الجيش اليمني «يقلب الطاولة» على الميليشيات في نهم والجوف وتعز

هادي يعين قائداً للمنطقة السابعة ويدعو إلى وقف المد الإيراني في المنطقة

TT

الجيش اليمني «يقلب الطاولة» على الميليشيات في نهم والجوف وتعز

قلب الجيش اليمني المسنود من تحالف دعم الشرعية الطاولة على الميليشيات الحوثية أمس (الثلاثاء)، في أكثر من جبهة، لا سيما في تعز والجوف ونهم، وذلك غداة إصدار الرئيس عبد ربه منصور هادي قراراً بتعيين قائد جديد للمنطقة العسكرية السابعة، وهي المعنية بإدارة المعارك في جبهات نهم شمال شرقي العاصمة صنعاء.
وأفادت مصادر الإعلام العسكري اليمني بأن قوات الجيش خاضت الثلاثاء، معارك ضارية ضد الميليشيات الحوثية في جبهات محافظة الجوف المجاورة لمديرية نهم، خصوصاً في مناطق جبال «يام» المطلة على مديرية الغيل الواقعة غرب الجوف وعلى مديرية «مجزر».
وفي حين كبدت قوات الجيش اليمني خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، بعد أن حاولت التقدم إلى جبل يام الاستراتيجي، ذكرت مصادر عسكرية أن جثث قتلى الجماعة الحوثية لا تزال متناثرة في سفوح الجبال، بعد أن لاذ عناصر الجماعة بالفرار.
وامتدت المعارك في محافظة الجوف إلى مناطق العقبة بالتزامن مع ضربات جوية لمقاتلات تحالف الشرعية التي طالت كذلك مواقع الجماعة وتعزيزاتها في نهم وصرواح، مكبدة الميليشيات عشرات القتلى والجرحى، بحسب مصادر ميدانية.
وقدرت المصادر سقوط 19 قتيلاً حوثياً خلال مواجهات عنيفة شهدتها الجبال المحاذية لجبال يام شمال مديرية نهم بالتزامن مع قصف مدفعي وغارات لطيران التحالف استهدف تعزيزات ومواقع للميليشيات.
وفي مسعى من الرئيس عبد ربه منصور هادي - كما يبدو - لتعزيز الأداء القتالي في جبهة نهم، أطاح القائد السابق للمنطقة العسكرية السابعة اللواء محسن الخبي وأصدر قراراً بتعيين اللواء الركن أحمد حسان جبران.
واتهمت مصادر حقوقية يمنية الجماعة الحوثية بأنها تسببت في تهجير مئات الأسر النازحة من مخيم الخانق، الواقع في مديرية نهم، ومخيم مجزر، في محافظة مأرب، إلى عدة مخيمات نزوح أخرى في محافظة مأرب.
وذكر ائتلاف صنعاء للإغاثة أن أكثر من 1350 أسرة نازحة كانت تقطن مخيم الخانق، اضطرت للنزوح إلى عدة مخيمات في مدينة مأرب، بعد تعرض المخيم للقصف من قبل ميليشيات الحوثي المتمردة.
وأوضح ائتلاف الإغاثة أن الميليشيات تسببت في تهجير قرابة 500 أسرة من قرى ومخيمات نزوح في مديرية مجزر، الواقعة شمال شرقي محافظة مأرب نتيجة استهدافهم بقصفها المدفعي والصاروخي.
وسبق أن وجهت السلطات المحلية في محافظة صنعاء نداء إنسانياً لكل المنظمات الإنسانية والإقليمية والمحلية للتدخل السريع للاستجابة الإنسانية السريعة للنازحين من المناطق القريبة من الاشتباكات إلى محافظة مأرب والنازحين من مخيم الخانق الذي استهدفته الميليشيات بالقذائف، رغم أنه يبعد عن مناطق الاشتباكات أكثر من 50 كيلومتراً.
وفي سياق ميداني متصل، ذكرت المصادر الرسمية أن قوات الجيش في محافظة تعز (جنوب غرب)، سيطرت الثلاثاء، على تباب الذياب والمضيض والراعي والذروة والزاهر في جبهة الضباب ووادي الهرامية، كما سيطرت نارياً على مواقع الميليشيات في التبة السوداء والخلوة في جبهة الضباب غرب المدينة.
وأكدت المصادر أن الاشتباكات أدت إلى مصرع 7 من عناصر الميليشيات وإصابة آخرين، بالإضافة إلى خسائر كبيرة في المعدات العسكرية التابعة لها.
ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية عن مصادر عسكرية تأكيدها مقتل القيادي الميداني في صفوف ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعو «أبو تراب» مع 8 آخرين بنيران مدفعية الجيش غرب مدينة تعز، حيث تم استهدافهم من قبل اللواء 17مشاة أثناء محاولتهم التقدم باتجاه مواقع الجيش في محيط جبل هان غرب المدينة.
