اتهم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، تركيا مجدداً بمواصلة دعمها العسكري لميليشيات حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج في العاصمة، وتعهد بقتل مزيد من قوات الجيش التركي التي تقاتل إلى جانبها. وأعلن العميد خالد المحجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي أن «16 قتيلاً من الجيش التركي سقطوا على أيدي قوات الجيش الوطني حتى الآن»، ووعد في تصريحات مقتضبة أمس الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بـ«المزيد»، على حد تعبيره.
وقال مسؤول عسكري بارز بالجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن «إردوغان كان في وجوده الأخير في مدينة أزمير التركية يؤبن أحد ضباط الجيش التركي الذين قتلوا في طرابلس، من دون إجراء مراسم دفن عسكرية». وأضاف المسؤول الذي اشترط عدم تعريفه أن «من بين القتلى الأتراك عناصر طاقم مدفع بالقرب من فندق ريكسوس بالعاصمة طرابلس»، معتبراً أن هذا بمثابة «دليل على أن الأتراك يخفون المدافع بين المدنيين». وتابع: «الأتراك قتل منهم كثير، لكنهم يتكتمون على إجمالي عدد القتلى»، مشيراً إلى أنه تم «تخصيص عيادات تصحيح بأطقم طبية تركية في طرابلس، وعندما يقتل أو يصاب تركي تقفل الطرق إلى قاعدة معيتيقة. وطيران شركة الأجنحة، التابع (عبد الحكيم بلحاج) رئيس حزب الوطن والقائد السابق للجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، هو من ينقل القتلى والجرحى».
وعن الموقف العسكري لقوات الجيش الوطني داخل العاصمة طرابلس حيال الانتهاكات المستمرة للميليشيات الموالية لحكومة السراج لوقف إطلاق النار في إطار الهدنة الهشة التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة، قال: «نحن نقيم الموقف باستمرار ولدينا من المعلومات ما يثبت اختراق تركيا وحكومة السراج لوقف القتال بجلب المرتزقة والأسلحة والذخائر في سفن وطائرات تجارية واستخدام المدنيين دروعاً لنقل هذه المواد».
بدوره، قال اللواء أحمد المسماري الناطق باسم المشير حفتر، في بيان له، أمس، إن وحدات الاستطلاع والاستخبارات بالجيش الوطني أكدت «وصول أسلحة ومعدات عسكرية من تركيا عن طريق ميناء مصراتة البحري لدعم القدرات القتالية للتنظيمات الإرهابية والعصابات المسلحة في المنطقة الغربية»، لافتاً إلى أن «هذا الدعم يتم بشكل علني أمام المجتمع الدولي ويعد اختراقاً للهدنة المعلنة في المنطقة». وأضاف المسماري: «قواتنا لم ترد حتى الساعة، وهي تتابع وتقيم الموقف والتطورات على مدار الساعة».
وكان الرئيس التركي قد اعترف بمقتل جنود من الجيش التركي في ليبيا، وادعى في المقابل أن تركيا قتلت نحو 100 من قوات الجيش الوطني، فيما كشفت تقارير غير رسمية عن مقتل الجنرال خليل سويسال قائد القوات التركية في ليبيا خلال القصف الذي دمر أيضاً مخزن ذخيرة في الميناء. ونقلت وسائل إعلام تركية عن عائلة العقيد التركي أوكان التيناي، أنه دُفن في جنازة مصغرة بمسقط رأسه في ولاية أزمير التركية، بعد مقتله في العاصمة الليبية.
إلى ذلك، وفي محاولة لتخفيف حدة الانتقادات التي تعرض لها بعد مطالبته الولايات المتحدة بإقامة قاعدة عسكرية أميركية في ليبيا لموازنة ما وصفه بالتدخل الروسي لصالح المشير حفتر، اتهم فتحي باش أغا وزير الداخلية بحكومة السراج، الميليشيات الموالية لها بالاعتداء على القانون والمؤسسات واستغلال انضمامها للأجهزة الأمنية لانتهاك حقوق المواطنين. وقال أغا، في مؤتمر صحافي مفاجئ عقده أمس في طرابلس، إن «جهاز المخابرات الليبية لم يعد موثوقاً به الآن لأنه يخضع لسيطرة ميليشيات من منطقة واحدة في طرابلس تسيطر على الجهاز وتهدد رئيسه».
