سوق الأسهم: توقعات السنوات الماضية «طائشة» وحان الوقت لإدخال تعديلات

داو جونز لامس 13 ألف نقطة في خضم الأزمة قبل ارتفاعه إلى 17 ألفا الآن

سوق الأسهم: توقعات السنوات الماضية «طائشة» وحان الوقت لإدخال تعديلات
TT

سوق الأسهم: توقعات السنوات الماضية «طائشة» وحان الوقت لإدخال تعديلات

سوق الأسهم: توقعات السنوات الماضية «طائشة» وحان الوقت لإدخال تعديلات

رغم استمرار المشكلات التي يعانيها الاقتصاد العالمي والمخاوف التي تعصف بالأسواق من وقت إلى آخر، فإنه بالنسبة إلى المستثمرين بالأسهم جاء مجمل الأخبار على امتداد السنوات الـ5 الأخيرة جيدا على نحو مثير للدهشة. ومع ذلك، حان الوقت الآن لإعادة تقييم وضع الأسواق وإدخال بعض التعديلات.
كان هذا فحوى الرسالة التي بعث بها سيث ماسترز، رئيس شؤون الاستثمار لدى «برنستاين غلوبال ويلث منيجمنت»، فرغم استمرار تفاؤله في ما يخص الأسهم، فإن مستوى تفاؤله تراجع الآن كثيرا عما كان عليه منذ سنوات قليلة مضت. وأوضح ماسترز أن «الأسباب الجوهرية وراء الاستثمار في الأسهم لا تزال راسخة، فلا تزال عائدات الشركات قوية، ولا يزال الاحتمال قائما بأن تحقق الأسهم عائدات أفضل عن السندات. ومع ذلك تبقى الحقيقة أن الأسهم ليست بالرخص الذي كانت عليه عام 2012».
جدير بالذكر أن ماسترز سبق أن أطلق توقعات عام 2012 بدت حينها طائشة، ففي ذلك الوقت كان مؤشر «داو جونز» الصناعي يقبع دون 12.900. ومع ذكريات الأزمة المالية المرعبة حية في الأذهان، تجرأ قليلون على تشجيع المراهنة بمبالغ كبيرة داخل سوق الأسهم. ومع ذلك، وبناء على بيانات تاريخية والعائدات المتوقعة للأعوام المقبلة، أعلن ماسترز عن اعتقاده بأن الكثير من المستثمرين عاجزون عن رؤية فرصة كبرى، وأن «داو جونز» من المحتمل أن يصل إلى 20.000 نقطة خلال العقد القادم.
وبالفعل، انطوت الصورة العامة منذ ذلك الحين - رغم وقوع انتكاسات من حين إلى آخر، أبرزها التراجع الحاد خلال الفترة بين منتصف سبتمبر (أيلول) حتى منتصف أكتوبر (تشرين الأول) - على نجاح هائل للمستثمرين في الأسهم. يذكر أن «داو جونز» استقر عند مستوى 6.547 نقطة فقط في أدنى مستوى له خلال الأزمة المالية في 9 مارس (آذار) 2009. والآن تحرك ليتجاوز 17.300 نقطة. ويرى ماسترز أن السوق مؤهلة لإحراز مزيد من المكاسب.
ورغم أن الفرص لا تزال جيدة، فهناك احتمالية تحقيق عائدات هائلة ليست مرتفعة بالدرجة التي كانت عليها من قبل. ويرى ماسترز أن المستثمرين أصحاب القدرة المتواضعة على الأقل على خوض المخاطر عليهم الاستثمار في الأسهم، لكن ينبغي عليهم تقليص سقف توقعاتهم وتفهم أن العائدات الهائلة التي جرى جنيها خلال السنوات الـ5 الأخيرة من غير المحتمل استمرارها في الوقت الحاضر.
من بين الأسباب وراء ذلك فرضية أن سوق الأسهم تخضع لفكرة أن ما يرتفع يجب أن ينخفض يوما ما، والعكس صحيح، مع تحرك العائدات والتقييمات باتجاه نقطة رياضية وسط. الملاحظ أن التقييمات ارتفعت نحو مستوى بدا مثيرا للقلق أحيانا. ورغم أننا لا نملك أي فكرة جازمة بخصوص أين ستتجه الأسواق على المدى القصير، فإن التاريخ يوحي بأنه عندما تمتد التقييمات، تزداد احتمالات تحقيق السوق لعائدات أقل على امتداد فترات تبلغ قرابة 5 سنوات أو أكثر.
على الجانب الإيجابي، يرى ماسترز أن هناك احتمالا كبيرا لأن تستمر السوق في الارتفاع خلال السنوات القليلة القادمة (مع وجود انتكاسات من حين إلى آخر حتما)، وأنه «لا يتعين علينا الانتظار حتى عام 2022 كي نرى (داو جونز) عند مستوى 20.000 نقطة». وأضاف أن عام 2017 أو 2018 قد يكون «الفترة التي نعبر خلالها باتجاه هذا المستوى». وقال: «بناء على النقطة التي نقف عندها الآن، فإن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن يصل (داو جونز) إلى 20.000. لقد ارتفعت السوق بدرجة بالغة بالفعل جعلتنا الآن في عالم جديد. بالطبع، عند الحكم من النقطة التي نقف عندها الآن، فإن وصول (داو جونز) إلى 20.000 نقطة في عام 2017 أو 2018 