«نقص الطعام» يفاقم معاناة مراكز إيواء المهاجرين في طرابلس

قلة التمويل تجبر شركات التموين على وقف الإمدادات

جانب من المعاناة اليومية للمهاجرين داخل مراكز الإيواء (مركز سوق الخميس بمدينة الخمس)
جانب من المعاناة اليومية للمهاجرين داخل مراكز الإيواء (مركز سوق الخميس بمدينة الخمس)
TT

«نقص الطعام» يفاقم معاناة مراكز إيواء المهاجرين في طرابلس

جانب من المعاناة اليومية للمهاجرين داخل مراكز الإيواء (مركز سوق الخميس بمدينة الخمس)
جانب من المعاناة اليومية للمهاجرين داخل مراكز الإيواء (مركز سوق الخميس بمدينة الخمس)

يعاني مئات المهاجرين غير النظاميين المحتجزين في مراكز الإيواء بغرب ليبيا، من «نقص حاد في الطعام والدواء وأدوات التدفئة والأغطية»، مطالبين عبر نداءات حقوقيين جمعيات منظمات الإغاثة الدولية بضرورة إنقاذهم «مما هم مقبلون عليه».
وقال مركز إيواء سوق الخميس بمدينة الخمس (شرق طرابلس)، إن أكثر من مئة مهاجر، بينهم نساء وأطفال محتجزون في المركز منذ التاسع من يناير (كانون الثاني) الجاري، يحتاجون إلى دعم سريع، مشيراً إلى أن مديرية أمن الخمس «سبق أن جلبت من البحر 109 مهاجرين بعد إنقاذهم من الغرق في البحر وأودعت لدينا، فقمنا بعلاجهم وإطعامهم بالمجهودات الخاصة، بعدما أبلغنا المنظمات الدولية».
وقال مسؤول بمركز الإيواء، الذي أغلق قبل عامين لوجود مخالفات به من قبل سلطات حكومة «الوفاق»، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن أوضاع المهاجرين المنحدرين من دول أفريقية عدة، «سيئة للغاية، خصوصاً في ظل برودة الطقس الشديدة»، مشيراً إلى «وجود عدد من الأطفال والنساء المرضى، الذين باتوا في حاجة إلى رعاية صحية أكثر مما يقدم إليهم بالمركز حالياً».
وأضاف المسؤول، الذي تحفظ على ذكر اسمه: «نتلقى دعماً من أهل الخير لإطعام المهاجرين لدينا، لكنه لا يكفي احتياجاتهم اليومية»، لافتاً إلى ضرورة أن «توفر الحكومة الدعم اللازم قبل وقوع كارثة إنسانية للمهاجرين».
من جهته، وجه أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، استغاثة كي يتم إنقاذ هؤلاء المهاجرين، وقال إنه «توجد أزمة حادة ببعض مراكز المهاجرين في توفير الطعام والشراب منذ أكثر من شهر»، مشيراً إلى أن أحد المراكز يؤوي 1500 شخص، لكنه يفتقد إلى الطعام. ودعا حمزة في بيانه أمس، الجهات المسؤولة إلى تدارك الأزمة، منوهاً بأن من بين المحتجين عشرات النساء والأطفال، وأن المسؤولين عن هذه المركز يشتكون من عدم قيام شركات التموين بمدهم بما يلزم، لكن الشركات تشتكي في المقابل من توقف وزارة الداخلية، الجهة المشرفة على مراكز الإيواء، عن دفع مستحقاتها.
ما يعانيه مركز إيواء سوق الخميس، يتكرر في مركزي «شهداء النصر» بالزاوية، و«إيواء السبعة» بطرابلس، في ظل تزايد معدلات الهجرة غير المشروعة عبر السواحل الليبية، وهو ما لفت إليه الدكتور جمال المبروك، رئيس منظمة التعاون والإغاثة العالمية (Iocea)، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، مدللاً على ذلك بكثرة عمليات إنقاذ المهاجرين.
في السياق ذاته، أنقذت سفينة «أوشن فايكنج» أول من أمس، 92 مهاجراً غير نظامي قبالة السواحل الليبية، حسبما ذكرت إحدى الجهات التي تسيرها. وقالت منظمة «أطباء بلا حدود» في «تغريدة» أمس، إن المهاجرين كانوا على متن قارب مطاطي مكتظ بالمهاجرين، بينهم نساء حوامل وأطفال على بعد 30 ميلاً بحرياً من ساحل ليبيا، مضيفة أنه كانت هناك 5 نساء حوامل و38 طفلاً، بينهم مراهقون. وأضافت المنظمة الإغاثية في «التغريدة»: «يعاني كثير من الناجين من انخفاض حرارة الجسم ودوار البحر، إضافة إلى الوهن وكانوا مغطين بالوقود».
واستمرت عملية الإنقاذ التي تمت في المساء ساعتين، وسط أمواج يبلغ ارتفاعها مترين ورياح عاتية، بحسب المنظمة. ونصف المهاجرين جاؤوا من الصومال. وكانت السفينة التي تسيرها منظمتا «أطباء بلا حدود» و«إس أو إس ميديتيراني» قد أنقذتها مؤخراً 39 مهاجراً، كانوا في محنة وأنزلتهم في بوتسالو بصقلية في إيطاليا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».