معركة بلدية باريس اختبار لشعبية ماكرون وحظوظه في الفوز بولاية ثانية

الانتخابات المحلية في فرنسا يومي 15 و22 من الشهر الحالي

مبنى بلدية باريس
مبنى بلدية باريس
TT

معركة بلدية باريس اختبار لشعبية ماكرون وحظوظه في الفوز بولاية ثانية

مبنى بلدية باريس
مبنى بلدية باريس

يتوجه الناخبون الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع، الأحد المقبل، في الجولة الأولى للانتخابات البلدية، التي ستجرى يومي 15 و22 مارس (آذار) الحالي، وسط تضخم أعداد اللوائح والمنتخبين. ووفق الأرقام التي نشرتها وزارة الداخلية، فإن أعداد المسجلين على اللوائح، الذين يحق لهم الاقتراع تبلغ 47.7 مليون ناخب وناخبة موزعين على 35 ألف مدينة وقرية، فيما زادت أعداد المرشحين على 902 ألف موزعين على 20756 لائحة. ومهمة الناخبين اختيار 500 ألف مستشار بلدي تعود إليهم مسؤولية انتخاب العمداء (رؤساء بلدية) المنوطة بهم إدارة الشؤون اليومية للقرى والمدن المسؤولين عنها، مثل المدارس والصحة والنظافة والنقل والطفولة والشرطة البلدية.
وفي الأيام الأخيرة، دار جدل في فرنسا حول تأجيل الاستحقاق الانتخابي، بسبب تفشي فيروس كورونا، بين «مدرستين»: الأولى تعتبر أنه لا يتعين تعريض الناخبين لاحتمال العدوى، فيما ترى الثانية أنه من «المبالغة» التخوف من الانتقال إلى مكاتب الاقتراع، وأنه يمكن تجنب المخاطر من خلال التدابير الوقائية العادية، مثل توفير الكمامات، وتطهير اليدين، وغير ذلك من الإرشادات التي تشدد عليها وزارة الصحة. وثمة من عثر على حل «وسط» قوامه تأجيل الانتخابات في المناطق التي تشهد أكبر نسبة من الإصابات.
ومساء أمس (الأحد)، دعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى اجتماع طارئ لمجلس الدفاع الأعلى، وهي المرة الثانية في غضون أيام قليلة، لدرس الإجراءات والتدابير الضرورية، فيما يبدو واضحاً أن تزايد عدد الوفيات (16) والإصابات (ألف)، سيلزم السلطات الفرنسية بالعمل بما يسمى «المرحلة الثالثة» التي تعني مواجهة حالة «تفشي الوباء».
حقيقة الأمر، أن «كورونا» حجب إلى حد ما موضوع الانتخابات البلدية التي ترتدي طابعاً مهماً، رغم كونها محلية، ذلك أنها تحل في مطلع السنة الرابعة من ولاية ماكرون من جهة، ومن جهة أخرى، تأتي بعد تململ اجتماعي واسع عنوانه الأخير «إعادة النظر في نظام التقاعد»، الذي لا يزال قيد المناقشة في البرلمان الفرنسي. ويبدو حزب «الجمهورية إلى الأمام» الرئاسي في موقف صعب، رغم النتائج «المشرفة» التي حصل عليها في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، حيث كان الفارق ضيقاً جداً بينه وبين حزب «التجمع الوطني» (اليمين المتطرف) الذي تقوده مارين لوبن.
ومعضلة حزب ماكرون ثلاثية الأوجه: فهو، أولاً، لا يتمتع، بعكس بقية الأحزاب القديمة، بانغراس محلي كافٍ، خصوصاً في الأرياف. وثانياً، عاد حزب اليمين الكلاسيكي (الجمهوريون) إلى الساحة السياسية بعد النكسات التي ألمت به منذ الانتخابات الرئاسية عام 2017، وهو بذلك أخذ يسترجع نسبة من الناخبين التي التحقت بماكرون. وثالثاً، يرى الخائبون من سياسة ماكرون أن الانتخابات المحلية فرصة للتعبير عن خيبتهم من السياسات التي سار عليها منذ وصوله قصر الإليزيه، التي يرون أنها تميل إلى الطبقات العليا. وخلاصة القول إن استحقاق يومي الأحد المقبلين سيكون بمثابة «اختبار» لشعبية الرئيس، الذي يحضر لخوض غمار المنافسة الرئاسية للعام 2022.
