أحيت عملية توقيف الليبي وائل مسعود الحصائري، من قبل السلطات الإيطالية، والذي يُوصف بأنه أحد أشهر المتورطين في تهريب المهاجرين غير النظاميين إلى خارج البلاد خلال الأعوام الماضية، دعوات بضرورة تعقب المتورطين في تعذيب مهاجرين وابتزازهم في ليبيا.
ويواجه الحصائري تهمة تعذيب صومالي كان محتجزاً في مكان لتجميع المهاجرين بمدينة زوراة (120 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس) العام الماضي، قبل أن يفر عبر البحر إلى إيطاليا.
ودفعت هذه الواقعة عدداً من الحقوقيين والمعنيين بملف الهجرة في ليبيا بضرورة محاسبة المتورطين في عمليات الاتجار بالبشر وتعذيب المهاجرين، وقال مسؤول بمنظمة محلية معنية بأوضاع المهاجرين، رافضاً ذكر اسمه لدواعٍ أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن «جرائم تعذيب البشر لا تسقط بالتقادم، وبالتالي من حق أي مهاجر تعرض للتعذيب أن يلجأ إلى القضاء للقصاص من معذبيه، لافتاً إلى أن هناك «العديد الأسماء المتورطة في تعذيب المهاجرين والمتاجرة بهم، ويجب تعقبهم مثل الحصائري، مثل أحمد الدباشي الشهير بـ(العمو)».
والحصائري (38 عاماً) وفقاً لمصادر حقوقية ذات صلة بملف المهاجرين، له نشاط سابق في عمليات تهريب واسعة بمدينته، منذ حكم الرئيس الراحل معمر القذافي، وحتى بعد اندلاع (انتفاضة) 17 فبراير (شباط)؛ وتعد زوارة الواقعة على ساحل البحر المتوسط، وينتمي إليها الليبي الموقوف في إيطاليا واحدة من المدن التي تشهد عمليات هجرة غير شرعية بشكل واسع إلى دول أوروبا.
وقال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، أحمد عبد الحكيم حمزة لـ«الشرق الأوسط» أمس: «نحن تابعنا عملية توقيف المواطن الليبي الحصائري، وهذا أمر متوقع في ظل امتهان عدد كبير من أبناء مدينته زوارة عمليات الاتجار وتهريب البشر إلى أوروبا»، متحدثاً عن تورطه قبلاً في «عمليات تهريب للوقود عبر ميناء زوارة».
وكانت الشرطة الإيطالية قالت إنها أوقفت الحصائري، الذي دخل روما عبر البحر وسط مجموعة من المهاجرين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد أن تعرف عليه لاجئ صومالي؛ وأوضحت أن الأخير، الذي يبلغ 23 عاماً، قدم ما يفيد بأن الحصائري عضو في شبكة تهريب للبشر في بلاده، وأنه تورط في تعذيبه هو وآخرون بقسوة عندما كان برفقة مهاجرين في مكان سري لتجميعهم في زوارة قبل نقلهم بالزوارق إلى البحر.
وأضافت الشرطة في إفادة، تداولتها وسائل إعلام محلية عديدة، أن المهاجر الصومالي أبلغ أفراد الأمن بأنه تعرف على شخص كان يتولى تعذيبه أثناء احتجازه في ليبيا، وأخبرهم عن مكانه فتوجهت الشرطة واعتقلته بعد التثبت مما أدلى به الفتى الصومالي.
وقالت: إن «اللاجئ الصومالي أفاد في بلاغه بأن المواطن الليبي الحصائري كان يحرس مهاجرين في مكان يشبه السجن في بلاده استعداداً لتهريبهم إلى إيطاليا، وكان يدعى (الزعيم بيتر)، ومارس ضده التعذيب مرات عدة وعرضه للصعق بالكهرباء لابتزاز المال». كما نقلت عن وسائل إعلام إيطالية أن «المحتجز الليبي حاول بعد أن انكشف أمره، شراء صمت اللاجئ الصومالي، لكن الأخير رفض وأبلغ عنه، وحين جاءت الشرطة ليلاً لاعتقاله كان يستعد لمغادرة المكان».
