«السلال الليبية»... مسارات أمنية وعسكرية واقتصادية ومالية وسياسية

تشكيل حكومة جديدة وإطلاق مسار تحويل الهدنة إلى وقف للنار

القادة المشاركون في مؤتمر برلين حول ليبيا (أ.ف.ب)
القادة المشاركون في مؤتمر برلين حول ليبيا (أ.ف.ب)
TT

«السلال الليبية»... مسارات أمنية وعسكرية واقتصادية ومالية وسياسية

القادة المشاركون في مؤتمر برلين حول ليبيا (أ.ف.ب)
القادة المشاركون في مؤتمر برلين حول ليبيا (أ.ف.ب)

صدر عن قمة برلين ليل أمس (الأحد) بيان ختامي من تسع صفحات تناول الاتفاق الذي تم بين الدول المشاركة والتعهدات التي قطعتها في خصوص التزام تنفيذ حظر السلاح على ليبيا بموجب قرارات مجلس الأمن وأيضاً الخطوات التي سيتم البدء بها من أجل إطلاق مسار التسوية في ليبيا.
ولكن بالإضافة إلى البيان الختامي، صدر ملحق إضافي من أربع صفحات شرح بالتفصيل موضوع «السلال الليبية» التي ستعمل عليها بعثة الأمم المتحدة الخاصة بليبيا والتي يقودها المبعوث الدولي غسان سلامة.
وتتألف هذه «السلال» من المواضيع الآتية:

سياسياً
تنص الوثيقة على أن الليبيين جميعاً يريدون توحيد أجهزة بلادهم التنفيذية والسيادية والاقتصادية والمالية والأمنية والعسكرية، وعلى أن بعثة الأمم المتحدة منخرطة في {استشارات مكثفة مع الأطراف الليبية، وأعضاء في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة} ومع أطراف محلية أخرى بهدف {استكشاف خيارات إعادة تأسيس فرع تنفيذي فاعل}، في إشارة إلى إعادة تأسيس الحكومة الليبية.
وأوضح النص في هذا المجال أنه بناء على الاتفاق السياسي الليبي (اتفاق الصخيرات)، أطلقن بعثة الأمم المتحدة عملية لتأسيس منتدى للحوار السياسي الليبي على ان ينعقد خارج ليبيا بحلول نهاية يناير (كانون الثاني) الجاري، ويتألف من 40 ممثلاً ليبيا سيتم اختيارهم بناء على مشاورات مع أطراف ليبية أساسية. وأضاف ان المنتدى سينعقد لمناقشة احتمالات اصلاح {المجلس الرئاسي} (يقوده فائز السراج) واختيار رئيس جديد للوزراء ونائبين له وسيكون من مهمته {تشكيل حكومة بناء على التفاهمات التي تم التوصل اليها في نوفمبر 2017 في تونس} في خصوص المجلس الرئاسي والحكومة التابعة له. وأوضح النص أيضاً أن الحكومة الجديدة ستعرض على مجلس النواب (في شرق ليبيا) لنيل الثقة، وأن قيام الحكومة الجديدة {سيتطلب في شكل طبيعي موافقة جميع الأطراف على حل السلطات التنفيذية الحالية}.
وتابع أن مجلس النواب الليبي سيكون عليه بعد ذلك اقرار الشتريعات المطلوبة لانهاء المرحلة الانتقالية، بما في ذلك الانتهاء في تشكيل المفوضية العليا للانتخابات.

اقتصاديا ومالياً
تنص الوثيقة هنا على أهمية توحيد وتعزيز مؤسسات ليبيا الاقتصادية والمالية، وجعلها أكثر شفافية وقادرة على تطبيق الاصلاحات المطلوبة. وتحدث النص في هذا المجال عن تفاصيل خطوات إصلاح وتقوية دور المؤسسة الليبية للنفط والمؤسسة الليبية للاستثمار (النصدوق السيادي الليبي).

الأمن
تتألف سلة الأمن، بحسب النص، من {سلسلة خطوات تعزز قبول الأطراف الليبية لدعوات الهندنة، ما يؤدي إلى وقف شامل ويمكن المحافظة عليه للأعمال العدائية في ليبيا، واستقرار الوضع الأمني في عموم البلد، وتسريح الفصائل المسلحة، واعادة توحيد مؤسسات الأمن التي تؤكد احتكار الدولة في خصوص (حق) الاستخدام المشروع للقوة}.
ويتألف هذا المسار من خطوة أولى تنص على تأسيس مفوضية عسكرية مشتركة من 5 + 5 من الضباط النظاميين في الجيش أو الشرطة تحت إشراف الامم المتحدة. أما الخطوة الثانية فتنص على تعزيز الهدنة من خلال التسريح الفوري للمقاتلين غير الليبيين من مسرح الحرب. والخطوة الثالثة في هذا المجال تنص على إطلاق مفاوضات تحت مظلة 5 + 5 تمهد لوقف دائم لإطلاق النار.

حظر السلاح
تقع مسؤولية الالتزام بهذا الحظر وفق قرارات مجلس الأمن على لجنة نظام العقوبات في الأمم المتحدة وضمن مسؤولية الدول الأعضاء في المنظمة الدولية. ويشرح النص أن الالتزام بقرارات مجلس الأمن {سيؤدي على خفض عدد الخروقات لحظر السلاح، وسيعمل على أن يكون عاملاً لبناء الثقة لدعم وقف النار}. وأضاف النص أن المشاركين في قمة برلين سيكون مطلوباً منهم الالتزام بتنطبيق حظر السلاح، مشيراً إلى جهود بحرية وجوية وعلى الأرض لتأمين مراقبة تطبيق هذا الحظر والتأكد من عدم وصول أسلحة إلى الأطراف المتقاتلة في ليبيا.

حقوق الإنسان
وتنص السلة الأخيرة على تشجيع احترام حقوق الإنسان الدولية والقانون الدولي وإنشاء جو يساعد العاملين في المجال الإنساني وأفراد الواقم الطبية على الوصول إلى الناس الذين هم في أمس الحاجة إلى مساعدة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».