أسئلة وأجوبة عن توقيت إعلان «الصفقة» الأميركية

TT

أسئلة وأجوبة عن توقيت إعلان «الصفقة» الأميركية

دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ومنافسه في الانتخابات المقبلة رئيس حزب «أزرق أبيض» إلى واشنطن لإجراءات محادثات لمناسبة إعلان الجانب السياسي في الخطة الأميركية المعروفة بـ«صفقة القرن». هنا بعض الأسئلة والأجوبة عن الأفكار الأميركية وأسباب الإعلان عنها حالياً، بحسب خبراء غربيين متابعين للتفكير المواكب لها:
- لماذا الآن؟
رغم أن التوقيت مرتبط بتقديرات الإدارة الأميركية وموضوع «العزل»، لا يمكن تجاهل أنه يرتبط أيضاً بالساحة الإسرائيلية. وربما أن ذلك يرتبط بالأمرين معاً، بسبب علاقة بنيامين نتنياهو بقاعدة دونالد ترمب لا سيما المجتمع الإنجيلي الأميركي.
جرى دعوة المرشحين المتنافسين على منصب رئاسة الحكومة الإسرائيلية إلى واشنطن قبل شهر من الانتخابات الإسرائيلية في الثاني من مارس (آذار) المقبل، وفي اللحظة نفسها التي كان من المنتظر أن يعقد فيها الكنيست الإسرائيلية جلسته الشهيرة في خصوص نزع الحصانة عن بنيامين نتنياهو في مواجهة الإجراءات القانونية ضده.

- ما الجديد؟
هناك إشارات إلى أن البيت الأبيض لم يكن مؤيداً بشدة لنتنياهو في الانتخابات الأخيرة في سبتمبر (أيلول) الماضي. لكن تقدم المرشح المنافس، الجنرال غانتس زعيم حزب «أزرق أبيض»، وهو لا يوصف بالقائد الليبرالي صاحب التوجهات الديمقراطية المناوئة لنتنياهو المعروف في الأوساط الأميركية بالحليف المؤيد لمشروع دونالد ترمب، قد لا يصب في صالح الرئيس الأميركي مع اقتراب إعادة انتخابه.
جاء تردد يولي إدلشتاين رئيس الكنيست الإسرائيلي بعقد جلسة مناقشة رفع الحصانة عن نتنياهو ليضيف مزيداً من الزخم على الجدل. إن احتمالات رحيل اليمين الإسرائيلي، أشاعت جواً من التوتر في أروقة السفارة الأميركية الجديدة في القدس ودفعت بالسفير الأميركي فريدمان إلى أجواء المعركة السياسية الإسرائيلية المحتدمة.
وكان التطور الأكثر أهمية، على ما يبدو، هو دعوة غانتس المفاجئة، بحيث يحاول تحييد أي خطوة أميركية محتملة واعتبارها تدخلاً مؤيداً تماماً لنتنياهو.

- الائتلاف المقبل
يبدو الاجتماع بين نتنياهو وغانتس وترمب في البيت الأبيض الأسبوع المقبل، سواء كان جامعاً أو منفصلاً، بمثابة البداية المبكرة قبل الانتخابات للتفاوض بشأن الائتلاف لتشكيل حكومة بعد الانتخابات. أي تحقيق الأهداف التي تعذّر تحقيقها بعد الانتخابات الثانية بسبب رفض غانتس البقاء في الحكومة مع نتنياهو ومع حلفائه في الائتلاف الحاكم واليمين. ومن غير المرجح أن تكون هذه هي نتيجة الجولة الثالثة من الانتخابات الإسرائيلية في أعقاب ضغوط الاتهامات الجنائية ضد نتنياهو مع الرفض المعلق لطلب الحصانة من جانبه.
يعتبر طرح الأفكار أو الخطة الأميركية بمثابة الاتساق مع الثقل اليميني في السياسات الإسرائيلية وللقوى المؤيدة لائتلاف نتنياهو. لا يمكن ضمان أن الدفعة الأميركية ستسفر عن توليد ائتلاف نتنياهو - غانتس الذي جرى تفادي تشكيله طيلة الفترة الماضية وحتى الآن. ويبدو بالفعل أن هناك محاولة لبناء الجهود لتحسين وصفة نتنياهو لتشكيل الائتلاف التي طرحها طوال مفاوضات تشكيل الائتلاف في أعقاب اقتراع 17 سبتمبر من العام الماضي.
ومن الممكن وربما المحتمل أن تلقى الأفكار الأميركية ترحيباً لدى الأحزاب الأخرى على يمين الليكود، ولا سيما وزير الدفاع الحالي نفتالي بينيت وحزبه، ومن جانب اليمين المتشدد على غرار الليكود وحزب أزرق أبيض بزعامة غانتس، وهو الائتلاف الذي يرغب نتنياهو تماماً في تشكيله. وسيحمل هذا الائتلاف، من وجهة نظر نتنياهو، الفائدة المضافة المنشودة للغاية في تهميش دور حليفه السابق وخصمه الحالي أفيغدور ليبرمان.

- مضمون الخطة
ما ذكر سابقاً يدل على مضمون الأفكار الأميركية الشاملة التي ربما ستحصل في الأيام المقبلة، ذلك أن موقف الإدارة الأميركية الحالية حيال القضية الإسرائيلية - الفلسطينية لا يتسم بالغموض والألغاز. من شأن أي أفكار مطروحة أن تواصل المسير في الاتجاه الراهن الذي تبدى جلياً في خطوة نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وقطع التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وتأييد ضم المزيد من المستوطنات، وإعادة التعريف الأميركي أحادي الجانب للمستوطنات الإسرائيلية، مع إلغاء الاعتراف بالتمثيل الوطني الفلسطيني.
هذا سيرسم خطاً تاريخياً بينها وبين «حل الدولتين» والقانون الدولي والأراضي المحتلة منذ عام 1967 ومرجعية قرارات مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، مع استمرار تأييد وتمكين العناصر الإسرائيلية المتشددة.

- البديل
مع الإقرار بما سبق، سواء كانت أفكاراً أميركية جديدة أم خطة يجري الكشف عنها، هناك فرصة لإعادة الضبط في قضية، هي في أمسّ الحاجة إلى إعادة صياغة.
الذين يؤمنون بمستقبل مختلف تماماً للفلسطينيين والإسرائيليين، سواء كانوا فلسطينيين أو في المعارضة الإسرائيلية والقوى السياسية في الولايات المتحدة، ولا سيما بين أعضاء الحزب الديمقراطي والناس في المنطقة وأوروبا، يمكن أن يكونوا على استعداد للتعبير برسائل مضادة تركز على المبادئ الأساسية للحل.
غابت القيادة الفلسطينية ليس لأنها رافضة، بل ببساطة لأنه ليس لها دور في عرض كان الجانب الأميركي يعمل على تقويض رؤيتها الخاصة فيما يخص «حل الدولتين» وتمكين اليمين في إسرائيل ليصبح الراعي الفعلي لواقع غير عادل. يمكن أن ينصب عليه التركيز على تفنيد العملية برمتها، ومن ثم استخدام كل تلك المعطيات في إعادة التوجيه نحو إعادة الصياغة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.