ماكرون يتهم إردوغان بنقل «مرتزقة» سوريين للقتال في ليبيا

إدانة لـ«استفزازات» تركيا... وشراكة أمنية استراتيجية بين فرنسا واليونان

الرئيس الفرنسي خلال استقباله رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في قصر الإليزيه أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي خلال استقباله رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في قصر الإليزيه أمس (إ.ب.أ)
TT

ماكرون يتهم إردوغان بنقل «مرتزقة» سوريين للقتال في ليبيا

الرئيس الفرنسي خلال استقباله رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في قصر الإليزيه أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي خلال استقباله رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في قصر الإليزيه أمس (إ.ب.أ)

ملفّ خلافي جديد بين باريس وأنقرة يُحتمل أن يزيد العلاقات بينهما تأزماً، رغم أنها متوترة أصلاً. وعنوان الجدل المستجد بين الرئيسين إيمانويل ماكرون ورجب الطيب إردوغان يتعلق بالملف الليبي، حيث تنظر فرنسا بكثير من القلق إلى دخول إردوغان طرفاً فيه. وما زاد من قلق باريس توقيع حكومة «الوفاق»، التي يديرها فائز السراج، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على اتفاقين أحدهما اقتصادي والآخر أمني. الأول يتيح لتركيا زيادة المساحة البحرية في مياه المتوسط بحيث تستطيع التنقيب عن الغاز والنفط. والآخر يمكّنها من التدخل مباشرةً في الحرب الدائرة في ليبيا، بحجة «حماية الشرعية». وسبق لباريس أن نددت بالاتفاقين، حيث إن الأول يفتئت على حقوق أطراف مشاطئة أخرى، مثل اليونان وقبرص ومصر، فيما الآخر من شأنه تغذية الحرب، ودفعها إلى أبعاد جديدة.
وليس من قبيل الصدفة أن يهاجم ماكرون الرئيس التركي أمس، وذلك عقب لقائه رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في قصر الإليزيه. وكان الملف الليبي بتشعباته، ومنها البعد التركي، حاضراً في محادثاتهما. وليس سراً أن أثينا، التي كانت غائبة عن «قمة» برلين الأخيرة، تسعى لبناء تحالفات لمواجهة السياسة التركية، وقد تقاربت مؤخراً مع المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، كما أن علاقاتها جيدة مع مصر، التي ترفض هي الأخرى التدخل التركي في ليبيا، التي تعدها «مسألة أمن قومي».
وفي حديثه إلى الصحافة وإلى جانبه ميتسوتاكيس، لم يتردد الرئيس الفرنسي في مهاجمة إردوغان مباشرةً، متهماً إياه بعدم احترام الالتزامات، التي عبّر عنها في مؤتمر برلين. وقال بهذا الخصوص: «نحن نرى في الأيام الأخيرة السفن التركية تنقل مرتزقة سوريين إلى الأراضي الليبية»، مضيفاً أن ذلك يحصل «في هذا الوقت بالذات... وهو يناقض بشكل واضح ما التزم إردوغان القيام به في مؤتمر برلين، وبالتالي فإنه لم يحترم كلامه».
تجدر الإشارة إلى أن إحدى نتائج مؤتمر برلين، التي عُدّت إيجابية، هي التزام الأطراف الخارجية بمنع إيصال السلاح إلى الطرفين الليبيين المتناحرين. والحال أن إردوغان تراجع عن وعده منذ أن عاد إلى بلاده، حيث أكد استعداده لإرسال قوات تركية إلى ليبيا، معترفاً بإرسال «خبراء».
