يبدو فريق مانشستر يونايتد كما لو كان يسير وهو نائم نحو الخروج من بوابة التاريخ، وبات يتعين على شخص ما إفاقته من غفلته.
تعرض الفريق لهزيمة من ليفربول المتصدر 2 - صفر ويبدو هذا طبيعياً في ظل العروض القوية التي يقدمها الأخير خاصة إذا كانت المباراة على ملعبه «أنفيلد رود»، لكن أن يسقط يونايتد للمرة الثانية خلال 3 أيام وبنفس النتيجة، وهذه المرة على ملعبه أمام فريق بيرنلي الذي كان يعاني في أسفل الجدول فهذا هو الشيء الذي لم تقبله جماهيره.
الغريب أن النرويجي أولي غونار سولسكاير مدرب يونايتد قد بات خبيراً في الحديث عن إيجاد بارقة أمل في أحلك اللحظات والمواقف، لدرجة أن هناك من رشحه - إذا لم ينجح بمجال التدريب الكروي - للعمل في مجال التشريح حيث بالتأكيد ينتظره مستقبل واعد.
لقد سبق لسولسكاير الحديث عن مدى براعة لاعبه البرازيلي فريد في وسط الملعب، ومدى الالتزام الذي أبداه لاعبو مانشستر يونايتد، وكيف قاوموا الهجمات وانتفضوا أمام ليفربول بداية الشوط الثاني. وبالطبع لم يكن أياً من ذلك غير صحيح ـ في الواقع مستوى فريد المتألق على مدار الشهرين الماضيين ربما يعتبر الجانب الأكثر إشراقاً خلال هذا الموسم بالنسبة لمانشستر يونايتد.
ومع هذا، تبقى هناك صورة أكبر، ذلك أنه يمكن لمانشستر يونايتد أن يجد بعض العزاء في أن مانشستر سيتي أظهر احتراماً كاملاً ليونايتد لدرجة اضطرته للدفع بفريق قوي أمامه في إطار بطولة كأس الرابطة، لكن الأمر اللافت أن أحاديث سولسكاير أصبحت مثل خطاب صادر عن مدرب فريق يحتل مركز متوسط في جدول ترتيب أندية الدوري يحاول استخلاص بعض النقاط الإيجابية من هزيمة جاءت متوقعة تماماً أمام فريق أفضل بكثير.
هنا تحديداً يقف مانشستر يونايتد، ليس من حيث الموارد أو الاستاد أو القاعدة الجماهيرية، وإنما من حيث مستوى الأداء.
ومع أن مانشستر يونايتد يقف بالمركز الخامس في بطولة الدوري الممتاز ويفصله عن المركز الرابع وإمكانية التأهل لبطولة دوري أبطال أوروبا 6 نقاط فقط، فإنه بالنظر إلى حقيقة حصوله على 34 نقطة من 24 مباراة فإنه يمكننا ترجمة معدل تقدمه بأنه سيصل إلى 56 نقطة عن الموسم بأكمله. وكان هذا العدد من النقاط كافياً لأن يحتل المركز الخامس بالبطولة في موسم 2003 - 2004. لكن على مدار جميع المواسم التالية خلال الأعوام الـ20 الماضية، فإن هذا العدد من النقاط سيترك مانشستر يونايتد في المركز السابع أو الثامن أو التاسع. ويعتبر هذا أقل بمعدل ثمانية نقاط عما حصل عليه خلال أول موسم له بعد رحيل فيرغسون، عندما طرد ديفيد مويز قبل نهاية الموسم بأربعة مباريات.