وبجانب «العمو» الذي عرف بنشاطه السابق في تهريب البشر إلى أوروبا وفر من مدينته صبراتة بعد اشتباكات مسلحة قبل نحو عامين، اشتهرت مجموعة «أبو قرين»، بالإضافة إلى إبراهيم الحنيش وأبو عبيدة في مدينة الزاوية، غرب العاصمة طرابلس بـ48 كيلومتراً.
وتكشف شهادات المهاجرين الذين يتم ضبطهم من قبل أجهزة الشرطة المحلية في ليبيا أن رحلتهم في دخول البلاد تبدأ بالتسرب عبر الحدود الرابطة بين ليبيا ومصر والسودان وتشاد والنيجر بالإضافة إلى الجزائر، وكل حسب الوجهة التي خطط لها، وقال المواطن الأوغندي نيرو أمام جهات التحقيق في مدينة صبراتة، إنه كان مع مجموعة من دول أفريقية عديدة تم تجميعهم في تشاد قبل أن يتم نقلهم عبر وسطاء إلى داخل ليبيا في رحلة قاسية ماتت فيها سيدة وطفلان، ودفع فيها كل منهم ألف دولار.
وأضاف أن الوسطاء سلموهم لأفراد آخرين بالقرب من مدينة سبها، (جنوب البلاد) وطلبوا كل فرد بدفع 600 دولار مرة ثانية، قبل أن يصل بعضهم إلى زوارة، والبعض الآخر اتجه صوب مدينة مصراتة.
وأكثر من مرة تمكنت دورية تابعة لمديرية أمن زوارة، من إحباط محاولة نقل مهاجرين غير شرعيين إلى أوروبا. وقالت المديرية في بيان لها، إن العملية جاءت بعد ورود معلومات تفيد بوجود قارب كان يُجهز للانطلاق فتم محاصرة المكان وضبط عدد من المهاجرين الذين كانوا في انتظار مهاجرين آخرين يأتون من مناطق متفرقة بواسطة عصابات المتاجرة في البشر».
وفي ظل افتقاد ليبيا إحصائيات رسمية، قال العقيد المبروك عبد الحفيظ، رئيس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، إن عدد المهاجرين غير النظاميين الطُلقاء داخل البلاد يقدر بـ700 ألف، بالإضافة إلى سبعة آلاف آخرين محتجزين داخل مراكز الاعتقال بمدن الغرب الليبي.
وقبل قرابة عام أحصى غسان سلامة المبعوث الأممي لدى ليبيا عدد المهاجرين داخل مراكز الاعتقال بـ34 ألفاً، و740 ألف مهاجر في عموم البلاد. وبعيداً عن تضارب الأرقام تمكنت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي من تسفير عدد من المهاجرين إلى موطن آخر خلال الأشهر الماضية. وفي منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، أنقذت المنظمة الدولية للهجرة قرابة ألف مهاجر، من بينهم 136 سيدة و85 طفلاً، أعيدوا إلى الشواطئ الليبية في أول أسبوعين من عام 2020. وقد تم إنزال معظمهم من السفن في العاصمة طرابلس حيث اصطحِبوا إلى مراكز الاحتجاز.
وقالت صفا مسهلي، المتحدثة باسم المنظمة الدولية للهجرة في مؤتمر صحافي في حينها، إن فرق البحث والإنقاذ التابعة لمنظمات غير حكومية أنقذت 237 آخرين. ويعدّ هؤلاء المهاجرون من ضمن أكثر من ألف شخص غادروا ليبيا عن طريق البحر منذ الأول من يناير (كانون الثاني).
مطالبات ليبية بتعقب هاربين «متورطين» في المتاجرة بالبشر
بعد توقيف أحد «المتهمين» بتعذيب مهاجرين غير نظاميين في روما
مطالبات ليبية بتعقب هاربين «متورطين» في المتاجرة بالبشر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة