أزمة مياه تطال ربع سكان العالم... وملايين العرب يواجهون العطش

أزمة مياه تطال ربع سكان العالم... وملايين العرب يواجهون العطش
TT

أزمة مياه تطال ربع سكان العالم... وملايين العرب يواجهون العطش

أزمة مياه تطال ربع سكان العالم... وملايين العرب يواجهون العطش

عندما نفدت المياه في مدينة كيب تاون الجنوب أفريقية ومدينة تشيناي الهندية، عملت هاتان المدينتان على تطبيق حلول مؤثرة، لكنها بعيدة عن الكمال. في كيب تاون، اصطف الناس في طوابير طويلة للحصول على كميات محدودة من المياه، بعد انتظار عدة ساعات. وفي تشيناي، سيّرت البلدية صهاريج مياه جلبتها من مسافات بعيدة لتوزيعها على الناس العطشى، وفي كثير من الأحيان كانت هذه المياه غير آمنة.
كشفت الأزمة في هاتين المدينتين صورة قاتمة عن غياب المساواة الاجتماعية، حيث استطاع الأغنياء تدبر أمرهم على نفقتهم الخاصة، في حين كان على الفقراء انتظار المساعدة الحكومية. وفي المدينتين، اعتبر كثيرون أن كل يوم يأتي هو بمثابة يوم مشؤوم لحين الحصول على المياه.
ولم يقتصر الأمر على التباين بين الأغنياء والفقراء، بل تعداه إلى التمييز على أساس الجنس الاجتماعي. فالنساء في كلتا المدينتين اضطلعن بمهام إضافية لتأمين المياه، سواء بالانتظار ضمن الطوابير أو من خلال السير لمسافات طويلاً بحثاً عن الماء.
هذه التجربة التي عاشتها المدينتان قد تمتد لتشمل معظم دول الجنوب التي تعاني من أزمة في توفير المياه نتيجة أسباب مختلفة، من أهمها عدم إعطاء البنية التحتية الطبيعية الأهمية التي تستحقها. وتلعب النظم البيئية، كالغابات والأراضي الرطبة دوراً مهمّاً في تنقية المياه وإزالة الملوثات وتنظيم الجريان السطحي والحد من الفيضانات. وتشير التقديرات إلى أن أحواض تصريف المياه التي تتجمع فيها مياه الهطولات فقدت ربع مساحة غاباتها منذ مطلع الألفية بسبب التوسع الحضري غير المدروس، وقطع الأشجار عشوائياً.
ومن ناحية أخرى، يجرى تبديد المياه وهدرها بأساليب غير رشيدة، كريّ الأراضي الزراعية بطريقة الغمر واستخدام المياه في محطات الطاقة الحرارية لمرة واحدة، حيث يجري طرح أغلب المياه العادمة من دون معالجة أو محاولة إدخالها في حلقة مغلقة للتوفير في الاستهلاك.
ويؤدي ازدياد عدد السكان إلى نمو الطلب على المياه. وبغياب البنية التحتية المناسبة التي تستوعب الطلب المتزايد، يصبح من الصعب توفير المياه بشكل آمن وكافٍ. كما يسهم تغيُّر المناخ في زيادة الأحوال الجوية المتطرفة، كفترات الجفاف الطويلة والعواصف الومضية التي تسبب فيضانات طارئة لا تغذي مصادر المياه الجوفية بشكل جيد.
ووفقاً للبيانات التي يوفرها معهد الموارد العالمي، تعاني 17 دولة تضم نحو ربع سكان العالم ارتفاعاً شديداً في الإجهاد المائي، وهو كمية المياه التي يمكن الحصول عليها من المصادر الجوفية والسطحية مقارنة بالكمية المتاحة. ومن بين هذه الدول قطر وفلسطين ولبنان والأردن وليبيا والكويت والسعودية والإمارات والبحرين وعُمان. كما تواجه 8 دول عربية أخرى ارتفاعاً في الإجهاد المائي، هي اليمن والمغرب والجزائر وتونس وسوريا وجيبوتي والعراق ومصر. وفي المحصلة، فإن أكثر من 370 مليون مواطن عربي يعاني من أزمة مياه حادة أو مرتفعة.
ويحذر تقرير مشترك صدر عن منظمة الأغذية الزراعة للأمم المتحدة (الفاو) و«البنك الدولي» في أغسطس (آب) 2019 من أن تتسبب ندرة المياه المرتبطة بالمناخ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بخسائر اقتصادية تُقدّر بما بين 6 و14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050، وهي النسبة الأعلى في العالم.
وتشمل الخسائر الاقتصادية ارتفاع معدلات البطالة بفعل تأثير ندرة المياه على سبل العيش التقليدية، مثل الزراعة. والنتيجة يمكن أن تكون انعدام الأمن الغذائي واضطرار الناس للهجرة، إلى جانب تزايد الإحباط من حكومات غير قادرة على ضمان تقديم الخدمات الأساسية، وهو ما قد يصبح محركاً آخر لعدم الاستقرار.
واللافت أن العديد من المناطق التي تعاني من «إجهاد مائي شديد» تقع في مناطق الصراعات، حيث يمكن أن تصبح المياه عاملاً مساهماً في إذكاء نارها. كما تعاني العديد من المناطق التي تضطر إلى استيعاب أعداد كبيرة من النازحين من إجهاد مائي.
طلب متزايد وبحث عن حلول

خلال نصف القرن الماضي، ارتفع المعدل العالمي لكمية المياه العذبة المستخرجة من مصادر المياه الجوفية والسطحية بمقدار مرتين ونصف المرة. كما سجل الطلب على المياه لري المحاصيل زيادة بأكثر من الضعف، حيث يستهلك الري الزراعي نحو 67 في المائة من المياه المستخدمة كل عام. وتتجاوز هذه النسبة 80 في المائة في المنطقة العربية.
وعلى الرغم من تضاعف الاستخدام المنزلي للمياه بمقدار ستة أضعاف خلال الفترة ذاتها، فإن نسبته لا تتجاوز 10 في المائة فقط من كمية المياه المستخرجة. في حين تستهلك الصناعات نحو 21 في المائة من إجمالي عمليات سحب المياه.
وحذرت منظمات عدة تابعة للأمم المتحدة من أن تغيُّر المناخ سيفاقم من ندرة المياه. ووفقاً لتوقعات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، واستناداً للاتجاهات الحالية، ستؤدي ندرة المياه في بعض المناطق القاحلة وشبه القاحلة إلى نزوح ما بين 24 مليوناً و700 مليون شخص بحلول عام 2030.
ونظراً لأن العوامل الاجتماعية والاقتصادية تُعدّ المحرك الرئيسي للطلب على المياه في العالم، فإنه يمكن التخفيف من وطأة هذه الأزمة عن طريق الإدارة الجيدة للمياه. فعلى سبيل المثال، أنشأت سنغافورة ما سمته الحكومة بـ«الصنابير الوطنية الأربعة»، وهو نظام يقوم على التقاط مياه الأمطار وتجميعها، واستيراد المياه من ماليزيا، وتوفير تنقية عالية الجودة لمياه الصرف، وتحلية مياه البحر.
كما تطور دول عديدة في الشرق الأوسط وفي الهند تقنيات متقدمة في معالجة المياه وإدارتها، بما في ذلك دعم الأبحاث الخاصة بالزراعات الدقيقة والمحاصيل المقاومة للجفاف التي تستهلك كميات قليلة من مياه الري. وبعد عقود من التقدُّم البطيء، انخفضت تكاليف تحلية مياه البحر، وازداد استخدامها لتوفير مياه الشرب في جميع أنحاء العالم.
وكانت أول محطة تجارية لإزالة الملوحة من المياه شيدت في ستينات القرن الماضي، وهناك الآن نحو 20 ألف منشأة حول العالم تحول مياه البحر إلى مياه عذبة تغطي حاجة 300 مليون شخص. وتنتج السعودية، التي تندر فيها المياه العذبة وتنعم بوفرة الوقود الأحفوري اللازم لتشغيل محطات التحلية، نحو خُمس إجمالي المياه المحلاة في العالم. ومن المتوقع إدخال الشمس كعنصر أساسي في مزيج الطاقة لتشغيل محطات التحلية.
وفي مواجهة أزمة المياه، تطبق الدول العربية عدداً من الإجراءات، تشمل على سبيل المثال تقييد استهلاك المياه لبعض الاستعمالات، كما فعلت السعودية بحظر زراعة الأعلاف التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، والتحوّل إلى مصادر الطاقة المتجددة لخفض النفقات وتوفير الطاقة لتحلية المياه المالحة، وإعادة ضخ المياه المعالجة لتغذية الأحواض المائية الجوفية كما فعلت أبوظبي.
ويمكن اتباع إجراءات أخرى للتكيُّف مع ندرة المياه، تشمل إلى جانب الإصلاحات المؤسساتية تحديث أنظمة الري، وتغيير أنماط زراعة المحاصيل، وتطوير مصادر مياه جديدة كحصاد مياه الأمطار ومعالجة ملوحة التربة وتدوير المياه العادمة، وتسعير المياه، والتوسع في قطاع الطاقة المتجددة، بوصفها مصدراً لدعم المياه والغذاء.


مقالات ذات صلة

«لوسيد» تجمع مليار دولار من إحدى شركات «السيادي» السعودي

الاقتصاد مركبات مجموعة «لوسيد» للسيارات الكهربائية (الشرق الأوسط)

«لوسيد» تجمع مليار دولار من إحدى شركات «السيادي» السعودي

أبرمت مجموعة «لوسيد» للسيارات الكهربائية صفقة مع مساهمها الأكبر شركة «أيار الثالثة للاستثمار» لشراء حصة قيمتها مليار دولار في صانعة السيارات الكهربائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الفريق الميداني التابع للمركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي خلال عملية تحليل المياه (الشرق الأوسط)

السعودية تجري 25 ألف تحليل للحد من التلوث البيئي البحري

أجرى المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي، نحو 25 ألف تحليل لمياه وتربة 443 مصباً ووادياً على امتداد الساحل الغربي للسعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق فنلنديون خلال احتفال وفي وسط الصورة فتاتان تبتسمان وتحملان علم فنلندا (متداولة)

ما الذي يجعل فنلندا تتصدّر البلدان الأكثر سعادة للعام السابع على التوالي؟

للعام السابع على التوالي احتلت فنلندا المرتبة الأولى على قائمة أسعد شعوب العالم... فما الذي يجعل هذا البلد يتربّع على عرش السعادة؟

شادي عبد الساتر (بيروت)
يوميات الشرق إدريس إلبا... لا حدود للأحلام (رويترز)

«مدينة المستقبل» على جزيرة أفريقية... حلمُ إدريس إلبا وفاءً لأصوله

يرغب الممثل والرابر الإنجليزي من أصول أفريقية إدريس إلبا في بناء «مدينة المستقبل» على جزيرة قبالة سواحل سيراليون في غرب القارة السمراء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الرفقة المُلهِمة (أ.ف.ب)

محامٍ وكلبه يجمعان القمامة خلال ممارستهما الرياضة الصباحية

ينتهز غونزالو تشيانغ فرصة مزاولته رياضة الجري فجراً مع كلبه لجمع القمامة المرمية هنا وهناك على مرتفعات سانتياغو، مطبِّقاً بذلك ابتكاراً يحمل اسم الـ«بلوغنغ».

«الشرق الأوسط» (سانتياغو)

«كارثة» في أستراليا... أرصدة ائتمان كربوني مشكوك في صحتها

أستراليا من أكبر الدول المصدّرة لانبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة للفرد في العالم (رويترز)
أستراليا من أكبر الدول المصدّرة لانبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة للفرد في العالم (رويترز)
TT

«كارثة» في أستراليا... أرصدة ائتمان كربوني مشكوك في صحتها

أستراليا من أكبر الدول المصدّرة لانبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة للفرد في العالم (رويترز)
أستراليا من أكبر الدول المصدّرة لانبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة للفرد في العالم (رويترز)

باعت أستراليا أرصدة كربون مشكوك فيها، وكان لها تأثير ضئيل على تجديد الغابات بهدف تعويض انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة، بحسب دراسة علمية حديثة خلصت إلى نتائج وصفها علماء بأنها «كارثة» على السلطات الأسترالية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقد خصصت أستراليا ما يقرب من 42 مليون هكتار من الأراضي في مناطقها النائية كجزء من برنامج تجديد الغابات، في أحد أكبر مشروعات تعويض الكربون الطبيعي في العالم.

ويقوم مبدأ الائتمان الكربوني المثير للجدل على احتساب أطنان من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يتم تجنبها افتراضياً، خصوصاً من خلال زرع كميات كبيرة من الأشجار بهدف امتصاصها.

من خلال هذا المشروع، باعت أستراليا الملايين من أرصدة الكربون التي اشترتها بحريّة تامة شركات لتعويض انبعاثاتها على الورق والظهور بأنها «محايدة كربونيّاً».

واستخدم فريق الباحثين القائمين على الدراسة التي نشرت نتائجها الثلاثاء مجلة «نيتشر كوميونيكيشنز، إيرث أند إنفايرومنت» Nature Communications, Earth & Environment العلمية، صوراً بالأقمار الاصطناعية لرصد تطوّر مناطق الغابات في عينة من القطاعات المتضررة من المشروع.

وبحسب الدراسة، في ما يقرب من 80 في المائة من المناطق التي شملتها الدراسة، ظلت مناطق الغابات على حالها أو حتى تقلّصت مساحتها. وأكدت النتائج أنه «في المجموع التراكمي، زاد الغطاء الحرجي بنسبة لا تتخطى 0.8 في المائة (28155 هكتاراً) من أصل مساحة إجمالية تبلغ 3.4 ملايين هكتار» حللها الباحثون.

وتُظهر الدراسة أنه «رغم غياب التغيير الإيجابي في الغطاء النباتي، فإن المشروعات الـ143 (المشمولة في الدراسة والتي لم تزد فيها المساحات المشجّرة) أنتجت 22.9 مليون رصيد» للائتمان الكربوني بين عامي 2013 و2022.

وبذلك، باعت أستراليا أرصدة كربون لم تكن موجودة فعلياً، بحسب المعد الرئيسي للدراسة أندرو ماكنتوش.

انعدام الشفافية

قال ماكنتوش، وهو أستاذ قانون البيئة في الجامعة الوطنية الأسترالية، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنها كارثة» من شأنها «تشويه» سمعة أستراليا.

وأضاف هذا الرئيس السابق للهيئة الحكومية المسؤولة عن مراقبة تعويضات الكربون في أستراليا: «من المفترض أن تجرى عمليات التحقق أثناء هذه العملية. لكنهم لا يطبقونها».

وأكد ماكنتوش أن «نظامنا هو بلا شك أحد أقل الأنظمة شفافية في العالم».

وشهدت سوق ائتمان الكربون، التي لا تشرف عليها أي جهة، طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة على مستوى العالم، مسجلة ملياري دولار في عام 2022، قبل أن تتباطأ في عام 2023، تحت وطأة التحقيقات التي شككت في الفوائد البيئية والاجتماعية لأرصدة الكربون.

ونفت هيئة تنظيم الطاقة النظيفة الأسترالية وجود أي مخالفة، مؤكدة أن «عدداً من المراجعات أكدت سلامة» تعويضات الكربون، قائلة إنها لا تصدر أرصدة كربون إلا «عندما يتمكن المشروع من إثبات تجديد غابة أصلية» مقابل هذه الأرصدة.

وقال وزير التغير المناخي والطاقة الأسترالي كريس بوين إن آليات النظام «سليمة جوهرياً».

وعلى الرغم من تعرضها المتزايد للكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ، لا تزال أستراليا من أكبر الدول المصدّرة لانبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة للفرد في العالم، وهي من بين المصدّرين الرئيسيّين للفحم الحراري والغاز في العالم.