ليس بالأمر المستبعد، حيث يشكل هذا المستوى ربحا تراكميا يقل عن 20 في المائة على مدار سنوات عدة. والمعروف أن السوق ارتفعت بمعدل يفوق ذلك خلال العام الماضي فقط، حيث كسب (داو جونز) 26.5 في المائة، بخلاف الأرباح». ومع ذلك، يبقى ذلك العام استثنائيا، فحسب تقديرات «برنستاين غلوبال ويلث منيدجمنت»، حققت الأسهم الأميركية عائدات بنسبة 9.6 في المائة سنويا، على مدار السنوات الـ20 الأخيرة، بحساب الأرباح. وعلى مدار السنوات الـ5 المقبلة، تتوقع الشركة أن لا تتجاوز العائدات 6.6 في المائة فقط سنويا، نظرا لأن السوق أصبحت أعلى كلفة خلال رحلة صعودها لمستوياتها الراهنة.
الملاحظ أن هناك مؤشرات بالفعل توحي ببدء شعور بعض المستثمرين بالتوتر، وبطبيعة الحال يصبح المستثمرون المتوترون عرضة للإصابة بالذعر. ويساعد ذلك في تفسير التحركات الحادة التي عصفت بالسوق مطلع هذا الخريف، حيث بدأ المضاربون في دفع الأسعار نحو الأسفل. وتحدث مثل هذه الانخفاضات الحادة لأن السوق ليست مجرد هيكل رياضي يعكس علاقات مالية. ترتبط التقييمات الجوهرية بعلاقة ارتباط قوية بأسعار الأسهم على المدى الطويل، لكن ليس بالضرورة على المدى القصير. ومثلما أوضح بنجامين غراهام، بروفسور المالية بجامعة كولومبيا، فإنه «على المدى القصير تعمل السوق كأداة اقتراع، لكن على المدى الطويل تعمل كأداة وزن». ومن بين ما تزنه السوق العلاقة القائمة بين عائدات الأسهم والسندات. من جهته، يعتقد ماسترز أنه حتى إذا كانت عائدات الأسهم متواضعة نسبيا، فإن عائدات السندات من المحتمل أن تكون أسوأ، حيث قد لا تتجاوز 2.2 في المائة سنويا للسندات الداخلية من درجة الاستثمار خلال السنوات الـ5 المقبلة، مقابل العائد التاريخي البالغ 6.1 في المائة سنويا الذي تحقق خلال السنوات الـ20 الماضية.
الملاحظ أن عائدات السندات لا تزال منخفضة بصورة غير عادية، الأمر الذي يعود في جزء منه إلى السياسة النقدية الجيدة التي تتبعها هيئة الاحتياطي الفيدرالي، التي قررت الأسبوع الماضي إنهاء مشترياتها المباشرة للسندات، وهو برنامج أدى إلى انتفاخ ميزانية هيئة الاحتياطي الفيدرالي لقرابة 4.5 تريليون دولار. ومع ذلك تبقى هيئة الاحتياطي الفيدرالي ملتزمة بإبقاء معدلات الفائدة منخفضة لفترة «طويلة» من الوقت، بينما تشارك المصارف المركزية في أوروبا واليابان في تنفيذ سياسات نقدية موسعة بصورة غير اعتيادية خاصة بها. في الوقت الراهن، من المحتمل أن تبقى معدلات الفائدة منخفضة نسبيا (وعندما ترتفع فإنها ستسبب انخفاضا في أسعار السندات، التي تتحرك في الاتجاه المعاكس، ما يخلق مزيدا من المشكلات أمام المستثمرين في السندات).
باختصار، من المحتمل أن تتفوق الأسهم في أدائها على السندات بدرجة كبيرة تجعل من غير الحكمة التحول من الأسهم نحو السندات سعيا وراء عائدات أعلى، حسبما أوضح ماسترز. إلا أن أسواق الأسهم في الدول المتقدمة الأخرى تشكل رهانا أفضل عنها داخل الولايات المتحدة خلال السنوات الـ5 القادمة، حيث من المتوقع أن تحقق هذه الأسواق عائدات سنوية بقيمة 7.6 في المائة، مقابل 5.2 في المائة سنويا على مدار السنوات الـ20 السابقة، حسب تقديرات «برنستاين غلوبال ويلث منيدجمنت». وقال ماسترز إن السندات جديرة بالاحتفاظ بها للحد من مخاطرة الانخفاضات الحادة في المحافظ الاستثمارية، لكن من المتوقع أن تأتي عائداتها منخفضة للغاية لدرجة تسبب مشكلات قاسية للمتقاعدين وغيرهم ممن يعتمدون على السندات في دخولهم. وأضاف: «إنه إجراء توازني، حيث يحتاج الأفراد إلى تحديد حجم المخاطرة التي يمكنهم خوضها»، ورغم وجود مخاطرة تتعلق بخسارة الأموال داخل سوق الأسهم، تبقى هناك مخاطرة عدم امتلاك مال كافٍ حال الاعتماد المفرط على السندات.
ويمكن إيجاز نصيحة ماسترز على النحو التالي: توقع عائدات أقل على الأسهم عما عاينته في السنوات الأخيرة. حافظ على رباطة جأشك وعلى تنوع استثماراتك، واستعد لمواجهة مشكلات، حتى وإن كانت ناشئة عن أخبار سارة.
* خدمة «نيويورك تايمز»



الأكبر له منذ أكثر 10 سنوات... البنك الوطني السويسري يخفّض الفائدة بـ50 نقطة أساس

صورة لعلم على مبنى البنك الوطني السويسري في برن (رويترز)
صورة لعلم على مبنى البنك الوطني السويسري في برن (رويترز)
TT

الأكبر له منذ أكثر 10 سنوات... البنك الوطني السويسري يخفّض الفائدة بـ50 نقطة أساس

صورة لعلم على مبنى البنك الوطني السويسري في برن (رويترز)
صورة لعلم على مبنى البنك الوطني السويسري في برن (رويترز)

خفّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، يوم الخميس، وهو أكبر تخفيض له منذ ما يقرب من 10 سنوات، حيث سعى إلى البقاء متقدماً على التخفيضات المتوقَّعة من قِبَل البنوك المركزية الأخرى، والحد من ارتفاع الفرنك السويسري.

وخفض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة من 1.0 في المائة إلى 0.5 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

وكان أكثر من 85 في المائة من الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا خفضاً أقل بمقدار 25 نقطة أساس، على الرغم من أن الأسواق كانت تتوقَّع خفضاً بمقدار 50 نقطة.

كان هذا الخفض أكبر انخفاض في تكاليف الاقتراض منذ الخفض الطارئ لسعر الفائدة الذي أجراه البنك المركزي السويسري في يناير (كانون الثاني) 2015، عندما تخلى فجأة عن الحد الأدنى لسعر الصرف مع اليورو.

وقال البنك: «انخفض الضغط التضخمي الأساسي مرة أخرى خلال هذا الربع. ويأخذ تيسير البنك الوطني السويسري للسياسة النقدية اليوم هذا التطور في الاعتبار... وسيستمر البنك الوطني السويسري في مراقبة الوضع عن كثب، وسيقوم بتعديل سياسته النقدية، إذا لزم الأمر، لضمان بقاء التضخم ضمن النطاق الذي يتماشى مع استقرار الأسعار على المدى المتوسط».

كان قرار يوم الخميس هو الأول من نوعه في عهد رئيس البنك المركزي السويسري الجديد، مارتن شليغل، وشهد تسريعاً من سياسة سلفه توماس جوردان، الذي أشرف على 3 تخفيضات بمقدار 25 نقطة أساس هذا العام.

وكان ذلك ممكناً بسبب ضعف التضخم السويسري، الذي بلغ 0.7 في المائة في نوفمبر، وكان ضمن النطاق المستهدَف للبنك الوطني السويسري الذي يتراوح بين 0 و2 في المائة، الذي يسميه استقرار الأسعار، منذ مايو (أيار) 2023.