بالنسبة لمانشستر يونايتد، فإن المدرب ليس المشكلة الوحيدة، بل وربما ليس المشكلة الكبرى. وبالتأكيد يعتبر الصبر فضيلة نادرة في عالم كرة القدم، لكن ينبغي الانتباه إلى أن البحث عن الإيجابيات سرعان ما يتحول إلى اختلاق للأعذار. لقد تعرض مانشستر يونايتد لتوه للهزيمة مرتين متتاليتين على يد ليفربول المتقدم عنه بفارق 30 نقطة ثم بيرنلي الذي يحتل المركز الرابع عشر. ويبدو أن الرسالة التي يطرحها المدرب سولسكاير أنه عليكم الشعور بالامتنان أن الوضع لم يكن أسوأ من ذلك، قد جعلت الجماهير تشيط غضباً ومنها من غادر المدرجات مبكراً معترضاً وأخرى هتفت ضد ملاك النادي.
وبعث المدافع السابق لمانشستر يونايتد، ريو فرديناند، برسالة إنذار للإدارة بالتحرك السريع لعلاج أسباب الانهيار الذي يتعرض له الفريق، وأن يضعوا خطة لإعادة النادي للمسار الصحيح. وقال: «الأطفال الصغار في المدارس في جميع أنحاء البلاد لن يرتدوا قمصان مانشستر يونايتد، ولن تكون لديهم رغبة للمجيء إلى هنا ورؤية ذلك».
في المواجهة ضد ليفربول كان لسولسكاير بعض العذر لأنه يلعب ضد فريق لم يستطع أحد هزيمته هذا الموسم ويتصدر المسابقة بفارق كبير، واستمعت الجماهير لكلامه عن الانتفاضة والضغط وسوء الحظ.
نعم تميز فريق ليفربول بالذكاء والتألق، لقد سجل هدفين في الوقت الذي كان يبدو على لاعبيه التشتت. ومع هذا، ورغم صعوبة توجيه النقد لفريق حصد 64 نقطة من 22 مباراة هذا الموسم، فإن الحقيقة الواضحة أن هناك شعوراً متزايداً بأن أداء ليفربول بدأ يتراجع في الفترة الأخيرة.
خلال آخر مباراتين له ببطولة الدوري، في مواجهة توتنهام هوتسبر الأسبوع الماضي ثم أمام مانشستر يونايتد على أرض استاد أنفيلد الأحد، كان ليفربول قاب قوسين أو أدنى من الخروج بنتيجة التعادل. وأهدر كل من جيوفاني لو سيلسو (توتنهام) وأنتوني مارسيال (يونايتد) فرصاً سهلة للغاية لجعل النتيجة التعادل 1 - 1. في كلتا المباراتين، تعرض ليفربول لحالة من الضغط الشديد في آخر 10 دقائق من اللقاء، وبخاصة أمام يونايتد حتى أضاف محمد صلاح الهدف الثاني في الوقت بدل الضائع. أمام توتنهام هوتسبر، نجح الفريق في الإبقاء على مسافة كبيرة وفرض سيطرة وثيقة على منافسه. أما أمام مانشستر يونايتد، فقد تراجع أداء ليفربول بشدة على مدار ثلث كل من الشوطين تقريباً، وكان من الممكن أن يفقد النقطتين اللذين اقتنصهما.
لكن لا يبدو ذلك مهماً، مقارنة بسعي الفريق الحثيث وراء حصد النقاط وتحقيق أرقام قياسية. في هذه اللحظة من بطولة الدوري، تبدو صدارة ليفربول قوية وستبقى كذلك حتى لو كانت فارق 12 نقطة فقط. ومع هذا، ربما يتعين على ليفربول الانتباه إلى هذا الضعف الذي بدأ يلم به قبل خوضه دور التصفيات ببطولة دوري أبطال أوروبا، حيث يمكن لهدف واحد يخترق الشباك نتيجة إهمال أن يترك وراءه تداعيات عميقة. ومع هذا، فإن التأثير الأكبر للمباراتين الأخيرتين ربما يكون على الفريقين المهزومين. بالنسبة لمانشستر يونايتد على وجه الخصوص، ينبغي أن تثير الفجوة مع ليفربول قلقاً عارماً.