والتزمت أستراليا بخفض انبعاثاتها الكربونية بنسبة 43 في المائة بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2005، بهدف تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.

ووفق الدراسة التي نُشرت نتائجها الثلاثاء، كانت تعويضات الكربون جزءاً أساسياً من سياسة المناخ في أستراليا في العقدين الأخيرين.

وتبلغ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للشخص الواحد في أستراليا 15.3 طن، ما يتجاوز المستويات في الولايات المتحدة، وفق أرقام البنك الدولي.


بسبب «أل نينيو»... «قفزة كبيرة» بارتفاع مستوى المحيطات بين 2022 و2023

متوسط الارتفاع في مستويات المحيطات العالمية بلغ 0.76 سنتيمتر بين عامي 2022 و2023 (رويترز)
متوسط الارتفاع في مستويات المحيطات العالمية بلغ 0.76 سنتيمتر بين عامي 2022 و2023 (رويترز)
TT

بسبب «أل نينيو»... «قفزة كبيرة» بارتفاع مستوى المحيطات بين 2022 و2023

متوسط الارتفاع في مستويات المحيطات العالمية بلغ 0.76 سنتيمتر بين عامي 2022 و2023 (رويترز)
متوسط الارتفاع في مستويات المحيطات العالمية بلغ 0.76 سنتيمتر بين عامي 2022 و2023 (رويترز)

أعلنت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) أمس (الخميس)، أن متوسط الارتفاع في مستويات المحيطات العالمية بلغ 0.76 سنتيمتر بين عامي 2022 و2023، وهي «قفزة كبيرة» مقارنة بالسنوات الأخرى، بسبب ظاهرة «أل نينيو» وتغير المناخ.

وارتفعت مستويات المحيطات في المعدل بمقدار 9.4 سنتيمتر منذ عام 1993، وفق هذه البيانات المستندة إلى عمليات رصد بالأقمار الاصطناعية.

ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى تغير المناخ، الذي يتجلى من خلال ذوبان الجليد (القمم والأنهر الجليدية)، ولكن أيضاً عبر تمدد المحيطات نتيجة لامتصاص الحرارة.

ويحدث الارتفاع في مستوى سطح البحر بسرعة متزايدة؛ فقد تضاعف معدله بين عام 1993 (0.18 سنتيمتر في السنة) وحالياً (0.42 سنتيمتر).

وقالت مديرة الفريق المسؤول عن هذا الملف في «ناسا» ناديا فينوغرادوفا شيفر في بيان إنّ «الوتيرة الحالية تعني أننا نسير على الطريق الصحيحة لإضافة 20 سنتيمتراً أخرى إلى مستوى المحيط العالمي بحلول عام 2050».

وشددت على أن هذا «سيزيد من وتيرة الفيضانات في جميع أنحاء العالم وتبعاتها».

وبين عامي 2022 و2023، توازي الزيادة المسجلة انسكاب ربع كمية المياه في بحيرة سوبيريور، وهي أكبر البحيرات العظمى في أميركا الشمالية، في المحيطات.

وتمثّل هذه الزيادة أقل بقليل من أربعة أضعاف المستوى المسجل في العام السابق (+0.21 سنتيمتر بين عامي 2021 و2022). في تلك السنة، كانت ظاهرة «أل نينيا» فاعلة.

وأوضح الباحث في هذا الموضوع في وكالة «ناسا» جوش ويليس: «خلال ظاهرة (أل نينيا)، تسقط الأمطار التي تهطل عادة في المحيطات بدلاً من ذلك على الأراضي، ما يؤدي إلى إزالة المياه مؤقتاً من المحيطات»، لكن «خلال سنوات ظاهرة (أل نينيو)، ينتهي الكثير من الأمطار التي تهطل عادة على الأرض في المحيط، ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات المحيط مؤقتاً»، بحسب ويليس.

يشار إلى أن ظاهرة «أل نينيو» هي ظاهرة مناخية واسعة النطاق تحدث بشكل طبيعي وتنطوي على تقلب درجات حرارة المحيطات في وسط وشرق المحيط الهادئ الاستوائي، إلى جانب التغيرات التي تطرأ على الغلاف الجوي العلوي. وتشكل ظاهرتا «أل نينيو» و«أل نينيا» المكونين المحيطيين، في حين يشكل التذبذب الجنوبي النظير الجوي، مما أدى إلى ظهور مصطلح «أل نينيو» - التذبذب الجنوبي. وتحدث هذه في دورات غير منتظمة تتراوح من 2 إلى 7 سنوات وتُقدّم 3 مراحل: «أل نينيو» و«أل نينيا» ومرحلة محايدة.


ما الدولة والعاصمة الأكثر تلوثاً في العالم؟

رجل يسير في شارع يغمره الضباب المرتبط بالتلوث في نيودلهي (رويترز)
رجل يسير في شارع يغمره الضباب المرتبط بالتلوث في نيودلهي (رويترز)
TT

ما الدولة والعاصمة الأكثر تلوثاً في العالم؟

رجل يسير في شارع يغمره الضباب المرتبط بالتلوث في نيودلهي (رويترز)
رجل يسير في شارع يغمره الضباب المرتبط بالتلوث في نيودلهي (رويترز)

صُنفت دلهي على أنها أكثر العواصم تلوثاً في العالم لعام 2023، فيما تواصل الهند - وجنوب آسيا بأكملها - مواجهة الضباب الدخاني والهواء السام، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

ووجد تقرير عن المدن الأكثر تلوثاً في جميع أنحاء العالم أعدته «IQAir»، وهي مجموعة مراقبة جودة الهواء ومقرها سويسرا، أن 9 من المدن الـ10 الأولى كانت في الهند.

وتم تصنيف دلهي على أنها ثالثة أكثر المدن تلوثاً بشكل عام والعاصمة الأكثر تلوثاً في العالم، إذ يبلغ متوسط التركّز السنوي في هوائها للجسيمات الدقيقة (PM2.5) 102.1 ميكروغرام لكل متر مكعب.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن البلدان يجب أن تهدف إلى متوسط تركيز PM2.5 يبلغ 5 ميكروغرام/م 3.

وتشير الى أن التعرض لتلوث الجسيمات يرتبط بالربو والسرطان وأمراض الرئة والسكتات الدماغية وأمراض أخرى.

تعاني نيودلهي من سوء نوعية الهواء على مدار العام، لكن الشتاء عادة ما يكون الفترة الأسوأ. وقد أُغلقت المدارس والكليات لأيام عدة أواخر العام الماضي؛ بسبب الهواء السام.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، فرضت نيودلهي قيوداً على عدد السيارات على الطرق؛ للحد من تلوث الهواء. لكن الضباب الدخاني اجتاح مدناً في الهند وباكستان وبنغلاديش بعد أيام، مما اضطر الشركات والمدارس إلى إغلاق أبوابها في بعض المناطق.

سيارات تسير على طول طريق سريعة يكتنفها الضباب الدخاني في نيودلهي (رويترز)

«يشبه الوباء»

في تقرير من دلهي، قال نيفيل لازاروس من شبكة «سكاي نيوز»، الخميس، إن الأمر «يشبه الوباء هنا». وأشار إلى أن النشطاء أكدوا أن التلوث هو خامس أكبر سبب للوفاة في الهند.

وتابع: «الأرقام هائلة. نحو 30 ألف حالة وفاة في العام. 80 شخصاً في دلهي يموتون (كل يوم)؛ بسبب تلوث الهواء؛ لذا فإن الأمر مثير للقلق للغاية، وله تأثير ضار في الاقتصاد، حيث يتم إنفاق نحو 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على الرعاية الصحية المرتبطة مباشرة بتلوث الهواء للأسر».

وأضاف لازاروس: «ما يثير القلق في هذا التقرير هو أننا رأينا تلوث الهواء في مدن المستوى الثاني، وهي المدن الأصغر حجماً، مثل بيجوساراي في الولاية الشمالية».

