخ؛ زيليا ZILIA، وزيليل ZILIL، وزيليس ZILIS، وأزيلا، وأصيلا، وأصيلة، وكلها عناصر تاريخية سجّلت مراحل وجود المدينة ببلداتها المتفرقة وبأسمائها المتواترة بدءاً من قدماء الأمازيغ والمرحلة الرومانية، وصولاً إلى الفتح العربي الإسلامي.
كما تناول الباب الثاني من الكتاب مرحلة احتلال البرتغال للمدينة، والتحصينات التي كانت ببلدتها القديمة (أزيلا) مع استعراض لأهم أبوابها. من جانب آخر، أشار الكاتب بإسهاب إلى المساجد التاريخية بأصيلة، كجامع القصبة الأعظم وجامع الزكوري وجامع بنعياد وجامع «للاسعيدة أو السعيدة»، بالإضافة إلى مسجدي الحسن الثاني وسيدي عامر.
وبالنظر إلى مكانة هذه المدينة في التراث الصوفي والروحي للمغرب، فقد سلط الكتاب قسطاً من الضوء على الرّباطات والمراكز الصوفية بالمنطقة، وعلى عدد من الزوايا الشهيرة. كما كان للبعد التعدّدي حضوره في الكتاب، من خلال تخصيص فصل كامل للمآثر الدينية المسيحية واليهودية كالكاتدرائية الكاثوليكية بأصيلة، وبيع اليهود التي واكب تشييدُها مراحلَ وجودهم في المدينة.
وفي الباب الرابع من هذا الكتاب، خصص المؤلِّف 3 فصول لتسليط الضوء على الجانب الثقافي والفني من المعالم الأثرية التي تزخر بها أصيلة، كالنصب التذكاري 9 أبريل وقصر الريسوني الذي أصبح لاحقاً «قصر الثقافة». المدارس التعليمية أيضاً كان لها نصيبها من هذا العرض، بدءاً بالمدرسة الابتدائية للبنات ومدرسة للّا طامة غيلانة، والمدرسة القرآنية الابتدائية، ومدرسة ابن خلدون وغيرها من مراكز التعليم العربية والأجنبية.
وبالرجوع إلى الحضور اللافت للفنون في هذه المدينة الساحلية الهادئة، أشار الكتاب بالتفصيل إلى القاعات السينمائية والمسرحية وإلى السوق العصرية (La plaza) وأقواس المقابر وأنواع مختلفة من المدافع الأثرية.
الباب الأخير من هذا الكتاب، ألقى الضوء على 3 بنايات زاوجت بين الطّابَعيْن المؤسساتي والإشعاعي، ويتعلق الأمر بكل من مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية والمحكمة الشرعية الابتدائية والمؤسسة الخيرية الإسلامية بأصيلة.
ويمكن القول إن الاستنتاج الذي خلص إليه هذا الكتاب في نهاية البحث هو ارتباط مجمل المعالم الأثرية في مدينة أصيلة بتاريخ الزمكانية الاجتماعية التي غابت عن عدد من المؤرخين في كتاباتهم حول هذا الموضوع. كما شدّدت النتائج المحصل عليها على أهمية دراسة العلاقة التي تجمع الفرد بالمكان والزمان من أجل تعزيز المعرفة السوسيوتاريخية لهذه المعالم، والتي تحتاج اليوم إلى نقل حركيتها الثقافية بالدليل السياحي إلى الزوار والمهتمين بالقطاع السياحي، وإلى الفاعلين في الاقتصاد التنموي محلياً ووطنياً.