ووفقاً لشهود عيان في مدينة تعز، أطلقت الميليشيات مساء الاثنين، قذائفها على السكان المدنيين العُزل والآمنين وسط مدينة تعز، ما أسفر عن مقتل طفلة وإصابة والديها وشقيقها، بعد أن سقطت القذيفة على منزلهم في حي مستشفى الكرامية، غرب المدينة.
وجاء القصف الحوثي بعد أقل من 24 ساعة على مقتل 3 مدنيين وإصابة 7 بقصف الميليشيات على سوق شعبية في منطقة الضباب، غرب تعز، بصاروخ «كاتيوشا».
ودانت منظمات المجتمع المدني في تعز جريمة استهداف ميليشيات الحوثي للمدنيين الأبرياء في الأسواق الشعبية والأحياء السكنية بالقصف العشوائي وسقوط عشرات المدنيين معظمهم من الأطفال والنساء.
وقال المجلس التنسيقي لمنظمات المجتمع المدني في المحافظة، إن «استهداف الميليشيات للسوق ممارسات إجرامية تمثل انتهاكاً صارخاً للشرع والدستور والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان والأعراف والتقاليد اليمنية والمواثيق الدولية».
وطالب المجلس المجتمع الدولي ومبعوث الأمم المتحدة بمغادرة ما وصفه بـ«الصمت المريب إزاء الجرائم التي ترتكبها الميليشيات الحوثية ضد المدنيين والضغط على هذه الميليشيات الإجرامية لوقف الاستهداف الممنهج».
وكان الرئيس اليمني دعا المجتمع الدولي إلى وقف المد الإيراني في المنطقة خلال استقباله في الرياض قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي وبحضور السفير الأميركي لدى اليمن كريستوفر هنزل.
وأفادت المصادر اليمنية الرسمية بأن اللقاء تطرق «إلى التدخلات الإيرانية، ودعمها الميليشيات الحوثية بالأسلحة النوعية، والصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار، والزوارق السريعة المفخخة، والمسيّرة عن بعد، إضافة للأنشطة الإرهابية التي تمارسها الميليشيات الحوثية وما تمثله من تهديدات لأمن واستقرار اليمن والمنطقة، واستخدام تلك الأسلحة لتهديد خطوط الملاحة الدولية».
وذكرت وكالة «سبأ» أن هادي لفت إلى التعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب والتوسع الإيراني وأدوات طهران في المنطقة، حيث صعدت الميليشيات الحوثية بتوجيهات إيرانية كردة فعل لمقتل قاسم سليماني باستهدافها مسجداً في مأرب خلف نحو 115 قتيلاً من منتسبي اللواء الرابع حماية رئاسية.
وقال هادي: «من مصلحة الجميع وقف المد الإيراني في المنطقة باعتباره يشكل تهديداً للمنطقة والعالم، وهذا ما حذرنا منه مراراً وتكراراً من خلال سعي إيران للسيطرة والتحكم بالملاحة بمضيقي هرمز وباب المندب».
من جهته، قال نائب الرئيس اليمني الفريق الركن علي محسن الأحمر، إن «تصعيد الحوثيين الأخير في جبهات عدة يقضي على آمال وفرص تنفيذ كلما تم الاتفاق عليه في السويد، وإن استمرار إطلاقهم للنار وقصف المدن وعرقلة الأعمال الإنسانية والاختطافات والانتهاكات المختلفة كل ذلك يؤكد ارتهانهم للمشروع الإيراني الهادف لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، كما أنه ينسف الجهود الأممية المبذولة لإحلال السلام».
وجاءت تصريحات الأحمر التي نقلتها عنه المصادر الرسمية خلال استقباله في الرياض الثلاثاء، ممثل السويد الخاص لليمن بيتر سيمنبي، حيث ناقش معه المستجدات على الساحة اليمنية.
وقال نائب الرئيس اليمني إن «استهداف الحوثيين بالصواريخ الباليستية والطيران المسير للمواطنين الأبرياء وتصعيدهم في مأرب والحديدة والمخا وتعز والجوف وحجة والبيضاء والضالع وغيرها من محافظات الجمهورية، يظهر عداءهم لكل اليمنيين من دون استثناء ويثبت واحدية قضية اليمنيين في وجه المشروع الانقلابي الحوثي».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».