وذكر تقرير «IQAir» أن بيجوساراي، في ولاية بيهار الهندية، كانت المدينة الأكثر تلوثاً في العالم، حيث يبلغ متوسط تركّز PM2.5 السنوي 118.9 ميكروغرام/م3.

واحتلت لاهور في باكستان المجاورة المرتبة الخامسة بمتوسط 99.5 ميكروغرام/م3.

طائرة تحلق فوق مدينة خلال إقلاعها من مطار شيانغ ماي الدولي وسط ارتفاع مستويات تلوث الهواء في تايلاند (أ.ف.ب)

بنغلاديش أكثر الدول تلوثاً

وجد التقرير أيضاً أن بنغلاديش هي الدولة الأكثر تلوثاً في العالم، حيث يصل تركّز PM2.5 السنوي إلى 79.9 ميكروغرام/م3.

وتحتل باكستان المرتبة الثانية بـ73.7 ميكروغرام/م3، والهند في المركز الثالث بـ54.4 ميكروغرام/م3، وتحتل طاجيكستان المركز الرابع بـ49 ميكروغرام/م3، مما يجعل منطقة جنوب آسيا الأكثر تلوثاً في العالم، وفقاً للتقرير.

رأت «IQAir» أن 7 دول فقط استوفت المبادئ التوجيهية السنوية لمنظمة الصحة العالمية: أستراليا، ونيوزيلندا، وإستونيا، وآيسلندا، وغرينادا، وموريشيوس، وفنلندا.

وتم جمع بيانات التقرير من أكثر من 30 ألف محطة لمراقبة جودة الهواء في 134 دولة ومنطقة وإقليماً.


«الأمم المتحدة»: العالم «على حافة الهاوية» بسبب الأرقام القياسية للحر

الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية سيليستي ساولو خلال مؤتمر صحافي حول تقرير المناخ العالمي لعام 2023 الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في جنيف في 19 مارس 2024 (أ.ف.ب)
الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية سيليستي ساولو خلال مؤتمر صحافي حول تقرير المناخ العالمي لعام 2023 الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في جنيف في 19 مارس 2024 (أ.ف.ب)
TT

«الأمم المتحدة»: العالم «على حافة الهاوية» بسبب الأرقام القياسية للحر

الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية سيليستي ساولو خلال مؤتمر صحافي حول تقرير المناخ العالمي لعام 2023 الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في جنيف في 19 مارس 2024 (أ.ف.ب)
الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية سيليستي ساولو خلال مؤتمر صحافي حول تقرير المناخ العالمي لعام 2023 الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في جنيف في 19 مارس 2024 (أ.ف.ب)

حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الثلاثاء)، من أن مؤشرات تغير المناخ بلغت مستويات غير مسبوقة في 2023، ما يدفع الأرض إلى «حافة الهاوية»، معتبراً أنه لا يزال هناك متسع من الوقت «لإنقاذها»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ويشير أحدث تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية «حول حال المناخ العالمي إلى أن العالم على حافة الهاوية» حيث يسبب التلوث فوضى مناخية غير مسبوقة، على ما أعلن غوتيريش بمناسبة صدور التقرير.

من جهتها، قالت الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، سيليستي ساولو، اليوم (الثلاثاء)، في تقرير لها، إن التغير المناخي صار أكثر وضوحاً من أي وقت مضى في العام الماضي، مؤكدة أن العالم يواجه «إنذاراً باللون الأحمر»، وفق وكالة الأنباء الألمانية.

وقالت ساولو: «إن تغير المناخ يتعلق بما هو أكثر من درجات الحرارة. فما شهدناه عام 2023، خصوصاً في ظل الدفء غير المسبوق للمحيطات وتراجع الأنهار الجليدية وفقدان الجليد البحري في القطب الجنوبي، هو سبب وراء القلق بشكل خاص».

وأكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقديراتها الأولية للعام الحالي.

وقد كان المتوسط العالمي لدرجة الحرارة في عام 2023 أعلى بنحو 1.45 درجة مئوية مقارنة بمستوى ما قبل التصنيع (أي خلال الفترة بين عامي 1850 و1900). أما قبل ذلك، فقد كان عام 2016 هو الأكثر دفئاً، حيث بلغ ارتفاع درجات الحرارة نحو 1.3 درجة.

وكانت خدمة «كوبرنيكوس»، المعنية بتغير المناخ والتابعة للاتحاد الأوروبي، قد أشارت إلى ارتفاع درجة الحرارة بواقع 1.48 درجة في عام 2023.


الصين تبني نظاما إيكولوجيا جديدا لمراقبة البيئة ومعالجة التلوّث

الصين تبني نظاما إيكولوجيا جديدا لمراقبة البيئة ومعالجة التلوّث
TT

الصين تبني نظاما إيكولوجيا جديدا لمراقبة البيئة ومعالجة التلوّث

الصين تبني نظاما إيكولوجيا جديدا لمراقبة البيئة ومعالجة التلوّث

كشفت وزارة البيئة والإيكولوجيا الصينية، يوم أمس (السبت)، أن البلاد تخطط لبناء نظام حديث لمراقبة البيئة الإيكولوجية، وتتوقع أن يؤدي دوراً مهماً في السيطرة على التلوث ومعالجته والحفاظ على الإيكولوجيا والاستجابة لتغير المناخ.

وأضافت الوزارة خلال مؤتمر صحفي أن النظام الجديد سيرفع مستوى جمع البيانات الموثوقة والدقيقة والشاملة والجديدة في الوقت المناسب. كما سيتم إنشاء شبكة رصد تستفيد من الأقمار الصناعية والطيران والاستشعار عن بعد الأرضي، إضافة الى إدخال الذكاء الرقمي لترقية تكنولوجيات الرصد. وذلك وفق ما ذكرت وكالة أنباء «شينخوا» الصينية.

وحسب الوكالة، فان الصين تهدف إلى استكمال بناء النظام بحلول عام 2035، ما يرفع قدرات رصد البيئة الإيكولوجية في البلاد إلى مستوى متقدم عالمياً.


انقطاع الطمث لدى الحيتان قد يفسر هذه الحالة لدى النساء

حوت يقفز من الماء في البحر بالقرب من راوسو هوكايدو اليابان (رويترز)
حوت يقفز من الماء في البحر بالقرب من راوسو هوكايدو اليابان (رويترز)
TT

انقطاع الطمث لدى الحيتان قد يفسر هذه الحالة لدى النساء

حوت يقفز من الماء في البحر بالقرب من راوسو هوكايدو اليابان (رويترز)
حوت يقفز من الماء في البحر بالقرب من راوسو هوكايدو اليابان (رويترز)

يمكن لتفسير انقطاع الطمث لدى أنواع معينة من الحيتانيات أوردته دراسة حديثة أن يلقي الضوء على سبب هذه الحالة الطبيعية لدى النساء، إذ إن هذه السمة الخاصة قد ترتبط بطول العمر المتوقع لدى إناث الحيتان والبشر.

يتساءل العلماء عن الآلية التي تمنع الأنثى من التكاثر رغم أنه لا تزال أمامها سنوات طويلة لتعيشها، في حين تغتنم معظم الحيوانات كل فرصة للتكاثر، وفقا لما ذكرته وكالة «الصحافة الفرنسية».

ويزداد الغموض لأنه من بين خمسة آلاف نوع من الثدييات، يطال انقطاع الطمث فقط النساء وخمسة أنواع من الحيتانيات المسنة، بما فيها الحيتان القاتلة (الأوركا) وكركدن البحر. ولكن ذلك لا يطال الدلافين بين هذه الحيتانيات ذوات الأسنان.

وقارن فريق من الباحثين البريطانيين بين هاتين المجموعتين لمحاولة فهم سبب وصول إحداهما إلى انقطاع الطمث، وما يمكن استخلاصه عن الآلية لدى النساء.

فعلى الرغم من اختلافاتنا، يشترك البشر في «مسار حياة متقارب» مع هذه الحيوانات البحرية لا بد أنه شجّع على ظهور انقطاع الطمث، على ما توضح الدراسة التي نشرتها أخيراً مجلة «نيتشر».