سامانثا هارفي: أهدي فوزي لأولئك الذين يتحدثون باسم الأرض

سامانثا هارفي تمسك بجائزة البوكر ورايتها «أوربيتال» (إ.ب.أ)
سامانثا هارفي تمسك بجائزة البوكر ورايتها «أوربيتال» (إ.ب.أ)
TT

سامانثا هارفي: أهدي فوزي لأولئك الذين يتحدثون باسم الأرض

سامانثا هارفي تمسك بجائزة البوكر ورايتها «أوربيتال» (إ.ب.أ)
سامانثا هارفي تمسك بجائزة البوكر ورايتها «أوربيتال» (إ.ب.أ)

أعلنت لجنة جائزة «بوكر» البريطانية للرواية في وقت متأخر مساء الثلاثاء عن فوز رواية «أوربيتال» للكاتبة البريطانية سامانثا هارفي بالجائزة ذات القيمة الأدبية الكبيرة على الرغم من مبلغها المادي المتواضع، البالغ خمسين ألف جنيه إسترليني.

وذكر رئيس لجنة التحكيم، الفنان والمؤلف إدموند دي وال، أن رواية سامانثا هارفي تستحق الفوز لـ«جمالها وطموحها»، وأنها «تعكس شدة اهتمام هارفي الاستثنائي بالعالم الثمين والمحفوف بالمخاطر الذي نتقاسمه».

وأهدت سامانثا هارفي، في خطاب الفوز جائزتها «إلى أولئك الذين يتحدثون باسم الأرض ولصالح كرامة البشر الآخرين، والحياة الأخرى، وجميع الأشخاص الذين يتحدثون عن السلام ويدعون إليه ويعملون من أجله».

وتتركز أحداث الرواية حول ستة رواد فضاء يعملون داخل محطة فضائية تدور في فلك الأرض.

وفي مراجعته للرواية كانت نشرتها «نيويورك تايمز»، كتب جوشوا فيريس أن «(أوربيتال) خالية تقريباً من الحبكة؛ فليس بها عرق فضائي يغزو الأرض، ولا كوكب يدفع الناس إلى الجنون». ومع ذلك، يقول فيريس إن الافتقار إلى السرد لم يضر الرواية، التي تضمنت مقاطع قصيرة عن البيئة والوقت والدين. وخلص الناقد إلى أن الكتاب «جميل على نحو يسلب العقل. وفي بعض الأحيان، يكفيك الشعور بالدهشة والروعة». من جهتها، قالت هارفي، في مقابلة حديثة لها مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إنها في أثناء عملها على «أوربيتال»، شاهدت «آلاف وآلاف الساعات من لقطات تصوير للأرض جرى التقاطها من الفضاء»، وأضافت هارفي أنه «نظراً لأن ذلك كان في فترة الجائحة»، فقد خالجها شعور بنوع من «التحرر الجميل أن أتمكن من القيام بذلك كل يوم، وفي نفس الوقت أكتب عن ستة أشخاص محاصرين داخل علبة صفيح».

ومن بين الروايات السابقة الفائزة بالجائزة «حياة باي» ليان مارتيل، و«أطفال منتصف الليل» لسلمان رشدي، و«القاتل الأعمى» لمارغريت أتوود.

وكانت ست روايات قد تنافست على الجائزة، ومنها «جيمس»، تأليف بيرسيفال إيفرت التي توقع مراهنون بريطانيون فوزها بالجائزة. والرواية عبارة عن إعادة سرد لرواية «مغامرات هكلبيري فين» لمارك توين، من منظور الرجل الأسود الهارب من العبودية في الرواية الأصلية. وتبعاً لمراجعة الناقد دوايت غارنر في «نيويورك تايمز»، فإن «ما يميز جيمس عن روايات إيفرت السابقة، رغم أنها تحمل الحس الفكاهي القوي ذاته مثل الكثير من الروايات الأخرى، أن الإنسانية هنا تتجلى بشكل أفضل كثيراً. هذه أكثر روايات إيفرت إثارة، وكذلك أكثرها عاطفية».

وفي إطار مقابلات أجريت معه، قال إيفرت إنه وقع على الفكرة في أثناء لعب التنس، وتساءل فجأة عما إذا كان أي شخص قد أعاد كتابة «هكلبيري فين». وقال في تصريحات أدلى بها في مايو (أيار): «كان سؤالاً مثيراً للاهتمام، وكشف لي كذلك عن السبب وراء ضربي للكرة بشكل رديء للغاية».

