تراجع التصعيد لم يبدد العوائق أمام إعلان الحكومة

واشنطن تدفع باتجاه الاستجابة لمطالب الشعب وإنهاء الفساد

TT

تراجع التصعيد لم يبدد العوائق أمام إعلان الحكومة

أسهمت الاتصالات في الحدّ من التصعيد بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المردة» الذي ألغى رئيسه سليمان فرنجية، مؤتمره الصحافي الذي كان مقرراً أمس، إفساحاً في المجال أمام المباحثات لحلحلة العقد التي تحول دون إعلان الحكومة، والمرتبطة بشكل أساسي بالخلاف حول حجم تمثيل الكتل و«الثلث المعطل» لأحد الفريقين المختلفين في الحكومة، في وقت دفعت الولايات المتحدة باتجاه تنفيذ «الإصلاحات الضرورية للاستجابة لمطالب الشعب لإنهاء الفساد المستشري».
وجدّد مسؤول في السفارة الأميركية في بيروت دعوة كل الجهات اللبنانية إلى الامتناع عن ممارسة العنف. ودعا في حديث تلفزيوني السلطات المعنية إلى حماية حق التظاهر والاحتجاج السلمي. واعتبر «أن اختبار كل حكومة يكون من خلال أفعالها»، قائلاً إنه «على القيادات اللبنانية أن تلتزم وتطبّق الإصلاحات الضرورية للاستجابة إلى مطالب الشعب لإنهاء الفساد المستشري وتعزيز الحوكمة».
وتواصلت الاتصالات، أمس، على خط رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، لحلحلة العقد، وسط تبادل اتهامات بين باسيل وخصومه السياسيين بأن أحدهما يسعى للحصول على الثلث المعطل في الحكومة. وقالت مصادر مواكبة إن إرجاء فرنجية للمؤتمر الصحافي جاء لتبريد الأجواء وتجنب التصعيد مع باسيل، في حين ذكرت معلومات أن فرنجية يسعى لعدم حصول باسيل على 6 وزراء، وإلا سيطالب فرنجية بوزير آخر إلى جانب وزير يحمل حقيبة الأشغال من حصته.
وبقي الرئيس المكلف حسان دياب، مصراً على موقفه بعدم توسعة الحكومة إلى 20 وزيراً، وهو مطلب كان قد طرحه عليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري في لقائهما الأخير، إفساحاً في المجال لزيادة التمثيل الدرزي في الحكومة إلى وزيرين والتمثيل الكاثوليكي إلى وزيرين أيضاً، وهو ما تدور حوله الاتصالات الأخيرة، إلى جانب اتصالات تولاها «حزب الله» بين حليفيه فرنجية وباسيل لحلحلة العقدة المسيحية وتجنب التصعيد.
ونقلت وكالة الأنباء «المركزية» عن مصادر قولها «إن المساعي التي بُذلت ركزت على أهمية أن يبقى فرنجية من فريق الأكثرية النيابية التي ستتحكم بالمرحلة المقبلة، وأن غيابه عن الحكومة لن يكون من مصلحته»، لافتةً إلى أن «الظروف التي تحيط بالمنطقة ولبنان تدعو بإلحاح إلى تشكيل الحكومة بالسرعة القصوى لمواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية، وأن الضغوط الدولية بلغت مرحلة متقدمة لا يمكن تجاهلها». وقالت المصادر التي تراقب عملية التأليف «إن تراجع فرنجية عن مطالبه يعني تلقائياً حل عقدة باسيل، وهو ما سيؤدي إلى فتح الطريق أمام المراحل الدستورية المتبقية لولادة الحكومة في الساعات الـ48 المقبلة».
ويعمل «حزب الله» على تذليل العقد وإرضاء كل الأطراف، بهدف توفير ثقة للحكومة، وهو ما لم يخفه النائب حسن فضل الله بقوله إن «البلد يحتاج إلى حكومة تحظى بثقة نيابية، وبالتالي لا بد للرئيس المكلف من أن يتفاهم مع رئيس الجمهورية والكتل التي ستمنحه الثقة، فهذه هي القواعد التي يريد البعض أن يخرج عنها، لأن هناك من لا يسمع صوت وصرخة الشعب الحقيقية، وهناك أناس في البلد لا يستشعرون وجع الناس وآلامهم، ولا يبالون بارتفاع سعر الدولار والمواد الغذائية والتموينية، فهم يعيشون في عالم آخر لحساباتهم الخاصة، ولا يريدون أن يشاركوا ولا أن يتركوا الآخرين ليشكّلوا حكومة».
وفي مؤشر على التعقيدات الأخرى المرتبطة بتمثيل الدروز والكاثوليك، أكد النائب ميشال ضاهر، في مقابلة إذاعية أن «الطائفة الكاثوليكية هي الأكثر انفتاحاً ومن أوائل المطالبين بإلغاء الطائفية السياسية، ولكنْ هناك فرق بين عدالة التمثيل وبين الطائفية، فمع كامل الاحترام للطائفتين الكريمتين الدرزية والأرمنية، ولكن الدروز يتمثلون بـ8 نواب في المجلس النيابي والأرمن بـ6 نواب والكاثوليك بـ8، فأين العدالة بتمثيل الدروز والأرمن بحقيبتين وزاريتين والكاثوليك بحقيبة واحدة؟».
وتواجه طريقة تشكيل الحكومة اعتراضات، إذ أوضح النائب شامل روكز، أن «مسار تشكيل الحكومة انطلق، وهو مسار محاصصة ومعاكس للواقع»، لافتاً إلى أن «المبدأ الذي تتشكل به الحكومة مستمر على حاله وكما كان قبل انتفاضة 17 تشرين وكأن شيئاً لم يحصل»، سائلاً: «إذا كانت الحكومة لن تأخذ ثقة الشعب فكيف ستأخذ ثقتنا؟». ورأى روكز في تصريح إذاعي أن «الحكومة العتيدة هي حكومة الأكثرية النيابية واللون الواحد وهي بعيدة عن حكومة الوحدة الوطنية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».