قال أحد مشجعي ديبورتيفو لاكورونا بنبرة تشي بالإحباط أمام إحدى القنوات التلفزيونية في أعقاب هزيمة فريقه على أرضه أمام ريال سرقسطة بنتيجة 3 - 1 في ديسمبر (كانون الأول): «نبدو وكأننا تحولنا إلى أضحوكة». وتركت هذه النتيجة ديبورتيفو لاكورونا في قاع دوري الدرجة الثانية بعد أن حصل على 12 نقطة فقط من أول 19 مباراة خاضها. وأضاف المشجع الذي بدا عاجزاً عن تحمل الأمر أكثر عن ذلك: «كل أسبوع يزداد الأمر سوءاً أكثر فأكثر».
بعد عشرين عاماً من تحقيق ديبورتيفو لاكورونا حلم الفوز ببطولة لا ليغا، يقف اليوم على بعد 41 مركزاً أقل في الهرم الكروي الإسباني ويبدو في طريقه نحو كارثة.
تبدأ قصة التاريخ الحديث لديبورتيفو لاكورونا مع لحظة الفرحة الكبرى، التي من بعدها بدأ الحماس داخل النادي يتلاشى رويداً رويداً. وكان الفريق متقدماً على برشلونة بفارق ثلاثة نقاط بجدول ترتيب أندية البطولة وفي حاجة إلى التعادل فقط على أرضه أمام إسبانيول ـ الذي رحبت جماهيره بسعادة بخروج البطولة من أيدي الفريق الكاتالوني إلى لاكورونا لأول مرة في تاريخه.
بدا الأمر بسيطاً، لكن جماهير ديبورتيفو لاكورونا لم تسمح لمشاعر الحماس والترقب بأن تذهب بها بعيداً. في موسم 1993 – 1994، فقدت هذه الجماهير حلم البطولة في اليوم الأخير للموسم التي فاز بها برشلونة. كان ديبورتيفو لاكورونا في حاجة فقط إلى الفوز على فالنسيا على أرضه لضمان اللقب، بل وحصل الفريق على ركلة جزاء في الوقت بدل الضائع. كان دونيتو قد جرى استبداله والدفع بلاعب آخر محله، بينما شعر بيبيتو بتوتر بالغ لم يمكّنه من الإقدام على تنفيذ ركلة الجزاء. وعليه، انتهت المسؤولية على عاتق ميروسلاف دوكيتش الذي أصبح مصير الموسم بأكمله معلقاً عليه بتسجيل الركلة. وفي النهاية، تصدى حارس المرمى بسهولة للركلة الواهنة التي أطلقها دوكيتش. وتمكن لاعبو فالنسيا، الذين اتضح لاحقاً حصولهم على مكافآت من برشلونة، من التشبث بالتعادل دون أهداف؛ الأمر الذي حطم قلب كل من كان داخل «استاديو ريازور».
لذلك؛ فإنه في اليوم الأخير من موسم 1999 – 2000، لم ينظر أي من مشجعي لاكورونا إلى مسألة الفوز باللقب باعتبارها أمراً مؤكداً. ونجح دونيتو وروي ماكاي في تسجيل هدفين لتصبح النتيجة 2 - 0 لصالح ديبورتيفو لاكورونا، ويحصل النادي على أول بطولة دوري ممتاز في تاريخه. كانت هذه نقطة الذروة في مسيرة النادي، لكن هذا لا ينفي أن «سوبر ديبور»، حسبما أصبح معروفاً، مر بلحظات أخرى رائعة. في وقت لاحق من العام ذاته، فاز النادي ببطولة كأس السوبر الإسبانية. وفاز من جديد بكأس السوبر عام 2002، هذه المرة بعدما فاز على ريال مدريد في نهائي بطولة كأس ملك إسبانيا على أرض استاد «بيرنابو». في ذلك الموسم، كان ريال مدريد يحتفل بمرور 100 عام على إنشائه؛ ما منح جماهير ديبورتيفو لاكورونا أن تغني للجماهير صاحبة الأرض «عيد ميلاد سعيد» بينما كان يرفع لاعبوها الكأس.