وتستند الدراسة إلى فرضيات عدة تفسر انقطاع الطمث، خصوصاً تلك المتعلقة بمتوسط العمر المتوقع.

«فرضية الجدة»

تعيش إناث الأنواع الخمسة من الحيتانيات المسنة مع انقطاع الطمث حوالى 40 عاماً أطول من الحيتانيات الأخرى من الحجم نفسه. كما أنها تعيش بشكل عام أعماراً أطول من الذكور من جنسها.

ذيل الحوت الأحدب يظهر في مضيق غيرلاش في القارة القطبية الجنوبية (أ.ف.ب)

وأوضح المعد الرئيسي للدراسة صامويل إليس من جامعة إكستر، في مؤتمر صحافي أن إناث الحيتان القاتلة «تعيش عادةً ما بين 60 أو 70 عاماً، لكن الذكور جميعاً تفارق الحياة قبل سن الأربعين».

يدعم هذا الواقع «فرضية الجدة» التي بموجبها تعتني الإناث الأكبر سنا بأحفادها، مع ميزة يولّدها انقطاع الطمث.

«الجزء الثاني من القصة يدور حول المنافسة»، بحسب المعد المشارك في الدراسة دارن كروفت الذي قال إنه عند «تكاثر الأم والابنة لدى حيتان الأوركا في الوقت نفسه، فإن متوسط العمر المتوقع لصغار الأنثى الأكبر سنا يكون أقصر بسبب التنافس على الغذاء».

ولذلك فإن هذا النوع «تطوّر نحو متوسط عمر متوقع أكبر مع فترة تكاثر أقصر»، بحسب دارن كروفت.

وأضاف: «إنه نوع مسار الحياة نفسه الذي نلاحظه عند البشر». ويبدو أن أوجه التشابه في الهياكل الاجتماعية لهذه الأنواع المختلفة «مذهلة».

تعايش الإخوة والأخوات

وبحسب كروفت، تلعب «الأمهات القدامى» دوراً بارزاً في العملية... فالخبرة المكتسبة خلال حياتها تساعد الحيوانات الأخرى في مواجهة المصاعب مثل نقص الطعام.

لكن وجود مجتمع أمومي ليس كافيا. فعلى سبيل المثال، تستمر إناث الفيلة المسنة في التكاثر بشكل جيد في سن الشيخوخة.

العالم الكولومبي دييغو موخيكا من مؤسسة مالبيلو يلتقط صورا للحوت الأحدب في مضيق غيرلاش (أ.ف.ب)

وثمة فرق بين النوعين هو أن إناث الحيتانيات المسنّة تستمر في رعاية أبنائها، بينما تترك الأخيرة المجموعة لدى الأفيال.

كما أن استمرار الإخوة والأخوات في التعايش (حتى مرحلة البلوغ المبكر) يمكن أن تكون سمة شائعة وفريدة من نوعها بين أنواع الحيتانيات الخمسة والبشر المتأثرين بانقطاع الطمث.

ومع ذلك، فإن كل هذا «لا يقدم إجابة محددة لسؤال كيفية تطور انقطاع الطمث»، كما علقت عالمة الأنثروبولوجيا ريبيكا سير، من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، في مقال مصاحب للدراسة في مجلة نيتشر.

حيتان بالقرب من راوسو هوكايدو اليابان (رويترز)

وحذرت سير من أنه من الصعب للغاية دراسة الحيتانيات، وأن الكثير من البيانات المستخدمة في الأبحاث تنتج عن الجنوح الجماعي لهذه الحيوانات.

وأشارت أيضاً إلى قلة الاستثمار في الأبحاث المتعلقة بانقطاع الطمث، بسبب التحيز في توجيه الدراسات نحو الآليات التي تؤثر على الرجال.


تقنيات متقدمة لتدوير مخلّفات البلاستيك... حل لمعضلة كبرى أم وصفة أخرى للفشل؟

صبي سوري يحمل مواد قابلة لإعادة التدوير ليتم وزنها في مكب للقمامة في محافظة إدلب 14 مارس (أ.ف.ب)
صبي سوري يحمل مواد قابلة لإعادة التدوير ليتم وزنها في مكب للقمامة في محافظة إدلب 14 مارس (أ.ف.ب)
TT

تقنيات متقدمة لتدوير مخلّفات البلاستيك... حل لمعضلة كبرى أم وصفة أخرى للفشل؟

صبي سوري يحمل مواد قابلة لإعادة التدوير ليتم وزنها في مكب للقمامة في محافظة إدلب 14 مارس (أ.ف.ب)
صبي سوري يحمل مواد قابلة لإعادة التدوير ليتم وزنها في مكب للقمامة في محافظة إدلب 14 مارس (أ.ف.ب)

يتوقع تقرير صادر عن «برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)» أن ينمو توليد النفايات الصلبة في البلديات من 2.3 مليار طن في عام 2023 إلى 3.8 مليار طن بحلول سنة 2050. ويدعو التقرير إلى تحسين إدارة النفايات عن طريق سياسات التقليل وإعادة التدوير، ومع ذلك تبقى المخلّفات البلاستيكية المعضلة الكبرى في خطط الاقتصاد الدائري العالمي.

يقدِّر التقرير الذي يحمل عنوان «التوقعات العالمية لإدارة النفايات لعام 2024» أن ترتفع التكلفة العالمية المباشرة وغير المباشرة لإدارة النفايات من 361 مليار دولار في 2020 إلى 640.3 مليار دولار في 2050. ويقترح عدداً من الإجراءات لخفض هذه التكلفة، في مقدمتها تقليل النفايات عن طريق منعها في المقام الأول، أو إعادة استخدام المواد التي قد تصبح نفايات، بدلاً من إنتاج النفايات ثم إعادة تدويرها.

وتؤدي إعادة الاستخدام والتدوير إلى تقليل الطلب على استخراج المواد الخام كثيفة الاستهلاك للطاقة والمضرّة بالبيئة، وتمكّن من تقييم النفايات كمورد، وتمنع التلوّث الناجم عن تسرُّب النفايات إلى البيئة. وفي المقابل، يواجه تدوير المواد البلاستيكية مصاعب جمّة، إذ إنه من أصل 7 مليارات طن جرى إنتاجها من هذه المواد تاريخياً على مستوى العالم، تم تدوير أقل من 10 في المائة. وإذا استمرت اتجاهات النمو التاريخية، فمن المتوقَّع أن يرتفع الإنتاج العالمي السنوي من المواد البلاستيكية الأولية من 400 مليون طن حالياً إلى 1100 مليون طن بحلول 2050.

ويقترب معدّل توليد النفايات المنزلية في المنطقة العربية من 500 مليون طن يومياً، وتتباين نسبة المخلّفات البلاستيكية فيها حسب معدلات الدخل من بلد إلى آخر، حيث تصل هذه النسبة إلى 30 في المائة في البحرين، و25 في المائة في الإمارات وقطر وعُمان، وتتراجع إلى أقل من 17 في المائة في باقي الدول العربية. وتحقق الإمارات أعلى معدلات التدوير في العالم العربي بنسبة 20 في المائة، وتليها السعودية بمعدل 15 في المائة، فيما تقلّ النسبة عن 10 في المائة في باقي البلدان. وتقوم هذه المعدلات بمعظمها على تدوير المخلّفات المعدنية والأوراق وكمية قليلة من المواد البلاستيكية.

تقنيات متطوّرة لتدوير البلاستيك

لا تُتيح طُرق إعادة التدوير الميكانيكية للمخلّفات البلاستيكية إزالة جميع أشكال التلوّث، ولذلك لا تسمح التشريعات الوطنية عادة باستخدام البلاستيك المُعاد تدويره ميكانيكياً في منتجات على اتصال مباشر بالمواد الغذائية. كما تفقد المواد البلاستيكية جودتها وخصائصها مع زيادة حلقات إعادة التدوير، وحسب طبيعة البوليمر المستخدَم. وفي حالات النفايات البلاستيكية المختلطة أو المشوبة بنفايات عضوية، تصبح إعادة التدوير الميكانيكية غير مجدية فنياً واقتصادياً.

