تقديرات أمنية في إسرائيل تستبعد انفجاراً شاملاً

تحدثت عن «موجة عمليات فردية محدودة بسبب صفقة ترمب»

مواجهة في بيت لحم بين متظاهرين فلسطينيين وقوى أمن إسرائيلية تبحث عن مرتكب عملية دهس في القدس فجر أمس (أ.ف.ب)
مواجهة في بيت لحم بين متظاهرين فلسطينيين وقوى أمن إسرائيلية تبحث عن مرتكب عملية دهس في القدس فجر أمس (أ.ف.ب)
TT

تقديرات أمنية في إسرائيل تستبعد انفجاراً شاملاً

مواجهة في بيت لحم بين متظاهرين فلسطينيين وقوى أمن إسرائيلية تبحث عن مرتكب عملية دهس في القدس فجر أمس (أ.ف.ب)
مواجهة في بيت لحم بين متظاهرين فلسطينيين وقوى أمن إسرائيلية تبحث عن مرتكب عملية دهس في القدس فجر أمس (أ.ف.ب)

مع استمرار إطلاق القذائف والبالونات الحارقة من قطاع غزة، وانفجار موجة عمليات عسكرية في القدس والضفة الغربية ضد جنود إسرائيليين، أمس، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتهديدات حربية. وألغى مؤتمراً صحافياً وتوجه «إلى الميدان» للتواجد مع الجنود الذين تعرضوا للضربات. في حين خرج قادة المستوطنين بحملة تطالب بالرد على الفلسطينيين بضم أراضي المستوطنات، وكذلك غور الأردن وشمالي البحر الميت إلى إسرائيل.
لكن، وعلى الرغم من تكاثر عدد العمليات الفلسطينية، التي شملت عملية دهس أدت إلى إصابة 12 جندياً إسرائيلياً، جراح أحدهم قاسية جداً، وعمليات إطلاق رصاص عدة على جنود في مناطق القدس ورام الله وبيت لحم، والتصدي لعملية هدم بيت في جنين بقوة فلسطينية غير عادية تذكّر بأيام الانتفاضة الثانية، فإن التقديرات الرسمية في صفوف الجيش والمخابرات الإسرائيلية، رأت أنها «عمليات فردية ومحدودة يمكن أن تتسع، لكن يمكن أن تتقلص أيضاً، لكنها ليست انتفاضة شعبية رداً على (صفقة القرن)». وقالت مصادر أمنية في تل أبيب، إن «هناك أكثر من إشارة تدل على أن الوضع قابل للانفجار، لكنه في الوقت الحاضر محدود. فالتنسيق الأمني بين الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن الفلسطينية مستمر. والرئيس الفلسطيني يعلن تمسكه باستخدام «فقط الوسائل السلمية للرد على (صفقة القرن)»، وشبيبة حركة (فتح) القوة المركزية بين الفصائل الفلسطينية تدير معركتها ضد الصفقة الأميركية بوسائل سلمية معتدلة».
لكن هذه المصادر لم تستبعد أن تنفجر الأوضاع في كل لحظة، «خصوصاً إذا أقدمت إسرائيل على تنفيذ بنود الصفقة من طرف واحد». وقال الجنرال في الاحتياط، عاموس يدلين، الذي شغل في الماضي منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش ويرأس اليوم معهد أبحاث الأمن القومي، وبحكم مراكزه يقيم اتصالات دائمة مع قيادة الجيش والاستخبارات، إن «الفلسطينيين ينتظرون أن تقدِم إسرائيل على خطوات عملية في ساسة الضم. وهم يتصرفون حالياً بحذر. فإذا نفذت الحكومة عمليات الضم يمكن أن تنفجر الأوضاع، أكان ذلك بانتفاضة شعبية أو بعمليات فردية عشوائية أو منظمة».
وقال الجنرال في الاحتياط إيتان دنغوت، الرئيس السابق لدائرة التنسيق مع الفلسطينيين في الجيش الإسرائيلي، إن «الفلسطينيين يدركون ما هو الثمن الذي قد يدفعونه في حال توجههم إلى العنف، وأنا لا أعتقد أن أبا مازن معني بإنهاء الفترة الأخيرة من حكمه بإشعال النار من جديد. وأنا أرى أن (حماس) باتت أكثر حذراً من خصمها اللدود في المقاطعة (يقصد الرئيس عباس). والجيش الإسرائيلي بالتأكيد غير معني بتصعيد، خصوصاً عشية الانتخابات. لذلك؛ أعتقد أن الأمور ستكون محدودة، على الرغم من أن الفلسطينيين لا يحبون (صفقة القرن)».
المعروف أنه، ومنذ الإعلان عن «صفقة القرن»، قبل عشرة أيام، تندلع مواجهات شبه يومية في الضفة الغربية بين المحتجين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، كما يتم إطلاق قذائف هاون وقذائف صاروخية وبالونات حارقة يومياً من غزة باتجاه البلدات الإسرائيلية المحيطة. وقد هدد نتنياهو، أمس، بشن «عملية عسكرية موسعة» ضد قطاع غزة قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في الثاني من مارس (آذار) المقبل، إذا ما استمر إطلاق الصواريخ والبالونات المتفجرة من القطاع تجاه المستوطنات والبلدات الإسرائيلية المحيطة. وأما الجيش، فقد قرر تعزيز قواته في الضفة الغربية «حتى يمنع انفجارات كبيرة»، وفق ناطق بلسانه.
وقد استغل رؤساء المجالس الاستيطانية هذه الأوضاع ليطالبوا نتنياهو بإعلان ضم المستوطنات ومنطقتي غور الأردن والبحر الميت إلى إسرائيل. وقالوا له إن «العمليات الفلسطينية ضد إسرائيل هي إرهاب لا علاقة له بـ(صفقة القرن) أو أي سياسة أخرى. فنحن نرى أنهم لا يفوّتون أي فرصة لقتل اليهود، بغض النظر عن الأسباب والظروف». وعندما قال لهم نتنياهو إنه غير معني بالصدام مع إدارة الرئيس دونالد ترمب، وإن «هناك خلافات داخلية في البيت الأبيض جعلت الرئيس يطلب منا التروي، وعلينا احترام إرادة ورغبة هذا الرئيس، الذي أثبت أنه أقوى أصدقاء إسرائيل في التاريخ»، أجابوه بأن الاختبار للرئيس يكون في قبوله قراراً أحادياً لإسرائيل بالضم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».