رحيل منير كيال موثِّق ثراث دمشق

ترك 22 كتاباً عن تراثها وعاداتها وتقاليدها

منير كيال
منير كيال
TT

رحيل منير كيال موثِّق ثراث دمشق

منير كيال
منير كيال

رحل قبل أيام الباحث التراثي الدمشقي منير كيال، بعد أن خلّف وراءه مئات الصفحات المكتوبة بحبر الحب والوفاء لدمشق، دعمها بصور التقطتها عدسته في توثيق مخلص لكل ما يخص البيئة الدمشقية.
والراحل من مواليد الشاغور عام 1931، الذي ختم في كتاتيبه قراءة القرآن الكريم وهو لا يزال في السنة الخامسة من عمره، وحين التحق بمدرسة التجهيز لدراسة الابتدائية قُبل فوراً في الصف الثالث ونال الشهادة الابتدائية (السرتفيكا) عام 1946. تابع تعليمه في مدرسة «التجهيز الثانية» وحصل على الشهادة الثانوية عام 1952 ثم تابع دراسته الجامعية في قسم الجغرافيا بكلية الآداب في جامعة دمشق وتخرج عام 1962. خلال دراسته الجامعية جذبه عالم التصوير الفوتوغرافي، وحمل كاميرته ليجوب مستكشفاً جمال حارات وشوارع وأسواق مدينته وكان كلما أوغل في التقاط التفاصيل اندفع نحو تدوين ما يراه، وما يسمعه من حواراته مع الناس في الأسواق والبيوت ليجد نفسه يستغرق في البحث والتوثيق لتراث دمشق وعاداتها وتقاليدها وأمثالها وبيوتها وحماماتها وصناعاتها فلم يترك شيئاً إلا ووثّقه، كتابةً وتصويراً، دافعه إلى ذلك شعور عميق بالامتنان لمدينته دمشق التي «أكلتُ من خيرها وأصبحتُ متعلماً بفضلها» حسبما كان يقول دائماً كلما سئل عن سرّ اهتمامه بدمشق، مؤكداً: «كل ما أقدمه من أبحاث وكتب هو وفاء لمدينة دمشق التي كانت قبلةً علمية للعالم، وكان الجامع الأموي جامعةً، وعلى كل عمود من أعمدته مدرس ومجموعة من الطلاب. ولا يدرس تحت قبته إلا من خضع للاختبار وثبت حيازته قدراً كبيراً من الموسوعية».
ورّث منير كيال مدينته ومحبيها أكثر من 22 كتاباً كان أولها عن طقوس شهر رمضان وتقاليده الدمشقية، وثانيها «فنون وصناعات دمشقية»، وآخر عن «الحمامات الدمشقية الأولى» إلا أن أهمها كان كتاب «يا شام» الذي أصدره عام 1984 على نفقته ولم يكن يتوقع أن تنفد الطبعة الأولى منه سريعاً وكانت 4000 آلاف نسخة، فقد تناول هذا الكتاب المتضمن 17 فصلاً العادات والتقاليد الدمشقية فيما يخص الحمل والولادة والألعاب والكتاتيب وتعليم الحرفة والمناسبات الدمشقية.
وأصبحت الفصول السبعة عشر أساساً لكتابة العديد من الكتب اللاحقة ليكون موضوع كل فصل منها كتاباً مستقلاً.
أغمض منير كيال عينيه للمرة الأخيرة وكان لا يزال يحلم بأن يعود به الزمن إلى أيام تتلمذ فيها على يد شيخ المؤرخين الدمشقيين محمد دهمان، الذي كان يرسله إلى أماكن معينة ليكتشفها ويكتب فيها وصفاً دقيقاً أميناً. ويقول: «لو أن الزمن عاد بي لبحثت مجدداً في كل ما سبق ورمّمت ما أغفلته، لأن كل ذرة من تراب دمشق فيها رفات الأحباء والأقرباء، أجدادنا وأهلنا ونحن وأولادنا من بعدنا». طوى الثرى جثمان منير كيال متمثلاً دأبه على القول: «نحن تراب هذه المدينة وهذا الوطن».
- من مؤلفاته‏:
«فنون وصناعات دمشقية»، و«الحمامات الدمشقية وتقاليدها»، و«رمضان وتقاليده الدمشقية»، و«مطبعة الحياة»، و«يا شام»، و«في التراث الشعبي الدمشقي»، و«حكايات دمشقية»، و«الصناعات السورية التقليدية»، و«معجم درر الكلام في أمثال أهل الشام»، و«معجم بابات مسرح الظل»، و«دمشق ياسمينة التاريخ»، و«محمل الحج الشامي»‏، وكتاب «مآثر شامية في الفنون والصناعات الدمشقية»، و«بترول العرب وقومية المعركة مطبعة الحياة»، و«جغرافية الوطن العربي»، وكتاب «المرأة في المثل الشعبي الشامي»، و«سهرات النسوان في الشام أيام زمان»، و«جزيرة أرواد تاريخها وتراثها الشعبي».


مقالات ذات صلة

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.