ونتيجة لذلك، يجري التخلُّص من مجمل المخلّفات البلاستيكية في تيارات النفايات البلدية التي تصبّ غالباً في مكبّ النفايات أو محطات الحرق، بدلاً من معالجتها وتحويلها إلى مادة خام جديدة. ولهذا السبب، تُعدّ تقنيات إعادة التدوير المتقدمة ضرورية للاقتصاد الدائري، حيث توفّر مجموعة أدوات من التقنيات المتنوّعة لمعالجة تدفقات النفايات البلاستيكية بتركيبات ونوعيات مختلفة، من أجل تحويلها إلى مجموعة متنوعة من المواد الخام.

وتشمل هذه التقنيات إعادة تدوير المواد على أساس الانحلال، وهي عملية فيزيائية تسمح بالحصول على البوليمرات من المخلّفات البلاستيكية. كما يتوفر العديد من تقنيات إعادة التدوير الكيميائي القادرة على استخلاص البوليمر المستهدَف وإعادته إلى وحداته البنائية (المونومرات)، عن طريق التحلل الإنزيمي والتحلل بالمذيبات وإزالة البلمرة الحرارية.

كما توجد مجموعة أخرى من تقنيات إعادة التدوير تعتمد العمليات الكيميائية الحرارية، التي تحقق حالياً كبرى القدرات التشغيلية. وتقوم هذه التقنيات على الانحلال الحراري، والتغويز، والحرق، إلى جانب احتجاز الكربون واستخدامه، وذلك من أجل تحويل النفايات البلاستيكية إلى مواد كيميائية ثانوية ذات قيمة، ومنتجات جانبية يمكن استخدامها مثل مواد خام لإنتاج البوليمرات الجديدة.

ويقدم تقرير «رسم خرائط لتقنيات إعادة تدوير النفايات البلاستيكية المتقدمة وقدراتها العالمية»، الصادر مؤخراً عن «مؤسسة نوفا الاستشارية الأوروبية»، نظرة تفصيلية عن التقدم التكنولوجي واللاعبين الرئيسيين في هذا المجال، ويصِف الحالة الحالية لإعادة التدوير المتقدمة في أوروبا والعالم.

ويعرِض التقرير 127 تقنية إعادة تدوير متقدمة متاحة حالياً في السوق أو ستتوفر قريباً. وتقع غالبية التقنيات المحددة في أوروبا، لا سيما في هولندا وألمانيا، تليها أميركا الشمالية والصين واليابان ورابطة الدول المستقلة والشرق الأوسط وأفريقيا. ويسجّل التقرير وجود أكثر من 340 محطة متقدمة لتدوير المخلّفات البلاستيكية قيد التشغيل أو التخطيط في جميع أنحاء العالم، مما يوفر إجمالي قدرة مدخلات على معالجة النفايات البلاستيكية تقارب 1.5 مليون طن سنوياً. ومع وجود أكثر من 60 محطة تغطي ربع قدرة المدخلات العالمية، تُعدّ أوروبا رائدة في هذا القطاع.

ويتوقع التقرير حدوث نمو قوي في السوق خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث ستتزايد على نحو مطرد أعداد مصانع إعادة التدوير الكيميائية والفيزيائية. ويُظهِر تحليل إعلانات مقدمي التكنولوجيا لبناء محطات جديدة أن قدرة معالجة المخلّفات البلاستيكية بالطُرق المتقدمة ستزيد في أوروبا بأكثر من 3 أضعاف بحلول عام 2027، بينما ستتضاعف القدرة على المستوى العالمي. ومع ذلك، فإن التوقعات بالنسبة لأوروبا قد تتغير صعوداً، اعتماداً على تدابير سياسية إضافية، مثل مراجعة التوجيهات ذات الصلة، أو إنشاء حوافز وبرامج استثمار.

شكوك بفعالية تدوير النفايات البلاستيكية

رغم التطوُّر الحاصل في تدوير النفايات البلاستيكية بالطُرق الميكانيكية التقليدية أو من خلال التقنيات المتقدمة، لا تزال معدلات استرجاع البلاستيك منخفضة للغاية. وحالياً، لا يزال إنتاج نحو 98 في المائة من المنتجات البلاستيكية التي تُستخدم لمرة واحدة يتم من الوقود الأحفوري، أو المواد الأولية «البِكر». وتتوقع «الوكالة الدولية للطاقة» أن يقود البلاستيك وحده ما يقرب من نصف النمو في الطلب العالمي على النفط بين 2017 و2050.

فعلياً، لا يزال قطاع تدوير المخلّفات البلاستيكية يواجه عقبات كبيرة، قد يكون من الصعب التغلّب عليها. وتتمثّل كبرى هذه العقبات بتكلفة إعادة التدوير، التي تستهلك كثيراً من الطاقة، في مقابل العروض المتزايدة من المواد الخام رخيصة الثمن التي تقوّض جدوى المواد البلاستيكية المُعاد تدويرها. كما أن نوعية المنتجات المُعاد تدويرها تبقى متدنية بالمقارنة مع تلك المصنوعة من المواد الخام.

ويبدو العالم حالياً أمام معضلة حقيقية، بين منافع المنتجات التي تُعدّ رخيصة الثمن وتوّفر استهلاك الموارد الطبيعية وتحقق متطلّبات الصحة العامة، مِثلما ظهر في أزمة جائحة «كوفيد - 19»، ومساوئ بصمتها الكربونية المرتفعة وآثارها التراكمية في النظم البيئية ومصاعب تدويرها.

ولمواجهة هذه المعضلة، تقترح «الوكالة الدولية للطاقة» عدداً من التوصيات في مجال السياسات، من بينها تحفيز قطاع الكيماويات على الاستثمار بشكل مباشر في البحث والتطوير لطُرق الإنتاج الكيميائي المستدام، وتقليل الاعتماد على المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وتحسين ممارسات إدارة النفايات في جميع أنحاء العالم، ورفع وعي المستهلك حول الفوائد المتعددة لإعادة التدوير، وتصميم المنتجات مع وضع التخلُّص منها في الاعتبار، وتوسيع نطاق مسؤولية المنتِج لتشمل الجوانب المناسبة لاستخدام المنتجات الكيميائية والتخلُّص منها.

سلسلة القيمة الخاصة

ويعد برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) الحكومات جهات فاعلة رئيسية في سلسلة القيمة الخاصة بالمواد البلاستيكية، وهي تستطيع القيام بأمور عدّة إذا توافرت الإرادة، مثل حظر المواد البلاستيكية التي يمكن الاستغناء عنها، ودعم الابتكار بتصميم المواد البلاستيكية، وإدخالها في الاقتصاد بطريقة تسمح بإعادة استخدامها، وتعزيز الاقتصاد الدائري بجعل المواد البلاستيكية متداولة في الاقتصاد لأطول فترة ممكنة.

ويدعو «يونيب» قطاع البتروكيماويات لتسريع التغيير المنهجي في إنتاج المواد البلاستيكية، من خلال تعديل المنتجات التي ينطوي استخدامها على إشكاليات تُعيق التدوير، عن طريق إعادة تصميمها لتعزيز الاستدامة، وابتكار نماذج أعمال للانتقال من الاستخدام الخطّي لمرة واحدة إلى الاستخدام الدائري للمنتجات البلاستيكية. كما يقترح توفير معلومات استدامة موثوقة وشفافة حتى يتمكن المستهلكون من إجراء عمليات شراء مدروسة، إلى جانب زيادة استخدام المحتوى المُعاد تدويره في المنتجات الجديدة لجعل المواد البلاستيكية متداولة في الاقتصاد.

