كيف شكل مصورو البيت الأبيض انطباعات الشعب الأميركي عن رؤسائه؟

الرئيس الأميركي الأسبق ليندون جونسون وهو يؤدي اليمين الدستورية لتولي الرئاسة (سي إن إن)
الرئيس الأميركي الأسبق ليندون جونسون وهو يؤدي اليمين الدستورية لتولي الرئاسة (سي إن إن)
TT

كيف شكل مصورو البيت الأبيض انطباعات الشعب الأميركي عن رؤسائه؟

الرئيس الأميركي الأسبق ليندون جونسون وهو يؤدي اليمين الدستورية لتولي الرئاسة (سي إن إن)
الرئيس الأميركي الأسبق ليندون جونسون وهو يؤدي اليمين الدستورية لتولي الرئاسة (سي إن إن)

يقوم مصورو الرؤساء حول العالم بدور كبير في تشكيل انطباعات الجماهير عن رؤسائهم وعن حياتهم الشخصية.
وتحدث تقرير نشرته شبكة «سي إن إن» الأميركية، عن الدور الذي قام به أبرز مصوري البيت الأبيض في تشكيل صورة الرؤساء الأميركيين في أذهان الشعب الأميركي.
وأشار التقرير إلى أنه قبل تولي الرئيس الأميركي الأسبق جون كيندي الرئاسة في عام 1961. لم يكن هناك مصورون فوتوغرافيون رسميون بالبيت الأبيض، وبدلاً من ذلك، كانت الصور الخاصة بالمناسبات الرسمية كحفلات العشاء والزيارات الخارجية تلتقط بواسطة العديد من المصورين العسكريين.
ويقول الصحافي كينيث والش في كتابه: «مصورو البيت الأبيض وكيف صنعوا التاريخ»، والذي نشر في عام 2017 إن كيندي «أدرك أهمية الصورة والتصوير الفوتوغرافي فقرر الاستعانة بسيسيل ستوتون، المصور بالجيش الأميركي ليكون مصوره الرسمي».
وقدم ستوتون للشعب الأميركي تجربة جديدة لم يشهدها من قبل، وهي تصوير الرئيس وأهم نشاطاته وتفاصيل يومه، ليجعل الشعب أكثر قرباً من رئيسه، إلا أن كيندي فرض بعض القيود أيضاً على ستوتون حفاظاً على صورته ومكانته بين الناس، وفقاً لما ذكره والش في كتابه.
وأضاف والش أن كيندي كان يحظر على ستوتون تصويره لدى دخوله إلى حمام السباحة، حتى يغمر جسده كاملاً بالماء، حتى لا تظهر الصور مشد الظهر الذي كان يرتديه لعلاج بعض المشكلات بعموده الفقري.
ومن بين أشهر الصور التي التقطها ستوتون لكيندي هي تلك التي تظهره وهو يسير مع نجله ممسكاً بيده في الجناح الغربي للبيت الأبيض، والتي قال الكثيرون إنها تعطي انطباعاً عن مدى اهتمام كيندي بأبنائه.

ووثق ستوتون أيضاً أحد أهم الأحداث التي مرت في تاريخ أميركا، والتي وقعت بعد ساعات قليلة من اغتيال كيندي في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1963. حيث قام بتصوير نائب كيندي، ليندون جونسون، وهو يؤدي اليمين الدستورية لتولي الرئاسة.

ويظهر جونسون في الصورة رافعاً يده وعلى يساره زوجه كيندي في حين وقفت زوجته بيرد جونسون على يمينه، في توثيق للانتقال السلمي للسلطة، والذي نُفذ بسرعة في لحظة مأساوية.
وبعد توليه الرئاسة، قام جونسون بتعيين يواشي أوكاموتو مصوراً رسمياً بالبيت الأبيض.
ومن أشهر الصور التي التقطها أوكاموتو لجونسون هي تلك الصورة التي يظهر فيها الرئيس الأميركي وهو يلعب مع كلبه أثناء جلوسه مع ديفيد بروس، سفير الولايات المتحدة في باريس.

وقال بيت سوزا، كبير مصوري البيت الأبيض لدى باراك أوباما: «كنت دائماً أتطلع إلى الوصول إلى مستوى يواشي أوكاموتو في التصوير أثناء عملي مع أوباما».
وأوضح سوزا أنه كان يرى أن دوره هو «إنشاء أرشيف للصور الفوتوغرافية للتاريخ... يعيش للأبد ويخدم المستقبل».
ويحتوي الأرشيف الوطني بالبيت الأبيض على ما يقرب من مليوني صورة التقطتها سوزا خلال سنوات أوباما، هذا إلى جانب أعمال المصورين الرسميين للرؤساء السابقين.
ويُشار إلى أن إدارة أوباما كان أول من استخدمت موقعها الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فليكر» و«إنستغرام»، لنشر صور الرئيس باستمرار.
وقال سوزا إنه كان يملك الخيار النهائي لنشر الصور طالما أنها لا تحتوي على أسرار أو لقطات حساسة.
وفي المقابل، لم تسمح إدارة أوباما للمصورين الصحافيين التقاط الصور ببعض المناسبات الرسمية، بل كانت تكتفي بتلك الصور التي يلتقطها سوزا.
ومن أشهر الصور التي التقطها سوزا هي تلك الصورة التي تظهر أوباما وهو ينحني أمام طفل، يبلغ من العمر 5 سنوات، ليثبت لهذا الطفل أن شعره يشبه شعر الرئيس، وكذلك الصورة التي تظهر الرئيس السابق واضعاً قدميه فوق مكتبه أثناء إجرائه مكالمة هاتفية، وأخرى تظهره وهو يراقب الغارة التي قتل فيها أسامة بن لادن.



ومن جهتها، تحرص شيلة كريغهيد، التي تشغل حالياً منصب كبير مصوري البيت الأبيض في إدارة دونالد ترمب، على إصدار عدد قليل من الصور، مقارنة بالعدد الهائل الذي كان يصدره سوزا.
وعلق بعض الخبراء على ذلك بقولهم إن ترمب يحرص على نشر جميع نشاطاته وأخباره على حسابه على «تويتر» بشكل مستمر، وهذا قد يغني عن الصور الرسمية الصادرة عن البيت البيض.



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».