وبرأي الرئيس الفرنسي، فإن ما تقوم به تركيا «يهدد أمن جميع الأوروبيين وسكان بلدان الساحل» الأفريقي، حيث تنشط باريس من خلال «قوة برخان»، العاملة خصوصاً في مالي والنيجر وبوركينا فاسو في محاربة التنظيمات الإرهابية. وذهب ماكرون إلى إدانة الاتفاق الموقّع بين حكومة «الوفاق» وتركيا بـ«أشد العبارات». وكردّ على ما تعدّه اليونان اعتداءً يهدد مصالحها، أعلن ماكرون عن قيام «شراكة استراتيجية للأمن» بين باريس وأثينا. وبانتظار أن يعمل الطرفان على تفصيل ميادين التعاون الاستراتيجي، فقد تقرر أن توفر فرنسا حضوراً بحرياً متزايداً «من أجل توفير الأمن التام في منطقة استراتيجية بالنسبة إلى أوروبا».
وترى فرنسا أن الفوضى في ليبيا وغياب الدولة حوّلا ليبيا إلى «ملاذ» لهذه التنظيمات، حيث تستطيع الحصول على السلاح وممارسة التهريب والانكفاء. وبالنظر إلى ما تقوم به تركيا، فإن ماكرون أكد أن فرنسا وشركاءها الأوروبيين تدعم اليونان وقبرص، وتدين «التدخلات والاستفزازات التركية».
حقيقة الأمر أنها ليست المرة الأولى، التي يركز فيها ماكرون على إرسال تركيا مقاتلين سوريين إلى ليبيا. ففي مؤتمر برلين نفسه، قال ماكرون: «يجب أن أقول لكم إن ما يقلقني بشدة هو وصول مقاتلين سوريين وأجانب إلى مدينة طرابلس، وهذا يجب أن يتوقف».
لكن ما قاله الرئيس الفرنسي لا يعكس كامل التدخل التركي الذي يشمل، إلى جانب ذلك، إرسال أسلحة من كل الأنواع. ففي الأسابيع الأخيرة، رصدت البواخر الحربية الأوروبية، العاملة في مياه المتوسط، وصول سفن تركية محملة بالرجال والأسلحة.
ولا شك أن المواقف التي عبّر عنها ماكرون، أمس، ستتبعها ردود فعل تركية عنيفة، خصوصاً أن العلاقات بين باريس وأنقره تواجه صعوبات كبرى، ليس آخرها رفض باريس استمرار العمل من أجل دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. ففرنسا كانت من بين الدول الأكثر عنفاً في انتقاد العمليات العسكرية التركية ضد أتراك سوريا، أكان ذلك في عفرين أو في الشمال الشرقي. كذلك، فإن باريس تندد دورياً بتهديدات تركيا بفتح حدودها أمام المهاجرين واللاجئين لديها من أجل إغراق أوروبا بهم. كما أنه لم يغب بعد عن الأذهان «المبارزة»، التي حصلت بين ماكرون وإردوغان قبيل قمة الحلف الأطلسي في لندن بداية ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
فبعد أن رأى ماكرون أن الحلف الأطلسي في حالة «موت سرسري»، رد عليه إردوغان بأنه هو من يعاني من «الموت السريري». والسبب في ذلك أن الرئيس الفرنسي رأى أن تركيا لا تحترم شركاءها في الحلف عندما تقوم بمغامرات عسكرية منفردة. كما تساءل ماكرون عن مصير البند الخامس من معاهدة الحلف، التي تنص على أن أي اعتداء على أي عضو أطلسي هو اعتداء على الجميع.
يبقى أن لباريس في الملف الليبي موقفاً «متأرجحاً»، حيث يرى بعض الأطراف أنها تقف فعلياً إلى جانب خليفة حفتر، بينما موقفها الرسمي يدعو إلى حل سياسي. وكان لافتاً أن ماكرون قال في برلين إنه «يعود إلى الأمم المتحدة أن تفاوض (الأطراف) حول وقف حقيقي لإطلاق النار، ومن غير أن يضع أي طرف شروطاً مسبقة». واعتُبرت هذه العبارة دعماً لحفتر، إذ تمكّنه من بقاء قواته في المواقع التي وصلت إليها، فيما «الوفاق» تطالب بعودتها إلى مواقعها السابقة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.