لا تزال تقنيات إعادة التدوير المتقدمة في مرحلة مبكرة من التطوير، ولا يمكن حتى الآن وضع افتراضات دقيقة حول تأثيراتها ومساهماتها؛ فهي لا تتعدى كونها بصيص أمل لمعالجة مشكلة المخلّفات البلاستيكية، وليست حلاً سحرياً. ولذلك يتعيّن على الحكومات أن تسنّ أنظمة أكثر صرامة، وعلى الصناعات أن تعطي الأولوية للحلول المستدامة، وعلى المستهلكين اتخاذ خيارات أكثر وعياً. ومن خلال التعاون بين الجميع يمكن تجنُّب تحويل الكوكب إلى مكبّ كبير للنفايات.


انخفاض مستمر في مناسيب المياه الجوفية حول العالم

انخفاض مستمر في مناسيب المياه الجوفية حول العالم
TT

انخفاض مستمر في مناسيب المياه الجوفية حول العالم

انخفاض مستمر في مناسيب المياه الجوفية حول العالم

من الحياة الاجتماعية المعقّدة لأكثر الحيوانات المفترسة نجاحاً في أفريقيا إلى الجهود المُلهِمة لمتطوعي إنقاذ الحيوانات التي وقعت في مرمى نيران الحرب الأوكرانية، تتنوّع مواضيع المجلات العلمية التي صدرت هذا الشهر. وتتعمّق مقالاتها في تقييم أسباب موجات الحرّ والجفاف غير المتوقعة التي تشهدها أوروبا، وتقترح مقاربات عملية لتقوم الولايات المتحدة بدورها في مواجهة تغيُّر المناخ على نحو فاعل، كما تحذّر من الانخفاض المستمر في مناسيب المياه الجوفية حول العالم.

«ناشيونال جيوغرافيك»

خصصت «ناشيونال جيوغرافيك» (National Geographic) مقال غلاف عدد مارس (آذار) للضباع الرقطاء. ويُناقش المقال البنية الاجتماعية المعقّدة لهذه الضباع، التي تُعد أكثر الحيوانات المفترسة نجاحاً في أفريقيا، ويتناول المفاهيم الخاطئة التي تحيط بها وتتناقلها الأساطير في مقابل ذكائها ونجاحها في البقاء. ويستكشف المقال التفاعلات بين الضباع والبشر، بما في ذلك تحديات الحفاظ على الموائل الطبيعية، والفوائد التي توفّرها الضباع للنظم البيئية بوصفها حيوانات تعتمد على الجِيَف في غذائها. ومن المرجح أن يكون هناك أكثر من 50 ألف ضبع مرقّط يجوب منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، لكن أعدادها آخذة في الانخفاض.

«نيو ساينتست»

اهتمت «نيو ساينتست» (New Scientist) بموجات الحرّ التي ستسيطر على صيف أوروبا في السنوات المقبلة. وتتوقّع دراسة حديثة أن تصبح أوروبا أعلى احتراراً وجفافاً مع تسارع ذوبان الغطاء الجليدي في غرينلاند كعامل مُضاف إلى ارتفاع حرارة الكوكب نتيجة تغيُّر المناخ العالمي. ورغم التوقّعات المسبقة بحصول موجات حرّ وجفاف في بعض المناطق، فإن ما شهدته أوروبا مؤخراً كان أكثر تطرّفاً مما توقّعته النماذج المناخية.

«ساينس»

دعت «ساينس» (Science) في مقالها الافتتاحي الولايات المتحدة إلى التحوّل بعيداً عن الجدل حول الحلول المثالية للحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة، إلى التركيز على الاستراتيجيات الممكنة والمتاحة من حيث التكلفة. وتؤكد المجلة على أهمية جعل التحوّل الكامل إلى الطاقة المتجددة هدفاً نهائياً للولايات المتحدة، على ألا يحول ذلك دون اتخاذ إجراءات عملية مرحلية تُبقي الباب مفتوحاً أمام حلول مستقبلية أفضل. وتقترح المجلة مقاربةً ثلاثية المحاور للقيام بذلك، تشمل وضع لوائح مشدّدة تدريجياً لمصادر الانبعاث المختلفة مع تشجيع الابتكار، والاستثمار في التقنيات المنخفضة الكربون بتكاليف معقولة، والاستفادة من البنية التحتية الحالية لمحطات الطاقة النووية، وتطوير تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه.

«أميركان ساينتست»

ظاهرة «النَّهب» التي تقوم بها أسماك القرش لحصيلة أسماك الصيّادين كانت مِحور مقال لافِت في «أميركان ساينتست» (American Scientist). وتتوالى التقارير عن شكاوى الصيادين حول العالم من زيادة حوادث النَّهب التي تقوم بها أسماك القرش رغم أن أعدادها لا تزال تتراجع نتيجة الصيد الجائر والتهديدات المختلفة. ويعزو علماء هذا الارتفاع في ظاهرة النهب إلى التغيُّرات السلوكية التي طرأت على أسماك القرش، حيث تعلّمت أنّ استهداف الأسماك المحتجزة ضمن شباك الصيادين هو أمر أسهل من مطاردتها في المياه المفتوحة.

«بي بي سي ساينس فوكاس»

هل إعادة استخدام زجاجات المياه تنطوي على مخاطر؟ للإجابة عن ذلك، عرضت «بي بي سي ساينس فوكاس» (BBC Science Focus) نتائج دراسة حول هذا النوع من الممارسات الصديقة للبيئة، حيث يقلل من استهلاك القوارير البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، ولكنه يتضمن أيضاً مخاطر صحية محتملة على الأفراد نتيجة نمو البكتيريا والعفن، إذا لم يتم تنظيف الزجاجات بشكل صحيح. وتقترح الدراسة تنظيف هذه الزجاجات بعد كل استخدام عن طريق غسلها بالماء الساخن والمنظفات، وعدم ملئها بأي سوائل غير الماء، حيث يمكن للسوائل التي تحتوي على السكريات أن تعزز نمو الميكروبات.

«ساينس نيوز»

سلّطت «ساينس نيوز» (Science News) الضوء على تراجع مناسيب المياه الجوفية حول العالم. وتشير دراسة شملت تحليل بيانات 170 ألف بئر مراقبة إلى انخفاض في مستويات المياه الجوفية بأكثر من نصف متر سنوياً في 12 في المائة من هذه الآبار، وبنسبة عُشر متر سنوياً في 36 في المائة منها. وتحدث أسرع الانخفاضات في بعض المناطق الأكثر جفافاً في العالم، بما في ذلك وسط تشيلي وإيران وأجزاء من غرب الولايات المتحدة. وتُشير الدراسة إلى أهمية الإدارة المستدامة للمياه لتجنُّب مستقبل يعاني فيه العالم من ندرة المياه الشديدة، وما يرتبط بها من عواقب اجتماعية وبيئية خطرة.

«سميثسونيان»

بمجموع أطوال يصل إلى 600 ألف كيلومتر، تمتد الطرقات داخل الغابات الوطنية في الولايات المتحدة، وهي مسافة تكفي لتطويق الأرض 15 مرة. وتقترح «سميثسونيان» (Smithsonian) في عددها الجديد أن تتم إزالة الطُّرق في الغابات القديمة من أجل السماح للنظم البيئية بالتجدّد الطبيعي، وإقلال تلوّث مجاري المياه بالجريان السطحي، وإعادة التواصل بين الموائل الطبيعية المجزّأة بهدف تعزيز فرص الأنواع الحيّة في البقاء والازدهار.

«بي بي سي وايلدلايف»

تناولت «بي بي سي وايلدلايف» (BBC Wildlife) جهود المتطوعين في حماية الحيوانات خلال المعارك والأعمال الحربية. وتمثّل الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ سنتين مأساة إنسانية متواصلة، وهي في الوقت ذاته ظرف عصيب تمرّ به الأنواع الحيّة في المنطقة، حيث يتراجع الاهتمام بها على نحو كبير. ومع تقدم المعارك على الأرض، اضطر كثير من المدنيين في أوكرانيا للنزوح عن بيوتهم ومزارعهم تاركين خلفهم حيواناتهم الأليفة وكثيرا من الحيوانات البرية التي كانت تعيش في الأسر، كالأسود والنمور والثعالب القطبية. ويغامر بعض المتطوعين من أجل إنقاذ الحيوانات وتوفير ظروف أفضل لمعيشتها بعيداً عن الصراع.


حرارة المحيطات تسجل مستوى قياسيا في فبراير

 إبيضاض الشعاب المرجانية  يعني أن تفقد لونها تحت الضغط الحراري (رويترز)
إبيضاض الشعاب المرجانية يعني أن تفقد لونها تحت الضغط الحراري (رويترز)
TT

حرارة المحيطات تسجل مستوى قياسيا في فبراير

 إبيضاض الشعاب المرجانية  يعني أن تفقد لونها تحت الضغط الحراري (رويترز)
إبيضاض الشعاب المرجانية يعني أن تفقد لونها تحت الضغط الحراري (رويترز)

قالت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي، يوم الخميس، إن درجة حرارة المحيطات سجلت مستوى قياسيا في فبراير (شباط)، ليبلغ متوسط ​​درجة حرارة سطح البحر عالميا 21.06 درجة مئوية.

وتخطى هذا المتوسط ​الرقم القياسي السابق البالغ 20.98 درجة مئوية، والمسجل في أغسطس (آب) 2023، وفق بيانات يعود رصدها إلى عام 1979. وجاء الرقم القياسي البحري المثير للقلق خلال فبراير (شباط) الأكثر سخونة أيضا.وحذر علماء بحار هذا الأسبوع من احتمال وقوع رابع حدث عالمي لإبيضاض واسع النطاق للشعاب المرجانية في نصف الكرة الجنوبي نتيجة ارتفاع درجة حرارة المياه والذي قد يكون الأسوأ في تاريخ الكوكب، وفقا لوكالة «رويترز».

ويفقد المرجان لونه تحت الضغط الحراري الذي يطرد الطحالب الملونة المفيدة التي تعيش في أنسجة الشعاب ويتركها هيكلا عظميا شاحبا. وهذا قد يؤدي إلى انهيار النظم البيئية الهشة للشعاب المرجانية لتترك السواحل دون حماية من عوامل النحر والعواصف ويضر بمصائد الأسماك.

ظاهرة النينيو

وتنتج زيادة الحرارة عن ظاهرة النينيو الناجمة عن ارتفاع حرارة مياه سطح البحر أكثر من المعتاد في شرق المحيط الهادي إلى جانب تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري.

وقال عالم المناخ ريتشارد آلان من جامعة ريدينج «الأكثر إثارة للدهشة هو أن درجات حرارة سطح البحر وصلت إلى مستويات قياسية في مناطق بعيدة عن مركز ظاهرة النينيو، مثل المنطقة الاستوائية من المحيط الأطلسي والمحيط الهندي».

وأضاف أن هذا يشير إلى التأثير القوي لارتفاع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.ويستثني المتوسط ​​العالمي لدرجة حرارة سطح البحر المحيطات القطبية لكن الأمور في هذه المحيطات في حالة سيئة أيضا.

فقد وصل الجليد البحري في القطب الجنوبي إلى الحد الأدنى السنوي في شهر فبراير (شباط)، مسجلا ثالث أدنى مستوى له، منكمشا 28 بالمئة عن المتوسط.

وقالت خدمة كوبرنيكوس إن ظاهرة النينيو تضعف الآن في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادي، لكن درجات حرارة الهواء فوق المحيطات ما زالت عند مستوى مرتفع استثنائيا.


تحذير: القطب الشمالي قد يشهد أول يوم «خالٍ من الجليد» خلال سنوات

الجليد في القطب الشمالي يذوب خلال أشهر الصيف مما يقلل من مساحة المحيط المتجمد (رويترز)
الجليد في القطب الشمالي يذوب خلال أشهر الصيف مما يقلل من مساحة المحيط المتجمد (رويترز)
TT

تحذير: القطب الشمالي قد يشهد أول يوم «خالٍ من الجليد» خلال سنوات

الجليد في القطب الشمالي يذوب خلال أشهر الصيف مما يقلل من مساحة المحيط المتجمد (رويترز)
الجليد في القطب الشمالي يذوب خلال أشهر الصيف مما يقلل من مساحة المحيط المتجمد (رويترز)

كشف باحثون أن القطب الشمالي قد يشهد أول أيام الصيف «الخالية من الجليد»، مع غطاء قليل جداً من الجليد البحري، في السنوات القليلة المقبلة.

يذوب الجليد في القطب الشمالي خلال أشهر الصيف، مما يقلل من مساحة المحيط المتجمد، ثم يزداد مرة أخرى خلال أشهر الشتاء، وفقاً لصحيفة «إندبندنت».

ولكن الغطاء الجليدي آخذ في الانحدار نتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري العالمية، وهناك توقعات بشأن الموعد الذي قد يصبح فيه المحيط المتجمد الشمالي «خالياً من الجليد» في شهر سبتمبر (أيلول)، عندما يصل إلى الحد الأدنى من اتساعه في نهاية الصيف.

لا يعني الخلو من الجليد أنه لن يكون هناك جليد، ولكن يُعرِّف العلماء الأمر بأنه منطقة بها أقل من مليون كيلومتر مربع من الغطاء الجليدي، أي 20 في المائة فقط من متوسط الحد الأدنى للغطاء الجليدي في الثمانينات.

سيكون لمثل هذه الظروف مجموعة من التأثيرات، بدءاً من زيادة الاحترار عن طريق تقليل قدرة الجليد الأبيض على عكس الحرارة، إلى الضغط على الحياة البرية مثل الدببة القطبية، والتسبب في انتقال أنواع جديدة من الأسماك إلى المحيط المتجمد الشمالي، وزيادة في النشاط البشري، مثل الشحن.

وحللت الدراسة التي أجرتها جامعة كولورادو بولدر في الولايات المتحدة، الأدبيات الموجودة حول توقعات الجليد البحري، وبيانات تغطية الجليد البحري من النماذج المناخية، لمعرفة كيف يمكن أن يتغير القطب الشمالي يومياً في المستقبل.

وقالت الدراسة التي نشرت في مجلة «Nature Review Earth and Environment» إن أقرب سبتمبر خالٍ من الجليد يمكن أن يحدث في عشرينات وثلاثينات القرن الحالي، في ظل جميع السيناريوهات المتعلقة بكمية الغازات الدفيئة التي يطلقها البشر في الغلاف الجوي، ومن المرجح أن يبرز الأمر بحلول عام 2050.

وقال الباحثون إن جميع التوقعات السابقة بشأن القطب الشمالي الخالي من الجليد تركز على متوسط الظروف الشهرية لشهر سبتمبر؛ لكن تحليلهم يظهر أن ذلك يمكن أن يحدث على أساس يومي، وليس على مدار الشهر كله قبل سنوات.

وأوضحت ألكسندرا جان، الأستاذة المشاركة في علوم الغلاف الجوي والمحيطات في جامعة كولورادو بولدر: «عندما يتعلق الأمر بإبلاغ ما يتوقع العلماء حدوثه في القطب الشمالي، فمن المهم التنبؤ بالموعد الذي قد نلاحظ فيه أول ظروف خالية من الجليد في القطب الشمالي، والتي سوف تظهر في بيانات الأقمار الاصطناعية اليومية».

ووجد الباحثون أن أول ظهور للظروف اليومية الخالية من الجليد، من المتوقع أن يحدث في المتوسط قبل 4 سنوات من شهر سبتمبر كله.

وأفادت الدراسة بأن هذا يعني أن الظروف الخالية من الجليد في عمليات الرصد اليومية عبر الأقمار الاصطناعية يمكن أن تحدث حتى في وقت أبكر مما كانت عليه في النماذج الشهرية، وربما في عشرينات القرن الحالي.

وأشارت الدراسة أيضاً إلى أن القطب الشمالي قد يكون خالياً من الجليد في كثير من الأحيان، في سبتمبر، بين عامي 2035 و2067 في ظل سيناريوهات ذات انبعاثات غازات دفيئة عالية، مع احتمال حدوث تأخير بسيط وسط سيناريوهات الانبعاثات الأقل.