لقاء صالح وترمب يكشف خلافات شيعية في العراق

«الناتو» يجدد التزامه دعم القوات العراقية في مواجهة «داعش»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس العراقي برهم صالح خلال اجتماعهما على هامش منتدى دافوس أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس العراقي برهم صالح خلال اجتماعهما على هامش منتدى دافوس أمس (رويترز)
TT

لقاء صالح وترمب يكشف خلافات شيعية في العراق

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس العراقي برهم صالح خلال اجتماعهما على هامش منتدى دافوس أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس العراقي برهم صالح خلال اجتماعهما على هامش منتدى دافوس أمس (رويترز)

حصل الرئيس العراقي برهم صالح الذي بدا رابط الجأش وهو يصافح نظيره الأميركي دونالد ترمب رغم تهديدات تلقاها من فصائل مسلحة مقربة من إيران، على دعم غير متوقع من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر وزعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم.
الصدر الذي دعا إلى مظاهرة مليونية ضد الولايات المتحدة اليوم (الجمعة)، تحت عنوان «السيادة» خالف المعترضين على قيام صالح بلقاء ترمب بعد مقتل قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس «الحشد الشعبي» العراقي أبو مهدي المهندس بضربة أميركية في مطار بغداد مطلع الشهر.
وقال الصدر، إن «رئيس الجمهورية برهم صالح هو حامي السيادة وحامي الثوار»، وهو الموقف الذي كرره السفير العراقي في المملكة المتحدة جعفر محمد الصدر، ابن عم مقتدى الصدر؛ إذ قال في تغريدة إن «فخامة الرئيس سور الوطن وحامي الإصلاح».
وعبرت التغريدتان عن عمق الخلاف بين «التيار الصدري» والكثير من الفصائل المسلحة التي هددت بطرد صالح حال عودته إلى بغداد، واتهمته بـ«خرق السيادة». وتبعهما دعم كبير لصالح قدمه عمار الحكيم الذي قال في بيان: «في الوقت الذي نشدد فيه على ضرورة احترام السيادة العراقية وإنهاء أشكال التواجد الأجنبي كافة، فإننا نرى أن الحوار والوسائل السلمية والسبل الدبلوماسية كفيلة بفرض كلمة العراق». وأضاف، أن «الجهود التي يبذلها رئيس الجمهورية في إقامة حوار دولي بنّاء يمكن أن تفضي إلى تحقيق المطالب المشروعة لأبناء شعبنا في سيادة البلد واستقلاله السياسي وازدهاره، وهي محط احترام ودعم الجميع».
رئيس البرلمان العراقي الأسبق القيادي السني البارز أسامة النجيفي ندد هو الآخر بالتهديدات التي تعرض لها رئيس الجمهورية. وقال في بيان: «نقدر عالياً شجاعة الرئيس برهم صالح في القيام بواجباته الدستورية واختياره الوقوف مع مصالح الشعب من دون تردد أو خضوع للضغوط».
وأضاف النجيفي، أن «أي محاولة للتهديد واختطاف قرار الدولة السياسي يعني عدم احترام لرمزية الدولة المتمثلة بالرئيس فهو حامي الدستور ورمز البلاد وعلى الجميع رفض منهج اللادولة والتسلط وانتهاك القوانين، والإخلال بالالتزامات الدستورية، والحرص على مساندة الرئيس ودعمه للقيام بواجباته الدستورية».
وأكد القيادي في «التيار الصدري» أمير الكناني لـ«الشرق الأوسط»، أن «السيد مقتدى الصدر لا يريد جر الدولة إلى مواجهة مع الولايات المتحدة. ولا يقبل كذلك أن تكون القيادة بيد الحشديين». وأشار إلى أن «الصدر على اطلاع على الدور الذي يلعبه رئيس الجمهورية في تهدئة الأمور».
وأكد النائب السابق حيدر الملا لـ«الشرق الأوسط»، أن «رئيس الجمهورية سلك طرقاً مليئة بالفخاخ وصولاً إلى مقعده أمام ترمب». وأضاف، أن «الرئيس في لقائه الرئيس الأميركي إنما سار بين المتناقضات كي لا يستثير أمراء الحرب ومن خلفهم وبين ما يراه لمصلحة البلاد العليا مع القوى الأقوى».
وأوضح الملا، أن «الحديث عن السيادة يجب أن يكون متوازناً؛ إذ لا يمكن تجزئة مفهوم السيادة». وأضاف أن «العراق أدان بشكل رسمي انتهاك سيادته من قبل الولايات المتحدة حين نفذت الغارة التي قتلت سليماني والمهندس، كما أدان قيام إيران بانتهاك السيادة العراقية حين قصفت قاعدة عين الأسد».
نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الأعرجي أشاد هو الآخر بموقف الرئيس العراقي خلال مشاركته في مؤتمر دافوس. وقال في تصريح أمس، إن «موقف رئيس الجمهورية في دافوس هو موقف رجل دولة يُقدر خطورة المرحلة». ورأى أن «صالح يُقدر ما يحتاج إليه العراق في الوقت الحاضر... موقف رئيس الجمهورية ليس كبقية المواقف العاطفية التي يتبناها البعض للأسف الشديد».
وبحث صالح في دافوس مع الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبيرغ، موضوع انسحاب القوات الأجنبية من العراق. وقال بيان للرئاسة العراقية، إن اللقاء بحث «القرار الأخير لمجلس النواب بشأن انسحاب القوات الأجنبية من العراق، والتأكيد على أهمية احترام سيادة العراق وقراره المستقل». وأضاف أنه «تم استعراض الأوضاع الأمنية وضرورة اجتثاث الإرهاب ودعم الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة». وأكد أمين عام حلف الأطلسي «التزام بعثة حلف الناتو في العراق بواجباتها في مجالات التدريب وتوفير الدعم العسكري الذي تحتاج إليه القوات المسلحة العراقية».
وكان صالح قال في كلمة أمام «دافوس» مساء أول من أمس، إن «تحقيق الاستقرار في العراق يمثل أولوية للاستقرار الإقليمي». وأضاف، أن «شباب العراق يحتجون من أجل حياة أفضل ووطن أفضل، ومزيد من الوظائف، وتحسين الخدمات، ووضع حد للفساد الذي يسبب التعثر وتعانى منه البلاد منذ زمن طويل». وأضاف: «كي يستقر الشرق الأوسط، لا ينبغي أن تسعى أي دولة لأن تملي على العراق من يجب أن تكون لنا علاقات معه وكيف تكون. يتعين أن تكون سياساتنا وعلاقاتنا الدبلوماسية والاقتصادية مدفوعة بمصالحنا الوطنية وليس بمصالح الآخرين. يجب أن تكون سيادة العراق واستقراره المصلحة المشتركة لجيراننا وللأطراف الدولية الفاعلة، ويجب ألا نعاقب على حماية مصالحنا السيادية أو السعي لتعزيز استقلالنا العسكري».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».