وعندما نسرع عجلة الزمن ونصل إلى الموسم الحالي، نفاجأ بالجماهير ذاتها تردد هتافات «اطردوا مجلس الإدارة» في وجه المسؤولين، فما الذي حدث؟ في بادئ الأمر، كان التراجع تدريجياً. بعد الفوز ببطولة الدوري، أنجز لاكورونا الموسمين التاليين في المركز الثاني، ثم جاء في المركز الثالث في الموسمين اللذين أعقباهما، وتأهل لبطولة دوري أبطال أوروبا في كل من هذه الأعوام ووصل لقبل النهائي في موسم 2003 - 2004، وأهدر النادي فرصة المشاركة في النهائي بعدما خسر بنتيجة 1 - 0 أمام بورتو البرتغالي خلال مباراتي ذهاب وإياب وبركلة جزاء.
تراجع ديبورتيفو لاكورونا إلى المركز الثامن خلال موسم 2004 – 2005، وكان من الواضح أن الأساليب التي كان ينتهجها المدرب خافيير إروريتا الذي قاد الفريق نحو اللقب بدأ يصيبها الجمود، الأمر الذي اعترف به اللاعبون أنفسهم قبل رحيله عن النادي في صيف 2005.
بعد ذلك، لم يعد باستطاعة لاكورونا الاستثمار في سوق الانتقالات كما كان بالسابق. ورغم استمرار بعض اللاعبين العظماء في صفوف النادي، رحلت الغالبية منهم. وبمرور الوقت، لم يعد الفريق يبدو بالصورة التي كان عليها، وبدا وكأن شيئاً جوهرياً ينقصه. وفجأة توقف ضخ المال إلى الفريق على يد رئيس النادي صاحب الشخصية الكاريزمية، أوغستو سيزار ليندويرو، الذي تولى القيادة منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي. وبعد أن أنفق على نحو طموح على لاعبين مثل بيبيتو وريفالدو، ثم على النجوم الذين حصدوا بطولة الدوري لصالح النادي، بدأت الديون في التراكم، وبمرور الوقت انتقلت صورة اصطفاف كوكبة من النجوم داخل «استاديو ريازور» من عالم الواقع إلى عالم الخيال.
بعد ذلك، جاءت نكبات الهبوط. وقع الهبوط الأول عام 2011، ثم حدث من جديد عام 2013، وتسببت هذه الانتكاسات في خنق الموارد المالية للنادي بدرجة أكبر - حتى رغم تعافي النادي في كل مرة وترقيه الفوري للدوري الممتاز. في عام 2013، بلغت ديون النادي 156 مليون يورو، وترتب ذلك وضع لاكورونا تحت الحراسة وتعرض رئيسه للطرد. وعندما نشر المسؤولون الذين كلفوا إدارة النادي تقريرهم حول الأوضاع المالية لديبورتيفو لاكورونا في مارس (آذار) 2013، حوى التقرير إدانة واضحة للإدارة. ونص التقرير على أن: «الأسباب الحقيقية وراء إفلاس ديبورتيفو لاكورونا تكمن في اتباعه نموذجاً إدارياً منفصلاً عن الواقع، حمل على كاهله ديوناً واستثمارات بمبالغ تقع خارج حدود إمكانات النادي». وانتقد التقرير «النموذج التجاري الأرعن والمضلل» الذي انتهجه النادي. وأخيراً، استقال ليندويرو عشية أعياد الكريسماس عام 2013.
في البداية، بدا أن ثمة وميضاً آخر في النفق المظلم، وذلك عندما صعد الفريق من جديد إلى الدوري الممتاز عام 2014، ونجح في الاستمرار به على مدار المواسم الأربعة التالية. بحلول ذلك الوقت، كان الرئيس الجديد للاكورونا، تينو فيرنانديز، قد نجح في تقليص الديون إلى النصف، وعمل بجد لاستعادة سمعة النادي.
خارج الملعب، كانت فترة رئاسة فيرنانديز ناجحة، أما النتائج داخل الملعب فكانت متوسطة وخلال السنوات الخمس الأولى له في الرئاسة تعاقب على تدريب الفريق تسعة مدربين. ورغم نجاح ديبورتيفو في تجنب الهبوط، فإنه تمكن من إنجاز ذلك بشق الأنفس.
في منتصف موسم 2017 - 2018، بدت الأوضاع سيئة للغاية، ما دفع النادي لتعيين النجم الهولندي كلارنس سيدورف مدرباً، لكن هذه المحاولة لم يحالفها التوفيق. قاد سيدورف الفريق نحو تحقيق فوزين فقط من إجمالي 16 مباراة وهبط نهاية الموسم. أما الهبوط الثالث للفريق في غضون سبعة سنوات فتأكد في أبريل (نيسان) 2018 بعد الهزيمة أمام برشلونة بنتيجة 4 – 2، والذي توج بطلاً للدوري في اليوم ذاته.
ورغم تعافي ديبورتيفو لاكورونا من موجتي الهبوط السابقتين على نحو فوري، فإنه لم يتمكن من تكرار ذلك الموسم الماضي. ورغم وصوله دور التصفيات للتأهل للصعود وبلوغه مباراة النهائي، فإنه تعرض لهزيمة بفارق ضيق أمام ريال مايوركا بنتيجة إجمالية بلغت 3 - 2.
في تلك الأثناء، كانت هناك حالة من الفوضى تعصف بمجلس الإدارة. وحل باكو زاس محل تينو فيرنانديز في رئاسة لاكورونا، لكنه لم يمنح وقتاً كافياً حتى لوضع صورة أسرته على مكتبه. وجاءت فترة رئاسة تونو أرمينتيروس أقصر قبل أن يفوز الرئيس الحالي فيرناندو فيدال برئاسة النادي.
في خضم كل ذلك، عانت الجماهير بشدة. ومن المؤكد أن تعرض النادي لهبوط جديد سيكون له تداعيات كارثية. جدير بالذكر، أنه داخل إسبانيا يتألف دوري الدرجة الثالثة من 80 نادياً، تنقسم إلى أربعة مجموعات؛ ما يعني أن درجات الجودة في هذا المستوى تتباين بشدة. وحال هبوط ديبورتيفو لاكورونا، فإن ذلك يعني دخوله في مواجهات أمام أندية خارج تصنيف حتى أكبر 100 نادي في إسبانيا.
ولبعض الوقت، بدا ذلك أمراً حتمياً، فمنذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) حتى نهاية العام، قبع ديبورتيفو لاكورونا في قاع الجدول دونما حراك. ورغم أن لاكورونا يعتبر واحداً من بين خمسة أندية فقط حصلت على بطولة الدوري الممتاز الإسباني على مدار العقدين الماضيين، فإنه يقبع اليوم في قاع أدوار بطولة الدوري الاحترافي في البلاد.
ومع ذلك، ثمة أمر استثنائي يحدث اليوم، فقد بدأ فيرناندو فاسكيز الذي يعتبر ثالث مدرب للفريق هذا الموسم وتولى مهامه ديسمبر (كانون الأول) (كانون الأول) الماضي، في إحداث تحول كبير. قبل قدوم فاسكيز، فاز لاكورونا في مباراتين فقط من إجمالي 22 خاضها. اليوم، نجح فاسكيز في الخروج منتصراً في المباريات الستة الأولى له مع الفريق، ونجح ديبورتيفو في الفوز على كل من: نومانشيا وراسينغ سانتاندر وقادش والبشيتي ولا بالماس وألكوركون، وبذلك حصل على 18 نقطة من إجمالي 18 نقطة متاحة.
ورغم أن هذا الإنجاز لفت كثيراً من الأنظار بالفعل، فإن النادي لا يزال أمامه طريق طويلة ليقطعها حتى يضمن نجاته من الهبوط. يذكر أن سلسلة الانتصارات المتلاحقة توقفت أمام جيرونا قبل أسبوع بالتعادل ثم خسارة أمام ريال سرقسطة الأحد الماضي.
اليوم، يقف ديبورتيفو لاكورونا فوق منطقة الهبوط بفارق نقطتين. ومع أن النهاية السعيدة التي تتوق لها الجماهير لا تزال بعيدة، وتراقب البلاد باهتمام وهي تحبس أنفاسها ما إذا كان لاكورونا سينجح في إنجاز هذا الموسم على نحو مذهل، مثلما فعل منذ 20 عاماً.
أين الخطأ في مسار ديبورتيفو لاكورونا؟
بعد عشرين عاماً من الفوز ببطولة الدوري الإسباني يناضل النادي من أجل تجنب الهبوط إلى الدرجة الثالثة
أين الخطأ في مسار ديبورتيفو لاكورونا؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة