إشادة عربية بالتحرك من أجل السلام ودعوات لـ«دراسة» خطة ترمب

المنامة والكويت تدعمان جهود واشنطن... ودمشق ترفض الإعلان الأميركي... وبغداد تؤيد دولة فلسطينية عاصمتها القدس

TT

إشادة عربية بالتحرك من أجل السلام ودعوات لـ«دراسة» خطة ترمب

تواصلت أمس ردود فعل الدول العربية والإقليمية حول «خطة السلام» التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء الثلاثاء.
وجاء في بيان بثته وزارة الخارجية البحرينية، أنه بالإشارة إلى إعلان الرئيس ترمب عن «خطة السلام من أجل الازدهار»، تؤكد وزارة الخارجية «موقف مملكة البحرين الثابت والراسخ من القضية الفلسطينية ودعمها لجميع الجهود الهادفة للتوصل إلى حل عادل وشامل لهذه القضية، ويؤدي لاستعادة الحقوق المشروعة كافة للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة كغيره من شعوب العالم».
وتضمن البيان الإشادة بـ«الجهود الحثيثة التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية لدفع عملية السلام». كما أعربت عن تطلعها لأن تقوم الأطراف المعنية بدراسة ما تقدمت به الولايات المتحدة، وبدء مفاوضات مباشرة بين الجانبين برعاية أميركية للتوصل لاتفاق يلبي تطلعات الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في تحقيق السلام الشامل والعادل فيما بينهما، ويؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ويدعم الأمن والسلم في المنطقة ويعود بالنفع والخير على جميع دولها وشعوبها.
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية عن بيان لوزارة الخارجية القول إن الكويت «تقدر عالياً مساعي الولايات المتحدة لحل القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي الذي امتد لأكثر من 70 عاماً». وشدد البيان على أن «الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية لا يتحقق إلا بالالتزام بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وبالمرجعيات التي استقر عليها المجتمع الدولي، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة ذات السيادة في حدود 4 يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».
من جهته، أعلن المغرب على لسان وزير الخارجية ناصر بوريطة أنه يقدر جهود السلام التي تبذلها إدارة الرئيس ترمب، ويأمل في إطلاق دينامية بناءة للسلام. وجاء في بيان الوزير بوريطة أن المملكة المغربية «تابعت باهتمام عرض رؤية رئيس الولايات المتحدة حول عملية السلام في الشرق الأوسط، وأنه بالنظر إلى أهمية هذه الرؤية ونطاقها، سوف يدرس المغرب تفاصيلها بعناية فائقة».
وأشار البيان إلى أن «حل القضية هو مفتاح الاستقرار في الشرق الأوسط. ولهذا السبب تقدر المملكة المغربية جهود السلام البناءة، التي تقوم بها إدارة الرئيس ترمب بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومنصف لهذا الصراع».
وبشأن القدس، قال البيان إن المملكة المغربية، التي ترأس لجنة القدس تؤكد من جديد «الموقف الوارد في (نداء القدس)، الصادر في 30 مارس (آذار) 2019، الذي وقّعه الملك محمد السادس، والبابا فرنسيس، حيث يؤكد الحاجة في المدينة المقدسة لضمان حرية الوصول الكاملة إلى أتباع الديانات التوحيدية الثلاث، وحقهم في العبادة حتى يتمكنوا في القدس من رفع صلواتهم إلى الله خالق الجميع، من أجل مستقبل السلام والإخاء على الأرض». ويرى المغرب، حسب البيان، أنه يجب الحفاظ على وضع القدس، مع مناقشة القرار النهائي بين الطرفين، وفقاً للشرعية الدولية.
وأوضحت منظمة التعاون الإسلامي أنها تابعت إعلان الإدارة الأميركية عن خطتها للسلام في الشرق الأوسط، وأكدت أن أساس حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا بد أن يكون بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
وجدد الدكتور يوسف العثيمين الأمين العام للمنظمة، التزام «التعاون الإسلامي» المبدئي ودعمها الثابت للجهود الدولية الرامية لتحقيق السلام القائم على رؤية حل الدولتين، وفقاً للمرجعيات الدولية المتفق عليها، بما يؤدي إلى تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الوطنية المشروعة، والوصول إلى سلام عادل وشامل.
