عريقات يحمل إسرائيل انهيار عملية السلام قبل لقاء كيري غدا

الاجتماع يناقش مستقبل القطاع والتوجه إلى مجلس الأمن والتوتر في القدس

عريقات يحمل إسرائيل انهيار عملية السلام قبل لقاء كيري غدا
TT

عريقات يحمل إسرائيل انهيار عملية السلام قبل لقاء كيري غدا

عريقات يحمل إسرائيل انهيار عملية السلام قبل لقاء كيري غدا

حمل صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، الحكومة الإسرائيلية مسؤولية انهيار عملية السلام، واتهمها بالعمل على تدمير فرص إقامة الدولة الفلسطينية، وذلك عشية لقائه المرتقب مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في واشنطن غدا (الاثنين)، الذي سيتناول عملية السلام، إلى جانب التوتر الكبير في القدس، إضافة إلى مستقبل قطاع غزة.
وقال عريقات في بيان، إن «الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية الكاملة عن الأوضاع المتردية وانهيار عملية السلام، وذلك نتيجة استمرار النشاطات الاستيطانية وفرض الحقائق على الأرض، وخصوصا في مدينة القدس المحتلة، وتواصل الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك، وتهجير السكان والاستيلاء على بيوت المقدسيين، كما حدث في بلدة سلوان مؤخرا، إضافة إلى مصادرة الأراضي وهدم البيوت واستمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، وعدم الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى.
واتهم عريقات الحكومة الإسرائيلية بالسعي بكل جهدها «لتدمير خيار الدولتين وفرض نظام (الأبرتهايد) القائم فعليا في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، ودعا المجتمع الدولي للاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية، معتبرا قرار السويد الاعتراف بفلسطين نقطة ارتكاز في الأخلاق واحترام القانون الدولي، مضيفا «أن على كل من يقول إنه يؤيد خيار الدولتين أن يعترف بالدولتين وليس بدولة واحدة فقط».
وشدد عريقات على أن عرض مشروع القرار العربي على مجلس الأمن، وانضمام دولة فلسطين إلى المؤسسات والمواثيق والمعاهدات الدولية، بما فيها محكمة الجنايات الدولية، حق يكفله القانون الدولي.
كما تحدث عريقات عن مشروع يفترض أن يقدم إلى مجلس الأمن الشهر المقبل، لطلب انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية في غضون عامين لإعلان إقامة الدولة، وهو المشروع الذي عارضته الولايات المتحدة الأميركية بقوة، وترفضه إسرائيل نهائيا. وسيناقش كبير المفاوضين الفلسطينيين مع كيري هذا التوجه، إلى جانب قضايا أخرى، وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن عريقات سيؤكد لكيري أن الفلسطينيين ماضون في مشروع القرار المقدم إلى مجلس الأمن، وأنه سيقدم له كل الأدلة الممكنة على تورط إسرائيل في تخريب عملية السلام ونهب الأرض وتهويد القدس. وبحسب المصادر ذاتها، فإن عريقات سيستمع من كيري كذلك حول مبادرة جديدة لإطلاق مفاوضات، يفترض أن يقدمها هذا الشهر للطرفين، مؤكدة أن كيري لم يقدم نسخة نهائية ورسمية لتصوراته بعد، لكنه ناقش أفكارا مع الفلسطينيين، ترتكز على إطلاق مفاوضات محددة بسقف زمني، على أن تبدأ بترسيم الحدود مع تعديلات مقبولة للفلسطينيين، وتستجيب لأمن إسرائيل، وعلى أن تجمد إسرائيل أثناءها كل الأعمال الاستيطانية، وفي المقابل يجمد الفلسطينيون التوجه إلى مجلس الأمن.
وأكدت واشنطن أن كيري سيلتقي غدا في واشنطن عريقات للبحث في تحريك «عملية السلام»، وسبل خفض التوتر في القدس المحتلة، حيث أعلنت جنيفر ساكي، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، أن كيري سيستقبل وفدا فلسطينيا برئاسة عريقات لإجراء محادثات حول «طريقة المضي قدما في عملية السلام، وكذلك حول الوضع في غزة إلى جانب سبل خفض التوتر في القدس». وكان كيري دعا كل الأطراف إلى «ضبط النفس» في القدس المحتلة، مؤكدا أنه على اتصال مع الإسرائيليين والأردنيين والفلسطينيين من أجل إعادة الهدوء. وقال كيري إنه «من المهم للغاية أن تتحلى كل الأطراف بضبط النفس، وأن تمتنع عن أي عمل أو تصريح استفزازي، وأن تحافظ قولا وفعلا على الوضع التاريخي القائم في الحرم المقدسي».
وأول من أمس، اتصل كيري بكل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وطلب من الرئيس عباس ونتنياهو «ضرورة تجنب الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني أي أعمال أو تصريحات من شأنها إشعال الموقف»، فرد عباس بقوله إنه يجب التحرك والضغط لوقف «الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين والمقدسات في القدس»، وقال له «إن هذه الممارسات الإسرائيلية التصعيدية إن استمرت فإنها ستؤدي إلى توسيع دائرة العنف والفوضى والتطرف في المنطقة». وثمن عباس جهود الوزير كيري المبذولة لوقف الممارسات الإسرائيلية، ووقف التصعيد والاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك. كما ثمن الجهود التي يبذلها الأردن بقيادة الملك عبد الله الثاني لوقف التصعيد.
وفي الوقت نفسه، أبلغ كيري رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه يجب «الحفاظ على الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف وأهمية الامتناع عن اتخاذ إجراءات استفزازية».
واستغل كيري المحادثة مع نتنياهو ليعرب عن تحفظه من «التفوهات المهينة» التي أدلى بها مسؤولون في الإدارة الأميركية ضد نتنياهو أخيرا، حيث قالت وسائل إعلام إسرائيلية أمس إن كيري اعتذر لإسرائيل عموما ولنتنياهو كذلك عن تصريحات مسؤول أميركي وصف من خلالها نتنياهو بأنه شخص جبان ولا يريد التقدم في عملية السلام، وإنه السبب في تعطيلها. وقال كيري في اعتذاره: «إن هذه التصريحات، التي لم يعرف من أطلقها حتى الآن، تضر بالعلاقات الإسرائيلية - الأميركية الوثيقة والتاريخية، وهي مرفوضة من قبل الولايات المتحدة الأميركية ولا تمثل موقف الإدارة الأميركية».
وكان كيري وصف التصريحات بالمشينة، وقال إنها أخذت أكثر مما تستحق في الإعلام والحياة اليومية في الولايات المتحدة.
من جهتها، حذرت حركة حماس أمس من التبعات المترتبة على المواقف العربية الرسمية تجاه ما يرتكبه الاحتلال بحق المسجد الأقصى والمقدسات الفلسطينية، وقالت إن تلك المواقف الصامتة من شأنها أن تشجع الاحتلال على تصعيد اعتداءاته. وطالبت بطرد السفراء الإسرائيليين من الدول العربية في ظل استمرار الاعتداءات على المسجد الأقصى.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.