الكونغرس: تقييد صلاحيات ترمب في شن ضربة على إيران

فيتو رئاسي متوقع ضد القرار

TT

الكونغرس: تقييد صلاحيات ترمب في شن ضربة على إيران

بعد أسابيع من مقتل قائد «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري» قاسم سليماني، ترجم مجلس الشيوخ معارضته للعملية وتحدى بشكل مباشر صلاحيات الرئيس الأميركي دونالد ترمب التنفيذية من خلال التصويت لصالح تقييد قراراته في شن ضربات عسكرية على إيران.
فقد حصل مشروع قانون «صلاحيات شن الحرب» الذي طرحه السيناتور الديمقراطي تيم كاين على دعم جمهوري كاف لإقراره بأغلبية 55 صوتاً داعماً له مقابل 45 صوتاً معارضا، في المجلس الذي يسيطر عليه الجمهوريون. وانشق 8 من الجمهوريين عن قياداتهم وانضموا إلى الديمقراطيين لمطالبة الرئيس الأميركي باللجوء إلى الكونغرس قبل اتخاذ أي قرار يشمل شن ضربات على إيران.
وقال عراب المشروع السيناتور كاين إن «آخر شيء يجب أن يحصل في بلادنا هو أن نستعجل في قرارات شن حرب أخرى في الشرق الأوسط. ومهما يكن رئيسنا، فليس هناك رئيس ذكي بما فيه الكفاية لاتخاذ قرار من هذا النوع من دون مداولات. وهذه الفكرة تصبح منطقية أكثر فأكثر مع مرور المزيد من الوقت منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)».
وكان يشير كاين إلى تفويض الحرب واستعمال القوة ضد «تنظيم القاعدة» الذي أقره الكونغرس في عام 2001 بعد اعتداءات سبتمبر. ويعطي التفويض الرئيس الأميركي صلاحيات واسعة لتنفيذ ضربات عسكرية ضد «القاعدة» والمجموعات التابعة لها. وقد استعمل الرؤساء الأميركيون هذا التفويض لإقرار شن ضربات مختلفة من دون العودة إلى الكونغرس، كما فعل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عندما قرر ضرب ليبيا في عام 2011 وترمب عندما قرر استهداف سليماني.
لكن المشرعين، الذين يسعون أيضاً لإلغاء تفويض عام 2001 يقولون إن هذا التفويض ينحصر في استهداف «القاعدة» وتوابعها، وليس إيران. موقف تعارضه الإدارة بشدة، فقد حث ترمب الجمهوريين على معارضة الجهود الديمقراطية في تقييد صلاحياته، وقال في سلسلة من التغريدات: «من المهم جداً لأمن بلادنا ألا يمرر مجلس الشيوخ مشروع صلاحيات الحرب ضد إيران. نحن نقوم بعمل جيد مع إيران وهذا ليس وقتاً مناسباً لإظهار ضعفنا. إن الأميركيين دعموا بشدة ضربة سليماني وفي حال تم تقييد صلاحياتي فسوف تحتفل إيران».
وتابع ترمب: «ما يجري يرسل رسالة سيئة أن الديمقراطيين يقومون بهذا لإحراج الحزب الجمهوري. لا تدعوا هذا الأمر يحصل!».
لكن الجمهوريين الذين دعموا المشروع لم يستمعوا لانتقادات ترمب فهم ينتمون إلى مدرسة تؤمن بأن الصلاحيات الدستورية للكونغرس تحتم عليه إقرار أي ضربة عسكرية، وأن القرار ليس بيد الرئيس الأميركي فقط. وقال السيناتور الجمهوري تود يونغ: «أسعى إلى التأكد من أن الكونغرس يمارس صلاحياته ومسؤولياته».
وبدوره، قال السيناتور الجمهوري راند بول: «أعتقد أننا فشلنا في مسؤولياتنا القاضية بإقرار الحروب. بالنسبة لي هذا التصويت هو فرصة لمناقشة ما إذا كان يجب أن نبقى في حروب أفغانستان والعراق وغيرها من البلدان»، داعيا ترمب إلى توظيف مستشارين جدد لتوفير النصيحة المناسبة له في ملف الأمن القومي. ومع ذلك، فإن هذه مواقف لا تعكس الموقف الجمهوري العام الداعم لصلاحيات الرئيس كقائد للقوات المسلحة والمرحب باستهداف عناصر مثل سليماني.
وعارض زعيم الأغلبية الجمهورية ميتش مكونيل المشروع قائلا: «لقد نجحنا بإرسال رسالة قوية إلى إيران تظهر قوتنا وعزمنا، ومشروع صلاحيات الحرب هذا يقيد أيدينا. إن الصين وروسيا تراقبان ما يجري هنا، هل تعتقدون أنها فكرة جيدة أن نظهر أننا مستعدون للسماح لإيران بالتلاعب بنا؟».
ويرغم المشروع المذكور الرئيس الأميركي على وقف أي تحركات تستهدف إيران بعد ثلاثين يوماً من تمريره إلا في حال وافق الكونغرس على شن ضربات عسكرية ضد طهران. وقد حصل على الدعم الجمهوري المطلوب لتمريره بعد أن ألغى عراب المشروع كاين ذكر ترمب مباشرة في نص المشروع.
إلا أن مصير هذا المشروع شبه محسوم، فهو يواجه قلم الفيتو الرئاسي، ويعلم داعموه أنهم لا يتمتعون بثلثي الأصوات المطلوبة لتخطي الفيتو في الكونغرس وإقرار المشروع ليصبح نافذ المفعول. لكن المشرعين قالوا إنه رغم المصير المعروف للمشروع فإن هذا التصويت هو رد رمزي على ترمب وتأكيد لصلاحيات الكونغرس.
وقال زعيم الأقلية الديمقراطية تشاك شومر: «الرئيس سوف ينقض المشروع لكن هدفنا هو إرسال رسالة مفادها أن الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب لا تريد أن يشن الرئيس حرباً من دون موافقة الكونغرس. والشعب الأميركي يوافقنا الرأي». من ناحيته، أعرب كاين عن نظرة أكثر تفاؤلاً فقال إنه حتى في حال نقض ترمب المشروع فهذا التحرك قد يؤثر على قراراته المتعلقة بسياساته في الشرق الأوسط.
وكان مجلس النواب مرر نسخته من المشروع مع اختلافات بسيطة في الصياغة لكن قوانين الكونغرس تحتم على المجلسين تمرير نسخة طبق الأصل من المشاريع قبل إرسالها إلى البيت الأبيض للتوقيع عليها، أو نقضها.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».