وشدد العثيمين على أن مدينة القدس الشريف، بموجب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، «جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، وأن المساس بالوضع القائم التاريخي والقانوني والسياسي للمدينة يعد انتهاكاً للمواثيق الدولية».
وفي القاهرة، قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن «تحقيق السلام العادل والدائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين مرهونٌ بإرادة الطرفين وليس بإرادة طرف دون الآخر»، معتبراً أن خطة السلام التي أعلن عنها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، «تعكس رؤية غير ملزمة».
ولفت أبو الغيط، في بيان للجامعة أمس، إلى أن الجامعة «تعكف على دراسة الرؤية الأميركية بشكل مدقق، ونحن منفتحون على أي جهدٍ جاد يُبذل من أجل تحقيق السلام». لكنه نوه إلى أن «القراءة الأولى للإعلان (الأميركي) تشير إلى إهدار كبير لحقوق الفلسطينيين المشروعة في أرضهم وعدم ملاءمة كثير من الأفكار التوفيقية المطروحة». وأكد أن «الموقف الفلسطيني بطبيعة الحال هو الفيصل في تشكيل الموقف العربي الجماعي من الخطة».
في غضون ذلك، شدد الدكتور مشعل بن فهم السلمي، رئيس «البرلمان العربي»، على «دعم الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها مدينة القدس الشرقية، وفقاً لمبادرة السلام العربية لعام 2002، وقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي ومبدأ حل الدولتين بناء على حدود ما قبل عام 1967». وقال السلمي، في بيان أمس، إن «مضمون خطة السلام التي أعلنت عنها الإدارة الأميركية لا تتسق مع قرارات مجلس الأمن الدولي، والتي تؤكد حق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه».
من جهتها، انتقدت دمشق «صفقة القرن» التي تمثل «وصفة للاستسلام»، مشددة على وقوفها «مع الكفاح العادل للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة». وقال مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين، حسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن دمشق «تعرب عن إدانتها الشديدة ورفضها المطلق لما تسمى (صفقة القرن) والتي تمثل وصفة للاستسلام لكيان الاحتلال الإسرائيلي». وتابع المصدر أن دمشق تطالب المجتمع الدولي بإدانة ذلك و«التأكيد على قراراتها وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية المحتلة وضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس».
ولم تشر دمشق إلى الخريطة التي نشرها الرئيس ترمب وتضمنت ضم الجولان السوري المحتل وحديثه عن اعترافه بقرار إسرائيل ضم المرتفعات السورية.
ودعا العراق الأربعاء العرب والمسلمين إلى «دعم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف». وقالت وزارة الخارجية العراقية إن «العراق يقف مع إخوانه الفلسطينيين في حُقوقهم المشروعة التي ضمنتها الشرعيّة الدوليّة، وقرارات مجلس الأمن، وحقهم في العودة إلى بُيُوتهم وأراضيهم».
وشدِّد على أنّ القدس الشريف، والمسجد الأقصى ما يزالان تحت الاحتلال، وعلى العرب والمسلمين الوقوف إلى جانبهم في دعم حُقوقهم المشروعة، وإقامة دولتهم المُستقِلّة وعاصمتها القدس الشريف، واسترجاع الأراضي المحتلة كافة إلى سوريا ولبنان.
من جهته، قال المرشد الإيراني علي خامنئي إن الخطة «محكوم عليها بالفشل»، وإن السياسية الأميركية «تجاه فلسطين المسماة صفقة القرن لن تتحقق أبدا». ودعت جماعة «الإخوان المسلمين» في الأردن الأربعاء العرب والمسلمين إلى «الانتفاض» ضد الخطة. كما حضت الجماعة السلطة الفلسطينية على وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل «وإفساح المجال واسعا أمام الشعب الفلسطيني وقواه الحية في الضفة وفي كل فلسطين للانتفاض بوجه المحتل وقلب الطاولة على المقامرين بالقضية وإسقاط هذه المؤامرة».
وأكد الأردن الثلاثاء أن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وفق حل الدولتين وعلى خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 «سبيل وحيد للسلام».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.