في هذا السياق، ترتدي «معركة باريس» أهمية استثنائية. وكان حزب «الجمهورية إلى الأمام» يعوّل على انتزاعها من اليسار الذي يديرها منذ ثلاث ولايات، آخرها برئاسة آن هيدالغو التي «ورثتها» عن سلفها الاشتراكي برتداند دولانويه. والحال أن ماكرون وحزبه حصلا في الانتخابات الرئاسية والأوروبية على أعلى نسب من الأصوات في العاصمة. فضلاً عن ذلك، فإن انتزاع العاصمة يمكن اعتباره انتصاراً حقيقياً من شأنه أن يغطي على النتائج «المتواضعة» التي سيحصل عليها في مدن رئيسية أخرى. والحال أن «الحصان الرابح» الذي اختاره ماكرون وزكّاه لخوض المنافسة، وهو الوزير بنجامين غريفو، أحد أقرب المقربين إليه، خرج من السباق بسبب الفضيحة الجنسية التي لحقت به وأرغمته على الخروج من المعركة، ليختار الرئيس، أنياس بوزين، وزيرة الصحة، بديلاً عنه. وهكذا تكون المعركة قد انحصرت بين ثلاث نساء هن: هيدالغو، وبوزين، ومرشحة حزب «الجمهوريون» وزيرة العدل الأسبق رشيدة داتي، وهي من أصول مغربية.
ووفق آخر الاستطلاعات، فإن هيدالغو وداتي تتقاربان في نسب الأصوات التي يمكن أن تحصلا عليها (24 إلى 25 في المائة)، بينما مرشحة ماكرون تأتي في المرتبة الثالثة (حوالي 19 إلى 20 في المائة). وأخذت تُسمع في الأيام الأخيرة نغمة تحالف داتي - بوزين في الدورة الانتخابية الثانية (والأخيرة)، لغرض انتزاع باريس من هيدالغو. وتعول الأخيرة على أصوات اليسار، وعلى البيئيين، وعلى كل الناقمين على ماكرون، للمحافظة على رئاستها، ولكن أيضاً على برنامجها الانتخابي الذي يركّز على تحويل باريس إلى مدينة «بيئية» خضراء، ينحسر فيها دور السيارة لصالح وسائل النقل العام والسيارات الكهربائية والدراجات، وعلى زيادة الشوارع والساحات المخصصة فقط للمشاة، وزرع آلاف الأشجار. وبالمقابل، فإن ثلاثية داتي - بوزين عناوينها: الأمن، النظافة، والبيئة. وفي المناظرات التلفزيونية والإذاعية الأخيرة، برز تقارب بين الأخيرتين، لكن تفاهمهما لإزاحة هيدالغو ليس مضموناً، لأن كلاً منهما ترى نفسها عمدة باريس القادمة وليس الأخرى.
تتميز باريس (ومعها ثاني أكبر مدينتين ليون ومرسيليا)، بنظام انتخابي معقّد ومغاير عما يحصل في المدن الأخرى. فالعاصمة مقسومة إلى 17 دائرة انتخابية، وكل منها يتمتع بعدد من «المستشارين» يتناسب مع عدد سكانها. ويبلغ العدد الإجمالي لهؤلاء 163 مستشاراً، وهم الذين ينتخبون رئيسة البلدية. وبشكل عام، تنقسم باريس إلى قسمين: غربها «البورجوازي» يميل يميناً، وشرقها «الشعبي» يميل يساراً مثل الدوائر 18 و19 و20. وبما أن الشرق له الغلبة ديموغرافياً، فإن عدد مستشاريه هو أعلى ما يوفّر لهيدالغو أكبر عدد من الأصوات. لكن الأمور غير محسومة وكل السيناريوهات واردة، بما فيها إقدام سيدريك فيلاني، المرشّح المنشق عن حزب «الجمهورية إلى الأمام» إلى تزكية المرشحة الاشتراكية.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.