أنقرة لا تريد «موجة نازحين» من إدلب وستبني لهم منازل في شمال سوريا

TT

أنقرة لا تريد «موجة نازحين» من إدلب وستبني لهم منازل في شمال سوريا

أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ضرورة إنهاء النظام السوري هجماته على إدلب من أجل تحقيق تقدم في المسار السياسي، لافتاً إلى أن النظام يواصل اعتداءاته رغم إعلان وقف إطلاق النار الذي تم باتفاق بين تركيا وروسيا.
وقال جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية أمس (الثلاثاء)، إن الرئيس رجب طيب إردوغان شدد خلال لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا في العاصمة الألمانية، الأحد الماضي، ضرورة إنهاء هجمات النظام السوري على إدلب.
وأضاف: «لا نرغب في حدوث موجة لجوء جديدة، ونعمل على إنشاء منازل مؤقتة داخل إدلب لتوفير ظروف معيشية أفضل للنازحين السوريين، وعلى المجتمع الدولي تقديم الدعم لنا في هذا الخصوص».
في السياق ذاته، أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان إطلاق بلاده حملة جديدة لإغاثة نازحي محافظة إدلب السورية، مشيراً إلى أن بلاده ستشرع ببناء منازل مسقوفة بأغطية عازلة، تتراوح مساحة كل واحد منه بين 20 و25 متراً مربعاً، قرب الحدود السورية التركية. وأضاف أن تركيا ستبذل كل جهودها الممكنة من أجل بناء البنية التحتية لهذه المنازل وتضعها في خدمة سكان إدلب. وأشار إردوغان إلى معاناة سيدة سورية مع أطفالها في مخيم بدائي قرب الحدود السورية - التركية في إدلب، قائلاً: «لقد جفت الدماء في عروقنا عند مشاهدة تلك الأم مع أطفالها الستة كيف لنا أن نصف هؤلاء الأطفال بالإرهابيين؟».
وتطرق الرئيس التركي إلى عملية «نبع السلام» العسكرية التي نفذتها القوات التركية ضد وحدات حماية الشعب شمال شرقي سوريا، موضحاً أن نجاح خطط ومشروع تركيا في المنطقة الواقعة بين مدينتي رأس العين وتل أبيض سيحيلهما إلى منطقة سلام.
وما إذا كانت الأزمة الإنسانية في إدلب ستشكل انكساراً في العلاقات التركية الروسية، قال إردوغان إن هناك روابط استراتيجية تربط بين روسيا وتركيا بطريقة غير كلاسيكية، مستبعداً أن تشهد العلاقات التركية الروسية مشكلة في هذا الإطار.
وفي السياق ذاته، بحث وزيرا الدفاع التركي خلوصي أكار والروسي سيرغي شويغو المستجدات الأخيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي مقدمتها التطورات في إدلب، خلال اتصال هاتفي بينهما الليلة قبل الماضية. وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن أكار وشويغو تبادلا وجهات النظر حول الملفات الدفاعية والأمنية الإقليمية التي تهم البلدين وعلى رأسها التطورات في إدلب وليبيا.
في غضون ذلك، قتل سوري وأُصيب 7 آخرون، بينهم نساء وأطفال، برصاص حرس الدرك التركية، بعدما اضطروا للعبور إلى تركيا بطريقة غير شرعية هرباً من هجمات جيش النظام السوري وداعميه في إدلب.
وأفاد مراسل «شبكة الدرر الشامية» في إدلب، بمقتل الشاب «أمجد سويدان الفريج» من قرية «الصهرية» شمال محافظة حماة أثناء عبوره إلى الأراضي التركية بطريقة غير شرعية (تهريب) برصاص حرس الحدود التركي «الجندرما».
وبحسب إحصائية، فإن عدد الذين قتلوا برصاص قوات حرس الحدود التركية وقتلت امرأة سورية، منذ أيام قليلة، بالطريقة ذاتها أثناء محاولتها دخول تركيا هرباً من قصف النظام في إدلب.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قتل 437 سورياً، من بينهم 77 طفلاً دون الـ18، و42 امرأة برصاص الدرك التركي في حوادث مشابهة منذ عام 2011 وحتى الآن.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.