ثمة دعوى قضائية ضد شركة «إلكترونيك آرتس» تدفع حجة أن البطاقات المثيرة للجدل التي تحويها لعبة الفيديو ينبغي تصنيفها باعتبارها لعبة قمار.
خلال الفترة التي نشأت فيها، كان لدينا ألعاب من عينة ملصقات «بانيني»، وألعاب «كيندر سربرايز»، و«هابي ميلز»، وألعاب بها صور لاعبي كرة قدم برؤوس ضخمة (الأمر الذي شعرت بصورة أو أخرى أنه يمسني شخصياً). وكان يمكن النظر إلى جميع هذه الألعاب باعتبارها تشجع الأطفال على إنفاق أموالهم في نمط من الشراء يقوم على المخاطرة والمكافأة، أو على أقل تقدير يهيئ عقول الأطفال لنمط أساسي للغاية من القمار.
بالتأكيد، الحصول على لعبة عشوائية بها قطعة شوكولاته أو «برغر» لا يكافئ القمار الفعلي، لكن بمجرد أن ينجذب اهتمام الأطفال الذين يسهل بطبيعتهم التأثير عليهم، نحو الاستثمار في تجميع مجموعات من الألعاب أو الملصقات لا تتاح لهم سوى من خلال شراء أكبر عدد ممكن من الوحدات، حتى تتمكن بصورة عشوائية نهاية الأمر من إكمال مجموعة معينة، فإن هذا الأمر يعتبر بمثابة تمهيد لعقل الطفل كي يستمتع بتوجيه المال نحو أشياء ذات طبيعة عشوائية مقابل جائزة كبرى محتملة.
وهذه هي الفكرة التي تقوم عليها لعبة «فيفا أولتيميت تيم»، التي تُعتبر أكثر ألعاب فيديو كرة القدم شعبية، وتتضمن تجميع عناصر فريق باستخدام مجموعات افتراضية من اللاعبين، وهي لعبة تشبه ملصقات «بانيني»، لكن بتكلفة أكبر بكثير، وقدرة أكبر بكثير على إسقاط المرء في فخ الإدمان. اليوم، تحولت اللعبة إلى موضوع دعوى قضائية في فرنسا، وتدعي جهة الادعاء أن تصنيفها لعبة فيديو عبر الإنترنت خاطئ، وأنه في واقع الأمر ينبغي تصنيفها باعتبارها صورة من صور القمار. من ناحيتها، سبق أن أعلنت شركة «إلكترونيك آرتس» أنها ليس لديها «مخاوف أخلاقية» حيال مجموعات «فيفا أولتيميت تيم»، بينما أعلنت وزارة الشؤون الرقمية والثقافية والإعلامية والألعاب داخل المملكة المتحدة أنها، في الوقت الحالي، لا تعتبر هذه اللعبة نوعاً من القمار.
ربما تكون اللعبة في حد ذاتها بسيطة: ابنِ فريق كرة قدم عظيماً عبر الفوز بمباريات عبر الإنترنت، والحصول على عملات معدنية يمكن استغلالها في شراء لاعبين وتحسين مستوى فريقك، إلا أن نقطة الخلاف الرئيسية تدور حول «مجموعات البطاقات» سالفة الذكر، التي، بجانب كونها متاحة باستخدام العملة الخاصة باللعبة، فإنها يمكن شراؤها كذلك بأموال نقدية حقيقية - في الواقع، الكثير من المال. على سبيل المثال، مجموعة من 12 من اللاعبين المصنفين بمجموعة «الذهب النادر» (الذين ربما لا تحتاج فعلياً لأي منهم أو ترغب في ضمهم للفريق) تكلفك 2000 نقطة «فيفا»، ما يزيد على 10 جنيهات إسترلينية، في ظل وجود احتمال يقل عن 5 في المائة في الحصول على لاعب من الفئة الفائقة.
ويمكنني القول من واقع تجربتي الشخصية، إنه عندما يتعرّض فريقك في كل مباراة لهزيمة مدوية على يد لاعبين من الواضح من الأسلوب الذي يعمدون من خلاله لإغاظتي عبر السماعات، أن أعمارهم لا تتجاوز الـ13. تتعاظم على نحو هائل بداخلك الرغبة في إنفاق بعض المال كي ترفع مستوى فريقك.
الآن، لجأ اثنان من المحامين في باريس، كريم مراد لاهوزاي وفيكتور زاغوري، إلى المحاكم لتحدي صناع لعبة «فيفا»، «إلكترونيك آرتس»، في محاولة منهما لكشف مدى الخطورة التي يمكن أن يصل إليها إدمان لعبة «فيفا أولتيميت تيم». وفي تصريحات لمجلة «لكيب»، قال زاغوري: «خلق صانعو هذه اللعبة نظاماً وهمياً يعزز الإدمان على نحو خاص. نعتقد أن لعبة قمار أدمجت فعلياً في لعبة الفيديو هذه، لأن شراء المجموعات ليس سوى مراهنة. إنه منطق كازينوهات القمار الذي انتقل إلى البيوت».
وقال عميل المحامين، سائق يدعى مامادو، يبلغ 32 عاماً، إنه أنفق بالفعل 600 يورو (500 جنيه إسترليني) منذ صدور «فيفا 20»، نهاية سبتمبر (أيلول)، والأسوأ عن ذلك أن أفضل لاعب نجح في الحصول عليه كان لاعب قلب دفاع نادي نابولي والمنتخب اليوناني، كوستاس مانولاس. وقال مامادو: «لم أكن حتى أعرف هذا اللاعب. وقد تكبدت أموالاً كثيرة لأحصل في النهاية على مانولاس فحسب. وأعلم أشخاصاً دفعوا 2000 و3000 يورو. هذا جنون. لقد تسببت الأموال التي دفعتها في هذه اللعبة في تأخري عن سداد إيجار الشقة التي أسكن فيها».
وبعيداً عن مسألة أن مامادو بتصريحه هذا وجه صفعة مدوية لمسيرة مانولاس المهنية قد لا يتعافى منها اللاعب أبداً، فإن حياته تبدو في حالة فوضى حقيقية، على نحو يشبه إلى حد كبير الأضرار الناجمة عن القمار. والأسوأ عن ذلك الأسلوب الخفي الذي يمكن أن يسقط من خلاله المرء في فخ إدمان إنفاق الأموال على ألعاب الفيديو عبر الإنترنت. داخل كازينو القمار، على الأقل، تكون مدركاً أنك تمارس القمار (الذي غير مسموح به لما هم دون الـ18). أما مع ألعاب الفيديو عبر الإنترنت أو الهواتف الجوالة، تظهر أمامك رسائل وإخطارات تحثك باستمرار على إنفاق المزيد والمزيد على تحسين مستوى فريقك. وقال مامادو في تصريحات لمجلة «لكيب»: «سرعان ما تصبح مدمناً لهذه اللعبة. وكلما اشتريت مجموعة، أقول لنفسي إنها المرة الأخيرة، لكني دائماً أعاود الكرّة من جديد. ويصيبك الإحباط عندما لا تحصل على لاعبين على قدر كافٍ من البراعة، لذا تشتري مرة بعد مرة». جدير بالذكر أن مجموعات البطاقات هذه والعديد من المميزات مدفوعة الأجر الأخرى محظورة بالفعل في هولندا وبلجيكا. وحال نجاح هذه الدعوى القضائية ضد «إلكترونيك آرتس» في فرنسا، فإنها قد تؤدي إلى حظر على مستوى الاتحاد الأوروبي. وبطبيعة الأمر، أثار ذلك قلق «إلكترونيك آرتس» التي حصلت على 20 في المائة من خالص عائداتها، أو نحو 850 مليون جنيهاً إسترلينياً، من بيع مجموعات «أولتيميت تيم» عام 2018. في هذه القضية، وقع ضرر اللعبة على رجل يبلغ 32 عاماً، لكن الآباء والأمهات يرون كثيراً من قصص الرعب حول إدمان أطفالهم هذه اللعبة وإلقائهم لذويهم في هوة الديون.
إلا أن ذلك لا يعني حظر «فيفا أولتيميت تيم»، تماماً، لا سيما أنه لا تزال أمامي العديد من الهزائم المحرجة التي أحتاج إلى الثأر النفسي منها، لكن بالتأكيد حان الوقت لإعادة تصنيف اللعبة، وتعديل العامل الحاسم فيها ليصبح المهارة في اللعب، وليس حجم المال الذي يجري إنفاقه.
ألعاب فيديو «فيفا» أمام المحاكم الفرنسية
محامون يرون أنها تحول ممارسيها إلى مدمني قمار
ألعاب فيديو «فيفا» أمام المحاكم الفرنسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة