اقتراب ساعة الحسم في محاكمة ترمب

الكفة ترجح لصالح تبرئة الرئيس الأميركي

زعيم الأغلبية ميتش ماكونيل برع في رص الصف الجمهوري على رغم {قنبلة بولتون} (إ.ب.أ)
زعيم الأغلبية ميتش ماكونيل برع في رص الصف الجمهوري على رغم {قنبلة بولتون} (إ.ب.أ)
TT

اقتراب ساعة الحسم في محاكمة ترمب

زعيم الأغلبية ميتش ماكونيل برع في رص الصف الجمهوري على رغم {قنبلة بولتون} (إ.ب.أ)
زعيم الأغلبية ميتش ماكونيل برع في رص الصف الجمهوري على رغم {قنبلة بولتون} (إ.ب.أ)

بعد ساعات طويلة من المساءلة والمداولات، حسم أغلبية المشرعين أمرهم في قضية الاستماع إلى شهود وبدا وكأن الكفة تميل تدريجياً لصالح تبرئة الرئيس الأميركي. وقد ورد أبرز موقف يشرح قرار المترددين من الجمهوريين على لسان السيناتور الجمهوري لامار ألكسندر الذي كان يُعدّ من الأصوات المتأرجحة التي يعول عليها الديمقراطيون. ألكسندر قال بعد انتهاء جلسات المساءلة الماراثونية: «ليس هناك حاجة للمزيد من الأدلة لإثبات أمر تم إثباته من قبل وتصرف لا يستحق خلع رئيس من منصبه». وتابع ألكسندر الذي وصف تصرف ترمب بغير اللائق أن «الدستور الأميركي لا يعطي مجلس الشيوخ صلاحية خلع الرئيس من منصبه ومنعه من خوض الانتخابات بسبب تصرفات غير لائقة». وانتقد ألكسندر الديمقراطيين واصفاً إجراءات العزل بالحزبية والسطحية.
تصريح عكس موقفاً جمهورياً موحداً بالإجمال، وألقى الضوء على براعة زعيم الأغلبية ميتش ماكونيل في رص الصف الجمهوري بعدما وصف بـ«قنبلة بولتون». ماكونيل الذّي قلما يبتسم، لوحظ على وجهه طيف ابتسامة لدى مغادرته مجلس الشيوخ مساء الخميس وقال للصحافيين: «استعدوا ليوم الجمعة فهو يوم مهم جداً»، وهو رّكز في استراتيجيته على إقناع الجمهوريين بأن موضوع استدعاء شهود سوف يؤجل القرار المحسوم أصلاً وهو تبرئة الرئيس. فحتى تسريبات بولتون لا تُشكّل مادة قابلة لخلع رئيس أميركي، على حد قول الجمهوريين وفريق دفاع ترمب، والاستماع إلى مستشار الأمن القومي لن يغير من هذا الواقع بل سيطيل من فترة المحاكمة ويؤثر سلباً على عمل الكونغرس وبالتالي على الانتخابات التشريعية المقبلة. هذه هي النقاط التي طرحها ماكونيل على حزبه وتمكن من خلالها من تحطيم المساعي الديمقراطية بجذب أصوات جمهورية كافية لصالحهم. وهذا ما فسّره جون كورنين، أحد القيادات الجمهورية في مجلس الشيوخ: «أعتقد أن الأشخاص هنا بدأوا يفهمون أن القضية لا تنحصر في شاهد واحد فقط وقد تستغرق شهوراً لحسمها».
وفي ظل هذه الضغوطات، جلّ ما تمكن الديمقراطيون من الحصول عليه هو دعم جمهوريين اثنين: ميت رومني منافس ترمب السابق في الانتخابات، وسوزان كولينز السيناتورة المعتدلة. لكن هذين الصوتين لن يتمكنا من تغيير المعادلة، فأفضل سيناريو يواجه الديمقراطيين حتى الساعة هو سيناريو التعادل، وحتى في حال حصول قضية استدعاء شهود على 50 صوتاً يدعمها مقابل 50 يعارضها، فهذا يعني أن التصويت سيكون لصالح عدم استدعاء شهود. وقد عوّل البعض على تصويت كبير قضاة المحكمة العليا جون روبرتس لحسم القضية في حال التعادل، لكن على ما يبدو فإنه لا رغبة لروبرتس بالتدخل لصالح طرف ضد آخر في قرار تاريخي من هذا النوع. فشل قضية استدعاء شهود يعني بالتالي أن المجلس سيصوت لتبرئة الرئيس الأميركي من التهمتين الموجهتين ضده: استغلال منصبه لمآرب سياسية وعرقلة عمل الكونغرس. تصويت قد يحاول الديمقراطيون تأجيله من خلال فرض إجراءات بروتوكولية، وحتى ساعة كتابة هذا التقرير، لم يعلن الديمقراطيون عن استراتيجيتهم في هذا الخصوص. وفي حال قرروا عرقلة عملية التصويت فهذا قد يعني تأجيل التصويت النهائي إلى يوم السبت أو الأحد. وفي سيناريو يجسّد خوف الجمهوريين الأكبر، قد يتمكن زعيم الأقلية الديمقراطية تشاك شومر من فرض صلاحياته وتأجيل عمليات التصويت للأسبوع المقبل، الأمر الذي سيتزامن مع بدء الانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا ومع خطاب حال الاتحاد في الرابع من فبراير (شباط). وقد تحدّث الديمقراطيون عن استراتيجياتهم المختلفة، وقال سيناتور ديمقراطي طلب عدم الكشف عن اسمه: «نحن نفكر بخيارات كثيرة، وما إذا كنا نستطيع تغيير قواعد التصويت وما هي التعديلات التي سنقدمها. نحن لن نسمح لليلة الجمعة بأن تكون ليلة هادئة». وقال السيناتور كريس مرفي: «نحن ننظر في كل الإجراءات البرلمانية وسوف نفرض سلسلة من عمليات التصويت التي ستظهر الموقف الجمهوري بوضوح».
ومع وجود سيناريوهات كثيرة للتأجيل، لكن النتيجة ستكون ذاتها: الرئيس الأميركي سيبرأ من التهم الموجهة ضده ولن يتم خلعه من منصبه. أمر يتخوف منه الديمقراطيون وبعض الجمهوريين بشكل كبير، لأنه يعني أن ترمب سوف يعزز موقعه في الانتخابات الرئاسية، وقد يؤدي موضوع العزل إلى فوزه بولاية ثانية. وهذا ما تحدث عنه نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن الذي قال إن تبرئة ترمب ستجعل من مهمة هزيمته في الانتخابات أصعب. لكن الديمقراطيين يأملون في الوقت نفسه أن تكون الحجج التي قدموها في سير عملية العزل مقنعة للناخب الأميركي، وأن ينعكس هذا على صناديق الاقتراع في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ويسعى بعض الديمقراطيين إلى إرسال توجيهات مشفّرة لمستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، يطرحون فيها فكرة إجرائه مقابلات تلفزيونية للحديث عن فضيحة أوكرانيا. وقد غرّد السيناتور الديمقراطي براين شاتز قائلاً: «أنا أصدر مذكرة استدعاء وهمية لبولتون، أوجهه من خلالها بالمثول في البرامج الحوارية يوم الأحد للحديث عن (صفقة المخدرات)، وذلك في إشارة إلى إفادات مسؤولين في الإدارة الأميركية أمام لجان الكونغرس، نقلوا فيها عن بولتون وصفه لموضوع أوكرانيا بـ«صفقة مخدرات».
تتزامن هذه التطورات مع زيارة قام بها ترمب لولاية أيوا التي ستشهد أول انتخابات تمهيدية في الولايات المتحدة يوم الاثنين. وانتقد هناك إجراءات عزله لكنه أعرب عن تفاؤله بالمرحلة المقبلة قائلاً: «نحن نفوز كثيراً، نحن نهزم كل الديمقراطيين». وكان مجلس الشيوخ اختتم يوم الخميس جلسات المحاكمة التي استغرقت أكثر من خمسين ساعة بين مرافعات الدفاع والادعاء وأسئلة المشرعين. وحاول فريق الادعاء جاهداً إقناع أعضاء مجلس الشيوخ بوجوب استدعاء شهود قبل التصويت لإنهاء المحاكمة، وركزوا في مرافعاتهم على التسريبات الأخيرة من كتاب بولتون. لكن فريق الدفاع كان بالمرصاد، ووبخ الديمقراطيين على محاولات لخلع رئيس أميركي من منصبه من دون وجود أي دليل يثبت استغلاله لمنصبه. وقال أعضاء فريق الدفاع إن ترمب جمّد المساعدات لأوكرانيا بسبب الفساد المستشري في البلاد. أمر انتقده الديمقراطيون الذين اتهموا ترمب باستغلال موضوع المساعدات لإجراء تحقيق مع منافسه بايدن والتأثير على نتيجة الانتخابات الأميركية. ومما لا شك فيه أن نهاية المحاكمة لا تعني نهاية الجهود الديمقراطية للتحقيق مع ترمب. وهذا ما تعهدت به رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي قالت: «لن تتم تبرئة ترمب. لا يمكن تبرئتك من دون محاكمة. ومحاكمة من دون شهود أو إثباتات هي ليست محاكمة حقيقية. هل يعرف الرئيس الفرق بين الخطأ والصواب؟ لا أعتقد ذلك».


مقالات ذات صلة

ترمب «شخصية العام» لمجلة «تايم»: 72 يوماً من الغضب

الولايات المتحدة​ احتفل ترمب باختياره «شخصية العام» من قِبل مجلة «تايم» بقرع جرس افتتاح بورصة نيويورك يوم 12 ديسمبر الحالي (أ.ب)

ترمب «شخصية العام» لمجلة «تايم»: 72 يوماً من الغضب

احتفى ترمب باختياره «شخصية العام» من مجلة «تايم»، وقرع جرس افتتاح بورصة نيويورك على بُعد بضعة مبانٍ من المحكمة التي أدانته قبل 6 أشهر فقط.

علي بردى (واشنطن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مجلة «تايم» تختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب «شخصية عام 2024»... (أ.ب)

ترمب: أدعم حل الدولتين لكن «هناك بدائل أخرى»

أجرى رئيس أميركا المنتخب، دونالد ترمب، حواراً مع مجلة «تايم» التي اختارته «شخصية عام 2024» وأكد أن «مشكلة الشرق الأوسط» أسهل في التعامل من «المشكلة الأوكرانية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال فعالية شخصية العام لمجلة تايم في بورصة نيويورك، 12 ديسمبر 2024 (أ.ب)

ترمب رداً على سؤال عن احتمالات الحرب مع إيران: «أي شيء يمكن أن يحدث»

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ردا على سؤال في مقابلة مع مجلة «تايم» حول احتمالات الحرب مع إيران، إن «أي شيء يمكن أن يحدث».rnrn

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».