ومع أن الهدف الأول لليفربول ربما جاء عكس مسار اللعب والهيمنة داخل الملعب، فإنه خلال الدقائق الـ20 التالية بدا مانشستر يونايتد منهاراً. وتكرر نفس السيناريو خلال الدقائق الـ12 التي حلت بالشوط الثاني منذ ضربة انطلاق المباراة حتى الفرصة التي سنحت لفريد. في كلتا الفترتين، كان ليفربول أسرع وأكثر حدة وأقوى وأكثر مهارة. وفي كلتا الحالتين، كان باستطاعته تسجيل هدفين أو ثلاثة دون صعوبة تذكر. وكانت هناك أهداف ألغيت بالفعل بسبب قرارات تحكيمية. وبوجه عام، قدم ليفربول مستوى عالياً من الأداء خلال هذا الموسم، وهو المستوى الذي يبدو الفريق قادراً عليه عندما يبذل مجهوداً جاداً داخل الملعب ـ وهو مستوى أعلى بكثير من مستوى قدرة مانشستر يونايتد.
بطبيعة الحال، تمثل الإصابات مشكلة إضافية، حيث يخوض مانشستر المباريات الآن من دون لاعبي قلب خط الوسط وأفضل مهاجم بالفريق. وبالتأكيد هذا وضع يمكنه زعزعة استقرار أي فريق. إلا أنه في المقابل، افتقد ليفربول أفضل لاعب خط وسط مساك منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) حتى ثمانية دقائق من وقت مباراة الأحد ـ ومع هذا، كانت نتيجة ذلك خروج ليفربول بشباكه نظيفة من 11 مباراة من إجمالي 15 (واثنتين من المباريات التي تعرضت شباكه خلالها لأهداف كانتا على بعد 24 ساعة من بعضهما بعضاً). والملاحظ أن حارس المرمى الذي يشكل الخيار الأول في التشكيل الأساسي غاب عن المشاركة في 11 مباراة بسبب إصابة في عضلة الساق. وبذلك يتضح أن الفرق الجيدة ذات البناء القوي بإمكانها التغلب على العقبات في طريقها، بينما تتعثر فيها الفرق الأضعف وتكثر الشكوى منها.
ورغم حالة السخط والغضب التي تعيشها جماهير يونايتد بعد الهزيمة التي مني بها الفريق على ملعبه أمام بيرنلي، خرجت إدارة النادي لتؤكد أمس دعمها الكامل لسولسكاير ورفضها الانصياع لمطالب تغييره.
لقد خسر مانشستر يونايتد بقيادة سولسكاير ثماني مرات في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، لكن الإدارة ليس لديها أي نية لإقالته وتسعى لمنحه المزيد من الوقت لتحسين الأداء وإعادة بناء الفريق، الذي يتخلف بفارق ست نقاط عن تشيلسي صاحب المركز الرابع.
الغريب أن أسوأ نتائج يونايتد هذا الموسم تحققت أمام فرق أسفل الترتيب، والفوز الذي حققه بيرنلي على مانشستر يونايتد في أولد ترافورد هو الأول له منذ عام 1962. لقد اعترف سولسكاير بأنه شعر «بخيبة أمل» بعد الخسارة أمام بيرنلي، لكنه أكد أنه لا وقت يستطيع أن يضيعه للتحضير لمباراة الأحد في كأس الاتحاد الإنجليزي. وبعد ذلك، سيخوض الفريق مواجهة قوية خارج ملعبه أمام مانشستر سيتي في مباراة الإياب للدور نصف النهائي لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، بعدما خسر المباراة الأولى على ملعب «أولد ترافورد» بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد.
مانشستر يونايتد فريق يسير وهو نائم ويبحث عن شخص يوقظه من غفلته
الهزائم المتوالية والعروض الباهتة تهدد تاريخ النادي العريق بالابتعاد عن فرق القمة
مانشستر يونايتد فريق يسير وهو نائم ويبحث عن شخص يوقظه من غفلته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة