احتجاجات غاضبة بعد اعتداء مرافقي نائب من «التيار» على شاب من طرابلس

TT

احتجاجات غاضبة بعد اعتداء مرافقي نائب من «التيار» على شاب من طرابلس

تفاعلت تداعيات الإشكال الذي وقع مساء أول من أمس، وعمد خلاله مناصرون للنائب في «التيار الوطني الحر» زياد أسود، إلى الاعتداء على أحد الشباب القادمين من طرابلس مستنكرين وجوده في منطقة كسروان؛ حسبما أظهرت مقاطع فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي. وفيما صدرت مواقف مستنكرة لما حدث، قام عدد من المحامين بتقديم إخبار لدى النيابة العامة التمييزية ضد أسود ومرافقيه و«التيار الوطني الحر» ممثلاً في رئيسه الوزير السابق جبران باسيل.
وكان عدد من الناشطين عمدوا إلى ملاحقة أسود في أحد مطاعم منطقة أنطلياس معترضين على وجوده وداعين إياه إلى الخروج، وذلك ضمن الحملة التي يقوم بها المتظاهرون ضد السياسيين في الأماكن العامة، علماً بأن إشكالاً مماثلاً كان قد وقع بين أسود ومناصريه من جهة؛ والمتظاهرين من جهة ثانية أيضاً مساء الثلاثاء.
وإثر وصول الناشطين إلى مكان وجود أسود وقعت مواجهات بينهم وبين مناصريه الذين اعتدوا على المتظاهرين بالضرب وتكسير سياراتهم والشتائم، فيما نفذ الجيش اللبناني انتشاراً في المنطقة. وقام أحد مرافقي أسود بطرد أحد الشبان من المطعم بحجة أنه من طرابلس بعد أن أنهال عليه بالضرب وكيل الشتائم، فيما قال صاحب المطعم في حديث تلفزيوني إن أسود هرب عبر البحر.
ومنذ اللحظة الأولى لانتشار الفيديو شهدت طرابلس توتراً ودعا أبناؤها لمؤازرة زملائهم في كسروان، وعمد بعضهم إلى إحراق مكتب لـ«التيار الوطني الحر» في عكار، كما انتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتجمع في أماكن عدة مساء أمس رفضاً للطائفية.
وفي خطوة رافضة لما حدث، أقدم عدد من المحامين على تقديم إخبارين أمام النيابة العامة التمييزية؛ الأول قدّمه المحامي لؤي غندور بحق النائب أسود ومناصري «التيار الوطني الحر» «بشأن الجرائم المشهودة التي ارتكبوها ليلاً، وبحق التيار ممثلاً بشخص رئيسه كونه المسؤول عن أفعال مناصريه ومحازبيه». والثاني قدّمه المحامون: فادي سعد وعمر الكوش ومحمد زياد جعفيل وجهاد أبو عمو وميشال فلاح ضد مرافقي النائب زياد أسود ومناصريه بالأسماء، وكل من يظهره التحقيق «بالجرائم التي تمس الدين وإثارة الفتن والتعرض للذات الإلهية إثر انتشار مقاطع فيديو لهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تضمنت تحريضاً على الكراهية والفتنة الطائفية والمذهبية والمناطقية، وتعرّضاً للذات الإلهية وللسلم الأهلي». وطلب المحامون توقيف مناصري أسود والتحقيق معهم وإحالتهم إلى القضاء الجزائي المختص وإنزال أشد العقوبات بحقهم.
في موازاة ذلك، صدرت مواقف رافضة لما حدث. واستنكر مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار في بيان «التهجم الجسدي والمعنوي المشين أمس على أحد شباب طرابلس وما صاحب ذلك من تطاول على الذات الإلهية المقدسة بما يشكل رعونة أخلاقية ويخالف أبسط مقومات العيش المشترك والمواطنة». وحذر الشعار من «الممارسات الميليشيوية التي تهدد السلم الأهلي، وتصيب الوحدة الوطنية في الصميم».
من جهته، عدّ رئيس الحكومة الأسبق النائب نجيب ميقاتي أنه «بات واضحاًدّ تص واال فلاّ أن ثمة محاولات لجرّ البلاد إلى فتنة طائفية ومناطقية، تشبه بدايات الحرب اللبنانية الأليمة». وعدّ في بيان أن «ما حصل ليلاً والموثق بأشرطة فيديو وتسجيلات، مثال صارخ على هذا الأمر، وجرس إنذار جدي للجميع بوجوب التوقف عن الرقص على أوتار الفتنة والتحريض». وطالب القضاء باعتبار ما حدث «إخباراً، وتوقيف جميع المتورطين والمحرضين ومحاسبتهم، لدرء الشرور المستطيرة التي تهدد الوطن»، معلناً أنه أوعز إلى الهيئة القانونية في «تيار العزم» لتقديم إخبار رسمي إلى النيابة العامة التمييزية.
من جهته، استنكر رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط عبر «تويتر» «الاعتداء على الناشطين من قبل أزلام النواب الذين يهددون ويزرعون الفتنة وأزلام الغير من موظفين منبوذين».
كذلك، قال النائب السابق مصطفى علوش عبر حسابه على «تويتر»: «بعد أن شاهدت شريط الاعتداء على المواطن في كسروان من قبل بعض الرعاع، أقول لأبناء قلب لبنان العقلاء اللبنانيين الوطنيين بألا تسمحوا للبلطجي التافه الساقط أخلاقياً ووطنياً وإنسانياً أن يسرق صوتكم ويشبّح على الناس باسمكم. إن قلب لبنان لا يحتمل المزيد من الحقد التافه».
كذلك، صدر عن «لقاء سيدة الجبل» بيان بالتنسيق مع شخصيات من المناطق اللبنانية كافة، حيث قال إنه «مرّت على قضاءي كسروان وجبيل أحداث 1958 و1975 وغيرها، ولم تشهد هذه المنطقة حادثة تُذكر عكّرت العيش المشترك، لا بل بعكس ذلك تماماً. لقد كانت المدن والقرى تعيش بوئامٍ بين فتوح كسروان وجرود جبيل حتى أصبحت نموذجاً وطنياً للعيش المشترك»، مضيفاً: «ما حصل بالأمس بين مرافقي النائب زياد أسود وعددٍ من الثوار ليس حادثاً مناطقياً ولا طائفيّاً، بل هو سياسي بامتياز، وهو محصور ببعض الأشخاص ويتطلّب معالجة فورية كي لا يتكرّر». وطلب البيان من الأجهزة الأمنية والقضائية وضع يدها على الملف لتبيان الحقيقة بشفافية كاملة ومحاسبة من هو مسؤول بحسب القانون.
في المقابل، وضع النائب أسود المعلومات المتداولة حول ما حدث في خانة الأكاذيب، واصفاً الإعلام بـ«المشبوه»، وقال: «ثلاث سيارات حضرت إلى مكان تواجدي، وتم دهس مرافقي، ومن ثم محاولة اقتحام المكان، مع مسدس ظاهر سلم إلى مخفر غزير، تبين فيما بعد أنه شبه أصلي»، وأكد: «المسألة ليست طائفية؛ بل ملاحقة وتعدّ. مَن جاء إلى مَن، ومَن تعدى على مَن... إعلامكم مشبوه».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.