ونصح أغا شباب ميليشيا النواصي وبعض من يدّعون تبعيتهم للدعم المركزي بالمجيء للداخلية لتدريبهم وحمايتهم من الوقوع في الخطأ، مضيفاً أن «النواصي والدعم المركزي هم ميليشيات، وعلى عناصرهم عدم الانصياع لزعماء هذه الميليشيات الذين ينهبون المال العام، ولا همّ لهم إلا السيطرة على مؤسسات الدولة».
وفى هجوم ضمني على رئيس حكومته السراج، قال أغا: «أواجه صعوبات في الحصول على الإمكانات للوزارة، ولو كنت أطلبها لصالح ميليشيا لتحصلت عليها على الفور». وبعدما أوضح أن ميليشيات خطفت ضباطاً في وزارة الداخلية، بينهم العميد ناجي الزوبي رئيس البحث الجنائي بتهمة الخيانة، في إطار حرب هذه الميليشيات على الوزارة، لفت إلى أن بعض الميليشيات تبتز الدولة وتطلب من مؤسساتها مبالغ بملايين الدينارات، وتتبع مشروع دول أخرى، مشيراً إلى أنه «لا يقصد الميليشيات الأخرى التي تدافع عما وصفه بالشرعية بجنوب العاصمة طرابلس وشوارعها». وتابع قوله: «أمامي مستند لعنصر من ميليشيا يطالب جهازاً واحداً في الداخلية بمبلغ 47 مليون دينار، وقس على ذلك». وقال أغا: «أنا أحمل كفني في المهمة التي أوكلت إليّ، ولن أرحم هذه الميليشيات، ومعي ضباط وطنيون، حتى تصبح ليبيا دولة قانون ومؤسسات»، وادعى أنه عمل منذ توليه مهام منصبه على تجفيف منابع الميليشيات للقضاء عليها.
وفيما بدا أنه بمثابة تحسب لاشتباكات محتملة بين الميليشيات الموالية لحكومة السراج، أعلن أغا أن مديرية أمن طرابلس رفعت مستوى الأمن بالعاصمة، كما أعلن عن اعتقال عدد من الضباط، قائلاً: «كل من تعدى على أي ضابط في الداخلية بالقبض والخطف سيطاله القانون». وشكا أغا من تعرض وزارة الداخلية لما وصفه بمحاولات تشويه ومؤامرة داخلية، قائلاً: «بدأت تُحاك عندما تعرّضت قواتنا لفترة ضغط وتراجع في المحاور».
من جهة أخرى، وعلى خلفية معلومات عن تحركات لقوات الجيش الوطني، رفعت القوات الموالية لحكومة السراج في بلدية زوارة، مستوى حالة التأهب في محيطها بعد رصد ما أسمته بتحركات مشبوهة وتحشيد لقوات الجيش ورصد مكالمات هاتفية تتضمن البدء في عمليات عسكرية في اتجاه البلدية. وأعلنت غرفة العمليات المشتركة بزوارة عن حالة النفير ورفع درجة الاستعداد والتأهب بعد أيام فقط من تحذير غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية الموالية أيضاً لحكومة السراج، من تحركات لقوات الجيش الوطني في قاعدة الوطية الجوية و3 بلدات أخرى، هي العجيلات وصبراتة وصرمان. ولا يفصل مدينة زوارة عن العاصمة طرابلس سوى 120 كيلومتراً في اتجاه الغرب، وتسيطر قوات، بعضها موالٍ لحكومة السراج، على معبر رأس أجدير الحدودي مع تونس.
من جانبه، قال خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، إنه ناقش أمس في طرابلس مع السفير الإيطالي لدى ليبيا، جوزيبي بوتشينو، الوضع السياسي الراهن في البلاد وتعليق مشاركة المجلس في حوار جنيف، وذلك في ضوء ما وصفه باستمرار خرق وقف إطلاق النار وعدم التقدم في المسار الأمني.
الجيش الوطني الليبي يتوعد جنود إردوغان بـ«مزيد من القتلى»
داخلية «الوفاق» تتهم الميليشيات بابتزاز الدولة
الجيش الوطني الليبي يتوعد جنود إردوغان بـ«مزيد من القتلى»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة