حفل لتقديم كتاب «تنمية الأقاليم الجنوبية» لأكاديمي فرنسي

نظمه «مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد» في الرباط

الأكاديمي الفرنسي هنري لويس فيدي خلال حفل تقديم كتابه الجديد (ماب)
الأكاديمي الفرنسي هنري لويس فيدي خلال حفل تقديم كتابه الجديد (ماب)
TT

حفل لتقديم كتاب «تنمية الأقاليم الجنوبية» لأكاديمي فرنسي

الأكاديمي الفرنسي هنري لويس فيدي خلال حفل تقديم كتابه الجديد (ماب)
الأكاديمي الفرنسي هنري لويس فيدي خلال حفل تقديم كتابه الجديد (ماب)

نظم «مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد»، في الرباط، مساء أول من أمس، حفل تقديم كتاب «تنمية الأقاليم الجنوبية (2019-1999)» للأكاديمي الفرنسي، وكبير الباحثين بـ«مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد»، هنري لويس فيدي.
وقال فيدي إن الأقاليم الجنوبية الصحراوية للمملكة تشهد تنمية هائلة وشاملة ومستدامة.
وأشار فيدي، في كلمة بالمناسبة، إلى أنه «يجب أن نتذكر كيف كان الوضع في الأقاليم الجنوبية الصحراوية المغربية في أعقاب (المسيرة الخضراء) (1975) لنلمس حجم النمو الذي شهدته هذه الأقاليم، لا سيما من خلال المنظومة التربوية الحالية والتوجهات الاستراتيجية الحاسمة التي تم اعتمادها». وأبرز فيدي أن تنمية الأقاليم الجنوبية عرفت خلال العقدين الأخيرين تسارعاً على مستويين؛ أحدهما الجهوية الممركزة التي انتهت سنة 2015، بما مكن من وضع برامج قطاعية وطنية وعابرة للجهات، ثم النموذج التنموي الجديد الذي جاء في أعقاب خطاب الملك محمد السادس بمدينة العيون في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015.
واعتبر فيدي أن الأقاليم الجنوبية الصحراوية المغربية شهدت توجهات استراتيجية أسهمت في التنمية خلال فترة 1999 - 2015؛ من ضمنها التنظيم الإداري الترابي، وإعطاء الأولوية للطاقات المتجددة، واعتماد استراتيجية مينائية دافعة للتنمية الجهوية تأخذ بعين الاعتبار الامتداد الكبير للسواحل المغربية.
وأشار فيدي إلى أنه انطلاقاً من 2015، برز نموذج تنموي جديد وشامل للأقاليم الجنوبية من خلال إطلاق الجهوية المتقدمة، وما رافقها من استثمارات كبيرة في عدة قطاعات، من بينها البنيات التحتية والطاقات المتجددة والخدمات الاجتماعية والبيئة والتعليم.
وأضاف أنه إلى جانب التوجه نحو الاستثمار في الطاقة الريحية الذي تميزت به المرحلة الماضية، يمكن اعتبار المرحلة الحالية مرحلة الطاقة الشمسية، مشيراً إلى أن النموذج الجديد جعل من التنمية الشاملة أولوية، ومن المشاركة النشطة للسكان المحليين عامل نجاح أساسي لها.
ويتضمن المؤلف الجديد «تنمية الأقاليم الجنوبية (2019 - 1999)» الصادر عن دار «ESKA» للنشر ضمن مجموعتها «المغرب المعاصر»، عدة معطيات وإحصائيات تهدف إلى إبراز الثورة المتسارعة التي شهدتها التنمية في أقاليم الجنوب المغربي خلال العقدين الأولين من حكم الملك محمد السادس.
يذكر أن فيدي حاصل على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية من جامعة «باريس دوفين»، ويعمل أستاذاً فخرياً في مجموعة مدارس الدراسات العليا في التجارة (HEC) بباريس، وكذلك في موسكو ووارسو وبلغراد وأبوظبي والرباط. كما عمل مستشاراً للمجلس الأوروبي، وشغل منصب عضو فرع بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وألف فيدي العديد من الكتب، خصصت آخرها للمغرب والصناديق السيادية، والعشرات من المقالات التي ترجمت إلى اللغات الإنجليزية والإسبانية والعربية والبولونية والروسية.



تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».