مخاوف لبنانية من تعثر سداد مستحقات سندات «اليوروبوند»

خيارات محدودة أمام بيروت مع صعوبة تأمين الدولار

TT

مخاوف لبنانية من تعثر سداد مستحقات سندات «اليوروبوند»

تتجه أنظار اللبنانيين والمستثمرين الأجانب إلى المسار الّذي ستتخذه السلطات اللبنانية في التعامل مع استحقاق سندات اليوروبوند بقيمة 1.2 مليار دولار في مارس (آذار) المقبل، في ظل الحديث عن إعادة جدولة الدين العام المستحق، ونقاش قائم حول دور الحكومة الجديدة في إدارة أزمة البلاد المالية، وسط مخاوف من تبعات تعثر لبنان عن السداد، بعد أنّ تفاقمت حالة نقص الدولار والمزاحمة عليه وانخفاض سعر صرفه مقابل الليرة اللبنانية، وصعوبات تأمين دخوله إلى لبنان.
مع العلم أنه منذ عامين، ومصرف لبنان المركزي يتولى مهمة تسديد الديون المستحقة على الدولة اللبنانية، مستخدماً احتياطي العملة الأجنبية لديه، بسبب عجز لبنان عن جذب مستثمرين جدد (دائنين). وبالتالي فقد أسهم تدخل المركزي وسداد الديون، في انخفاض حجم احتياطي العملة الأجنبية لديه، ما أدى إلى إثارة المخاوف من إمكانية التعثر في السداد، حيث بات المركزي أمام خيارين الآن، إما استخدام الاحتياطي المتبقي لديه في سداد استحقاق الدين، وإما التخلف عن السداد من أجل استخدام الاحتياطي في تأمين المواد الأساسية، مثل المحروقات والأدوية والقمح، وفق ما يؤكده الخبير الاقتصادي جان طويلة.
ويوضح لـ«الشرق الأوسط» «هناك سيناريوهان يخيمان على المشهد في حال اختار لبنان عدم سداد استحقاق مارس، إما الاتفاق مع الدائنين لإعادة هيكلة الدين العام، أي إعادة جدولة الديون وخفض الفائدة، وإما دفع جزء من أصل الدين للمستثمرين فقط وهذا ما يعرف أيضا بالـHaircut»»، في الوقت الذي تبلغ فيه حصة المستثمرين الأجانب 550 مليون دولار من أصل 1.2 مليار دولار أي النصف تقريباً.
وبرأي طويلة فإنّ السؤال الّذي يطرح نفسه هنا، ماذا سيفعل لبنان بالنسبة إلى الدين الجديد، في حين يبدو واضحاً أنّه عاجز عن سداد ديونه المستحقة؟ مضيفا «لبنان سيكون أمام حل من اثنين، إما طباعة عملة جديدة ما سيزيد الضغط على سعر الصرف بين الليرة والدولار، وإما إعادة هيكلة الدين العام ككل ضمن خطة متكاملة». ويضيف «الأصح في الوقت الراهن هو أنّ تكون الأولوية لوضع خطة متكاملة تخرج لبنان من الأزمة، يكون ضمنها إعادة هيكلة الدين العام، ليس فقط بإعادة جدولة الديون وتحويلها إلى سندات أطول أجلاً، وإنما خفض الفائدة لتخفيف العبء على الدولة، إذ لا حل آخر، فلبنان اليوم غير قادر على سداد ديونه».
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي، إنّه «في حال دفع لبنان استحقاق مارس، فإنّ ذلك سيكون على حساب قدرة البنك المركزي تمويل استيراد المواد الأساسية المذكورة، ما سيؤدي إلى نواقص في السوق اللبنانية، حتى على صعيد المستلزمات الطبية، ما يعني ازدياد تدهور الوضع في لبنان»، ويلفت إلى أنّ «غالبية التقارير الدولية تقول إن الاحتياطي المركزي في نهاية شهر مايو (أيار) المقبل لن تتعدى الـ3 مليارات دولار».
ويضيف يشوعي أنّ مسألة لجوء لبنان إلى الصندوق لرفد لبنان بكم معين من العملات الصعبة من أجل تعويم ماليته العامة واستحقاقات الخزينة اللبنانية والاقتصاد اللبناني وتخفيف القيود المصرفية على العمليات المصرفية في لبنان، ليست مسألة مجانية، بل مقيدة بشروط شديدة القساوة وستكون موجعة على اللبنانيين، من بينها: الخصخصة الكاملة لكافة قطاعات الخدمات، موازنة متوازنة من دون عجز، وبالتالي الحاجة إلى الاستدانة، ما يعني تصغير حجم القطاع العام، أي وضع نحو 150 ألف موظف من دون عمل، ما سيخلق أزمة اجتماعية حادة تضاف إلى الأزمة الحالية، كما التوقف عن الاتفاق ذات الطابع الاجتماعي، ما يمنع عن فئات فقيرة جداً بعض الخدمات، وفرض بعض الضرائب على الاستهلاك مثل البنزين.
ويضيف يشوعي «لدى لبنان رزمة ملفات في الداخل في حال أحسن استخدامها من شأنها ضخ المليارات من الدولارات إلى الاقتصاد اللبناني دون أن تشكل ديونا جديدة على اللبنانيين، من بينها، أن تعيد الحكومة ثقة اللبنانيين بالمصارف، أي أن تسترد الأموال المنهوبة، كما تتوقف الدولة عن إدارة الخدمات العامة وتمويلها وأنّ تعهد بها إلى مكاتب استشاريين دوليين، وأن تُلغى المراسيم التطبيقية لقانون النفط والغاز لتضمينها مشاركة الدولة في الإنتاج وفق ما نص القانون، وأخيراً، يمكن إجراء عقود آجلة، وهي أدوات مالية يمكن تداولها في البورصات العالمية للحصول على العملة الصعبة.
من جهته يقول طويلة إنّ «بناء الاقتصاد المنتج يحتاج إلى وقت من أجل تجهيز البنية القانونية والبنى التحتية وبيئة الأعمال وغيرها من الأمور، وبالتالي خلال المدى القصير، فإنّ لبنان سيحتاج حتماً إلى مساعدة في المرحلة الأولى للخروج من أزمته، وهذا بالطبع لن يحصل دون مقابل».
ويعتقد طويلة أنّه «على عكس ما يتمّ الترويج له، فإنّ مسألة تدخل صندوق النقد الدولي، تضر بالسلطة السياسية وليس بالمواطن، فهو طلب بداية، تصغير حجم القطاع العام في لبنان، الّذي هو في الأصل كبير جداً، ونسبة الرواتب والأجور من مجموع النفقات في الدولة هي 39 في المائة، بينما يبلغ المعدل العام في الدول المتطورة 15 في المائة، ومن ثمّ إصلاح قطاع الكهرباء الّذي لا يكبد الدولة بين 1.5 و1.8 مليار دولار سنوياً، فيما التغذية بالكهرباء شبه معدومة في بعض المناطق، وأضاف أنّ هناك ضرورة لإعادة النظر بمؤسسات الدولة كالصناديق والمجالس، ودراستها لتحديد الأولويات».
ويقول: «هنا يجب إيضاح نقطتين أساسيتين، أنّ طرح زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 11 في المائة إلى 15 في المائة، لم يكن شرطاً أساسياً ومسبقاً من أجل تدخل الصندوق الّذي اعتبر أنّها تأتي في حال بقي حاصل الإيرادات الضريبية على الناتج المحلي متدنيا بعد تحسين الجباية، ومكافحة التهرب الضريبي والتهريب الجمركي، وبالتالي لا بد حينها من إعادة النظر بالضرائب، ويمكن فرض زيادة على البنزين». ويشير هنا إلى وجود لغط حيال طلب الصندوق من لبنان عدم تثبيت سعر صرف الليرة، حيث قال إنه لا بد على المدى الطويل تحرير الليرة، لأن تثبيتها مكلف جداً على صعيد الاحتياطي بالعملة الأجنبية، ويتطلب مسار طويل من أجل تحقيقه.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.