ومن الروايات الأخرى المرشحة، «بحيرة الخلق»، تأليف راشيل كوشنر. وتدور أحداثها حول جاسوسة مأجورة تتسلل إلى داخل إحدى جماعات النشطاء البيئيين في فرنسا - وإن كانت لا تعرف، على ما يبدو، حقيقة من استأجرها - لصالح تكتلات زراعية ضخمة تسعى للزج بأعضاء الجماعة في السجن. وفي مقابلة صحافية أجرتها، قالت كوشنر إن كتابة «بحيرة الخلق» كانت «أكثر ما استمتعت به في حياتي»، وإنها «فضلت العالم الذي صنعته» في الكتاب على العالم الذي نحيا فيه اليوم. ونالت الرواية إعجاب الكثير من النقاد، بما في ذلك غارنر، الذي كتب أنها «تعزز مكانة كوشنر باعتبارها واحدة من أفضل الروائيين باللغة الإنجليزية». ومع ذلك، عبَّرت ميا ليفيتين، في صحيفة «فاينانشيال تايمز»، عن اعتقادها بأن الرواية، المليئة بالتأملات الفلسفية، «رديئة الصياغة على نحو مخيب للآمال».

وحازت رواية «الحارس»، تأليف يائيل فان دير وودن، اهتمام بعض الأوساط الأدبية أيضاً، لسبب رئيس واحد: وجود قدر كبير من الجنس بها. في الواقع، كما لاحظ أحد المراجعين في صحيفة «التايمز»، تتضمن الرواية «فصلاً كاملاً عن الجنس».من جهتهم، أكد حكام جائزة «بوكر» أنهم اختاروا الرواية في القائمة القصيرة، وهي أول رواية لفان دير وودن، لأسباب تتجاوز الموضوع، واصفين العمل في بيان صحافي بأنه «قصة قوية وجذابة حول الهوس والأسرار». تدور أحداث الرواية في هولندا في ستينات القرن العشرين، وتروي قصة رومانسية لم تكن بالحسبان بين إيزابيل، امرأة باردة مهووسة تعيش في منزل والديها القديم، وإيفا، صديقة أحد أشقاء إيزابيل. وتكشف الرواية تدريجياً كذلك عن أنها قصة عن الهولوكوست وإرثه. من ناحيتها، قالت فان دير وودن في مقابلة أجريت معها قريباً، إن الكتاب مستوحى من قصة قصيرة كتبتها عن عشاء عائلي تسوده أجواء التوتر، يحضره رجل مع صديقته، التي لا يحبها أحد هناك. وكتبت لوري سوديرليند في صحيفة «التايمز»: «يا له من كتاب هادئ رائع. لا شيء في هذا الكتاب يبدو زائداً عن الحاجة».

ومن الروايات المرشحة الأخرى، رواية «ستون يارد ديفوشنال»، تأليف شارلوت وود، التي ستتولى دار نشر «ريفيرهيد بوكس» بالولايات المتحدة نشرها في 11 فبراير (شباط). وتدور عن امرأة تتخلى عن وظيفتها في منظمة غير ربحية معنية بالحياة البرية، بعدما غلبها اليأس، على ما يبدو، بسبب افتقار عملها إلى التأثير، وتلجأ إلى دير، حيث تنقطع عزلتها بسبب، من بين أمور أخرى، تفشي وباء الفئران. من جهتها، وصفت جوهانا توماس كور، التي راجعت الرواية لصحيفة «صنداي تايمز» في بريطانيا، بأنها «عمل جميل وناضج لا يخشى الحياة». أما وود، فصرَّحت عبر مقابلات صحافية حديثة بأن الرواية كُتبت في أثناء فترة الإغلاق جراء جائحة فيروس كورونا، وبعد تشخيص إصابتها بالسرطان. وقالت في بيان لموقع «بوكر» الإلكتروني إن: «الاضطرابين المزدوجين» بثَّا داخلها «غريزة ملحة للتخلص من كل ما هو غير ضروري».